|
بشرالقاع يتحدون العالم
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3912 - 2012 / 11 / 15 - 09:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التجمعات البشرية التي تعيش علي سطح الكرة الارضية تنقسم الي أربع مساحات رئيسية( من حيث حظها من التحضر، إجمالي الناتج القومي ،الالتزام بحقوق الانسان وإحترام المرأة والطفل ، توزيع إمتلاك الثروة ومتوسط دخل الفرد ،إبتكار التكنولوجيا ودرجة كثافة إستخدامها ،تطوير نظم الاتصالات وإسلوب الحصول علي المعلومة )، علي القمة في تفاوت محدود وتعاون متصل تجيء الدول الصناعية الكبرى وتضم أمريكا ،كندا ،أوروبا الموحدة و يضاف لها روسيا ،في منطقة الوسط أقرب لدول القمة نجد مجموعة مكونة استراليا ، الارجنتين ،البرازيل ودول شرق اسيا بما في ذلك اليابان ،الصين ،الهند ،في الوسط أقرب للقاع دول جنوب وشرق افريقيا وباقي دول امريكا اللاتينية وتضم نيجيريا ، الكاميرون جنوب افريقيا ، فنزويلا و المكسيك . أما القاع فمحجوز منذ قرن مضي لدول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتضم الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي حول بحر البلطيق ،باكستان ،بنجلاديش ، ايران ،تركيا ومجموعة من المحيط للخليج أمة عربية واحدة بالاضافة الي دول افريقيا الفقيرة مثل الصومال ،اثيوبيا ،ارتيريا وموريتانيا . المقارنة بين حياة بشرالقمة وبشرالقاع أى بين الالماني و الصومالي يمكن تلخيصها بأن الاول يموت منتحرا بفعل الملل ،إستنزاف طاقته في اليات السوق الراسمالي شديد الاغراء و القسوة أما الثاني فيموت بفعل الجوع ،المرض ،التخلف وصراع المليشيات بعد أن أصبح يعيش بصورة أقرب للسائمة،ضوارى الغابة وقراصنة العصور الغابرة . منطقة دول القاع علي مر التاريخ كانت تزهو وتتقدم الركب الانساني في حال تفوق أمة من أمم ثلاث (إيران ،مصر ،تركيا ) ثم عندما نظرت خلفها تستلهم الماضي سكن صوتها ،اسن تطورها، سقطت ومعها ريادتها وقيادتها للجنس البشرى وحل علي شعوبها تخلف مريض أدى الي استعمار غطي كل شبر من أرضها حتي منتصف القرن الماضي عندما إستجد عاملين طورا الاحداث و المواقف أولهما قيام دولة إسرائيل و الثاني إكتشاف البترول في شبة جزيرة العرب ومنذ ذلك الزمن لم تتوقف الحروب ،الانقلابات العسكرية ،حملات القمع و الارهاب في المنطقة. إسرائيل ودول الطوق خاضوا عدة حروب لازالت مستمرة الي الان ولازالت العداوة تعمي الابصار وتؤجج نيران المعارك ، مصر وقوات الامام اليمني المدعومة بملوك السعودية و الاردن و الاخوان المسلمين ،العراق وايران ، ثم العراق ودول الخليج المتحالفة مع قوات الامم المتحدة و امريكا ،لبنان حزب الله وإسرائيل ، شمال وجنوب السودان . الحروب ألاهلية لم تتوقف في أفغانستان، اليمن ،ليبيا،سوريا ،لبنان ،العراق ..وإنفجارات إلارهابيين غطت باكستان ،العراق ،سوريا ،مصر ،لبنان ،السعودية وهي في تزايد بعد أن إحتلت قواتهم سيناء بتوجيهات من طابور خامس يسيطرعلي غزة وميدان التحرير . اليوم تحكم دول الوسط الثلاث (ايران ،مصر ،تركيا ) حكومات إسلامية فاشيستية تسيطر علي مليشيات منتشرة في كل ركن من أركان المنطقة و تقدم الدعم المادى والايديولوجي والعسكرى لعناصرها في ليبيا ،تونس ، الاردن ،غزة ،سوريا ، امارات الخليج و السودان وللخلايا النائمة في أماكن مختلفة مستعدة لاقلال راحة وإرهاب سكان اوروبا وامريكا جزاء لهم علي دعم واستضافة المطرودين منهم أثناء مطاردة العسكر لهم. صبغ الارهاب والعدوان علي حقوق الانسان بصبغة دينية جعل العديد من المهمشين ،الفقراء ،محدودى الثقافة والفهم ينضمون لفسطاط التخلف و يتجاوبون مع ديماجوجية إثنية يقدمها تجار الدين تدعي بأنهم خير الامم و أكثرها إستحقاقا بقيادة الانسانية رغم خلو يدهم من أى علم ،إبتكار،تطوير ،أبحاث الا ما يسمح به المحسنون من الأقطار المتقدمة لقاء إستغلال ابار النفط والاستفادة من سوق شبق جائع لا ينتج يسعي لتغطية إحتياجاته من إنتاج الغير . البشر في التجمعات الاكثر تقدما طوروا علي مدى قرن من الزمان إسلوب حياة جاء بعد مخاض دامي و حروب عالمية ساحقة إستخدمت فيها كل أدوات الدمار التي كانت معروفة والتي إبتكرت وجربت في هيروشيما ونجازاكي . وظل حلم إمتلاكها يداعب كل فاشيستي يريد فرض بلطجته علي الاخرين بما في ذلك دول فقيرة مثل باكستان و إسرائيل و إيران . ما إتفق علية بشر ما بعد الحرب العالمية الثانية تضمه مواثيق الامم المتحدة وتلتزم به جميع الامم التي تسعي ليكون لها مكانا في قطار التقدم البشرى بما في ذلك المانيا و اليابان المدمرتان بفعل الحرب و العدوان . الامم الاكثر تقدما أزاحت حكم العسكر و الكهنة جانبا و مارست نظما ديموقراطية تتيح للافضل ان يقود في حين أن دول القاع أصرت علي أن يفتك بها عسكر الامن و الجيش و عندما أزاحتهم سلمت أمرها لكهنة علي درجة عاليه من التسطح وقلة الخبرة ولا يعزز وجودهم الا إدعاء أنهم من حملة وحفظة كتاب الله . جميع الشعوب بما في ذلك شعوب لا تؤمن بالاديان الابراهيمية من كتلة شرق اسيا .. توقفت عن التعامل الميتافيزيقي الا في المعابد ..اما المدارس و الجامعات و مراكز البحث و الانتاج فان السائد هو فلسفة مادية لا تعترف الا بقوانين العلم و تجارب الباحثين عن الحقيقة . في بلادنا تم إغلاق المساحات المؤدية الي الخوض في بحار البحث العالية الامواج علي أساس أن كل شيء مكتوب منذ الاذل في كتابنا .. فأصبح علي الفرد منا ان يلهث خلف التطور الفلسفي والعلمي في العالم ليجعله متوافقا مع ما ذكر في الكتاب وعلي من كانوا اكثر بساطة أن يقتنعوا بأن بول الابل دواء شاف إختبرته أعظم معامل العالم وأقرت بجدواة ..كم يحزنني أن أجد الاعلانات تبشر المرضي بأن بول الابل الصحراوية متوفرلديهم لمن أراد التغلب علي داء عشرات الامراض . اليهودى ،البوذى ، الهندوسي ،المسيحي ،اللاديني قد يؤمن بقضايا يراها الاخر أنها غير منطقية ولكنهم جميعا مع وقائع حركة الحياة يلتزمون بقوانينها ..فكل من يرفع السلاح ضد جيش بلدة او شرطته هو خائن إلا في بلادنا فهو مجاهد يستحق التكريم ..الخلط بين الجهاد الذى يختلف عليه جميع الائمة و رجال الدين حسب موقعهم من السلطة وبين الالتزام بقوانين الحكومة مثل الفارق بين خطف طفلة قبطيه و تحويل دينها وتزويجها في تحد واضح لكل قوانين الدولة وأعرافها ،أو قص شعر السافرات في المترو دون رادع أو عقاب أو أخذ الوقود و الطعام الذى يحتاجه مواطني بلد و التبرع به لارهابيين لايعملون ولا ينتجون ويعيشون علي السطو و الاغارة والترويع للاخرين وبين شعوب تعيش في حمي مظلة معاصرة لعقد إجتماعي يحفظ حقوق الاقلية و الضعفاء قبل الاغنياءوالفتوات والمفتريين . البديهيات و القوانين الاساسية التي يلتزم بها كل فرد في هذا العالم أصبحت في بلادنا فوضي مخلة منذ منتصف القرن الماضي حتي اليوم لنقبع في قاع سلم التطور و الحضارة بين البشر. الدين الاسلامي كما يقدمه الفلاسفة اتباع محمد عبد الوهاب يركز علي أن عصور صدر الاسلام هي زمن النهوض لدى المسلمين وأن علينا بعد اربعة عشر قرنا أن نعود لنتمثل السلف الصالح في ملبسنا ومظهرنا و أكلنا و معاشراتنا الجنسية وأن أفضل وظائف المسلم أن يعد نفسه للجهاد في سبيل الاستيلاء علي الغنائم و الفيء و الجوارى والعبيد وأنه بعد إستقرار الاوضاع لصالح المجاهدين سوف يجعلون الكفار يعملون لصالحهم و يتمتعون ببنات الاصفر كجوارى وقنان وما ملكت ايمانهم من الغزو وأن أى خروج عن هذا المسار كفر وردة تستحق قطع الرقبة او الموت رجما .. وهم لهذا يطمعون في عودة الخلافة الاسلاميه وينادون بأن لا دستور او قانون الا ما أنزله تعالي في كتابه العزيز رغم إختلافهم جميعا في تفسير او شرح مفهوم أغلب سطوره . الدين الاسلامي هكذا يصبح عقبة أساسية أمام فهم عصرى لقوانين الحياة التي انتهت منذ زمن من نبذ شريعة السطو و النهب و التهديد و الترويع و الاقصاء للمعارضين ..وأصبحت هذه القرأة التي يدينها فقهاء المذاهب الاسلامية الاخرى خطرا علي البشرية وعلي معتنقيها بسبب جمود النص الذى يقاوم أى تعديل لمفهومه بحيث أدى هذا لارهاب الباحث في فلسفة النص المجد د. نصر حامد ابو زيد ونفية وفصله عن زوجته باعتباره مرتدا الذى نفي نصر حامد أصبح اليوم يملك مقود العربة ويضع الفتيس علي وضع رجوع و ينطلق بقوة ليعيد صياغة المجتمع طبقا لمفهوم العودة ليحتفظ لنا بالمركز الاخير في سلم التحضر بجوار موريتانيا و ارتيريا و الصومال الذين كانوا روادا في صناعة شريعة التخلف . سكان العالم يسيرون بسرعة مجنونه نحو إكتشاف الكون و المجرات و النجوم و الكواكب وما يصلون إليه عن مدى إتساعه و القوانين التي تحكمه يذهل العلماء قبل الفرد العادى.. سكان العالم يصلون اليوم الي أدق مفردات الكون فيما يسمي بالنانو تكنولوجي ..و يطورون اساليبهم الروحية بالفن و الموسيقي والابداع يسعون للوصول الي الكمال في العلاقات الانسانية والتعامل مع الطبيعة و البيئة ..يطورون اساليب الاتصالات و الحصول علي المعلومة .. الانسان المعاصر يهدف الي أن يغني حياة البشر بكل ما هو جميل و أصيل وراق يبحث في الماضي ليفك طلاسم ما حدث علي الارض منذ ملايين السنين و حتي العقود القريبة .. يسمو ،يرتقي ، يعلو عن غرائز الحيوان الذى كانه . ونحن نبدد إمكانياتنا وجهدنا بأن نجعل الاقل تفكيرا و الاكثر تخلفا عن العصر يقودنا الي كارثة السكون والتحلل لقد واجهت الكائنات علي الارض ثلاثة مراحل إندثار ضخمة ، بسبب عدم الاتزان و التوافق مع البيئة و توقف تطور بعض الكائنات .. و ها هي الموجة الرابعة قادمة ستمحو متخلفي الوهابية و أفكارهم و سلوكهم المتحفي بعد أن فشلوا في التوافق مع التطور البشرى المتسارع ووقفوا في مكانهم يتداولون حول طفلة في الخامسة من عمرها لم تصن -كما قال والدها- فرجها فقتلها .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستراتيجية الامريكية بلاء لبلادنا
-
تغير المفاهيم السائدة للاخلاق
-
الإنزلاق الي أسفل سافلين.
-
الحياة.. ليست عادلة.
-
تحرير العقل في زمن الثوابت.
-
آن الآوان للصمت و الانتظار.
-
صناعة المونسترmonster .
-
يا قوم الحرب علي الابواب 2
-
في معارضة الاخوان وكره أمريكا.
-
مال الفقراء السايب المسلوب.
-
لله يا محسنين.. لله.
-
جمهورية الاخوان الديكتاتورية العظمي .
-
الطابور الخامس و حصار مصر
-
الحرب الخامسة .. وا سيناء.
-
في مغالبة السلطة و معارضة الحكومة.
-
((كم يحسدونكم عليه ))..أم أيمن!
-
هل نريد حقا تطبيق شرع الله!!
-
يا حزن قلبي .. علي مهندسينك يا مصر 5
-
23 يوليو والاطلاله الستين .
-
الجرائد ، (( أوراق نعي تملأ الحيطان )).
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|