|
عائشة ج5
محمد الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 3826 - 2012 / 8 / 21 - 22:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتحدث كثرة أن لا عيب في زواج محمد من عائشة وهي صغيرة، ويقول البعض أن في ذاك الزمن وبتلك البيئة الصحراوية كانت البنت تبلغ بسرعة، فبنت تسع سنوات تعادل شابة بعمر 18 سنة من حيث بلوغها الجسدي والجنسي، وهنا أتساءل عن الدليل المادي الذي يدعم قصة البلوغ المبكر تلك ؟!! فحسب قراءاتي، ويستطيع كثر من القراء التأكد منها بمراجعة ما تتحدث به عائشة عن نفسها بأنها كانت تلعب بالدمى وقت دخول محمد بها، وهذا معناه أنها لم تبلغ البلوغ النفسي لأي شابة وصلت سن البلوغ، فنادراً ما نجد أن شابة تحب أن تلعب بالدمى وهي متزوجة، وإن حدث فهو دليل على وجود نقص نفسي في داخلها لم ترويه أيام طفولتها. وعلمياً وجد أن عين الإنسان و حاسة السمع لديه لا تكتمل بالكامل حتى يصبح عمره 18 سنة، وهذا ما جعل عمر الحصول على اجازة السوق لا يقل عن هذا العمر، وذوي الاختصاص بالعلوم الطبية أدرى بذلك، ويستطيعون الادلاء بدلوهم فيه. ويعيب البعض أيضاً أننا نتناول موضوع عائشة الآن، وهي المرأة الطفلة التي عاشت قبل أكثر من 1400 سنة مضت، والبعض يشك بالنوايا قاصداً أننا نبغي الفتنة أو الفرقة بين المسلمين، فأقول، صحيح أنها عاشت وماتت من زمن طويل، ولكن بصمتها ما زالت باقية، وهناك خلاف شيعي سني حولها وحول مواقفها، وهناك فتاوي تخرج بين الحين والآخر معتمدة على مقولاتها، مثل نكاح الصغيرة تأسياً بفعلة محمد كما رأينا، ومنها ما سنأتي على ذكره لاحقاً من رضاعة الكبير مثلاً. كما أن أفعالها حتى وإن مضى عليها الدهر، ولكنها مازالت تؤثر بيومنا الحالي، فنحن نعيش بين أناس يقدسون أقوالها وأعمالها، وبين آخرين يسبونها ليل نهار. فلو كنت أعيش بمجتمع مثالي، لا يجتر الماضي، بآلامه ومآسيه، لكان خيراً لي ولهم، ولكننا ما زلنا نعيش تفخيذ الرضيعة، ونكاح الصغيرة، ورضاع الكبير، بمجتمع كهذا يصعب حتى على العلماني والليبرالي أن يعيش معزولاً بذاته ولذاته، ولا بد أن يجر للدخول بمواضيع يأبها، ويشمئز من مجرد ذكرها. أعتقد أن ما ذكرته في أعلاه يكفي كتوضيح لسبب هذه السلسلة وما سيتبعها من حلقات حول عائشة أو غيرها من رجال ونساء العصر الأول الاسلامي، ومحاولة فهم أفعال تلك الناس التي ما زالت تؤثر فينا، إن رضينا أو رفضنا، فهي مؤثرة بالغصب عنا بسبب وجود هذا الكم الهائل من محبيهم ومتتبعيهم، والغاوين لتقليدهم بالحرف والفعل، دون النظر لفرق الزمن والمكان والظرف الحضاري والإنساني. بحلقة ماضية طلب أحد القراء الكرام دليلاً مادياً وأسماء لأشخاص مارسوا الزواج من صغيرات أو تزوجوا وهم صغار، لذا سأحاول في هذه الحلقة أن أذكر الأدلة من النصوص القرآنية، وفي الحلقة القادمة سأذكر أسماء لأناس تزوجوا وهم صغار في زمن محمد، قبل بعثته، وبعدها، وسيكون الموضوع طويلاً لو ذكرته بحلقة واحدة، لذا وجب التقسيم. قبل ذكر الأدلة من النصوص القرآنية وجب علي التذكير بحقيقتين، الأولى أني لست بباحث قرآني أو اسلامي، بل كاتب ليبرالي، ولم أخض أي دراسة منهجية تعليمية في التأريخ الاسلامي، لذا فإن كل ما سأذكره لكم هو من قراءاتي الشخصية فقط، حيث أن تخصصي علمي بحت، وهو في علم الفيزياء. وثاني حقيقة أني ومع ذكري لكل الأدلة، فأني لا أقبل بها كتبرير للزواج المبكر، سواء للذكور أو الإناث، وخاصة البنات صغيرات السن اللاتي لم يتجاوزن العشر سنوات. وما ذكري لكل هذه الأدلة سوى لحياديتي التي أبتغيها حتى لو كانت بالضديد لميولي ورغباتي، أو أنها تصب بخانة الضد لما أريده من مقالتي. دليل رقم 1 : جاء في سورة البقرة رقم 2 ، آية 228 التالي: (والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن ان كن يؤمن بالله واليوم الاخر وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم ) وفي نفس السورة آية 234 التالي: (والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا فاذا بلغن اجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في انفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير ) تتحدث الآيتان عن عدة المطلقة والمتوفي عنها زوجها، بينما في سورة الطلاق آية 4 جاء الكلام عن المرأة الكبيرة في السن، والمرأة التي لم تبلغ، والحامل، كما في التالي: سورة الطلاق رقم 65 ، آية رقم 4 : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن واولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا ) وهذا دليل قوي جداً من النص القرآني بإباحة الزواج من اللائي لم يحضن، فمن هن ؟!! هن البنات الصغيرات اللائي لم يبلغن، حيث أنه حدد عدتهن حين الطلاق بثلاثة أشهر، ولا يحدث طلاق بدون زواج سابق له، أذن هذا النص شرع لزواج الصغيرات دون تحديد لعمر معين، كما سنرى لاحقاً من أدلة بأسماء لأشخاص بعينهم. دليل رقم 2 : جاء في سورة النساء رقم 4 ، آية رقم 3 التالي: (وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا ) حيث قالت عائشة مجيبة ابن اختها عروة ابن الزبير عنها: يا ابن أختي هي اليتيمة، تكون في حجر وليها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد أن يتزوجها بغير أن يقصد في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق. ومن هي اليتيمة، هي البنت الصغيرة الفاقدة لأبيها، فالشابة لم تكن تسمى عندهم يتيمة، واليتيمة هي التي تحتاج لرعاية في شؤونها ومالها، وهي قاصرة بذاتها عن التصرف الصحيح. من الدليلين أعلاه دون توسع نفهم أن هناك تأصيل قرآني لزواج الصغيرات، ومجيء النص القرآني لإثبات حالة كانت موجودة ومتبعة قبل الإسلام، لم ينفها الإسلام، ولم يحرمها، أو يلغيها، بل ثبتها وبالنص. في الحلقة القادمة سنتحدث بالأسماء عمن تزوج أو تزوجت وهم صغار.
#محمد_الحداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أول يوم في الروضة
-
عائشة ج4
-
عائشة ج3
-
عائشة ج2
-
عائشة ج1
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج56 والأخير
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج55
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج54
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج53
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج52
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج51
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج50
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج49
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج48
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج47
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج46
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج45
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج44
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج43
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج42
المزيد.....
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|