|
حمدين صباحي والتيار البديل
موسى سرحان
الحوار المتمدن-العدد: 3740 - 2012 / 5 / 27 - 21:03
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
منذ فجر التاريخ لم يشعر الانسان المصري بأهميته في الحياة السياسية ؛ لعدم مشاركته في اختيار الرئيس بشكل مباشر . فكما هو معروف أن عملية انتخاب الرئيس كانت مقتصرة علي أعضاء مجلسي الشعب والشوري المحسوب غالبيتهم خلال الثلاثة عقود الأخيرة للحزب الوطني أي لحزب مبارك نفسه ، حيث كان الشعب المصري يعاني جراء هيمنة الحزب الواحد الذي كان لا يتوانى في استخدام مختلف الأساليب للحد من وجود ممثلي الأحزاب والحركات الأخرى رغم اجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري وفق ما هو محدد لها في الدستور إلا أن نتائجها كانت دائما شبه محسومة بفعل ممارسات أعضاء وأنصار الحزب الوطني من ترهيب وترغيب للناس البسطاء وقهر واقصاء لقادة ورموز التيارات المعارضة . ممارسات أنصار وقادة الحزب الحاكم المتراكمة خلال الثلاثة عقود المنصرمة كان لها نتيجة طبيعية بنزول المقهورين في الخامس والعشرين من يناير إلي ميدان التحرير تحت شعار يسقط يسقط النظام ، إلي أن تمكنوا من إسقاط رأس النظام والمتمثل بالرئيس السابق حسني مبارك وتسليم الرئاسة المصرية للمجلس العسكري باعتباره الجهة المخولة بذلك في ظل غياب الرئيس ونائبة قصير الأجل عمر سليمان . وبذلك التزم المجلس العسكري بما اعلنه من استعداده الكامل لتسليم السلطة في موعدها المحدد . حيث كانت البداية إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري ، ومن ثم الانتخابات الرئاسية التي لم تحسم من الجولة الأولي ، فالمجلس العسكري يعلن مراراً وتكراراً التزامه تسليم السلطة في نهاية شهر يونيو واستعداده الكامل لحماية الرئيس القادم بغض النظر عن اسمه و جهته ، والتي انحصر التنافس فيها بين مرشح حزب الحرية والعدالة المنبثق علي حركة الاخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي وبين الفريق أحمد شفيق أخر وزراء حقبة مبارك الذي صرحت زوجته فور تأهل شفيق للمرحلة النهائية أن نجاح شفيق يعتبر خير دليل علي حسن سياسة مبارك طوال الفترة المنصرمة . مع الأخذ بعين الاعتبار أن جزء كبيير ممن اختاروا شفيق ليس حبا بعلي وانما كرها بمعاوية ، فمن لم يرغب العيش في اكناف الدولة الإسلامية لم يكن أمامه سوي المرشح الأكثر جرأه في تصريحاته تجاه هذا الأمر ، هذا بالإضافة إلي حصوله على جزء كبيير من أصوات المسيحيين والغالبية العظمي ممن هم مصنفين على الفلول . حيث شكل نجاح الفريق أحمد شفيق بمثابة اللطمة القوية للثورة لا سيما وانه كان من أكثر المعارضين لها . والمعضلة الأكبر انه وافر الحظ للتربع علي عرش الرئاسة المصرية خاصة وأن من لا يهوى العيش في أكناف الدولة الإسلامية سيتخذ من شفيق قبلة له . الفريق أحمد شفيق الذي فاجأ الجميع بتأهله للمرحلة الثانية ، لا سيما وأن أغلب التوقعات كانت تتمحور حول الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح و وزير الخارجية المصري السابق عمر موسي اللذان لم يكونا ضمن الثلاثة الأوائل ، وأن المقعد الثالث حسم لصالح مرشح الثورة الأستاذ حمدين صباحي والذي ثبت من خلال النتائج انه الأكثر شعبية خاصة أن حصوله علي هذا الكم من الأصوات جاء في ظل ضعف الأحزاب والحركات اليسارية إلا أن حمدين صباحي استطاع الحصول علي 20% من أصوات الناخبين الواقعين تحت تأثير الماكنة الإعلامية القوية التي تعمل لصالح مرشح الاخوان وشراء الأصوات صالح المرشح المدعوم من رجال وأعوان النظام السابق الذين علي استعداد لدفع مبالغ طائلة للهروب من أي مسائلة في المستقبل . فحصول صباحي علي المركز الثالث جاء نتيجة لإقران الفعل بالقول وتبنيه لمشاكل الفئات الأكثر قهراً وتهميشاً في المجتمع المصري ، تلك الفئات التي حملت صباحي علي أكتافها وأصلته إلي مقدمة الصفوف . ما حصل عليه صباحي من أصوات يفرض علي أحزاب وحركات اليسار تجاوز حالة الحديث عن الأزمة المالية والتعامل معها علي إنها السبب الأساسي وراء حالة الانحدار التي تعيشها تلك الأحزاب والحركات ويجب عليهم أن يدرسوا حالة صباحي وأن يأخذوا العبر من الأسباب الكامنة وراء ما حصل عليه . حمدين صباحي أحد المشاركين بالثورة منذ شرارتها الأولي تبني الدفاع علي الفئات المهمشة التي عانت القهر خلال الثلاثة عقود السابقة فسكن بداخل كل واحد منهم وكان بالنسبة لهم الأب والأخ والصديق . حمدين صباحي قدم نفسه علي جماهيره ببرنامج يعتبر الأكثر واقعية مقارنتاً بالبرامج الأخرى ، فاستطاع بذلك أن يعطي انطباع عن مدى صدقة وانتماءه للشعب والوطن . حمدين صباحي الناصري الجذور ذو الميول اليسارية ، صاحب الشخصية الكرزماتية يجب أن يكون بداية تشكيل التيار الثالث و المنافس بكل قوة للتيارين المعروفين والمتمثلين بالإسلامي والليبرالي . فظاهرة صباحي تستوجب علي كل المعنيين أخذ العبر والإستخلاصات والحفاظ علي هذا التيار وتقديمة للناس بواجهة جديدة بحيث لا تنفصم عن أسباب التقدم التي حققها حمدين صباحي .
#موسى_سرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جزء اخر من مسلسل المصالحة
-
أربعة وستون عام علي النكبة
-
إرادة الأسري في وجه عنجهية السجان
-
غزة مستنقع التماسيح
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|