أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أميمة أحمد - القصبة نئن وجميلة بوحيرد تبكيها














المزيد.....

القصبة نئن وجميلة بوحيرد تبكيها


أميمة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 22:21
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


أميمة أحمد 6 أغسطس 2012

من لايعرف حي القصبة بالجزائر؟ الحي العتيق من العهد العثماني ، الحي الذي يعيش فيه سكان الجزائر العاصمة الأصليين ، الحي الذي عاشت فيه العائلات الجزائرية العريقة، وتوارثت منازلها أبا عن جد، منازل لها شرفات الأندلس الندية بالورد، ونافورة الماء وسط صحن الدار ، حي له أزقة حميدية الشام، تتراصف المنازل كتفا لكتف، تبعث على الدفء الاجتماعي العميق، أسطح متلاصقة، نوافذ متقابلة يفوح منها عبق تاريخ قديم ، يحكي أساطير أهل القصبة ومقاومتهم الاستعمار الفرنسي، لم يجرؤ جندي فرنسي على ولوج أزقة القصبة دون أن يكون مرفوقا بجحافل العسكر ، خائفون من قنبلة أو رصاصة مجاهد ، يختبيء في حضن القصبة الدافيء، وما أن يدخل الهارب من الاحتلال الفرنسي القصبة أو يعتلي أسطحتها سيجد بدل المخبأ ألف .
هذا الحي عرف محمد العربي بن مهيدي ، أحد قادة ثورة تحرير الجزائر، الذي وصفه عدوه اللدود الجنرال بيجار " صندوق الأفكار، ولو بقي حيا لكان للجزائر شانا آخر " ، كان هذا الثائر المثقف يجتمع بثوار مدينة الجزائر في حي القصبة العتيق في منزل أهل جميلة بوحيرد ، حيث كان فيه مخبر السلاح وصناعة القنابل . أزقة القصبة تتذكر أقدام بن مهيدي ، الهاديء الملامح ، الذي يجيد الإصغاء مبديا الاهتمام بمحدثه، قليل الكلام ، آه ثم آه ... لو تتكلم جدران القصبة لحكت قصصا وحكايات لاتنتهي كيف كان بن مهيدي يتوارى في أزقة القصبة ليلتقي ثوار القصبة ، حيث معاقل ثورة الجزائر ، القصبة التاريخ تحضن بن مهيدي في عتمتها إلى أن يصل مكان رفاق السلاح في منزل بوحيرد .

من هذا الحي العتيق المشبع بالأصالة والتاريخ اندلعت ثورة الجزائر ، وكانت معقلا للثوار ، ومحل مخابر تصنيع القنابل والديناميت لضرب الاحتلال الفرنسي الغاشم ، الذي كان يضرب القرى والمداشر بالطائرات الحربية، ويقتل سكانها الفقراء وأطفالهم، ويحعل منازلهم الطينية عاليها واطيها، وأزيز الطائرات تقذف حمم القنابل على الأبرياء ، والرد على جرائم المستعمر يخرج من القصبة ، وكانت الضربات موجعة للأحياء الفرنسية .
جميلة بوحيرد البطلة الرمز للدفاع عن الحرية حملت قفة الخضرة أو علبة الحلوى، وبداخلها قنبلة موقوته تضعها في مكان موجع للأستعمار ، إلى أن اشتبهوا بها ، فلحقوها بالرصاص ، فأصابتها الرصاصة من قفا الكتف لتخرج من الصدر ، لولا إصابتها مالحقوا بها تلك الصبية الشقراء الجميلة، الرياضية في السباحة وركوب الخيل، لكن يد الغدر حكمتها كما يحكم الصياد نسرا . حكموا عليها بالإعدام ، وبعد حملة دولية لإطلاق سراحها خفف الحكم إلى السجن المؤبد، وكأن فرنسا ظنت ستبقى للأبد في الجزائر .

عندمايتستمع المرء للبطلة الرمز جميلة بوحيرد وهي تتحدث عن القصبة مسقط رأسها، وربوع عائلتها من أعمام وأولادهم، ورفيقاتها حسيبة بن بوعلي الشهيدة التي أوصتها أن تأخذ لها وردا أحمر تحزمه برباط أبيض مطرز، وزهرة ظريف التي حكم عليها عشرين سنة سجنا، وكانت تختبيء في مزل بوحيرد، ومنه اعتقلها الفرنسيون ،وتتحدث جميلة عن رفاق السلاح كأخوتها ، دحمان الأونكلي، وطالب عبد الرحمن ، وغيرهم ممن استشهدوا في عمر الورد ، وياسف سعدي رئيس الخلية الثورية بالعاصمة الذي مثل في فيلم " معركة الجزائر لعب شخصيته الثورية في الفيلم .
حديث جميلة العرب لايمل منه السامع وهي تحكي عن بطولات شعب صنع مجد الاستقلال بإمكانات قليلة وإرادة فولاذية ، شعاره النصر أو الشهادة .

حي القصبة العتيق مصنف من التراث العالمي وفق قرار اليونسكو ، لكن منازل القصبة التي شهدت تاريخ ثورة الجزائر، وارتوت أزقتها بدماء الشهداء، وضجت سماءاتها بعويل الثكالى والأرامل والأيتام عند كل مداهمة للجيش الفرنسي لمعقل الثوار، أبنية القصبة الشاهد على ذاك الزمان تتآكل، وتتهدم رويدا وريدا ، ولا أذن صاغية لأنين القصبة وهي تحتضر ، جميلة تفهم لغة القصبة التاريخ، نشأت فيها ودرجت في أزقتها ، عندما كانت في صباها تدخلها بعد حضور مسرحية بالمسرح الوطني في ساحة بور سعيد حاليا ، تقول : كأنها دخلت صندوق الماس والموجوهرات الثمينة، تشعر بالأمن والأمان بين ظهراني أهلها الذين نشأوا كأنهم بيت واحد وعائلة واحدة في الحفاظ على بعضهم البعض.
في ذاك الزمان الذي كانت فيه المرأة عورة حتى صوتها عورة كانت جميلة ترتاد المسرح وتركب الخيل وتمارس رياضة السباحة ، كانت محظوظة أنها وحيدة والدها على سبع شباب .لذا كانت تربيتها تربية لتكون إنسانة حرة ، تتمتع بحريتها كإنسان وتدافع عن نفسها في مجتمع ذكوري ، هكذا رباها والدها .
جميلة بوحيرد تغرورق عيناها الخضراوان الواسعتان وتكابر كي لاتنزل دمعتها على زمن جميل مضى فيه أحلى الذكريات .
لاتصدق جميلة البطلة الرمز لأجل الحرية أن منزل عمها الذي جمع رؤس ثورة الجزائر آيل للسقوط ، وتبكي ماضيا تمسك به أبناء عمها " لن نخرج من منزل كان ملاذ الثوار، حتى لو تهدم على رؤوسنا ".
تصرخ جميلة في التاريخ أين الرفاق هنا جلس الشهداء يوما هنا أعراسنا وأفراحنا ، هنا ياسمين الدار يعطر القصبة من خلف الجدران ، تصرخ وتصرخ معها الدار فيرجع الصدى ثلاث منازل لبوحيرد ، أحدها اعتقل فيها ياسف سعدي والزهرة ظريف ، ولم يذكروا هذه الدار المجاهده ، التي كان المفروض جعلها متحفا من تراث الثورةـ يؤمها السياح ليعرفوا تاريخ القصبة تاج العاصمة .
لاتبكي ياجميلة لقد ولى الزمن الجميل ، لكن لاتخافي هناك شرفاء يحفظون عهد القصبة أن تبقى شامخة ومن أوابد تاريخ ثورة الجزائر .



#أميمة_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرا للجزائر
- شهادة جميلة بوحيرد تكريما لوالدتها
- جميلة بوحيرد تشكر العرب الأوفياء للثورة الجزائرية
- مجزرة الحولة أوصدت باب الحل السياسي للأزمة السورية
- جميلة بوحيرد امرأة القرن العشرين .. تنكر لها الرفاق
- سيدة العاصي تقدم قوافل الشهداء قرابينا للحرية
- سورية أمام مفترق المصالح الإقليمية والدولية
- الفنان علي فرزات ... إرهابي سلاحه الريشة
- تراجع الاقتصاد السوري جراء الحل الأمني
- حماه الشهيد .. ثلاثون عاما بين مجزرتين
- الوحدة الوطنية في سورية لن ولن تتصدع
- دعما للسياحة في مصر وتونس
- النظام السوري يعيد أمجاد الموت في حماه الباسلة
- سورية -الممانعة- حريصة على أمن إسرائيل
- على النظام السوري وقف المجازر ضد المتظاهرين
- سورية .. التغيير أو الرحيل
- إطلاق فضائية علمانية يسارية
- الأصولية والعنف في الجزائر
- مريم مهدي إحدى ضحايا الشركات الأجنبية بالجزائر
- إلى روح الإعلامية السورية سلوى الأسطواني


المزيد.....




- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أميمة أحمد - القصبة نئن وجميلة بوحيرد تبكيها