|
الخنزير الطيب
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 13:30
المحور:
كتابات ساخرة
الخنزير الطيب علت قهقهاتهم،ووصلت الى مسامع اهل البيت المتواجدين في الغرفة الاخرى،لقد اعتاد شلة من الاصدقاء الذين ناهزوا الستين من اعمارهم التي لم تكن مديدة،على الالتقاء يوميا تقريبا في ساعات المساء،وامامهم اباريق القهوة السادة"المرة بدون سكر"،رغم انهم لم يعرفوا عن الريجيم شيئا،لكن اعتادوا شرب القهوة السادة،والتي مرت بعملية تخمير طويلة،وتطبخ على الفحم المشتعل في الكانون،بحيث تمر بعملية طبخ متكررة،حتى تكتسب طعمها المميز،قوية وحامضة وشديدة المرارة،بحيث تترك بعد احتسائها حلاوة في الفم!!اعتاد هؤلاء الاصدقاء القادمون كل من بلد اخر، على السهر ،وتبادل الطرف والاحداث التي مرت بهم ،رغم قسوتها ،فانها الأن موضوع تندر وفكاهة!!! قادني حي استطلاعي الى اقتحام جلستهم الظريفة ،لكنهم نهروني بشدة!ومنعوني من البقاء،وخيالي الخصب قادني الى تكهن موضوع حديثهم،الذي هو بلا شك عن مغامراتهم العاطفية او الجنسية!!فهم ايضا كانوا مراهقين ذات يوم!!! لم يكن دخل للمغامرات في جلستهم تلك ،بل كانت حكايات من الكوميديا السوداء،والتي سمعتها بعدما كبرت قليلا،وسمحت لي الشلة بالمشاركة في قسم من جلساتها ،"كعضو مراقب"ليس الا!!!! وهي تحكي عن العم "ابو احمد"وقصة ارتدائه للبنطلون والقميص الافرنجي مكرها ،ولمرة يتيمة ليس لها اخت!!فهو يتزيى بالزي الفلسطيني،القمباز،"اللباس" وهو الشروال المعروف في مناطق اخرى،لكنه مغطى بالقمباز ،والحطة البيضاء والعقال الاسود! لم يبدل زيه الذي اعتبره جزءا من شخصيته ،وحتى بعد ان قامت دولة اسرائيل على انقاض البيوت الفلسطينية،ومنها بيوت اهله،واهالي اصدقائه من الشلة،لم يغيروا لباسهم!!! وبعد ان خفف الحكم العسكري قبضته ،وصار بالامكان السفر والعمل والتعامل مع المدن اليهودية ،سافروا بالباصات التي غصت باليهود بزيهم المعتاد،وكأنهم بذلك يقولون :نحن هنا!!!! هؤلاء الذين شردوا من بيوتهم ،حاملين معهم ما خف حمله وغلا ثمنه!!!!!!وحملوا اطفالهم على الدواب وبين ايديهم،حملوا بالاضافة الى ذلك كرها وحقدا على اليهود!!!!!!!فكل يهودي في نظرهم معتد ومجرم! ويستمر العم "ابو احمد"في مزاولة مهنته بالتجارة،وهي المهنة التي مارسها "ابام العز"وربطته علاقة عمل مع تجاريهود من القادمين من الدول العربية المجاورة،سوريين او بالأحرى حلبيين،عراقيين ومصاروة !! ولسهولة التواصل مع هؤلاء التجار،اذ انهم "ولاد عرب"،كما كانت الشلة تطلق عليهم ،فلم يكتسب العم "ابو احمد "مهارات التحدث بالعبرية،اللهم سوى بضع كلمات ،دخلت الى قاموس اللغة العربية المحكية لدى العرب!!!!!!!!! ربطت العم "ابو احمد"صداقات مع التجار اليهود،فعلى عكس الفكرة السائدة،اكتشف انهم يمتازون "بالامانة" ولا يسرقون او يغشون ،وسعرهم واحد!وتعاملهم قائم على الثقة المتبادلة والاحترام!طبعا ليس جميعهم ،لكن الغالبية،وكان هذا هو سر نجاحهم في التجارة،على رأي العم "ابو احمد"!!!! لكنه ،لم يستطع محبتهم،فبيته وقريته ماثلة امامه،وهول تلك الليالي يؤرق مضجعه ،ويتمثل له في اهواله كيوم القيامة!!!!الذي صوره القرأن.!! والذي يختمه عدة مرات في السنة منها مرتان في كل رمضان. وفي احدى سفراته التجارية الى تل ابيب،وكان في متجر التاجر "ابن العرب" ومن اصول حلبية،سمع في الجوار دوي انفجار هائل ! اطل التاجر الحلبي خارج المحل واذا بقوات من الشرطة وبأعداد كبيرة تنزل الى الشارع ،واول عمل تقوم به هذه القوات هو القاء القبض على كل عربي ،ساقه حظه السيئ الى التواجد في منطقة الانفجار!!!والاعتقال هو بهدلة ،تحقيق واهانات وقد يصل الى تلفيق تهمة ولبوسها،مما يعني السجن في اسوأ الاحوال او الحبس على ذمة التحقيق!!!شو هالمصيبة يا رب!!!!! اذا خرج بلباسه ،فهو كمن يسلم نفسه طواعية للشرطة!!!!!فالقمباز،الكوفية والعقال،اعتراف بالتهمة!!! التاجر الذي يعرف العم "ابو احمد"،ويكن له الاحترام ،لا يريد للعم ان يتبهدل ،لهذا بادر باحضار بنطلون وقميص "كاكي"،وهي تشبه الى حد ما ،اللباس الرسمي للشرطة والجيش،وطاقية من نفس النوع ،ودعا العم الى الدخول في غرفة تغيير الملابس ،حاثا اياه على تغيير ملابسه لكي يبدو "كخواجة"ويستطيع العودة الى بلده بأمان!!!!!! ورغم اعتزازه بزيه ،لكن يا روح ما بعدك روووح!كان قد اشترى ودفع نقدا للخواجا ما اراد ،وكان عليه حمل الاغراض لمسافة بعيدة،حتى محطة الباص،لكن ما العمل؟؟ التاجر " ابن العرب"،حثه على المغادرة،وامره بترك الاغراض وملابسه عنده ،وحينما تهدأ الاحوال قليلا ،بأمكانه العودة واستلام "امانته"التي هي في الحفظ والصون ،كما تعهد التاجر "ابن العرب"!!!!!!! وتمر الايام وتهدا الاحوال ،ويعود العم الى المدينة،ورغم ما ساوره من شكوك ،يجد اليهودي بأنتظاره وقد صان الامانة واداها له ،وقابله بالترحاب والسؤال عن خروجه من "ساحة المعركة" كيف وماذا حدث؟؟؟وقدم له واجب الضيافة اكثر من المعتاد!!!!! اثر هذا النبل الانساني،وكرم اخلاق هذا التاجر اليهودي في نفس العم "ابو احمد"،لكن نفسه لا تطاوعه بالحديث عن اليهود ومدحهم،لانهم"من المغضوب عليهم"،هكذا تربى العم "ابواحمد"،ولأن كل يهودي في نظره مسؤول عما حل بفلسطين!!!! اذن ،واذا طلبت للشهادة يجب ان تقول الحق ولو على نفسك،كيف يمكن ان لا تعترف بالفضل لصاحبه؟؟؟؟؟؟ لقد وجد العم "ابو احمد"مخرجا لمدح اليهودي دون التخلي عن مشاعره!!!! كان يختتم حكايته عن المرة الوحيدة التي ارتدى فيها زيا افرنجيا بالقول: -لعنة الله على هذا اليهودي الخنزير........ما احسنه!!!!!!!!!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وردة في حقل من الاشواك
-
محمد قام من بين الاموات.
-
مالك في خطر
-
كروان حيران!
-
عنزة ولو طارت ......وتحطيم الاصنام
-
الاباء المجددون للديموقراطية
-
كاهنات القمع
-
جائزة للسارق
-
43 ثانية ضوئية
-
رهاب او خواف الالعاب الاولمبية ومضارها
المزيد.....
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|