|
لم يكن غضبهم من أجل رسول الله
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 15:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
أجد أن أول شيء يجب أن أذكره اليوم ، صباح الجمعة الرابع عشر من سبتمبر ، 2012 ، مادمت سوف أعلق على الأحداث التي جرت مؤخراً في مصر بشأن الفيلم الذي أساء لخاتم النبيين و المرسلين محمد ، صلى الله عليه و سلم ، هو أن أعلن رفضي و إدانتي لأي إساءة تمس الإسلام . أضيف لذلك إدانتي للإعتداء على مقر سفارة الأمريكية بالقاهرة ؛ و رفضي للطريقة التي يتم بها التعامل مع الإساءات التي تمس الإسلام . في كل مرة تصدر إساءة للإسلام ، يقوم البعض منا - هذا إن كانوا فعلاً منا فعلا لا اسماً - و لا يقعدون إلا بعد أن يتفضلوا بتقديم خدمة لأعداء الإسلام . إسمحوا لي بأن أسأل سؤالين هما : أولاً : هل كان العالم يعلم شيء عن ذلك الفيلم الذي تسبب في الضجة الحالية ، قبل أن تبدأ الضجة ، و التي تشمل الإعتداء على حياة دبلوماسيين أجانب في ليبيا ؟ بقول آخر : ما مدى إنتشار و شهرة ذلك الفيلم عالمياً قبل الضجة و الأحداث الدموية التي جرت ؟ الإجابة معروفة ، و هي أن الفيلم كان مغمور عالمياً ، مثل أصحابه ، قبل الحادي عشر من سبتمبر من هذا العام ، 2012 . البعض منا - إن كانوا فعلاً منا - هم من تفضلوا بتقديم الدعاية التي كان يحتاجها من كانوا وراء إصدار ذلك الفيلم ، فكل فيلم يحتاج دعاية . السؤال الثاني : هل كان العالم ، قبل الحادي عشر من سبتمبر من هذا العام ، 2012 ، يتذكر ذلك الفيلم الرديء الذي أصدره ذلك العنصري الهولندي المدعو : خيرت فيلدرز ، و الذي تفضل البعض منا بتقديم دعاية عالمية مجانية له قبل إصداره ؟؟؟ الإجابة : بالتأكيد لا ، فغير المسلمين بالتأكيد نسوه ، و بالتأكيد كان ذلك الفيلم في مزبلة التاريخ قبل أن تعود ذاكرة العالم لإتقاطه منها بعد الحادي عشر من سبتمبر من هذا العام ، 2012 . أمامنا إذا حالتين ، لفيلمين ينتميان لنفس التصنيف ، الأقدم منهما هو لفيلم تفضل بعض المسلمين بدعوة العالم لمشاهدته قبل أن يصدر ، و الأحدث منهما تفضل البعض بتقديم دعاية له بعد أن صدر ، بل تفضل بإدخاله التاريخ بقتل السفير الأمريكي في ليبيا . مع فيلم فيلدرز نسى العالم ذلك الفيلم فور أن تجاهلناه ، و في حالة الفيلم الذي كان سبب الضجة الحالية لم يعلم العالم به إلى أن نبهناه . و ما ينطبق على الأفلام ، ينطبق على كل ما يتطاول على الإسلام ، سواء رسوم كرتونية ، أو روايات أدبية ، أو كتب نقدية ، فلولا الفتوى الخمينية ما كانت رواية آيات شيطانية دخلت التاريخ ، و لولا الضجة و القتل و الحرق و محاولات الإغتيال ما كان العالم يعلم بالرسوم الكرتونية التي تطاولت على خاتم النبيين محمد ، صلى الله عليه وسلم . إذا ، ألا يتفق معي القارئ الكريم الذي يهمه سمعة الإسلام أن التجاهل في مثل تلك الحالات هو الأفضل ؟ دعونا نترك كل متطاول مغمور ، مغموراً ، دعونا نتركه يسبح في ظلمات التجاهل ، دعونا ننظر لهم بتجاهل و صمت الواثق من نفسه ، لإننا نؤمن بأن الإسلام سيبقى ، و أن هؤلاء المتطاولين سيظلون في ظلمات عالم النسيان . إنني أرجو القارئ الكريم أن يراجع مقال سابق عنوانه : فيلدرز إنتصر ، و الفضل للبعض منا كالعادة ؛ و قد كتبته و نشرته منذ سنوات أثناء الضجة حول فيلم ذلك العنصري . إلا إن القضية لا تقف عند هذا الحد ، لأن هناك تطورات حدثت ، فلا يمكن أن نقارن ردة الفعل التي حدثت هذا الشهر بردة الفعل التي حدثت مع فيلم فيلدرز . هناك إعتداءات قد حدثت على مقار بعثات دبلوماسية ، و مقتل دبلوماسي ، أو دبلوماسيين ، و في هذا نقض منا للمواثيق الدولية التي وقعناها ، و التي تكفل حماية أعضاء البعثات الدبلوماسية ، بل و حصانتهم ضد الملاحقة القضائية و ضد الإعتقال ، و تكفل أيضا حماية مقار البعثات الدبلوماسية . إنها حماية و حصانة تشبه ، و ربما تكون إمتداد ، للحصانة و الحماية التي كان يتمتع بها حملة الرسائل في العصور الماضية . إنه إعتداء منا على حق الجوار الذي تعارف عليه العرب منذ أقدم العصور ، و نقض منا لخصلة حميدة عُرفت عن العرب ، هي حمايتهم لضيوفهم . ربما يسأل سائل : هل كان يجب الإكتفاء بالتظاهر خارج مقار تلك البعثات الدبلوماسية الأمريكية ؟ الإجابة : برغم معارضتي لأي ضجة ، لأن في ذلك دعاية للتطاول ، إلا إن البعض قد لا يعجبه تلك السياسة و يفضل تقديم دعاية مجانية للمتطاولين ؛ إذا في مثل تلك الحالات يجب النظر لطبيعة الدولة التي صدر فيها التطاول . فنسأل : هل هي دولة تنتمي للعالم الحر ، و فعلا بها حرية واسعة للتعبير ، و يتم فيها أحياناً التطاول على الأديان و رموزها ، بما في ذلك التطاول على دين الأغلبية ، أم إنها دولة إستبدادية ، مثل الصين ، لا يصدر شيء فيها إلا بموافقة من السلطات الرسمية ؟ في الحالة الأولى لا يصح التظاهر لأن لا علاقة للأجهزة الرسمية في تلك الدولة بما يصدر فيها من أعمال سينمائية و فنية و كتابات ... إلخ ، و في الحالة الثانية يصح التظاهر السلمي ، و أشدد على كلمة السلمي ، مع إحترام حرمات المقار الدبلوماسية و المحافظة على سلامة أعضاء البعثات الدبلوماسية و كل المواطنين المنتمين لذلك البلد الذي أجاز التطاول على الإسلام . كان يمكن أن أقف عند هذا الحد لإنهي مقالي هذا ، لو لم يكن هناك دوافع أخرى وراء ما حدث ، لا علاقة لها بالغيرة على الإسلام ؛ دوافع سياسية تتعلق بربيع العرب . دعونا نسأل : لماذا كان كل الهجوم موجه لأمريكا فقط ، بالرغم من عدم مسئولية السلطات الرسمية الأمريكية عن الفيلم ، و بالرغم من أن في أمريكا هناك من يتطاول على المسيح عيسى بن مريم ، عليه السلام و على أمه البتول السلام ، و لم يتظاهر شخص واحد في مصر ، سلميا ، ضد إسرائيل التي ينتمي لها صاحب فكرة الفيلم ، و الذي جمع التمويل الذي وصل إلى خمسة ملايين دولار أمريكي تقريبا ، أي الشخص الرئيسي وراء إصدار الفيلم ، مع ملاحظة أن السؤال ليس دعوة للتظاهر ، لأن هذا سيكون تناقض مع ما سبق أن كتبته عالية ؟؟؟ الإجابة هي : لأن حكومة نتنياهو - ليبرمان اليمينية المتشددة تعارض ربيع العرب ، لدرجة إنها الآن تدعم آل سعود ، و أصبحت لا تعارض أي صفقة أسلحة غربية يبرمها آل سعود ، و لأن حكومة نتنياهو - ليبرمان ساندت مبارك لآخر لحظة ، و لأن الإعلام الإسرائيلي اليميني سبق أن أعلن إرتياحه لترشيح أحمد شفيق للرئاسة ، بينما الإدارة الأمريكية تخلت عن كل من مبارك و بن علي ، و دعمت عسكرياً سقوط القذافي ، و تدعم دبلوماسيا الثورة السورية ضد النظام البعثي . هولاء الذين خططوا في مصر للإعتداء على السفارة الأمريكية ، هم المباركيين ، الناصريين فكراً ، و الذين سبق أن دعموا الصرب في حربهم على مسلمي البوسنة ، و سمحوا بتصدير البترول المصري للصرب أثناء الحرب البوسنية ، برغم الحظر الدولي الذي كان مفروض آنذاك ، و هم من عارضوا القصف الأمريكي للصرب أثناء تحرير كوسوفو ؛ و هدفهم الآن أن ينفض العالم يديه من الثورة السورية ، و لا يريدون أي نقد دولي عندما يشرعون في المستقبل في سحق كل مظاهر الديمقراطية و حقوق الإنسان على قلتها و زيفها بالحديد و الدم و النار . أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر 14-09-2012
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإخوان إلى تمرد داخلي ، و الأحزاب الحقيقية إلى ظهور
-
دولة آل سعود ستصبح جزء من الإمبراطورية الإخوانية
-
إنهم يتلاعبون في الإنتخابات من المنبع ، و مرسي يقر إستخدام ا
...
-
إنهم يتلاعبون في الإنتخابات من المنبع ، و مرسي يقر إستخدام ا
...
-
يا مرسي إحترم شهداء الثورة السورية و كل شهداء ربيع العرب
-
رفض تبني نظام القوائم على المستوى الوطني لإنتخاب البرلمان هو
...
-
قلادة النيل لطنطاوي دليل آخر على زيف مرسي ، و الجيش ليس من م
...
-
ربيع الإخوان لإحتواء ربيع العرب في مصر و المشرق العربي
-
مجلس الشعب بالقوائم على المستوى الوطني يجب أن يكون المعركة ا
...
-
لأن علينا أن نجتاز المرحلة الإخوانية قبل الوصول للديمقراطية
...
-
السذاجة الثورية سبب فشل ثورة 2011
-
أول قصيدة مرسي كفر بالثورة التي أتت به رئيساً لمصر
-
إنه تعديل طفيف لإتفاقية سليمان - العريان
-
شفيق إستفزاز سليماني للشعب
-
لقد كان مجلس ذليل لا يليق بالثورة
-
نرفض المحاكم الثورية كما نرفض المحاكم العسكرية ، و لا بديل ع
...
-
إما الزحف إلى طرة ، و إما إنتظار نتيجة الإنتخابات
-
لهذا سيظل حزب كل مصر - حكم على دعمه لمرسي في الجولة الثانية
-
الفلول هم الحكام و الأمن و القضاء و الإعلام و غير ذلك ، إنهم
...
-
الدساتير لا تؤسس الديمقراطيات الحقيقية ؛ البيئات السياسية ال
...
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|