|
اللعنة على السياسة ...
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 3799 - 2012 / 7 / 25 - 13:09
المحور:
كتابات ساخرة
اللعنة على السياسة، مرة أخرى أجد نفسي متورطاً في الجهل. وسط فيضان من المعلومات المتضاربة حول الحالة السورية. في الفيسبوك وبقية المواقع الإلكترونية والمحطات الفضائية ، معارك إعلامية صاخبة. ... تصاب بدوخة...ثم تشتم السياسة أو تشتم أحدهم . عندما تكتشف ان ضمير الغائب قد اختفى وحل محله " الأنا " الإستراتيجية ونحن مجرد شعوب " حائرة " على حد تعبير أحد الصحافيين المصريين . نحن شعوباً تحب المبالغة، نبالغ في الحب والغضب معاً. نعالج الأمور كما نريد، وليس كما هي عليه. ثم نفاجئ ، أننا لا نعلم شيئاً. فقد مارست علينا لغة البيانات الخطابية ،والمعلومات المتضاربة سيادتها المطلقة . محدثة تغييراً في أنساق الأفكار والآراء والقناعات . ونحاول مرة أخرى إعادة تركيب الصورة بما ينسجم مع مبدأ عدم الصدام مع ذاتنا الداخلية لكي لا تهتز جدران قاعنا. لأن من يعتاد التعبير عن أفكاره باستخدام الوصفات الجاهزة، فإن لغة هذه الوصفات تقوده الى الاستسلام. بأن المستقبل مفتوح والزمن سوف يثبت عجز القوى الأصولية في الحكم...لكن بعد خراب البصرة والبصيرة معاً. عندها نتذكر أن المعرفة الدينية لا تقدم حلولاً من خارج مفهوم الدين للعالم. وأن كافة مشاريعنا السابقة القومية والشمولية الماركسية أو الاشتراكية لم تقدم نماذج ديمقراطية بديلة لأزمة الحكم في العالم " العربي " انتقلنا من استعمار أجنبي الى استعمار وطني وكيل . الى جانب استيطان بشري من شتى الدول على الأرض الفلسطينية –الكنعانية. وقبلنا بمشروع حل الدولتين .. وحتى مبدأ الدولة الواحدة لشعبين فيما تواصل جرافة الاستيطان خلق حالة الأمر الواقع.وتعزيز دورها الإقليمي بما يعيد صياغة نمط تطور المستقبل. لكن ما هي ملامح هذا المستقبل..؟ ربيع أم خريف او شتاء أو ربما حالة تصحر جديدة؟ الوضع السوري تحول الى " لغز " هكذا يعتقد البعض ؟ بيد أن ظاهرة الاضطراب في التحليل السياسي هي مثل تقلبات المناخ أو حركة أمواج البحر. وغالباً تنشأ إما نتيجة نقص معلومات مؤكدة أو نتيجة لقصف إعلامي مستمر فوق رؤوسنا من محطات فضائية موجهة . ومع ذلك نحاول لملمة الخيوط التي تجمع بين مختلف ظواهر الفوضى والصخب الإعلامي الحاصل. لكي لا نفاجئ بأن المياه الآسنة أصبحت تحت وسائدنا .. وأن سيناريو العم السام بخير ويجري وفق الخطة المرسومة. لا تبحث عن كتيبة فارس الخوري ، ولا عن كتيبة إبراهيم هنانو ولا كتيبة سلطان باشا الأطرش ولا كتيبة إبراهيم العلي . او كتيبة يوسف العظمة او كتيبة جول جمال .. فأنت في عصر الصحابة. للحقيقة لم نعد ننظر الى سورية ، بالطريقة التي اعتدنا أن نراها سابقاً وربما حتى وقت قصير أو تلك الصورة التي يحلو لنا أن نراها ...سورية الغد .. كدولة ديمقراطية تعددية ومجتمع متنوع . الجميع يدعي تمثيل الشعب السوري نظاماً، ومعارضة سواء من في الخارج أو في الداخل. الجميع يدعي زواجه بليلى . بيد أن ليلي أصبحت مطلقه طلاقاً بائناً. فقد تزوج الكاوبوي الأمريكي للمرة الثانية أو الثالثة الإسلام السياسي . وفق الشريعة. شريعة المصالح المتبادلة . هذه هي السياسة ، اقتصاد مكثف ، وإنسان مستسلم لا يعرف إلا ما يريد له أن يعرف . سننتظر مائة عام كما انتظرت باريس حتى عرفت معنى الديمقراطية ..؟ كما يقول البعض..؟ لكنها ستكون مائة عام من العزلة.. وعندها لن يحل خريف البطريرك الجديد. بل ستحل الكارثة، بفضل تطور حركة الزمن وتسارع التكنولوجيا، وهو تطور يعادل أضعاف ما يساويه في الماضي قياسا للزمن الأرضي. ولسنا أفضل حالاً من الصومال أو السودان الذي تحول بعون الجبهة الإسلامية الى سودانيين . وعلى أرض الواقع الى خمسة كما أننا لسنا أحسن من مالي ولا من " بوكو حرام " في نيجيريا ولا من إمارة غزة وشرطتها النسائية المنقبة . ولا مصر عاصمة الخلافة الفاطمية الجديدة. هكذا نحن مجتمعات " حائرة " وبعونهم سنتحول الى مجتمعات " خائبة " .تمارس عبادة اللغة والعمائم من شتى الأصناف والألوان. هكذا ستجري عملية تدجين لإرادات المنطقة لتصبح في مجموعها خارج التاريخ. ولا خيارات أخرى لديك .. سوى خيارات الوهم بالمستقبل..أي مستقبل..؟؟؟ ثلاثة سيناريوهات على الطاولة للحالة السورية ومعها الشرق الأوسط وما يسمى بقضية " فلسطينية " المهجرة، والقاسم المشترك بين السيناريوهات الثلاث، هي ضمان مصالح الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية. والغائب هو الشعب السوري والشعوب العربية ، مع احترامنا إدعاء كافة المعارضات كما النظام السوري القاتل، بتمثيل الشعب. فلم يختار الشعب السوري يوماً أحد منهم . المعارضة المسلحة فرضت نفسها بقوة السلاح، والأخرى في الخارج بدعم الخارج، والنظام بفضل قمعه الأمني المنظم طيلة عقود.الجميع لا شرعي والجميع شرعي أيضاً معادلة صعبة..؟ ربما لأننا نلوك بفائض السياسة وليس بفائض القيمة. وفي حسابات فائض القيمة فكلاهما موسكو وواشنطن على استعداد للتخلي عن حلفائها الصغار، الذين يتصارعون حول عدد الكراسي كما تصارع الرهبان حول عدد الملائكة في خرم إبرة. زمن الغزو العثماني للقسطنطينية . إنه زمن إعادة تركيب البيئة الدولية السياسية مرة أخرى ، وإقامة نظام إقليمي جديد يضمن تفوق جانب واحد شرق أوسطي ،وبيئة أمنية مستقرة وصالحة لرعاية المصالح الإستراتيجية العليا للنفط والغاز في شرق المتوسط . إنه زمن إعادة تفكيك الخارطة وتجميعها من جديد . الأسد كحاكم فاشل سيرحل.. بانتظار جاهزية البديل " الوطني " وبيانات " حسن النية " على غرار الموديل المصري والحمساوي وحزب " الله " ..الخ. بعد ذلك بسنوات سيقتنع المواطن في البلدان " الحائرة " وبناء على تجربته الخاصة أن هذا الموديل السياسي لا يمثل الغد ، بقدر ما يحاول استدعاء الماضي . وسنبقى نلعن السياسة.. اللعنة على السياسة. ونجتر مواقفنا السابقة ونطلق النار على من يخالفنا في الرأي، فقد تكيف الدين مع السياسة الدولية. وتبنت مختلف الجماعات الأصولية الأشكال الحديثة في التنظيم ، وتكيفت مع واقع متحول موظفة أدوات العولمة لخدمة الأنبياء الجدد. أمسح نظارتك جيداً، أمريكا لم تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين في اليونسكو أو الأمم المتحدة..؟! اللعنة على السياسة ..أم اللعنة على أنظمتنا وأحزابنا وفصائلنا المدجنة ..؟ البقاء لقياصرة النفط، وأسكن " الله " شعوبنا فسيح جناته.
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كم يرعبني هذا الشريط الأسود..؟
-
أثينا / حكومة إنقاذ من ثلاثة أحزاب .
-
حوارات اليسار العراقي / تبشر بولادة يسار ديمقراطي عصري
-
الإنتخابات اليونانية / بونجور أثينا وكالميرا باريس
-
حلمت بوطن أفضل ...ولكن ..؟
-
للبحر وجه آخر..
-
فنجان قهوة ...وسيكس-sex
-
أثينا ...صراع البقاء ..؟
-
تتعرى الأشجار في الشتاء ...؟
-
لا ..لون للماء .
-
هطل الثلج ...بصمت !
-
happy free year
-
الشارع الخلفي - للربيع العربي “..؟
-
أثينا - روما ...أي غد لأوربا؟!
-
Back to / to Tora -Bora
-
الجهل المقدس ..؟!
-
مفاوضات - سلام - أم حوار مع - كابوي - ..؟!
-
صفحة من شهادة وفاة قديمة / السجين رقم 199
-
من حقي الفرح / بعد سقوط الأب والابن والكتاب الأخضر ..؟
-
أسد علي وعلى العدو نعامة ..؟
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|