هفال زاخويي
الحوار المتمدن-العدد: 3800 - 2012 / 7 / 26 - 00:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما زلنا في هذه البلدان المريضة نعاني من ثقافة القائد التاريخي والقائد الضرورة ورمز الأمة ... طبعاً اصبحت القيادة التاريخية بالوراثة مثل الملكيات ، وكذلك مثل الجمهوريات العربية التي غدت وراثية ... والأحزاب الكردية أيضاً لا تشذ عن القاعدة ... ثقافة اختزال كل شيء في الذات المباركة للقائد التاريخي هي التي تسير مجتمعاتنا وبعناية الهية كون القائد مفوض من قبل الإله –حسب اعتقاده الجازم بذلك- ونحن غدونا كائنات مستندة على القائد في عيشها وبقائها ولا يمكن ان نعيش دون قائد رمز او بالأحرى صنم نصنعه .
لقد فشلت القيادات التاريخية على مر التاريخ في صنع الانسان ، وفشلت القيادات الثورية على مر التاريخ في بناء المجتمعات ، إذ لا يمكن للفكر الثوري بناء مجتمع مدني حضاري عصري ... والثورة لا تؤمن بالكهرباء ولا تؤمن بالاتصالات ولا تؤمن بالإعلام الحر بل تؤمن بالمخابرات وتؤمن بالبنادق وتؤمن بالشوارب الثورية وتؤمن بممارسة الفساد واحتكار الأموال والسلطة وترى في الثورة منة على المواطنين ، والطامة الكبرى ان المواطنين الذين كانوا وقود الثورة ما زالوا مؤمنين ان القائد يجب ان يعبد(بضم الياء وفتح الباء) لا ان يحترم فحسب... !
قادة يستنكفون ان يبتسموا في وجوه مواطنيهم ... ابناؤهم لا يرضون بوظيفة انصاف الآلهة ويجب ان تكون الأشياء في ايديهم من مجالس ثورية وقومية واقتصادية وامنية وعسكرية وحكومية وحزبية ... هل يقدر هذا النمط من القادة ان يساهموا في بناء المجتمعات وبناء الانسان؟!
هذا النمط التاريخي من القادة فشلوا عبر التاريخ في تقديم النموذج الأمثل للإدارة ... ادارة المجتمعات ... لانهم لايقدرون استيعاب ذلك وفهم الإدارة بسبب ولعهم بالقيادة والزعامة والألوهية الزائفة التي ورثوها جيلاً بعد جيل ... ثوريون بالوراثة ... قادة وزعماء بالوراثة ... يتحدثون عن الاصلاح وهم يعلمون ان الوراثة لا تنتج اصلاحاً ...
يجدر بنا كمواطنين ان نتطلع فعلا الى مدير امين يحكمنا في البلاد كلها ... في كل مفاصل الحياة نريد مديرا امينا قادرا على رفع الانقاض والنفايات من شوارع البلد ...قادرا على محاسبة المفسدين ... قادرا على احياء الزراعة ، قادرا على النهوض بالواقع الاقتصادي للبلد ... قادراً على تمجيده عبر قنواته الاعلامية الحزبية والحكومية ... قادرا على ان يضع حداً للمفسدين من بطانته ومقربيه ...قادرا على اصدار قوانين الضمان الصحي والضمان الاجتماعي والتأمين لا ان يفكر دائما في قوانين ثورية كالعفو العام واطلاق المكرمات ... نريد مديراً أميناً ... فهل يمتلك المواطن ما يؤهله للمطالبة بتغيير صفة القائد والزعيم الى صفة المدير الأمين ؟!
#هفال_زاخويي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟