|
نيران المستوطنين هل تشعل غضب الفلسطينيين..؟؟
خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 3741 - 2012 / 5 / 28 - 11:59
المحور:
القضية الفلسطينية
في كل عام ومع وصول محاصيل الحنطة الفلسطينية إلى لحظة الحصاد، تسارع مجموعات المستوطنين المنظمة إلى إشعال النيران في الحقول الفلسطينية، لتسبب اكبر ضرر وخسارة للمزارعين الفلسطينيين.. ويتكرر نفس العمل الجهنمي في موسم القطاف لكروم الزيتون واللوزيات.. لا جديد في هذا العمل الإجرامي.. والجديد فقط أن تلك الجرائم أصبحت أكثر تنظيما، وتجري وفق خطط منظمة تمارسها مجموعات شبابية يتضح من أسلوب عملها أنها مدربة ومقاتلة وأكثر شراسة، فهي لم تعد تعمل في الليل فقط، بل وفي وضح النهار، وتتجرا للوصول إلى أعماق الأرض الفلسطينية وليس على أطرافها، بل وتدخل أحيانا إلى قلب التجمعات السكانية الفلسطينية فتحرق المنازل وبيوت العبادة .
ومن اللافت أن هذه الجرائم تجري بتنسيق تام مع جنود جيش الاحتلال، حيث يقوم هذا الجيش بتوفير الحماية للمستوطنين، وقمع عمليات تصدي المواطنين الفلسطينيين لتلك الهجمات، بإطلاق النار والغازات تجاه الفلسطينيين، وإبعادهم عن مناطق عمل المستوطنين أثناء ارتكابهم للجرائم بحق الشجر والحجر والبشر، ويقوم الجيش باعتقال أصحاب الأراضي، وبإعاقة وصول المدد من السكان إلى مناطق الحرائق، ويعيق كذلك وصول سيارات الإطفاء ووحدات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف إلى أماكن الاعتداءات، كي يعطي المستوطنين وقتا أطول يسمح لهم بإحراق أوسع مساحة من الحقول والكروم.
وأمام هذه الحرب المدمرة التي يشنها المستوطنين بهدف ترويع السكان الفلسطينيين، وتدمير مواسمهم الزراعية، لإجبارهم على هجرة أراضيهم وتركها بلا زراعة ( بور )، ليسهل على المستوطنين الاستيلاء عليها، وتوسيع مستوطناتهم وبؤرهم الاستيطانية الجديدة.. وأمام تواطؤ جيش الاحتلال الذي من المؤكد أن معظم قادته من المستوطنين.. ومع الدعم المالي والسياسي الذي تقدمه حكومة نتنياهو-- التي وصلت إلى الحكم بأصوات المستوطنين.. أمام هذا الوضع الغير عادي.. يصبح لزاما على الفلسطينيين مواجهة هذه الحرب القذرة بأساليب غير عادية ولا نمطية.. ( من مثل الإدانة والاستنكار ومناشدة العالم لإدانة هذه الجرائم ).. بل أصبح لزاما على القيادة والحكومة الفلسطينية، وفصائل العمل الوطني واطر المقاومة الشعبية، ومؤسسات العمل الأهلي، أن تتقدم خطوات للأمام، وتشرع بتنفيذ خطة وطنية تعبئ من خلالها طاقات الشعب في مواجهة غول الاستيطان وسياسات حكومة الاحتلال، وتستفيد من التحول الجاري والمتسارع في الرأي العام الدولي لصالح قضيتنا الوطنية، والذي تجلى في الأسابيع الأخيرة بإعلان الكثير من الدول خطوات لمقاطعة منتجات المستوطنات، وتلويح بعض الدول كايرلندا بإمكانية قيام الاتحاد الأوروبي بمقاطعة شاملة لإسرائيل، إذا لم تتجاوب مع مطلب المجتمع الدولي بوقف الاستيطان تمهيدا لاستئناف المفاوضات..
لقد آن الأوان لتفعيل الخيارات الوطنية الأخرى التي لطالما تحدثت عنها القيادة الفلسطينية، وأولى هذه الخيارات كسر التردد والتراخي في التوجه للمؤسسات الدولية، الأمر الذي يتطلب التوجه فورا لرفع قضية الاستيطان إلى أعلى المحافل الدولية، ووضعه على جدول أعمال مجلس الأمن وللتقدم بطلب الحمية الدولية...
وأمام التواطؤ والتنسيق والتعاون التام الذي يقوم به جيش الاحتلال مع مجموعات المستوطنين المنظمة، أصبح لزاما على القيادة الفلسطينية إبلاغ دولة الاحتلال أنها لا تستطيع مواصلة التنسيق الأمني مع الجيش الذي يحمي المستوطنين، ويسهل لهم تنفيذ جرائمهم بحق الفلسطينيين .. إن التلويح بتجميد التنسيق الأمني ولو كان ذلك بشكل جزئي-- سيوصل رسالة إلى قادة جيش الاحتلال أنهم لا يستطيعون مواصلة لعب الدور المزدوج ( ينسقون مع المستوطنين من جهة وينسقون مع الفلسطينيين من جهة أخرى ) وكأن ذلك شيء طبيعي.
وفلسطينيا لم يعد مقبولا منا أن تستمر ردودنا باردة.. في حين يشعل المستوطنين الأرض تحت أقدامنا .. لم يعد مقبولا منا أن نحشد في منافساتنا الداخلية ومناسباتنا الاحتفالية الآلاف وعشرات الآلاف، ونصرف الملايين استعدادا لانتخابات طلابية أو بلدية أو تشريعية، أو لمسيرات استعراضية في مراكز المدن والبلدات، في حين تبقى المشاركة في فعاليات بلعين ونعلين والمعصرة وبيت أمر وكفر قدوم والنبي صالح والبلدة القديمة من الخليل بالعشرات، وفي أحسن الأحوال ببضع مئات-- بما فيهم المتضامنين الأجانب.
لم يعد مقبولا من الفصائل أن تشارك بتمثيل رمزي في الفعاليات، ولم يعد المواطن الفلسطيني يثق بكل التصريحات التي تطلقها القيادات عن تعزيز المقاومة الشعبية-- في الوقت الذي لا يرى على الأرض ما يزكي تلك التصريحات.. ولم يعد الإنسان الفلسطيني يفهم سياسات حكومته التي ( تتحدث أكثر مما تفعل، واقل مما يجب أن تفعل ) لتعزيز صمود السكان في المناطق المجاورة للجدار والمستوطنات والطرق الالتفافية، والتي تتلقى الضربات كل يوم من جيش ومستوطني الاحتلال، في حين يرى هذا الإنسان الفلسطيني كيف تضع حكومة الاحتلال في رأس سلم أولوياتها تعزيز الاستيطان، وترصد له مئات الملايين من الدولارات، وتقرر تقديم الإعفاءات الضريبية وتخفيض أسعار الكهرباء والمياه للمستوطنين ولكل المستثمرين في المستوطنات.
وفي المواجهة مباشرة مع المستوطنين أصبح لابد من تحويل موضوع لجان الحراسة الشعبية من فكرة جرى تطبيقها بشكل محدود جغرافيا ولفترة محددة إلى واقع ملموس، وهذا لن يكتب له النجاح إلا إذا تم تنفيذ مقترح نواطير الأرض.. وهو مقترح لن يكلف الحكومة الفلسطينية أعباء مالية إضافية-- إذ بإمكانها أن تحول عدد من منتسبي الأجهزة الأمنية للعمل في هذه المهمة-- وتحت مسئولية المجالس المحلية مباشرة.. ومهمة نواطير الأرض هو أن يشكلوا جهاز إنذار مبكر لسكان القرى والبلدات الفلسطينية، يحذرهم عند اقتراب الخطر من ممتلكاتهم، كي يخرج الناس في تلك البلدات لصد هذا الخطر.. وسلاح أولئك النواطير ليس أكثر من هاتف نقال وصافرة وآلة تصوير، على أن يكون أولئك النواطير النواة الصلبة لمجموعة من المتطوعين في كل بلدة، ليشكلوا معا لجان الحراسة الشعبية.. ويمكن للحكومة الفلسطينية أن تبدأ بتجربة هذه الفكرة في عدد من التجمعات السكانية الأكثر تضررا.. فان نجحت الفكرة يمكن عندها تعميمها في كل المواقع المهددة بالاستيطان.
#خالد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النكبة زلزال لم يهدأ
-
في يوم تضامني مع قرية فلسطينية
-
من حكايا الانتفاضة الثانية - سلوك مرفوض في العرف الوطني
-
لماذا توقفت المفاوضات..؟؟
-
من حكايا الانتفاضة الثانية -- تموت الفلسطينية ولا تأكل من ثد
...
-
إسرائيل لن تهاجم إيران
-
من أين نبدأ
-
زوار الليل البشعين
-
من حق الشعب أن ينزل إلى الشوارع للاحتجاج
-
صفحات من حياة مناضل وطني تقدمي عملاق-- خليل أبو جيش ( أبو فت
...
-
من حكايا الغلابا في العيد -- أبو حسن يوسع أطفاله ضربا في الس
...
-
مقاومتنا ليست بخير
-
الكساندرا تحتفل بميلادها على شجرة زيتون فلسطينية
-
قبل ان يبرد الشارع الفلسطيني
-
قتلوه بدم بارد
-
الشعب يريد تنفيذ الاتفاق
-
الإغاثة الزراعية وبدائل العمل في المستوطنات
-
اوباما رئيس ومستوطنة
-
بنقول ثور .. بقولوا احلبوه
-
اعيدوا عظامي لام الزينات
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|