الكادحون في أرياف تونس

حزب الكادحين في تونس

الحوار المتمدن-العدد: 3896 - 2012 / 10 / 30 - 21:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الكادحون في أرياف تــونس : منتجون للثروة ومحرومون منها
نشر في جريدة طريق الثورة لسان حال حزب الكادحين في تونس .
يعجّ الرّيف التّونسي بعدد غير محدود من أصناف الكادحين، فمنهم عملة الزّراعة الذين يبيعون قوّة عملهم مقابل أجر أو يخضعون لعلاقات إنتاج ما قبل رأسماليّة ومنهم العملة في قطاعات غير زراعية منتشرة في الريف ومنهم من يستغلّون حقولهم ذات المساحات الصغرى والمتوسّطة. وفي هذا الموضع سنتتبّع أوضاع الفلاّحين الصّغار والمتوسّطين في ظلّ الظّروف الرّاهنة التي تعيشها تونس، وذلك لاعتبارهم الجزء الأكبر من بين جماهير الريف الكادحة.
تتصاعد في أنحاء عديدة من أرياف القطر التونسي احتجاجات صغار الفلاّحين ومتوسّطيهم وتعلو أصواتهم أمام أكثر من إدارة رسميّة رافعة مطالب عدّة ترتبط بأوضاعهم اليوميّة التي يعيشونها.
فمربّو المواشي يشتكون من ضعف سعر الحليب مقابل الارتفاع المشطّ في أسعار الأعلاف بالرّغم من الوعود المطلقة منذ أشهر بالترفيع في سعر لتر الحليب عند الإنتاج بمائة ملّيم والحال أنّه في نفس الوقت ترتفع أسعار العلف بعشرات الدينارات، ومنتجو الخضروات يشتكون من الصّعود الكبير في تكاليف الإنتاج من أدوية وأسمدة تتضاعف أسعارها عشرات المرّات بين موسمين متتاليين ومن المحروقات التي صار لهيب أسعارها أكثر فاعليّة من هذه الموّاد نفسها... ضف إلى ذلك العوامل الطبيعيّة التي أُبتلي بها هؤلاء الفلاّحون والتي لا يكاد يمرّ موسم أو فصل دون حصول تغيّرات مناخيّة قويّة إن لم تحدث بعض الكوارث من ثلوج أو فيضانات أو قيظ مفرط أو عواصف قويّة لا تذهب بالمحاصيل إن هي شارفت على النضج أو نضجت وبالمزروعات فحسب وإنّما أيضا بالمعدّات الفلاحيّة .
أمّا إذا ما قُدّر للمحصول ولصاحبه أن يجتاز هذه الأخطار الطبيعيّة، فإنّ عددا غير قليل من المعضلات الأخرى تظلّ تترصّده عند عمليّة التوزيع. فقد يحصل وان لا تجد بعض الأصناف من المحاصيل رواجا نظرا لضيق السّوق الدّاخلية من جهة أولى ولصعوبة التسويق إلى الخارج من جهة ثانية وهذا ما يجعلها عرضة للتّلف بعد أن تتجاوز مدّة صلوحيّتها وقد حصل ذلك مثلا في الصّائفة المنقضية لآلاف الأطنان من مادّة الدلاّع التي وشّح لونها الأصفر مساحات شاسعة من الضيعات ومادّة الطماطم التي اضطرّ أصحابها إلى عرضها وسط الطرقات كشكل احتجاجي ضدّ ما أصابهم جرّاء هذه المعضلة. ونفّذ الفلاحون في بعض الجهات أشكالا أخرى من الاحتجاج بلغت حدّ القيام بالمسيرات في جهاتهم وتنفيذ الاعتصامات أمام مقرّ وزارة الفلاحة. أمّا معضلة التوزيع الثانية التي تترصّد صغار الفلاحين ومتوسّطيهم فهي ترتبط بأسواق الجملة، فهؤلاء يعانون من تدنّي أسعار منتوجاتهم الزّراعية بما انّ هذه الأسعار تتحدّد في أسواق الجملة التي يتحكّم فيها التجّار والسماسرة أو ما يسمّيهم البعض بالوسطاء تلطيفا لمصطلح السمسرة والهبّاطة، ومع ضعف هذه الأسعار يتكبّدون تكاليف النّقل خصوصا إذا كانت المسافة الفاصلة بين جهة الإنتاج ومركز التسويق تُعدّ بمئات الكيلومترات وكذلك الأداءات المفروضة عليهم داخل السّوق.
أمام كلّ هذه الأتعاب، وغيرها وخصوصا منها تكلفة اليد العاملة ودون احتساب المجهود العضلي الذي يبذله الفلاّح وأغلب أفراد عائلته وهو غير مصنّف ضمن قائمة تكاليف الإنتاج، فإنّ حصيلة كلّ موسم فلاحيّ تجعل من هؤلاء الفلاّحين وممتلكاتهم على صغر مساحاتها ووسائل إنتاجهم فريسة يترصّدها كبار تجّار الأجهزة الفلاحية والوقود وشركات البذور والأسمدة والأدوية ومقرضو الأموال خاصّة من كبار الملاّكين بما أنّ ملكياتهم الصّغرى ووضعيّاتها العقارية تحرمهم من الحصول على القروض، وحتى سماسرة اليد العاملة الفلاحيّة، وكلّ هؤلاء لن يتأخّروا طبعا في تضييق الخناق حول رقبة الفلاّح فيدفعون به في أحسن الأحوال إلى رهن ممتلكاته وفي أسوئها إلى التفريط فيها لفائدتهم ليتحوّل في الموسم القادم إلى عامل زراعيّ في قطعة الأرض التي أفنى سنوات طويلة من عمره في الكدح من اجل خدمتها أو إلى النزوح والوقوف في طوابير العاطلين عن العمل.
ومختلف هذه المعضلات والصعوبات المزمنة والطارئة اجتمعت في المواسم الفلاحيّة خلال السّنة المنقضية وهي تنضاف إلى ما تعانيه هذه الطبقة من أزمات هيكليّة ترتبط أساسا بالأوضاع العقاريّة لأراضيهم والبني التحتية للرّيف التونسي وضعف الخدمات أو غيابها. ونظرا لشدّة وطأتها، فقد دفعت بالفلاحين الصغار والمتوسّطين إلى تنفيذ مجموعة من الاحتجاجات أمام السلطات المسؤولة دون ان تجد لديها أيّ صدى خصوصا وأنّ اتّحاد الفلاّحين لا يدافع إلاّ على أصحاب الملكيات الكبيرة سواء أكانوا إقطاعيين أو من كبار الرّاسماليين. وهذا ما يطرح عليهم الإسراع بتأسيس اتّحادات فلاحية تقطع مع المنظمة الموجودة وتناضل من اجل تحقيق المطالب الحقيقية للفلاحين الصغار والمتوسطين.
هؤلاء المنتجون للثروة يظلّون محرومين من الثروة وسيظلّون كذلك إذا ما لم يعوا أنّهم يمثّلون أكبر رافد من روافد الاقتصاد وأنهم يمثّلون قوّة اجتماعيّة لا يُستهان بها في إطار الصّراع الطبقي الدّائر، وإذا ما وعوا هذا الأمر وآمنوا بقدراتهم ووحّدوا صفوفهم مع باقي كادحي الأرياف والمدن ضدّ مستغلّيهم والتحقوا بجموع المضطهَدين في احتجاجاتهم المتواصلة سيصبحون قوّة ثوريّة مهمة ، وهذا دور الثّوريين الذين عليهم الانغراس بين صفوف هؤلاء حتّى لا يبقوا خارج دائرة الصراع الاجتماعي وعلى هامش حركة الفعل الثوري خصوصا وأنّ الريف التونسي مثّل طيلة التاريخ المعاصر لتونس خزّانا ووقودا للانتفاضات الشّعبيّة من 1864 إلى انتفاضة 17 ديسمبر 2010.

وفي ما يلي عيّنة محدودة من قائمة مطوّلة من احتجاجات الفلاحين في القطر:


التاريخ والجهة الموضوع
20-1-2012 صفاقس الفلاحون يحتجون ويطالبون بتعديل اسعار الزيتون
7-3-2012 بن عروس فلاحو الجهة يطلقون صيحة فزع
8-5-2012 قرمبالية فلاحون يحتجون على افتكاك اراضيهم
22-5-2012 باجة فلاحون يحتجون ويغلقون الطريق
8-6-2012 نابل الفلاحون يحتجون
1-8-2012 سيدي بوزيد الفلاحون يحتجون مطالبين بجبر الاضرار
3-9-2012 س.بوزيد مربو الابقار يحتجون
8-9-2012 الكاف الفلاحون يحتجون ويهددون بإتلاف انتاجهم
8-9-2012 سيدي بوزيد منتجو الحليب في سوق الجديد يحتجون
27-9-2012 توزر مربو الماشية يحتجون واتحاد الفلاحين يوضح

#حزب_الكادحين_في_تونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات