أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد الفتاح السرورى - الجاليات الأجنبية فى مصر














المزيد.....

الجاليات الأجنبية فى مصر


محمد عبد الفتاح السرورى

الحوار المتمدن-العدد: 3905 - 2012 / 11 / 8 - 17:23
المحور: المجتمع المدني
    


إن أسوأ ما قد يبتلى به أى مجتمع هو أن يصبح مجتمع أحادى ... أحادى فى أى شئ أحادى فى الثقافة فى الأعراق وفى الديانات والرؤى وغير ذلك . إن التعددية الثقافية تثرى المجتمع وتجعل منه مجتمعا متحضرا راقيا يقبل الخلاف والإختلاف ويكون بحكم تكوينه حائط صد أمام كل محاولات التعصب أو محاولات زراعة الكراهية .. وقد كان المجتمع المصرى يوما ما كذلك كان مجتمعا - كوزموبوليتانيا- حاضنا للثقافات على إختلافها - وتعارضها- جامعا لمختلف الرؤى وأساليب العيش ومحتويا كل أصحاب الديانات الذين يعيشون بين جنباته ... كان مجتمعا يموج بالحركة والنشاط التجارى والصناعى والادبى ولم يعرف التناحر ولا التنابذ ولا العنف ولا الكراهية كان مجتمعا راقيا يوم أن كانت الجاليات الأجنبية تشكل جزءا أصيلا من أجزاءه لا تنفصل عراها عن عراه كانت هذه الجاليات ملتحمة مع المجتمع أيما يكون الإلتحام وكان المجتمع آنذاك يتقبل هذا الإلتحام بحب وبمودة ... عاش على أرض مصر الطيبة الكثير من أصحاب الجنسيات وكانوا يشكلون جاليات منها الكبير ومنها المتوسط ومنها ما هو صغير الحجم عرفت مصر الجاليات اليونانية والأرمينية والإيطالية والفرنسية وكذلك التركية والألبانية والإنجليزية بالطبع هذا غير الجاليات العربية مثل الجالية اللبنانية
بعض من تأثير الجاليات على مناحى الحياة فى مصر
على الرغم من أن مصر كانت محتلة إحتلالا إنجليزيا إلا أن لغة النخبة والصفوة كانت الفرنسية وليست الإنجليزية وكانت اللغة الفرنسية أيضا هى اللغة التى تكتب بها لافتات المحال التجارية ولا يزال بعض من هذه اللافتات موجود حتى يومنا هذا شاهدة على مدى التمازج والإحتضان لهذه الثقافة الفرانكوفونية الراقية وليس هذا فقط بل إن لافتات بعض من عيادات الإطباء كانت تكتب أيضا باللغة الفرنسية أو الإنجليزية ولا زالت هذه اللافتات موجودة هى الاخرى حتى يومنا هذا , ويقال - والعهدة على الراوى أن بعض من حكام مصر من الأسرة العلوية لم يكن يجيد العربية وكان يتحدث بالفرنسية كأفضل مما يتحدث بالعربية هذا غير إنتشار الكثير من مفردات هذه اللغة بين طبقات الشعب حتى بين الأطفال وكم كانوا ينطقون بعض هذه المفردات أثناء لهوهم فى الشارع
أما التاثير الأعظم الذى أثرته الجاليات الأجنبية فى مصر هى تلك الثروة المعمارية الرائعة والمتمثلة فى عشرات العمارات والبنايات ذات الطابع الإيطالى والفرنسى ولا تزال بعض من هذه العمارات والبنايات تحتفظ بأسماء المهندسين الذين شيدوها مثل المهندس ( فريد ديبانا) والذى لايزال أسمة محفورا على بعض من بنايات محافظة الاسكندرية حتى يومنا هذا , لقد تركت الجاليات الاجنبية فى مصر ثروة معمارية لاتقدر بثمن ويجب الحفاظ على هذه الثروة حتى لا تضيع ويأخذها تيار القبح والإهمال واللامبالاه ومنها على سبيل المثال تلك العمارات الرائعة فى شارع عماد الدين أوميدان طلعت حرب وباب اللوق فى محافظة القاهرة والعمارات الكائنة فى مناطق الأزاريطة والشاطبى الإبراهيمية فى محافظة الاسكندرية وذلك على سبيل المثال لا الحصر
بلغ من شدة إمتزاج الجاليات الأجنبية أن بعض من أبناء هذه الجاليات عمل بالفن وآخرين بالصحافة هذا طبعا غير عملهم الأساسى بالتجارة والصناعة مثل الفنان إستيفان روستى الذى ينحدر من أم إيطالية وأب نمساوى وقد ولد بالقاهرة حيث كان والده يعمل سفيرا للنمسا فى القاهرة والذى إندمج فى المجتمع المصرى حتى صار واحدا من نجومه فى السينما وغيره الكثير مما لا يتسع المقام لذكره
كانت الجاليات الأجنبية فى مصر جزءا فعليا فى التكوين المصرى - البوتقة المصرية - والتى إنصهر فيها الجميع على إختلاف أعراقهم وأديانهم ولغتهم تفاهموا جميعا بلغة واحدة هى لغة العيش الودى المشترك البعيد عن التعصب والكراهية وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والدينية والعرقية ,, كانت شوارع مصر - كما يتضح جليا من الصور الوثائقية آنذاك- كانت تموج بمختلف الجنسيات والأعراق وكانت المحال التجارية تعلن عن جنسيات أصحابها وديانتهم أيضا- بحكم الإسم- دون أى شعور بالخوف أو القلق او إثارة الريبة والشكوك لأن المجتمع آنذاك كان مجتمعا طبيعيا ,, يتجاور فيه الجيران كلا حسب ديانته وثقافته وجنسيته ولا توجد مشكلة وكما ورد على لسان البعض أن بعض المدارس أيضا كان تقبل أبناء هذه الجاليات ليتلقوا تعليمهم فيها أى أن الأباء كانوا على درجة من الإندماج أتاحت لهم إرسال أبنائهم كى يتعلموا فى المدارس المصرية فأين نحن الآن من هذا كله ؟
كم يحتاج المجتمع المصر الآن الى ترسيخ ثقافة الإختلاف والتعايش المشترك والدخول فى علاقات إنسانية وحضارية رائعة كما كان من قبل كم يحتاج هذا المجتمع أن يعود مجتمعا طبيعيا تتلاقى فيه الحضارات وتتمازج فيه الثقافت وتندمج فية مختلف الجنسيات تحت السماء المصرية والتى طالما أظلت أناس ولدوا على غير أرضها وأصبحوا بعد ذلك من اشد محبيها وعمروها وأثروا ثقافة شعبها الأصيل . هذا الشعب الذى طالما أحتضن وافديه كما إحتضن بنى جلدته ومواطنيه



#محمد_عبد_الفتاح_السرورى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة المعمارية
- ديكتاتورية العدد
- نظرية إرضاء الجماهيير
- المجتمع الذى عمى عن عواره
- الفوضويون وشرف الكلمة
- هل نعيش فى مرحلة ما قبل البديهيات؟
- تمكين المرأة
- تساؤل وحيرة
- أطفيح وما جرى فيها
- هل نسى مبارك نصيحته لصدام حسين؟
- ملاحظات على موضوع الخلافة الإسلامية
- وثائق مقدسية تاريخية-دراسة فى تاريخ وثائق القدس
- سفير التراث
- مهرجان القاهرة السينمائي
- كلود مونيه
- الأستدة
- المعضلة الإسلامية الفرعونية
- إقرأوا معى تلك الحادثة!!
- كاميليا الأهم التى نسيناها
- أفيشات السينما المصرية


المزيد.....




- المرصد السوري: نحو 105 آلاف شخص قتلوا تحت التعذيب بالسجون خل ...
- تونس: المفوضية الأوروبية تعتزم وضع شروط صارمة لاحترام حقوق ا ...
- وسط جثث مبتورة الأطراف ومقطوعة الرؤوس... سوريون يبحثون عن أق ...
- مسئول بالأونروا: ظروف العمل في غزة مروعة.. ونعمل تحت ضغوط لا ...
- جمعية الإغاثة الطبية بغزة: أكثر من 70% من سكان القطاع بلا مأ ...
- -حفلات يومية-.. ممارسات تعذيب -احترافية- في مراكز الاحتجاز ا ...
- الأمم المتحدة تبحث وقفا -غير مشروط- لإطلاق النار في غزة
- أردني محرر من سجون سوريا يروي معاناة 26 عامًا من الاعتقال وي ...
- هآرتس: وفاة 4 فلسطينيين تحت التعذيب بإسرائيل منذ أكتوبر 2023 ...
- وصفتها بالمتسرعة.. برلين ترفض مطالب بإعادة اللاجئين السوريين ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد الفتاح السرورى - الجاليات الأجنبية فى مصر