|
دار دور
مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 01:56
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قد تكون (دار دور) أقوى كلمتين في القراءة الخلدونية ـ ربما لأنهما أول كلمتين ـ ( وتسمى قراءة الصف الأول ابتدائي بالقراءة الخلدونية نسبة إلى مؤلفها أبو خلدون المربي الفاضل المرحوم ساطع الحصري ) لدرجة تذكرها من قبل الجميع وترديدها دائما وقد أنتجت قناة الشرقية عام 2011 مسلسلا بنفس الاسم وحسنا فعلت إذ أرجعت ذكريات الطفولة لجميع متابعي المسلسل . كلمات لا يمكن أن تمحى من الذاكرة وجمل قصيرة جميلة ومعبّرة وكذلك مؤثرة لدرجة عدم الرغبة في نسيانها العمر كله بل يحرص بعضنا على مراجعتها وتأملها وذلك بأخذ ( كتاب القراءة ) من يد أحد أطفالنا عندما يأتي راكضا ويقفز فرحا في أول يوم له في المدرسة وقد سلمّوه ( قراءته ) ، نقرأها مبتسمين ونتذكر أيام زمان رغم التغيّر الحاصل في المنهج كل سنة . يقال بأن التعّلم في الصِغَر كالنقش على الحجر للكناية على استحالة محو ما تعلمناه في طفولتنا المبكرة من ( دار دور ... الدينار رقيق والزيتون مرٌّ ... قدوري ...ّ.. ... وإلى متى يبقى البعير على التل ...) وأغمض عينيك وأطلق العنان لخيالك لتحريك الذاكرة للوراء واسترجاع أحلى الذكريات وأجمل الكلمات وألطف الأصدقاء وزمن تتمنى لو إنه توقف في تلك السنوات النادرة والى الأبد . وما أن نتذكر القراءة حتى تقفز إلى الذاكرة صور أخرى من الطفولة مثل المدرسة .. حجمها ، ساحتها ، صفوفها ، .. حتى المكان الذي كنت تشغله بل لا ينسى البعض منا شعبته ورقم تسلسل اسمه . وكذلك أصدقاء طفولتنا ومن كان يجلس على رحلتنا ووجوههم الملائكية ، وقفشاتهم وكركرتهم .. واشطرهم وأكسلهم والمسكين منهم والمشعوذ فيهم .. ومنهم من أكمل المشوار معك في رحلة عمرك العجيبة فتفتخر به وعند تقديمه للآخرين أو عندما يسألك أحدهم عنه تقول بنبرة مليئة بعبق الطفولة .. إنه صديقي من أيام الابتدائية وينتابك الزهو والغرور بأن أحدهم لم يكف عن حبك والاستمرار في صداقتك كل هذه السنين . رغم أني خريج مدرسة سنجار الثانية للدراسة الابتدائية وافتخر بذلك ولا أزال أحتفظ بشهادتي الجدارية ـ الآن لا تمنح تلك الشهادة الجميلة ـ إلا أنني كنت ارتاد مدرسة الأسكينية لسنتين قبل انتقالنا إلى سنجار حيث الذاكرة لا تزال عامرة بصور تلكم الأيام ، ومن أروع الذكريات خزن صورة ايجابية لمعلمك الذي كان يستقبلك كل صباح وعندما يغلق باب الصف ينسى ابنه الحقيقي ويعتبرك ابنا له . ومن أولى الأمنيات التي ترغب في تحقيقها وبأسرع وقت هي رغبتك الشديدة بان تصبح معلما مثل معلمك وتدرّس الآخرين ربما لشدة تعلقك به أو قد يصبح قدوتك في كل شيء لتأثرك الشديد به وقد تحققت لي هذه الأمنية أخيرا وقبل ثلاث سنوات ولسنتين متتاليتين أصبحت محاضرا للغة الانكليزية في ثانوية مجمّع الجزيرة ، ( أخيرا أصبحت لدينا ثانوية في سيباى) وما لفت انتباهي هو مستوى الصف الأول المتوسط المتدني في القراءة والكتابة مما اضطررت إلى استخدام أسلوب تدريسي مغاير وإنفاق المزيد من الوقت لتعليمهم كيفية كتابة الحروف أولا ونطقها ثانيا وبالتالي الكلمات وكذلك اضطررت إلى زيارة بعض معلمينا وإلقاء بعض الأسئلة المناسبة على التلاميذ ثم الرجوع إلى طلبة المتوسطة ومناقشة الحالة معهم بطريقة لم يعهدوها من قبل والوقوف على بعض أسباب تدني المستوى التعليمي في الدراسة الأساسية ، وطبعا لا يختلف مستوى طلبتنا من مادة إلى أخرى فإذا كانت الانكليزية معضلة فاللغة العربية مشكلة وكذلك العلوم والرياضيات وإذا ما طرح الأستاذ سؤالا فسيجيبه الطالب بـ ( ما بعرف ) وكأنه لا يزال يشاهد مسلسلا مدبلجا باللهجة اللبنانية . تقدم معي بعض الطلاب تقدما ممتازا ولا يزالون على اتصال معي وقد تأثروا بطريقتي مثلما تأثرت أنا بالمعلمين والمدرسين والأساتذة على مّر سني الدراسة ، وأفضل وأحلى وأروع وأجمل من كل شيء أن يتذكرك أستاذك ومعلمك ويبذل جهدا للعثور عليك وهذا ما فعله الأستاذ الفاضل ومربي الأجيال (سلو عبدال) فما أن قرأ اسمي بالصدفة على صفحات بحزانى نت يوما ما حتى تذكرني وبحث عني في الفيسبوك ونشر صورة قديمة لتلاميذ مدرسة الأسكينية ثم اتصل بي وتجددت العلاقة فأصبح أستاذي ( أستاذي الصديق ) ولي كل الفخر . وكان اللقاء ... لقاءي بأستاذي (أبو شوان) في اليوم الأول من مهرجان لالش وقبل أن أتوجه للقائه نظرت لملابسي وتحسست شعري إن كان مهندما ـ ونادرا ما أفعل ذلك ـ ولوهلة ظننت باني داخل إلى الصف الأول الابتدائي من جديد وسأقرأ : دار دور ... (لالش نور) ... شكرا للالش لأني التقيتك في مهرجانه يا أستاذ .
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بتلات الورد 28
-
بيت العقارب / قصة قصيرة
-
الطريق إلى شنكال
-
ليلى والمجنون
-
بتلات الورد 27
-
قولي شيئا
-
بتلات الورد 26
-
مكالمة لم يرد عليها / قصة قصيرة
-
حكايات من شنكال 32
-
بتلات الورد 25
-
مصطلحات من سيباى
-
جاري والمجاري
-
فيض عينيك
-
بتلات الورد 24
-
بتلات الورد 23
-
الراعي
-
بتلات الورد 22
-
بتلات الورد 21
-
بتلات الورد 20
-
بتلات الورد 19
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|