أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد الملك بولس - في حزن مصر














المزيد.....

في حزن مصر


عماد عبد الملك بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 20:57
المحور: الادب والفن
    


أبحث عن أمى ..
وسط الأحراش العفنة
تحت الأحجار العطنة
وأغوصُ بقاع المستنقع ..
أتلمس أشلاء منثورة
أتحسس ضحكات مبتورة
.. تلطمنى أمواج دماء
تقذفنى فى جوف رمال
وأفيق .. بقفر الصحراء
لأصيح عليها مذبوحا ،
فتجاوبنى .. أصداءٌ مكسورة
تنشقُّ بقلبى أغنيةً
تلدغها قبلة ثعبان
تهدم آفاقَ رجائى ..
ويطير بعيدا طيرُ الأفراح
ليحط هنالك ..
فوق عروش الأموات
وهناك يقابلنى الصمت
والعدم على عرش الموت
***
وهناك .. تزغرد عيناى !
فى مقبرة مهجورة ..
تبزغ فى ظلمتها
كِسْرات الأم المطمورة ! ..
وأفتح أحضانَ اللهفةِ وأذوب
فى عطر الحب المفقود ..
أماه .. أين ذهبت ؟
ولماذا يا أم تركت ؟
.. وكمثل نشيد ملائكة فى تسبيح الخالق ،
تصدح أمى .. من أعماق اللجج المسحورة
من عمق الروح تنادينى
وتشق حجاب العاطفة المبهورة
وتمد جناحيها وسط قنوطى تحمينى
وتنادينـــــى ...
" يا ابنى ، ابحث لى عن "إيزيس"
وابحث معها عن أشلائى المنثورة "
وبدون وداع ..
تتراجع تلك الكلمات ...
ينفتح رحيل كالهوّة
يجذب روحى الملتاعة ،
يختنق ندائــى ..
" أماه لا ! لا ترحلى "
.. وتفر تجر أمانىَّ المذبوحة
تتركنى وسط ضباب يعمينى ،
" أماه .. "ايزيس" فوق معابد محفورة
رمزا كانت تحيا فيه الأجيال ..
أين أجدها .. كيف أكلمها
***
وأفتش عن "ايزيس"
وسط الأحراش العفنة
تحت الأحجار العطنة ،
تتبادل صلبى أشواك دروبى ..
أحمــل مصباحــى
أبحث عن شمس مخبوءة
... أتســـاءل ..
وأوزع بين الناس سؤالى ..
أترنح بين الشك
وبين محــالِ
وتصيد الظلمة إيمانى ..
.... وتُسد أمامى كل ثغور النور ..
وتزفر صدور الليالي صياحاً
ينادى الصـــباح ..
وأرفع صوت النداء بالدعاء
مع الداعين الصباح
فتأبى السمــاء !
وأعلو بعينىَّ فوق الغمام
أنادى رفاق القيود .. وليلى ،
فتهرع لقلبى قلوبٌ لدفع العذابَ
وتُقرض عينى عيوناً .. لأبصر ..
ليصحو فؤادى مشيرا
وســط الظــلام ..
لنجم أطل بقبس الرجاء
وأبدأ كالعنكبوت ..
أصيد الضــياء
لأنسجَ منه سبيلا نحو الجواب ..
***
ويأتى كمثل الشهاب الجواب
بقلب الضباب
" أيا باحثا تبغى ، بجوف الليالى
ضــياء النهــار ..
ابحث بعمق الموت ،
ستلقَ معانى الحياة ! "
ويشعل رد الليالى بقلبى
حريــق الســؤال ،
فيقطعُ أوصالَ تيهىَ أمرٌ :
" ابحـــث .. "
وأبحث وسط الأحراش العفنة
تحت الأحجار العطنة
وأجمع كل رفاتِ الأمل
وأرنو لأشلاْء قلبى الذبيح
وأصعد فوق هشيم السنين .. وأمـــــى !
ووسط الخراب .. وسط الرماد
وسط نفايات الأمنيات !
أبصر عجز الرفاق كعطشٍ
وأرض الحياة بغير اخضرار
تشقق فيها وجه النماء
ومُدَّت برحابتها عروقُ الفناء ..
وأجمع أشلاء سؤالى :
كيف سيُبْعَثُ موات الزروع ؟
كيف تعود الزهور الكسيرة ؟
أهذا الحطام ، سينمو رياضا ؟
***
أصمت...
و ألتف بأهداب الرجاء
و تُقتل ساعة بسيف السكون..
و ياتى بعيدا...غناءٌ حنون
و ينقر سجنى فجر وليد..
وتملأ رائحة الحياة الأنوف ،
فأهجر قبرى بشوق جديد...
وأبصر ضياءً محيطا كجيش
وخيرا ضحوكا كالمهرجان ..
رأيت الحيــاة ..
ربيعا .. تبث الحنين بموت الشتاء
رأيت المحبةَ تهمى .. تسيل ..
رأيته .. رأيت قدوم النيل ..
بعد الجفاء يَهُبُّ ليعطى الرواء ..
و يمحو ظلام القنوط .. روح لطيف
يدحر أشباح الذلة .. والضياع ..
ويقبل نحوى .. ليطرد خوفى
ويُلئِمُ قلبى ، فينهدُّ يأسى ..
وأبصر وأعرف .. هى ايزيس ..
وتفتح الأم فاها :
" يا ابنى .. عندما الليل يزيد العناء
ويمحو من الدنيا السناء ..
فاشدد يديك فوق الرجاء ،
فالليل أبدا يشدُّ الرحال
إذا حاصره عزم الرجال ..
ودوما بنى ، لا تخش موتا ..
بل ابحث فيه .. لتلقى معانى الحياة "

(1984)



#عماد_عبد_الملك_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميعاد مع بكرة
- الجائزة الكبري و فك طلسم الكنز
- مظاهرة -غباء-
- ميلاد فصائل المافيا المصرية
- ال -صياعة- السياسية مبدأ جديد يحكم مصر
- برقيات بمناسبة فوز د/ مرسي بالرئاسة
- هوية
- مات الإله ... يحيا الإله
- الثعلب و الجربوع
- الانتهازية السياسية و المحاكمة
- اللعبة العربية و أنا
- محاولة فهم الساحة المصرية المريضة
- أمي و سكين الدبيح
- محاولة لقراءة المستقبل القريب
- لا وقت للدموع
- خريطة طريق لشفيق
- من فاز في الجولة الأولي للانتخابات المصرية؟
- البحث عن الثورة المصرية (2) كيف ننجح؟
- البحث عن الثورة المصرية - (1) البداية: لم ينجح أحد إلا أعداء ...
- الدستور الذي نريد


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد الملك بولس - في حزن مصر