|
حرية الفكر من اهم اسس بناء حضارة الانسان
سامي كاب
(Ss)
الحوار المتمدن-العدد: 3777 - 2012 / 7 / 3 - 12:47
المحور:
المجتمع المدني
حرية الفكر بمقياس المنطق والعلم حرية الفكر الانساني للانسان من اهم الاسس لبناء حضارته وتقدمه وتطوره ورقيه ورفع مستوى معيشته وتحقيق الحياة الطبيعية المثالية له ----------
الخروج من قيود الكلمة ومن سجن العبارة الخروج من عالم الذات الضيق المنزوي الكامن تحت الاغلال التربوية والعقائدية والمنهجية وتحت ركام الجهل واسمال الماضي البائد والفكر الرجعي الغبي العنيد المتحجر الانطلاق في فضاء الحياة في الافق الواسع اللامتناهي كمن ينطلق رائد الفضاء بمركبته وينظر للارض من اعلى مسافة تتيح له الرؤيا من نافذته فيتغير تفكيره من تفكير مقيد محدود محصور خائف جافل متردد مرعوب ضعيف الى تفكير مسيطر متحكم شمولي قوي جريء محتوي الارض هنا تمثل الحقيقة والفضاء يمثل افق فكر الانسان والعلو بالفضاء يمثل الانطلاق والحرية والرقي وبهذا المقياس والانسان يعيش على الارض ضمن حقيقة الوجود بمقدوره ان ينفصل عن ذاته المضطربة الضعيفة المهزوزة المتراجعة وان يتحرر من سجن الذات ويخرج بقوة ارادته وجرأته المفتعلة بشعلة انطلاق وطيران في محيطه الحياتي حتى الخروج من نطاق الجاذبية الاجتماعية المحيطة به والمسيطرة على كيانه لا شك انه لا يوجد انسان يخلو فكره من التناقضات والتجاذبات والاوهام والتصورات البعيدة عن واقع الحياة والمخالفات البرمجية العصبية بفعل المنطق التربوي والمنهج المعاكس لطبيعة الانسان الفسيولوجية ومعادلة تكوينه وتركيبه الحيوية اضافة الى الضغوط والمشاكل والعقبات البيئية المسببة للانحراف عن السياق الطبيعي للفكر الانساني والمسببة لردات الفعل السلبية اللتي تغير المنهج الفكري الطبيعي وتخلق فلسفة فكرية مشوهة تؤدي الى سلوك حياتي غير طبيعي فتظهر المشاكل والتناقضات والتجاذبات في مختلف جوانب الحياة حرية التفكير تتلخص على انها الحالة الفكرية في السياق الطبيعي لتركيب الدماغ البشري باقصى طاقة ممكنة والى ابعد حدود الوعي وهنا لكي تتحقق حرية التفكير يجب ان تمر العملية الفكرية بمراحل تسلسلية بمثابة محطات مرتبة على طريق الفكر الانساني بداية منذ تشكل وعيه في الزمن الاولي لحياته على الارض والى يومنا هذا وبمعنى اوضح ان الانسان يحمل في خلايا جسده شيفرة وراثية مسجل عليها كل ماضيه الموروث من اجداده على شكل فلم يحتوي تفاصيل الحياة الماضية من المرحلة اللتي بدأ الانسان العيش على الارض ككائن حي مكتمل المواصفات متميز بنوعيته تحت مسمى انسان وتكمن هذه المعلومات بالعقل الباطن وهي اللتي تحدد السلوك الفطري اللا ارادي للانسان اتجاه الاخطار والمواقف اللتي تهدد حياته واتجاه الانفعالات العصبية والنفسية في اطار وجوده وبطريقة تكفل له الوضع الحياتي الافضل ( الغرائز) وفي بداية تشكل وعي الانسان اخذ ينظر للاشياء من حوله نظرة تجريدية والتجريد يعني اقتباس صورة ذهنية عن الشيء ومعالجة هذه الصورة فكريا بحالة منفصلة عن حقيقة الشيء الكونية وبعد استخلاص النتائج يعاد اسقاط الصورة على ذات الشيء ثم تعقد مقارنة في مدى مطابقتها لشكل الحقيقة القائمة للشيء نفسه وقد سمي المنهج الفكري هذا بالمنهج المثالي ( الميتافيزيقي ) حسبما ورد من فلاسفة ومفكرين اليونان القدماء لنوضح المسالة بالمثال التالي : فنان النحت عندما يريد نحت وجه ما يضع قطعة خشب مثلا على الوجه ويرسم عليها خطوطا تطابق تفاصيل الوجه باستعمال قدرته على المطابقة والتخمين والقياس والاسقاط والتوازي والتقاطع والحساب وهي قدرات ذهنية يتميز بها الانسان لتشكل الوعي لديه لفهم الاشياء من حوله فيرفع القطعة الخشبية وينحتها ثم يعيدها للوجه لمطابقتها فتظهر بعض التعديلات الواجبة ثم ينحتها وبطريقة المحاولة والتجريب يقترب من التطابق شيئا فشيئا الى ان يحصل على وجه مطابق تماما وهنا تتمثل حالة استيعاب الحقيقة فالوجه الاصل يمثل الحقيقة الكونية والوجه المنحوت يمثل الحقيقة الصورية في دماغ الانسان وهذه طبيعة الدماغ البشري اذ انه يفهم الحقيقة الكونية من خلال صورة عنها ( الحقيقة الصورية) ولا يوجد هناك ميكانزم فكري معلوماتي يمكنه من فهم الحقيقة الكونية ذاتها بالدخول الى مكاوناتها اي ان الدماغ لا يفهم الاشياء اللا من خارجها برسم صورة عنها وبمقدور الدماغ ان يرسم الاف بل ملايين الصور لشيء ما من جميع الاتجاهات وبزوايا مختلفة وبابعاد مختلفة بمعنى انه يفهم الحقيقة الكونية الواحدة بعدد كبير من الحقائق الصورية المتباينة للاحاطة بكل تفاصيله ضمن امكانيات الدماغ على التحليل ومعالجة المعلومات والاستنتاج والربط والقياس والمسالة تشبه تماما عندما تؤخذ صور لشيء ما بعدد كبير ثم توضع بشكل مرتب تسلسلي وتمرر بفلم فيبدو الشيء الساكن على ان متحرك او ان تؤخذ صور مقطعية لشيء ما بعدد كبير وتمرر بفلم فيبدو الشيء انه يتحرك داخليا وان هناك حياة بداخله اذن الانسان في حقيقة امره يعيش بدافع وعيه في عالم صوري مثالي يرى انه مطابق للعالم الحقيقي من حوله ولكن بالمعيار المنطقي والمعيار العلمي لحقيقة الاشياء فان درجة التطابق ما بين العالم المثالي والعالم الحقيقي تتفاوت نسبيا في دقتها مع مستوى وعي الانسان ووعي الانسان يتشكل وراثيا وبيئيا وهنا يهمنا التشكل البيئي اللذي ياتي نتيجة التربية والتعليم والتثقيف والتوجيه ومستوى الحياة الكريم اللائق بالانسان لصنع انسان طبيعي بافضل صورة ممكنة وعليه فان العالم المثالي في راس الانسان كلما كان مطابقا للواقع يكون هذا الانسان في مقياس المنطق اسمه طبيعي وفي مقياس العلم اسمه حقيقي او مادي نظرا لان الكون مكون من مادة وكل الاشياء الوجودية مصنوعة من مادة اذن كل شيء موجود اسمه كيان مادي والاشياء المثالية اي الصورية الوهمية موجودة خارج اطار المادة فهي لا قيمة حقيقية لها انما تحتوي قيمة فكرية معنوية فقط لاستعمالها كروابط بين الاشياء الحقيقية لتشكيل المنظومة المعلوماتية اللازمة لحركة الانسان بين الاشياء الوجودية في الكون المحيط به ومواصلة حياته ووجوده كعنصر طبيعي اسوة بباقي الكائنات من هذا الفهم وفي هذا السياق تاتي حرية الفكر على راس العمليات الفكرية في دماغ الانسان لتستنفر كافة قدراته وطاقته القسوى في معالجة المعلومات واستخلاص النتائج وادارة الحياة واعداد البرمجيات والخطط والخروج بقرارات من شانها توفير بيئة حياتية افضل ومستوى حياتي ارقى وحالة كيانية للانسان ذاته افضل وارقى وبشكل يتناغم مع قانون الطبيعة في النشوء والنمو والتنوع والتمدد والارتقاء والاختيار والافضلية ومواصلة البقاء الامثل اذن حرية الفكر تخلق انسانا جديدا والانسان الجديد يخلق حرية الفكر وهكذا بعملية تبادلية يرتقي الانسان بكيانه وبمحيطه كي يصنع حضارة راقية تصاعدية مستمرة منطلقة في فضاء الكون
#سامي_كاب (هاشتاغ)
Ss#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علم الهندسة الاجتماعية من العلوم الانسانية الحديثة
-
ظاهرة التدين تدخل ضمن تصنيف الادمان
-
ثورة الاحرار في السودان
-
رسالة الى ارامل العراق بمناسبة يوم الارامل العالمي
-
صرخة امراة حرة في وجه رجل متخلف
-
نريدها علمانية لا عربية ولا اسلامية
-
عناصر معادلة الحياة وكيفية تفعيل المعادلة
-
مؤشر حقوق المراة هنا ما زال يشير الى الصفر
-
الفكر الانساني من الغيبية للمادية في سياق التطور
-
الحرية درجة عليا في سلم الرقي الحضاري
-
الدين يعمل في جسم الانسان فعل المخدرات الخطرة
-
تتلاشى الغريزة لدى الانسان المتمدن كلما ارتقى حضاريا
-
عندما تحس بالغربة في وطنك وبين ناسك
-
ابحث عن انسانيتي في مجتمع يحتقر قيم الانسانية
-
الشرف من ارقى القيم الانسانية له اسس فكرية وانتاجية
-
الشرف بمفهوم الانسان المعاصر الراقي
-
الدين ثقافة من الفكر الغيبي تتلاشى نحو الاندثار
-
احب المرأة بمواصفاتها الانثوية الطبيعية
-
المبادئ العشرة الاساسية للعلمانية
-
جمال الحياة بتنوع عناصرها وتفاعلها الحركي
المزيد.....
-
آلاف من طالبي اللجوء غادروا ألمانيا طوعا بمقابل دعم مالي
-
إردوغان يعلق على مذكرة اعتقال نتانياهو من الجنائية الدولية
-
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
...
-
4 ملايين عائلة مهددة بالتفكك في الولايات المتحدة بسبب خطط تر
...
-
أول تعليق لإردوغان على مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتانيا
...
-
الرئيس التركي اردوغان يؤكد دعمه لقرار الجنائية الدولية باعتق
...
-
كندا وكولومبيا تتعهدان باعتقال نتنياهو
-
هآرتس: نتنياهو جلب مذكرة الاعتقال على نفسه والآن يتباكى بدعو
...
-
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
...
-
مقتل واعتقال اكثر من 70 ارهابيا جنوب شرقي ايران
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|