أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - يهود مصر .. عود على بدء (2)















المزيد.....

يهود مصر .. عود على بدء (2)


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 17:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الآية الكريمة "إدخلوا مصر إن شاء الله آمنين" وردت فى القرآن على لسان النبى اليهودى يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم الحاكم على خزائن مصر، وكان هذا الخطاب موجها حصريا الى إخوته وقبيلته من اليهود، ونطالعها غالبا أول ما ننزل من الطائرة فى مطار القاهرة الدولى، ولكن فى القرن العشرين إنقلبت الآية وأصبح نداء الخروج من مصر الى أرض الميعاد هو نشيد الإنشاد أو سفر الخروج.
فى أربعينات القرن الماضى إحتدم الصراع العربى الصهيونى بدرجة كبيرة وإنعكس ذلك على أوضاع اليهود فى مصر وإستقرارهم بشكل مزلزل، كانت نسبة كبيرة منهم غير مصريين قدموا الى مصر فى القرن التاسع عشر خلال حكم محمد على وأبنائه وفضلوا الإحتفاظ بجنسياتهم الأصلية ليتمتعوا بالإمتيازات والحماية التى سبغها عليهم الإحتلال الإنجليزى منذ عام 1882 وما تلى ذلك، وحتى بعد ثورة 1919 التى قامت ضد الإحتلال الإنجليزى وبعد حصول مصر على نصف إستقلال بتصريح 28 فبراير 1922 الذى نص على بقاء الحماية للأقليات على ان تتم محاكماتهم أمام محاكم خاصة هى المحاكم المختلطة، وبعد توقيع النحاس باشا لإتفاقية 1936 وزوال الحماية لجأ الكثير منهم لإكتساب الجنسية المصرية وتمكن معظمهم من الحصول عليها نتيجة لإتصالاتهم بالأجهزة والتدخل الأجنبى، وقد شهدت القاهرة وحدها 9 مدارس يهودية تضم 4000 طالب يهودى.
بدأت محنة اليهود فى مصر منذ عهد طويل ذكرنا جزء منه فى الحلقة السابقة، ولكن شهدت الأربعينات تحديدا احتدام تلك المحنة وكثفت نشاطا محموما للمنظمات اليهودية فى الخارج وإمتداداتها فى مصر ومن أشهرها حركة العبرى الشاب " هاشومر هاتزاعير" وحركة الشباب الطليعية وحركة العمل ومن خلال نوادى المكابى اليهودية التى عملت على تشجيع الهجرات الى اسرائيل ولكن استجابة الشباب اليهودى للهجرة كانت محدودة، ولإعداد المهاجرين على التعايش مع اوضاعهم الجديدة استأجروا مساحات واسعة من الاراضى الصحراوية لتدريب الشباب اليهودى على الزراعة والعمل القاسى والتدريب على طرق الدفاع عن النفس وغيرها لتنمية ايمانهم الايدولوجى والارتباط باسرائيل، وفعلا بدأ تهجير اول مجموعة فى سبتمبر 1945 وتتكون من 80 عضوا منهم 3 فتيات وتم توطينهم بمستعمرة "عين هاشوفيت".
فى ذلك العقد المضطرب من الأربعينات هبّت على مصر الموجة الثانية للحركة الشيوعية والتى بدأت فى الظهور على أيدى مجموعة من الآباء العظام من الشيوعيين وعلى رأسهم ثلاثة من المثقفين اليهود أولهم "مارسيل اسرائيل" الذى كان يعمل موظفا بشركة سيجوارت لإنتاج المواسير بالمعصرة حيث شكل فى 1939 مجموعة "تحرير الشعب" والثانى هو "هليل شوارتز" والذى كان يعمل مندوب دعاية فى احدى شركات الأدوية وأسس منظمة شيوعية عام 1943 أسماها "الأيسكرا" وتعنى الشرارة باللغة الروسية (وهى الجريدة التى اصدرها لينين)، والثالث هو أشهرهم "هنرى كورييل" الشقيق الأصغر للماركسى اليهودى راؤول كورييل وابن المليونير اليهودى نسيم كورييل الذى كان يملك بنكا فى شارع الشواربى وقصرا فى الزمالك وأنشأ منظمة الحركة المصرية للتحرر الوطنى (حمتو) عام 1944 والتى اتحدت مع مجموعة الشرارة ليصبح اسمها الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى (حدتو) والتى لعبت دورا بالغ الأثر فى الحياة السياسية المصرية وما زالت آثارها ممتدة حتى الآن، ولا يجب أن ننسى روادا آخرين من الشيوعيين اليهود المصريين مثل"جوزيف روزنتال" أحد مؤسسى حزب 1924 و "جاكو دى كومب" مؤسس حركة أنصار السلام وغيرهم.
لقد بدأ تشكيل الإنتلجنسيا المصرية بعد عودة البعثات التى أرسلها محمد على لاوروبا ولعب فيها الشيخ "رفاعة الطهطاوى" دورا رئيسيا وقادت حركة التنوير فى مصر، وبدأ المصريون يسمعون لأول مرة مصطلحات مثل الديموقراطية والليبرالية والعلمانية والإشتراكية والماركسية، وساعدت كتابات المفكريين الذين اعتنقوا الفكر الاشتراكى فى التعريف بافكارهم فصدر كتاب "سلامة موسى"-الإشتراكية- فى 1914 وأصدر "مصطفى حسين المنصورى" كتابه – تاريخ المذاهب الإشتراكية– فى عام 1915 وهذا يدلل على أن الأفكار الإشتراكية وجدت فى مصر منذ سنوات أقدم للمؤسسين اليهود، وحتى الفكرة القومية وجدت رائدا عظيما هو المسيحى الشامى "ساطع الحصرى" الذى توسع فى تأطير وتعريف القومية العربية.
فى تلك الفترة كان اليهود يشغلون دورا مهما فى الحياة السياسية والإجتماعية فى مصر، فبجانب سيطرتهم على قطاع مهم من الإقتصاد المصرى فقد لعبوا دورا أساسيا فى مختلف جوانب الحياة وعلى رأسها الفنون والآداب، منهم الرائد العظيم يعقوب صنوع رائد المسرح المصرى وداوود حسنى وزكى مراد ومنير مراد فى التجديد الموسيقى وفى الطرب ليلى مراد وفى السينما نذكر الرائد المتميز توجو مزراحى والفنانين والفنانات راقية ابراهيم ونجمة ابراهيم وكاميليا وكيتى ونجوى سالم وعمر الشريف والكثيرون، وكان للرياضة ايضا نصيب من خلال اندية المكابى الرياضية " مكابى تل ابيب اشهر الاندية الاسرائيلية هو امتداد لها" وقد حققوا بطولات هامة مثل سلفاتور شيكوريل بطل مصر فى الشيش والذى مثل مصر فى اولمبياد 1928 وايزاك كوهين بطل مصر فى الملاكمة وكوهين نجار بطل التنس..ويبرز دور " ايمانويل مزراحى باشا" المستشار القانونى للملك ويوسف قطاوى باشا نائب رئيس بنك مصر وزوجته "اليس سوارس" كبيرة وصيفات الملكتين نازلى وفريدة وتم تعيين الحاخام الأكبر "حاييم ناحوم" عضوا مؤسسا بمجمع اللغة العربية وصدر إعلانا صدره بالقول (اليهود المصريون موالون لمصر وللأمة العربية ومصر بلدنا وعلينا الدفاع عنها) ..والأمثلة يصعب إحصاءها.
فى لحظات الهوس اليهودى بانشاء الدولة العبرية فى فلسطين كان هناك مجموعة مقاتلة من اليهود المصريين وفى القلب منهم الشيوعيين يناضلون على ارض مصر ضد الصهيونية وينشطون فى أوساط الشباب اليهودى فى مختلف المحافظات وخاصة الاسكندرية والقاهرة ويأسسون "الرابطة اليهودية لمناهضة الصهيونية" فى 1947 ويناضلون بجسارة فى صفوف الحركة الوطنية، وفى "يوم الشهداء" فى 3 مارس 1946 أصدر الطلاب اليهود فى الجامعة بيانا يؤيدون فيه كفاح المصريين ووقعه فرج نسيم طالب الطب وليون كرومر طالب الاداب وروبير شاؤول طالب الهندسة، وشارك عدد من اليهود فى الجيش المصرى فى معاركه فى فلسطين.
افتتح هنرى كورييل "مكتبة الميدان" فى ميدان مصطفى كامل لنشر الكتب والفكر الماركسى وأصدر مجموعة من الكتيبات التى تبسط الماركسية عرفت فى تاريخ الحركة الشيوعية باسم "السلسلة الخضراء" وأصدر جريدتى الجماهير والميدان، ويذكر أنه أول من أنشأ مدرسة كادر فى فيلته بعزبة المنصورية عام 1943 ضمت 20 شابا من المتحمسين للماركسية بينهم "عبده دهب" السودانى الذى ساهم فى تأسيس الحركة السودانية للتحرر الوطنى (حستو) نواة الحزب الشيوعى السودانى واستمرت المدرسة لمدة 15 يوما على نفقته الخاصة وكان يدرس فيها 6 من المثقفين منهم 2 من الأجانب وشملت 3 محاور هى أوضاع المجتمع المصرى ومشاكله، وتطور المجتمعات والطبقات و الثلث هو حتمية الحل الاشتراكى، وحتى بعد طرد كورييل من مصر كوّن فى باريس المجموعة التى عرفت حركيا باسم "مجموعة روما" لمساندة ودعم الشيوعيين المصريين والتعريف بقضيتهم، وقد شملت حبسة 1946 من الشيوعيين اليهود هنرى كورييل وداود ناحوم ونحوم منشة وايمى ستون وشحاته هارون، وأيضا لعب الثلاثى اليهودى الشهير ( ريمون دويك – يوسف درويش – أحمد صادق سعد) دورا متعاظما فى التنظير والتنظيم الماركسى وتطوير الفكر الشيوعى فى مصر، كما يذكر أن المناضل اليهودى شحاته هارون قاوم التهجير وظل مخلصا لمبادئه الشيوعية وعضوا بارزا فى حزب التجمع حتى مات فى 2001 فى مصر.
عاش اليهود المصريين حياة هادئة هانئة فى مصر طوال أجيال عديدة وكانوا يمثلون عنصرا ثالثا فى مكونات المشهد المصرى دون تمييز او تهميش، ولكن أغلب اليهود فى مصر كانوا من الفقراء ساكنى حارات اليهود حتى أنه تكونت جمعية يهودية تقاوم تسول اليهود فى شوارع القاهرة، وفى حفل إفتتاح الجامعة العبرية فى القدس سنة 1925 جلس أحمد لطفى السيد الى جوار أينشتين وجلس مفتى فلسطين امين الحسينى الى جوار اللورد بلفور، ولم تكن الهجرة اليهودية قاصرة على مصر فقد شملت اقطارا مثل اليمن والعراق والمغرب حتى أنه تم تهجير 4000 يهودى من السعودية الى إسرائيل بجوازات سفر خاصة بعد الإتفاق بين "جون فيليبى" والملك عبد العزيز وابنه فيصل وزير الخارجية، بل أنه فى إحصاء إسرائيلى فى 1961 بلغ عدد اليهود المصريين الذين هاجروا الى الدولة العبرية 35,850 ممن كانوا فى مصر ( حوالى نصف العدد والنصف الباقى استقر فى بقية انحاء العالم)، وعندما أعيد إفتتاح المعبد اليهودى بشارع عدلى بالقاهرة عام 1990 كان ضيف الشرف "شمعون بيريز" رئيس الدولة العبرية.
إن الدعوات المشبوهة لليهود من أصول مصرية الذين نزحوا الى إسرائيل المطالبة بعودة أملاكهم وابائهم هى دعوات ساقطة قانونا لأنه باكتسابهم للجنسية الإسرائيلية تسقط عنهم تلقائيا الجنسية المصرية ويسقط حقهم فى المطالبة بأى أملاك كانت لهم فى مصر، والا كان من حق الحاخام "عوفاديا يوسف" مؤسس حركة شاس والوزير السابق "أهارون أبو حصيرة" والذين ينتمون الى جذور مصرية إستعادة القصور والاطيان والممتلكات اليهودية التى تم فرض الحراسة عليها اليهم، ولكان لإدعاءات مناحم بيجن أن أجداده اليهود هم من بنوا الأهرام أن يستعيدوها أو ينقلوها الى إسرائيل.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يهود مصر ..عود على بدء
- سؤال الوقت... كيف؟
- تحية فخر واعزاز الى أحفاد -محمد نور الدين-
- الإخوان المسلمون ..محنة رابعة أم جرس النهاية
- البلتاجى ...تلك الشخصية الغامضة.. طبيب أم جنرال
- ما أشبه الليلة بالبارحة.. بين مارس 54 ونوفمبر 2012 وتبادل ال ...
- الإعلان الدستورى الجديد شرعنة لدولة فاشية
- ساعة ونصف من المتعة والنكد
- من التاريخ الأسود للإخوان ...إن لله جنودا من حلاوة
- الصراع مع إسرائيل..والثورات العربية
- وحدة فصائل اليسار... وحتى لا تفلت اللحظة
- انتخابات المجلس الوطنى الليبى، أول إنتصار كبير للتيار المدنى
- عملية رفح... محاولة لتفكيك الحدث
- عملية سوزانا..فصل فى الصراع العربى الإسرائيلى
- القاعدة فى سينا..هل هى ظاهرة طارئه؟
- حديث عن البهائية والدستور
- أمريكا والإخوان... زواج متعة أم زواج مصلحة
- الدولة الدينية..محاولة ضبط المفاهيم
- الإنحراف اليسارى..ونهاية حزب 1924 الشيوعى
- ذكريات من أرض الفيروزماذا فعل 15 عاما من الإحتلال الإسرائيلى ...


المزيد.....




- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
- تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
- هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه ...
- حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما ...
- هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
- زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - يهود مصر .. عود على بدء (2)