أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهروز الجاف - وكان الكيّ آخر علاج التبشير في كردستان














المزيد.....

وكان الكيّ آخر علاج التبشير في كردستان


بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)


الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 18 - 23:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد حملت الينا الاخبار أخيرا بأن كل المدرسين الامريكيين في اعدادية (ميديا النموذجية) التبشيرية في مدينة السليمانية، في اقليم كردستان العراق، قد عادوا الى امريكا بعد ان قُتل احدهم على يد احد الطلبة في داخل الفصل الدراسي، والذي اقدم على قتل نفسه ايضا اثناء الحادثة, وجاءت مغادرة المدرسين بعد ان قررت مديرية التربية في المدينة اغلاق المدرسة نهائيا بسبب ذلك الحادث. ان كردستان, وبالاخص جزءها الذي صار اقليما في الدولة العراقية الحديثة, قطن فيها المسيحيون منذ ان ظهرت الديانة المسيحية نفسها، فيما كان معظم الكرد على الديانة الزرادشتية وعقيدة اليارسان الوحدانية قبل الاسلام. وبعد دخولهم الدين الاسلامي في عهد الفتوحات الاولى, نهجوا عقائد مختلفة تمثلت بالفرق الاسلامية المختلفة, وبقي المسيحيون على ديانتهم. لم يذكر التاريخ اية محاولات تبشيرية لمسيحيي كردستان تجاه الكرد المسلمين بجميع فرقهم سواء السنية أو الشيعية أو العلوية أو الديانات الاخرى كاليارسان (اليزيدية والكاكائية والهاوارية و السنجابية والقلمحاج والقلخانية ... وغيرها) أو حتى تجاه اليهود الكرد, وكانوا كثيرين. ولم يلتزم الكرد ابدا نهج دعوة المسيحيين لدخول الاسلام، لا بالقوة ولا بالدعوة ولا بالاكراه, الا ماتزوجوا من المسيحيات اللاتي اسلمن رغبة منهن في احترام ازواجهن. وكذلك فيما بين المسلمين انفسهم لم تكن هنالك اية محاولات لاستمالة افراد طائفة معينة نحو طائفة اخرى الا من تجاذبتهم المدارس الصوفية وكانت ضمن نطاق ضيق غير محسوس. أما اليارسان وكذلك العلويين فأن عقيدتهم لاتدعوا الى الدعوة او التبشير لدينهم مثلما هي عليه اليهودية تماما. وهذا انما يظهر العقلية المتفتحة عند الكرد في نظرتهم للدين وللفرق الدينية. وما نسمعه عن الارساليات والمدارس التبشيرية في بلدان العالم لم يكن له وجود في كردستان, ولا في العراق, لانها غير مستساغة عند العراقيين والكرد اصلا. والأهم من كل ذلك، لم يشر التاريخ الى اي احتكاك طائفي فيما بين الكرد انفسهم، حيث يتناصف الكرد بين السنة والشيعة, بل والاكثر من ذلك فان بلادهم كانت مسرحا لحرب طائفية بين الفرس والعثمانيين لمئات السنين لم تتمكن من أن تزرع فيهم رائحة الكراهية الطائفية على الاطلاق. وبعد تشكيل الادارة الكردية في اقليم كردستان العراق عام 1992, بدت بوادر لحركات تبشيرية غريبة على الواقع الكردستاني تبنتها جهات كانت تعمل ضمن منظمات خيرية أو انسانية او ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء الذي أقره مجلس الامن الدولي ونفذته هيئات المنظمة الدولية في حدود الادارة الكردية. وقد تطورت تلك التحركات بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003, اذ بدأ انتشار غريب لمدارس وجامعات تركية واوربية وامريكية متعددة في محافظات الاقليم, وكان الغرض من المدارس التركية هو التتريك وطمس الشعور القومي عند الأكراد لاغير, أما الاوربية والامريكية فقد كان التبشير بالانجيل هدفها الاكبر. ولان كردستان ليست بلادا فقيرة بمعنى الفقر لكي يكون الدافع نحو عيش رغيد هو المستهدف في اسلوب التبشير, فان الدافع الرئيسي الذي ادى الى ارسال الاسر لاولادهم للدراسة في تلك المدارس هو تعلم اللغة الانجليزية في المقام الاول والسفرات الى خارج البلاد والوعود باكمال دراستهم في اوربا وامريكا في المقام الثاني. ولعل ماشجع الآباء كثيرا في ارسال ابناءهم الى تلك المدارس هو الظاهرة المريبة في اسناد مناصب مهمة في الحكومة الاقليمية لاشخاص لايمتون باية صلة للواقع الكردستاني, بل ولم يكونوا ليشتروا كردستان ولو بفلس واحد حين تركوها واحزانها وهاجروا الى اوربا وامريكا طلبا للغنى والعيش الرغيد, سوى لأنهم عاشوا في اوربا أو امريكا أو لانهم يتكلمون الانجليزية بطلاقة! وعلى هذا الاساس فان الاغنياء والمتطلعين الى السياسة أو الى زعامات مستقبلية هم من ارسلوا ابناءهم لمدارس التبشير, فيما لم يطل ذلك الفقراء من الشعب. وعلى الرغم من ان الكرد لايعيرون، بطبيعتهم، اهمية لتغيير الاديان و الطوائف اذ يبدوا ذلك عقيما عندهم, فقد كان المكسب المنتظر في ضوء مااستفاد منه المقيمون او المتجنسون في الغرب, من دون وجه حق, هو الحافز لتقبل تلك المدارس والجامعات, فان ذلك لم يعني عدم السكوت على تلك الظاهرة التي تكلم في تاثيراتها الاجتماعية المضرة عدد من علماء الدين المسلمين والمثقفين ومناصروا الثقافة الكردستانية, ولكن كل ذلك كان في نطاق محدود, الا ان العرٓض الرئيسي لتلك المدارس كان باديا في الطلبة انفسهم حين اداروا ظهورهم لآمال آباءهم بسبب الازدواجية التي اكتسبوها, بل واصابة بعضهم بانفصام الشخصية بسبب الصراع النفسي الذي تسبب به اختلاط ثقافتين متظادتين في نفس واحدة, وهو الاختلاط الذي لم تعرفه الثقافة الكردية ولا نفسية الفرد الكردي منذ أن عاش على ارضه المعروفة بكردستان. لم تكن هنالك جدوى من معالجة تلك الظاهرة الغريبة على المجتمع الكردستاني برفضها من قبل الطلبة أو من خلال محاربتها من قبل المحافظين على الثقافة الكردية أو الناقمين على (استيراد) الادارات من الغرب, طالما بقيت تلك المدارس بحماية القانون ومطلبا لاولياء الامور المتطلعين (الاغنياء), الى جاء العلاج الاخير, بالكيّ, حين هوى الطالب (بيار) ذي السبعة عشر عاما على مدرسه الامريكي (جرماية), في اللحظة التي كان فيها يصلي بالثالوث, بثلاث طلقات من مسدسه اردته ميتا ومضرجا بدمائه امام الطلبة في موقف ارهب القاتل، فقتل نفسه ايضا، لينتهي فصل التبشير الساذج نهائية ماساوية لاتسر بشرا.



#بهروز_الجاف (هاشتاغ)       Bahrouz_Al-jaff#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة كردية حقيقية من الماضي لم تحدث!
- الشك الامريكي بالعلم مازال مستمرا
- نوروز.. مِقمَعُ النارِ
- في ذكرى الفاجعة, المطالب النرجسية في حضرة ضيوف حلبجة
- عدت أفرق مرة أخرى بين اليمني واليماني!
- دول الخليج والربيع العربي والتغيير المحتمل في الخريطة الجيوس ...
- كلمة (الأنام) دخيلة على العربية
- ويسالونك عن ايران، لِمٓ لها نفوذ في العراق؟
- الحكم على عادل امام ليس اول الدجن ولا آخرها
- في امريكا والعالم العربي، التغيير لا نبتا أخرج ولا زرعا حصد
- فليكن ما يكون، ولكن ماذا سنكون عليه نحن؟
- ديانة (النسخية) الجديدة وثورات جيل الانترنت


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهروز الجاف - وكان الكيّ آخر علاج التبشير في كردستان