التعصب الفكري الديني واسبابه المعرفية

أحمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 3879 - 2012 / 10 / 13 - 09:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من يقرأ اي من كتب التراث الإسلامي الأصلية وكذلك كتب صحاح الأحاديث يري فيها كمية كبيرة من المقاطِع التي تدعَ نفسها قابلة بدون جهد أو تأويل أن تنقُضُ بل وتناهضَِ المعلوم الشائِع في مصر والبلاد العربية من سيرة الرسول و صحابتة، وتحتوي هذه الكتب كذلك علي معاني و أحكاما ومواقف قد تبدو غريبة ولا تتماشي معى ماهو مشاع و معروف عن الإسلام او معي المنطق او معي قيم القرن الواحد والعشرون بل في بعض الاحيان قد تصدم شعور عامة المسلمين. ويمثل هذا الفرق الشاسع بين ماهو شائع في عقول العامة وبعض ماهو موجود في تراثنا الصحيح ومناقض للمعروف فجوة معلوماتية خطيرة. إن عامة المسلمين المقصودة تشمل مجموعات كبيرة من المتعلمين والمثقفين بل قيادات المجتمع الغير متخصصين في العلوم الإسلامية0
إن هذه الفجوة المعلوماتية قد سَبّبّها علماء المسلمين منذ عصر التّدوين الى اليوم. فهم يختارون ما يريدون إبلاغ العامة به من ماهو موجود في كُتبُ تُرَاثِنا ويتركون أجزاء كثيرة من هذا التُراثِ في بطون أمهات كتبنا بعيدة عن علم ووجدان عامة المسلمين. وقد تسببت الإختيارية المنحازة في تكوين صور فيها غْلْو و مبالَغه للرٍموز المؤسِسَة للإسلام في أذهان العامة على حساب الموضُوعيّة الوسطية الحقيقية
و كذلك كثيرا ما يسكت العلماء عن مواقف واحكام صحيحة في تُرَاثِنا التي يؤدي عدم معرفتها للعامة في حد ذاته الي جرِح ان لم يكن قتل الإتزان الموضوعي لبعض مواقف وأحكام الإسلام في عقول العامة. ان هذا الغُلّو وعدم الاتزان الموضوعي للمعلومات يسبب التطرف الفكري والتعصب لدي كثير من عامة المسلمين0
إنتقائية وغلو معلومات==> صورة غير موضوعية للدين ورموزه==> تطرف وتعصب في التفكير ==> تعصب و تطرف في ردود الأفعال==> استهانة للمسلمين والإسلام
ومِما سَهّل وسبب سعةِ الفجوة المعلوماتية هو أن ثقافتنا ثقافة سَمَاعية وأن الغالبية العظمي من المسلمين كانت لا تستطيع القراءة وتعتمد بشكل شبه كامل من معلوماتهم الإسلامية علي الوعاظ وأئِمة المساجد و أجهزة الإعلام (وما دام هذا الحال) 0
ومن الناحية الأخري قد تقدمت تقنيات الإتصَالات والطِباعة وشبكة الإنترنت وبزغت القرية الكونية و أصبحت معظم كتب التُراثِ الإسلامي متاحة للجميع لقراءتها، وبهذا أصبحت الفجوة المعلوماتية الإسلامية المذكورة هنا علي وشك الإنفجار تحت فارق ضغط كثرة المعلومات المتاحة الآن و شفط فراغ الفجوة المعلوماتيه المذكورة0
إن هذه الفجوة المعلوماتية والغلو لا يمكن في المبالغة في خطورتها علي المسلمين كأفراد ومجتمعات وإذا أردنا تمثيلها بشئ فهي تمثل قنابل موقوتة بداخل عقول عامة المسلمين0
ومما يزيد خطورة هذه القنابل أن توقيت إنفجارها يتحكم فيه غيرهم الذين ليس فقط هم يحددون توقيت التفجير بل كذلك في مدي قوة هذه الإنفَجارات لِتناسب أهواؤهم0
ان تفجير احد القنابل يتم بسهولة ويسر عندما يخرج احدا معلومة صحيحة موجودة في تُرَاثِنا من حيز المجهول الي وجدان عامة المسلمين. ويحدث هذا الإنفجار الوجداني عندما تتصادم الصورة الذهنية التي رسمها علماؤنا في عقل المسلم وطبعوا عليها خِتمهم المعتاد(أن هذة الصورة هي صورة صحيحة مطلقة لا تتغير) مع المعلومة الجديدة . وينتج عن هذا الصدام المعرفي لأول وهلة غضب جامح وبلبلة فكرية وشعورعميق بإمتهان لكرامة المسلم واللإسلام و وقد يتسبب هذا الي اللجوء الي العنف والإنتقام للتخلص من هذة االأزمة الوجدانية الداخلية. ودرجة إنفجار هذه القنبلة الوجدانية ومدي الضرر الناتج عنها وطول وقت تأثيرها يتوقف علي واحد أو اكثر من العوامل التالية
مصدر هذه المعلومة الجديدة، هل هذا المصدر مصدرا إسلامي او مصدر غير إسلامي فإذا كان هذاالمصدر من المسلمين يكون تأثير انفجار هذه القنبله محلي محدود (مثل تأثير إنفجار قنبلة رضاع الكبير) وان كان المصدر خارجيا فيكون تأثيرها أكبر كثيرا و ذلك لاسباب كثيرة منها إستقرار نظرية المؤامرة علي الإسلام والمسلمين
مدي غرابة و بعد المعلومة الجديدة معرفيا: عن ما هو مستقر في اذهان عامة المسلمين فكلما كانت القطيعة المعرفية او الغرابة أكبر إزدادت حدة الردود الإنفعالية و تداعياتها فمثلا تخرج بعض كتابات الكاتب والباحث الدكتور سيد القمني و كذلك مقاطع كثيرة من كتب المرحوم الاستاذ الشيخ خليل عبد الكريم عددا من هذه المعلومات الصحيحة الموجودة في تُرَاثِنا (والضرورية لتوضيح نقط مهمة في ابحاثهم كما يرونها) وكلنا نعرف ردود الأفعال التي كيلت لهم
هدف هذه المعلومة الجديدة: فإن كانت هذه المعلومة الجديدة ضمنية هدفها العلم بالشيء كان تأثيرها السلبي أقل (مثل مقالات الشيخ جمال البنا) ويكون تأثيرها وانفجارها كبيربالذات إذااخذت الإنتقاءات من سياقها الموضوعي و كان هدفها التضليل والإثارة مثل طريقة القس المغرِض زكريا بطرس

طريقة عرض هذه المعلومات: هل عرض هذه المعلومات يتم في اطار موضوعي او بطريقة مبالغ فيها او خيالية او تهكمية او تهجمية مثل كتاب الآيات الشيطانية لسلمان رشدي او الفيلم التافه الأمريكي المسئ للرسول فطريقة عرض هذه الإنتقاءات والمبالغه و الإفتراء فيها قد ادت الي انفجارات هذه القنابل في أفئدة الملايين وردودافعال عنيفه ودموية

ان خيانة الامانة العلمية لعلماء المسلمين منذ 1200سنة الي الآن بعدم موضوعيتهم في نقلهم الدين الإسلامي وتاريخه الي العامة نقلا متوازنا من ماهو موجود في التراث هو احد الأسباب الأساسية للتعصب والتطرف وردود الأفعال المبالغ عندما تتضارب الصورة المستقره التي رسمها علماء المسلمبن في مخيلة العامه مع الصور الأخري الموجودة في تراثنا الإسلامي

#أحمد_سعد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات