أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاروق عطية - الكاميرا الخفية















المزيد.....

الكاميرا الخفية


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 17 - 21:55
المحور: كتابات ساخرة
    


فى البداية أحب أن أعرفكم بنفسى, أنا عمكم أبو العربى, بلغت من العمر ما فوق السبعين, ولكنى لن أبوح فوق السبعون بكم من السنين حتى لا يظن البعض أننى بلغت من العمر أرذله, وما أقوله مجرد تخاريف رجل هك او بعض توهان رجل مسن لا يقدر معنى ما يقول. ومع ذلك فانا لست بهذا الكٍبًر فلم أعاصر الخديوى عبد الشكور أو الخديوى عبد السميع, ولم أعى فحت القنال أو هوجة عرابى ولا مواويل النديم. وما اتذكره أننى عاصرت جلالة الملك المعظم فاروق الاول ملك مصر والسودان فى الصغر, وفى الصبا مشيت فى مظاهرات الاستقلال التام أو الموت الزؤام ولو إنى لا أعرف تحديدا ما هو الموت الزؤام, وهتفت بيحيا الوفد ولو فيها رفد ولو إنى لم أكن وقتها موظفا أخشى هذا الرفد. وعاصرت سلاطين المماليك الجدد فى الشباب, أقصد الجمهوريات فأحيانا يختلط على الأمر بين الجمهوريات وعصر المماليك (فأسميتها جملوكيات) لما بينهما من تشابه من حيث عبرة التاريخ, فقد اتسم عصر المماليك ببقاء السلطان جاسما على عرش السلطانية حتى يقوم عليه مملوك آخر أكثر قوة ويعلقه على باب زويلة ويتسلطن بدلا منه إلى أن يُفعل به كما فًعل هو بسابقه. وهذا أيضا ما لاحظته على عصر الجملوكيات التى عشناها حتى نهاية عصر المخلوع, فقد ظل نجيب فى السلطة حتى اعتقله ناصر وحدد إقامته بقصر زينب الوكيل الذى ظل به حتى توفاه الله. وظل ناصر على عرش السلطانية حتى مات متأثرا بنكسة يونيو التى قضت عليه, أو كما تقول أم العربى فى خبث أنه مات مسموما بنفس السم الذى دسه هو للمشير عامر. بعده تسلم السلطانية أنور السادات وظل متسلطنا حتى اغتيل يوم عرسه فى يوم المنصة الشهير, ثم تسلم السلطانية على طبق من بلور الغير مبارك وظل يدهس فى السلطانية أكثر من ثلاثين عاما أذاقنا خلالها الذل والحاجة وامتص هو وحوارييه وأذنابه كل الخيرات. والغريب أيضا ما سيطر على فكر المخلوع من هلوسات التوريث ليحقق للمدام حلمها بأن تكون زوجة سلطان وأم سلطان, قائلا لنفسه: إشمعنى حافظ بن الأسد ورثّ إبنه سلطانية الشام.. هى جات عندى وعصلجت؟! وكانت أحلامه تلك آخر مسمار فى نعش سلطانيته, وضاع فى الكازوزة يا ولداه.
أحيطكم علما بأننى رجل حالم, أى كثير الأحلام, أحلم بالطبع دائما وانا نائم, واحلم كثيرا وانا مستيقظ, وأحيانا أحلم وأنا أحلم, فيختلط على الأمر فلا أدرى إذا كان ما يحدث أمامى وما أراه حقيقى أو أضغاث أحلام..! كنت أكتب تحت هذا العنوان منذ أعوام بجريدة البلاد, ثم انتقلت أحلامى إلى جريدة عرب ستار وظلت بها حتى تم تغيير رياسة تحريرها وبالتالى تغير مسارها بما لا يتوافق مع أحلامى فتوقفت عن الحلم بها مضطرا, ثم تحولت إلى جريدة الأحداث ومنها إلى جريدة أخبار العرب, وكانت فى كل واحدة أستضدم بأحجار رؤوس غير حالمة فآثرت التوقف عن الأحلام لأُريح وأستريح, ولكن يبدو أن المثل القائل ـ يموت الزمار وصباعه بيلعب ـ مثل صادق وصحيح ولذلك عدت للأحلام من جديد حبا وشوقا لقراء أحلامى الكرام بعد التوقف عن الحلم لما هو أكثر من أربعة أعوام طوال.
منذ أيام جاءنى رئيس التحرير قائلا: يا أبا العربى أنت ممثل الصحيفة لتغطية العرس المصرى المتمثل فى اختيار رئيس جديد لمصر المحروسة ديموقراطيا لأول مرة منذ حكم العسكر (أكثر من ستون عاما), فلفحت الكاميرا المنفاخ العتيقة على كتفى وركبت الناقة وشرخت إلى مصرنا الحبيبة التى لم تظأ أقدامى ترابها المقدس ما يقرب من ثلاثة عشر ربيعا. كنت أتوقع استقبالا حافلا لظنى أننى ساهمت بقسط وافر فى الثورة بكتاباتى المستمرة منددا بدكتاتوية المخلوع ومطالبا بالديموقراطية وشاجبا لأطماعه التوريثية, وظننت أن كتاباتى كانت إحدى محركات ثورة اللوتس لشعب مصر العظيم ونجاح الخلاص من المخلوع. رحت فى طريقى والناقة تخب بى قاطعة الفيافى والمحيطات أستعرض الأحداث وأرسم صورة وردية للمستقبل, ولكن كانت المقدمات محبٍطة فهل تجيئ النهايات بما هو خير؟؟ كنت أظن أن المجلس العسكرى سيكون صمام الأمان لتحقيق حلم الحكم المدنى الليبرالى, ولكن للأسف أضاع كل الآمال بسماحه للقتلة والأفاقين بالعودة إلى مصر مستقبًلين كما يُستقبل الأبطال. ثم أوكل تعديلات الدستور للجماعة التى كانت محظورة فانحرفت بالتعديلات وأشاعت أن من يقول نعم يقولها لنصرة الله والإسلام ومن يقول لا هو يقولها للكفر وعصيان تعاليم القرآن, وانتصروا فى غزوة الصناديق. تلا ذلك انتخابات برلمانية غير شريفة استخدمت فيها المساجد والزوايا للدعاية, والرشوة بالمال وأكياس الأرز والسكر وزجاجات الزيت ووجبات الكشرى والكباب لشعب فقير معدم مستعد لبيع صوته وضميره لمن يسد جوعته, واكتسح المتأسلمون مجلسى الشعب والشورى. ولم يكتفوا بذلك ولكن أطماعهم لم تقف عند حد. يريدون السلطات جميعها تشريعية وقضائية وتنفيذية والرياسة إن أمكن, مستخدمين أساليب التقية التى يجيدونها فالكذب عندهم للوصول للتمكين لا يعتبر جريمة بل هو وسيلة متاحة للوصول وبعدها سلم لى على الديموقراطية أم تقلية. راينا من يستعرض عضلاته الدينية فى المجلس ويقيم الأذان, ومن يفتى بمنع تدريس اللغة الإنجليزية لأنها سبب الإستعمار, وطالب آخر بإلغاء قانون الخُلع فردت عليه عضو منتقبة تطالب بمنع قانون التحرش وكأنها تعشق التحرش ولا تسلاه, وآخر يجمّل أنفه ويدعى أن البلطجية قد اعتدو عليه وحطموا أنفه وسرقو ما كان معه من آلاف الجنيهات, ويتضح كذبه فلا يخجل. وضاعت بينهم أحلام شباب الثوار وأحلام شعب يبحث عن الخلاص من المعاناة. وحاولوا السيطرة على لجنة وضع الدستور حتى يمتطوه لخدمة مآربهم ونحمد الله أن مجلس القضاء الأعلى رفض رغبتهم وأقر بأن لجنة وضع الدستور لابد أن تمثًل بكل فئات المجتمع حتى يخرج ممثلا لآمال الجميع.
وبدأت معركة اختيار رئيس للجمهورية وبلغ عدد من تقدموا لهذا المنصب الرفيع أكثر من 350 فردا منهم المصوراتى والقرداتى وبتاع التلات ورقات والحرامى والقواد وعاشق الحمار. حتى الجادون منهم كانوا أيضا أفاقين, منهم من كذب وادعى أن أمه مصرية وهى حاصلة على الجنسية الأمريكية, وآخر كذب وأنكر أنه متهم فى جريمة جنائية رغم أنه مرشع الجماعة, وآخر متهم بالتزوير فى أوراق رسمية, والآخرين من بين فلول العهد البائد وحاملى مباخر العهد المباركى المقيت. أما من هم جادون وثوريون للأسف شعبيتهم محدودة والوقت أمامهم ضيق حتى يعرف الشعب هويتهم, وبذلك تكون النهايات غير مبشرة ونسأل الله العون والسداد.
أفقت من تأملاتى وأقدامى تطأ أرض المحروسة, فأنخت الناقة ونزلت, وسجدت على الأرض أشم أريجها وأقبل ترابها. أحسست بيد عفية تمسك بكتفى وتشدنى بعنف كاد معه كتفى أن ينخلع, وصوت الباشا بتاع مباحث أمن الدولة الذى لم أنس صوته يقول لى: بلاش تمثيل يا روح امك وتعالى معى. قلت له : كان زمان يا باشا إحنا الآن فى عهد الثورة. فضحك بصوت مجلجل وقال فى سخرية: هو انت فاكر إن الثورة دى ثورة بحق وحقيق؟.. فوق يابنى دى كانت حلقة من حلقات الكاميرا الخفية وخلاص هنزيع. وحُملت عنوة إلى سراديب مباحث أمن الدولة الرهيبة. حاولت التملص قائلا: أنا مواطن كندى ولن أتكلم إلا فى وجود السفير. نظر إلى بكبرياء وقال: هنا مفيش سفير ولا غفير ومحدش هيعرف لك طريق جُورة. ثم نادى بصوت جهورى لأحد زبانيته المدعو عوض الله قائلا له: إكرمه يا عوض. ولم يكذّب عوض الله خبرا وكان شديد الكرم, فعاجلنى بلكمة من قبضته الفولاذية حطمت فكى ونثرت أسنانى على الأرض وانطلق شلال من الدم من أنفى فصرخت من شدة الألم. وأفقت على أم العربى تنظر إلى فى شفقة قائلة: هى رجعت لك الكوابيس من تانى؟ ما كنا نسينها من زمان..!!



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى الثالثة لمذبحة الخنازير
- وطن يعيش فينا
- موسى وإشكالية العبور
- إسرائيل بين حقائق التاريخ وشطحات المؤرخين
- بين موسى وإخناتون .. وفبركة التاريخ والجغرافيا
- حكايتى مع النظام 2-( محمد نجيب)
- أنا لست إمبرياليا ولكن
- حكايتى مع النظام:1 (الملكى)
- جاليتنا المصرية إلى أين؟
- ملكى أكثر من الملك
- أنا كافر ولى الفخر
- سلفى بدون لحية منكوشة وجلابية
- رسالة تنوير للسيد المشير
- حمارى وانا حرّ فيه
- الأخوان بين هتك العرض وتبويس اللحى
- القطط كمان وكمان
- محاكمة العصر
- حكايتى مع القطط
- فرُقع لوز الأراجوز
- تعبيرات خاطئة نعيش عليها


المزيد.....




- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاروق عطية - الكاميرا الخفية