|
بغداد تتسلَّح و كردستان تزدهر
جودت هوشيار
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 3819 - 2012 / 8 / 14 - 22:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشر مكتب التعاون العسكري لوزارة الدفاع الامريكية ( البنتاجون ) بيانا صحفيا يوم أمس ، جاء فيه ، ان وزارة الدفاع العراقية تقدمت بطلب للحصول على دفعة إضافية من الطائرات المقاتلة تشمل 18 طائرة من طراز F-16IQ فالكون ، تبلغ قيمتها 2,3 مليار دولار. و كان العراق قد حصل سابقاً بالفعل على 18 طائرة مقاتلة من نفس الطراز، ومعدات إضافية للطائرات المذكورة وأسلحة بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
و أضافة الى الطائرات المقاتلة يتضمن الطلب الجديد شراء ما يلى :
24 محرك من طراز F100-PW-229 أو طراز F100-GE 129IPE،
و 24 رادار من طراز APG – 680(v) V) 9 ذى التنظيم الذاتى
و مدافع 19 20 ملم M61
و 100 صاروخ، AIM-9L / M-8/9 Side winder
150 صاروخ، AIM-7M-F1 / H Sparrow
و 50 صاروخ مافريك AGM-65D/G/H/K،
و 200 قنابل طائرات II GBU-12 Paveway
و 50 GBU-II-10 Paveway
و 50 GBU – III 24 Paveway
وتضمنت القائمة أيضا معدات، ألكترونية مضادة لأنظمة الأنذار عن الأشعاع و التوجيه و الأستهداف والدفاع عن النفس. علما ان القائمة الكاملة للأسلحة المطلوبة من قبل وزارة الدفاع العراقية منشورة على موقع مكتب التعاون العسكرى التابع للبنتاجون ( DSCA )
و أشار مكتب التعاون العسكري الى ان المعدات والأسلحة التى طلبها العراق سيؤدي إلى زيادة كبيرة في القدرة القتالية للقوات الجوية الوطنية، وتصبح لاعبا أكثر أهمية في المنطقة. و سيقدم الطلب العراقي الى الكونغرس الأميركي للبت فيه . و كان العراق قد اشترى 18 طائرة مقاتلة من طراز F-16IQ فى شهر آب / أغسطس 2011 ، و يعتزم العراق شراء مقاتلات أخرى و طائرات هيلوكوبتر و طائرات من دون طيار و أسلحة هجومية .
و على صعيد متصل تفيد أنباء موسكو ، ان وزير الثقافة ووزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي يجرى منذ ثلاثة اسابيع مفاوضات مكثفة فى موسكو – على رأس وفد عسكرىيضم كلا من الفريق الركن طالب شغاتي رئيس جهاز مكافحة الارهاب والفريق جبار قائد الدفاع الجوي، واللواء ضياء مدير عام التسليح والتجهيز - لعقد صفقة تسليح ضخمة مع المصانع العسكرية الروسية العملاقة بهدف شراء طائرات مقاتلة و طائرات هيلوكوبتر مقاتلة و دبابات و صوارخ و أنظمة دفاع جوى ، و قد زار الوفد العديد من مواقع انتاج الاسلحة والتقى ممثلي شركات وخبراء عسكريين روس، بدوا مهتمين بتطوير العلاقات التسليحية مع العراق ضمن سعى موسكو لأستعادة نفوذها فى المنطقة و تعزيز محور بغداد - طهران - دمشق .
صفقة الأسلحة الروسية كان مخططا لها ان تكون بقيمة مليار دولار ، و لكن شهية الجانب العراقى أنفتحت حين أبدى الروس موافقتهم على تلبية طلب بغداد ، مما شجع الوفد العراقى المفاوض على طلب المزيد من الأسلحة ، التى يتوقع أن تتجاوز قيمتها المليارين دولار .
و كشفت مصادر اعلامية فى موسكو " ان الوفد شدد على ضرورة الأسراع فى الأسلحة المتعاقد عليها ، مما دفع الجانب الروسى الى رفع الأسعار بشكل كبير ، وبررت السرعة التي اشترطها الجانب العراقي لتسلم الاسلحة من موسكو بان ذلك يعود الى " الوضع المتأزم في سوريا والمشاكل المتفاقمة مع كردستان".
ان العقلية التى تحكم بغداد اليوم لا تختلف عن العقلية الصدامية التى ورطت العراق فى حرب عبثية مع الجارة ايران و غزت الكويت و شنت حملات عسكرية دموية ضد الشعب الكردى المسالم . لقد ضرب رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى عرض الحائط كل الأتفاقات و المواثيق التى أبرمها مع التحالف الكردستانى و ائتلاف العراقية و نقض كل عهوده و وعوده و شرع فى تصفية خصومه السياسيين الواحد بعد الآخر ، و لقد سبق ان كتبت قبل عدة أشهر ، بأن الدور سيأتى على الكرد ، لأن المالكى يظن بأن أقليم كردستان عقبة كأداء أمام تعزيز دكتاتوريته بعد أن تمكن من تصفية أو تحجيم معظم القوى المعارضة لأستفراده بالسلطة و القرار السياسى فى البلاد. يقول السيد المالكى ان كرد العراق يتمتعون بحقوق لا يتمتع بها أشقائهم فى أجزاء كردستان الأخرى و هذا صحيح و لكنه حق أريد بها باطل ، ذلك لأن أقليم كردستان تحررت من قبضة النظام الصدامى بفضل اتفاضة آذار المجيدة فى عام 1991 و هذا التحرر عمِّد بدماء مئات الآلاف من الشهداء الكرد الذين سقطوا فى ساحات النضال من أجل دحر العدوان الصدامى الغاشم و فى سبيل أستعادة حقوق الشعب الكردى المغتصبة و من اجل حياة حرة كريمة لأبناء كردستان بشتى أنتماءاتهم القومية و الدينية ، و ليس لأحد فضل على كرد العراق لا فى الماضى و لا فى الحاضر . و يبدو ان السيد المالكى نسى او يتناسى ، أنه ألتجأ الى كردستان المحررة فى منتصف التسعينات من القرن الماضى هرباً من بطش النظام الصدامى مع الكثير من قادة و نشطاء المعارضة العراقية العربية و سكن فى اربيل و درس فى جامعة صلاح الدين و أحاطه الشعب الكردى المضياف بالرعاية و الدعم و الأسناد . و لكنه يرد اليوم جميل الكرد على طريقته الخاصة و هو الأستعداد لمغامرة عسكرية و خيمة العواقب على العراقيين جميعا دون أستثناء .
ان خلاف المالكى مع معظم الكتل السياسية و بخاصة مع الكرد بدأت مع محاولة أقامة ما يسميه بسلطة مركزية قوية و يعنى بذلك أقامة دكتاتورية جديدة ، عوضا عن النظام الفدرالى الذى نص عليه الدستور العراقى ، و هو الدستور الذى صوت عليه الأغلبية الساحقة من الشعب العراقى و كان السيد المالكى من أبرز المساهمين فى أعداده و كتابته !! ولم يترك السيد المالكى و سيلة الا لجأ اليها لتركيز كل السلطات بيده و محاربة أقليم كردستان سياسياً و أقتصادياً و دبلوماسياً و أعلامياً و أفراغ النظام الفدرالى التعددى الديمقراطى من محتواه ، الذى أرتضاه الكرد و بقية العراقيين حفاظاً على وحدة العراق و مستقبل أبنائه و تعزيزاً لعلاقات الأخوة و المصير المشترك بين شقى العراق العربى و الكردى . و من هذه الوسائل محاولة البحث عن عملاء و خونة كرد لتشكيل ما يسمى بمجالس الأسناد فى المناطق المتنازع عليها من بقايا النظام السابق. و من المضحك حقاً ان السيد المالكى قد أمر عددا من أفراد حمايته بأرتداء الزى الكردى و قابلهم أمام عدسات التلفزة زاعما أنهم يمثلون قيادات عشائرية و شخصيات كردية قدموا من شتى انحاء اقليم كردستان لأعلان و لائهم للأخ الأكبر الجديد . مما يدعو الى الشفقة و السخرية فى آن واحد . و هو ان دل على شىء ، فانما يدل على الأفلاس السياسى ، رغم مظاهر القوة الكاذبة الذى يظهر بها امام عدسات التلفزيون.
و بعد فشل كل محاولاته اليائسة فى تحجيم الدور الكردى فى العراق بمختلف السبل و عرقلة التقدم المتواصل الذى يشهده اقليم كردستان ، أخذ يتحرش بقوات البيشمركة فى المناطق المتنازع عليها و يفتعل بؤر توتر ، و يشترى شتى صنوف الأسلحة الهجومية بأسعار خيالية و فترات زمنية قياسية من الولايات المتحدة الأميركية و روسيا و أوكرانيا و كندا و من دول أخرى تمهيدا لشن هجوم على كردستان المزدهرة، . و ربما كان هذا الأزدهار هو الذى يقلق السيد المالكى حقاً ، لأنه يسقط ورقة التوت الأخيرة عن نظامه الذى فشل فى توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة للعراقيين . ألم يكن من الأجدر على السيد المالكى أن ينفق المليارات - التى يهدرها فى أقتناء الأسلحة الهجومية الفتاكة – على توفير الماء الصالح للشرب و الكهرباء و على بناء المستشفيات و المدارس و تلبية الأحتياجات الأساسيةلملايين العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر فى بلد يطفو فوق بحر من الذهب الأسود ..
يروق للسيد المالكى ان يسير على خطى صدام و يتلهف ليكون القائد الضرورة الجديد و حاكم البلاد حتى الممات ، رغم حملاته الكلامية على صدام و البعث المنحل فى وسائل الأعلام . أوليس معظم قادة جيشه المليونى من كبار ضباط الجيش الصدامى ، و هم الذين يحرضونه اليوم على مهاجمة أقليم كردستان .
نتمنى ان يتخلى السيد المالكى عن حلمه بأقامة نظام دكتاتورى جديد فى العراق و جعل أقليم كردستان خراباً على غرار العراق العربى، الذى يعيش ظروفاً مأساوية بكل معنى الكلمة . وأن يدرك اليوم قبل الغد كل أبعاد لعبة البعث الخبيثة بتوريطه فى مغامرة عسكرية خاسرة لا يعلم أحد مداها و لكن من المؤكد أنها ستطيح بنظامه و يمهد الطريق لبقايا البعث الصدامى للعودة الى الساحة السياسية من جديد ,و لتتكرر المآسى الدراماتيكية فى العراق الى أمد غير معلوم .و عندها لن يقف الكرد مكتوفى الأيدى و سيدافعون عن مكاسب أنتفاضة آذار المجيدة و عن الأقليم - الذى أصبح محط أنظار العالم كله - بأرادة صلبة ، يفتقر اليها جيش المالكى المليونى ، كما أن الزمن قد تغير على نحو جذرى ، و ليس بوسع أى دكتاتور أن يعزل شعبه اليوم عن العالم الخارجى و يقمعه كما كان الأمر فى الماضى القريب .فالمهمة المستحيلة التى أخفق جيش صدام فى تنفيذها و هى قمع الحركة التحررية الكردية ، لن يستطيع جيش مليشياوى يفتقر الى الخبرة و تتنازعه ولاءات متعددة ان ينجح فى تحقيقها . و نعتقد أنه ، كلما أسرع السيد المالكى فى تصحيح مسار حكومته و تحرر من أوهامه ,و أفاق من أحلامه ، كان ذلك أفضل له و للعراقيين جميعا ً.
#جودت_هوشيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ممارسة صحفية جديدة ... طال أنتظارها
-
الأستشراق: محاولة للفهم و لردم الهوَّة
-
نيكولاى مار و أصل الكورد و لغتهم
-
دولة الأستمارات
-
تجارة التعذيب فى عراق المالكى
-
العراق أمام مفترق طرق
-
محلل سياسى روسى ،يكشف عن خفايا التحالف الأستراتيجى بين العرا
...
-
لازاريف و الدولة الكردستانية
-
لازاريف و القضية الكردية
-
من هو المثقف ؟
-
أصدقاء بشار
-
الدولة الكردية آتية
-
حميد أبوعيسى ... بين الهندسة و الأدب
-
ثلاثة مظاريف
-
العراقيون الجدد
-
قضاء المالكى
-
ستالين العراق
-
القلق و ما بعده
-
حول بعض التأويلات الخاطئة لمصطلح ال( كردولوجيا )
-
غزل سياسى أم نفاق علنى
المزيد.....
-
فرصة التطبيع مع السعودية قبل 7 أكتوبر وتهديد لإيران.. خطاب ن
...
-
-بيننا وبين الجنون شعرة-: مغتربات لبنانيات يشهدن الحرب من بع
...
-
السودان تحت وطأة الحرب وخراب مواقع التراث الثقافي
-
كومباني: بايرن سيستمتع باختبار قدراته أمام البطل ليفركوزن
-
الصفدي للافروف على عتبة لقائهما في نيويورك: -أوقات مجنونة-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن ضرب منصات صاروخية لـ-حزب الله- استخدمت
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تجنيد لواءين في الاحتياط للحملة الشمال
...
-
مسؤول أمني إسرائيلي: أي عملية برية ضد -حزب الله- ستكون محدو
...
-
الحوثيون يعلنون استهداف 3 مدمرات أمريكية في البحر الأحمر بـ2
...
-
للتصدي لجدري القردة... القارة الأفريقية تتلقى تعهدات بالحصول
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|