أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - قاسم والمالكي بين زمنين، التشابه والاختلاف















المزيد.....

قاسم والمالكي بين زمنين، التشابه والاختلاف


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 17 - 00:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظهرت في الآونة الأخيرة مقالات وتعليقات يشبِّه فيها كاتبوها السيد نوري المالكي بالزعيم عبدالكريم قاسم. وأنا شبهتُ في عدة مقالات المرحلة الحالية بمرحلة 14 تموز 1958 من حيث تكالب أعداء العراق على الحكومة العراقية. لقي هذا التشبيه قبولاً من البعض ورفضاً من البعض الأخر. ومن مقالات المقاربة بين المالكي وقاسم، هو مقال الأستاذ وليد العبيدي، بعنوان (نوري المالكي وعبد الكريم قاسم بين زمنين)، يليه تعقيب من الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي مؤيداً. بعد قراءتي لهذين المقالين وجدت أن هناك فسحة لأدلي بدلوي وأضيف ما عندي حول هذا الموضوع متجنباً التكرار على قدر الإمكان.

فالمعروف أن الزعيم عبدالكريم قاسم لم يختف عن الذاكرة العراقية، بل هو الأكثر من أي زعيم آخر في دول الشرق الأوسط في التاريخ الحديث، حظي باهتمام الكتاب والمؤرخين، فكتبوا عنه عشرات الكتب، وآلاف المقالات، فهو بحق الحاضر دائماً. وسبب احتلال الزعيم عبدالكريم قاسم لهذه المكانة بين محبيه وخصومه على حد سواء، هو أنه كان مثالاً في الاخلاص الوطني والنزاهة ونظافة اليد، وحبه للشعب وبالأخص الفقراء. فخلال حكمه القصير (أربع سنوات ونصف) حقق منجزات عظيمة للشعب ضعف ما حققه العهد المالكي في أربعين سنة وخاصة في مجال التعليم، وقُتِلَ بخسة على أيدي رفاق الأمس، وهو لا يملك بيتاً ولا عقباً من صلبه، ولا أموالاً منقولة أو غير منقولة إذ كانت كل ملكيته حوالي دينار ونصف بشهادة أحد خصومه في حياته، وهو السيد حسن العلوي الذي راح إلى مصرف الرافدين بعد مصرعه، ليتأكد من ثروته، بل ولم يحصل قاسم حتى على قبر يحتضن جثته الممزقة بالرصاص، خوفاً من أن يصبح قبره مزاراً للشعب.

ولهذه الأسباب صار قاسم رمزاً للوطنية والنزاهة، والمقياس لاخلاص ونزاهة الرؤساء الذين جاؤوا من بعده. وبما أن ما يجري في العراق الآن يشبه ما جرى خلال حكومة ثورة 14 تموز، من تآمر وتكالب عليه، لذلك صار من المنطقي مقارنة مرحلتنا الحالية بعد 2003، بمرحلة 14 تموز، ومقارنة السيد نوري المالكي بالزعيم عبد الكريم قاسم.

يستكثر البعض هذا التشبيه ولا يجد وجهاً للمقارنة، وخاصة من قبل اليساريين، السابقين والحاليين. ولكن الحقيقة تقع بين طرفي المعادلة. ففي السياسة ليس هناك خط فاصل بين الأسود والأبيض، بل هناك منطقة رمادية نتيجة اختلاط وتداخل الظروف والتناقضات. وعليه أرى أن هناك نقاط تشابه واختلاف بين الزمنين والشخصيتين، والسياسي الحصيف هو الذي يتصرف وفق متطلبات المرحلة ولا يقع ضحية الجمود العقائدي، والتقليد الببغاوي.

نقاط التشابه
الجماعات السياسية التي ناصبت العداء لقاسم بالأمس بدءً بالبعثيين والقوميين وصراعاتهم مع الشيوعيين، وبعض الزعامات الدينية، والحركة الكردية التي حققت في عهد قاسم مكتسبات لا يستهان بها نسبياً قياساً بتلك المرحلة، وكذلك تكالب دول الجوار، وبالأخص السعودية ولأسباب طائفية معروفة، هي نفسها التي تناصب العداء لعراق ما بعد 2003 ولشخص السيد نوري المالكي بالذات، وتعمل على إسقاطه، وإفشال العملية السياسية. فلو راجعنا ما يجري من تآمر من مختلف الجهات وبالأخص الدول الخليجية مثل السعودية وقطر، ودعمهم الكبير لكتل سياسية رضيت أن تكون مطية لهم لمصالح شخصية وفئوية على حساب مصلحة الشعب، من أمثال طارق الهاشمي وأياد علاوي وصالح المطلق، هم أنفسهم الذين شاركوا، وبدعم من تلك الدول في الإطاحة بحكم قاسم في 8 شباط 1963، وإدخال العراق في نفق مظلم لحد الآن.
كان الزعيم قاسم منحازاً إلى الفقراء، وكذلك السيد نوري المالكي، ولكن المرحلة تتطلب الكثير، خاصة والعراق يواجه الإرهاب البعثي الوهابي الشرس، المدعوم من السعودية وقطر، حيث صار ديدنهم هدم أي تحسن في الوضع الأمني أو توفير الخدمات، لكي يلقوا اللوم على الحكومة أو بالأحرى على السيد المالكي وحده، وكأنهم ليسوا شركاء في "حكومة المحاصصة".

لقد ناصبت الجهات المختلفة قاسماً العداء، لا يجمعهم أي جامع سوى العداء للشعب العراقي وعبدالكريم قاسم، وعملت على إسقاطه بتهمة الانحراف بالثورة. ومعنى الانحراف هنا يختلف عند هؤلاء وحسب أيديولوجياتهم وانتماءاتهم واختلاف أغراضهم.
* فالبعثيون والقوميون يقصدون بانحراف قاسم أنه رفض قيام الوحدة العربية، والتي لم تكن من أهداف ثورة تموز، وذلك لإصرار قاسم على عدم إلغاء الدولة العراقية وجعلها محافظة تابعة للجمهورية العربية المتحدة التي ولدت فاشلة ثم ماتت فيما بعد. كما وقد أثبت التاريخ أن القوميين العروبيين لم يكونوا صادقين برفعهم شعار الوحدة الفورية، بل اتخذوا من هذا الشعار ذريعة لإسقاط حكومة الثورة، بدليل أنهم عندما اغتصبوا السلطة تنكروا للوحدة، وحتى دمروا التضامن العربي بحدوده الدنيا.
* الانحراف بالنسبة للشيوعيين، أن قاسماً رفض إعلان الشيوعية، وأن يكون كاسترو العراق كما كانوا يتمنون.
* وبالنسبة للقوميين الأكراد، رفض قاسم إنفصالهم، وبشهادة السيد مسعود البارزاني، وبعد خراب البصرة، أن عبد الكريم قاسم كان مخلصاً في حبه لشعب الكوردي، وقدم الكثير، وكان ممكناً تجنب الثورة عليه أو الحرب ضده.
* أما الانحراف وفق مفهوم المرجعيات الدينية، والدول الغربية فأن عبدالكريم قاسم هو شيوعي وعما قريب سيعلن النظام الشيوعي، ويصبح العراق تابعاً للاتحاد السوفيتي!!. وهكذا تهمة لا بد وأن تكون خطيرة أيام الحرب الباردة. أما اليوم فالتهمة تغيرت إلى كون المالكي شيعي صفوي تابع لإيران، وصار العراق مستعمرة إيرانية!!.

وقبل هذا، كان البعثيون الطائفيون وحلفائهم الوهابيون يشنون حرب الإرهاب على الشعب بحجة مقاومة الاحتلال الأمريكي، ولما أصر المالكي على انسحاب القوات الأمريكية نهاية عام 2011، لكي لا يبقى عذر لدى هؤلاء لمواصلة إرهابهم، أعلن الإرهابيون شعاراً جديداً لهم وهو محاربة "الاحتلال الصفوي". ولم يكن غرض الإرهابيين من الارهاب محاربة قوات الاحتلال على حد زعمهم، بل هو حرب الإبادة ضد الشيعة. والمقصود بمحاربة "الاحتلال الصفوي" هو مشاركة شيعة العراق في الحكومة تتناسب مع ما تفرزه صناديق الاقتراع، وفي عرف هؤلاء لا يجوز للشيعي أن يترأس مجلس الوزراء. وهذا الموقف لا يعتبر طائفياً في عرفهم، بل من الطائفية أن يشارك الشيعة في السلطة، ولهذا السبب اخترعوا عبارة (حكومة المحاصصة الطائفية) ولم يتخلص العراق ما بعد صدام من هذه التهمة إلا بحرمان الشيعة من هذه المشاركة الفعالة، أو يقوم المشارك الشيعي بمعاملة الشيعة كمواطنين من الدرجة الثانية. هذه السياسة يرفضها المالكي، كما حاول الزعيم عبدالكريم قاسم التخلص من التمييز الطائفي تدريجياً إبتداءاً بقبول الشيعة في الكليات العسكرية بدون تمييز، الأمر الذي اعتبره الطائفيون تجاوزاً لخط أحمر، لذا انتقموا منه شر انتقام.

نقاط الاختلاف
أن الزعيم قاسم جاء إلى الحكم عن طريق انقلاب عسكري الذي حوَّله الشعب بعد ساعات إلى ثورة حقيقية، بشهادة الباحث حنا بطاطو، والمستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون، وكان قاسم قد شكل لجنة من المتضلعين بالقانون برئاسة الراحل حسين جميل لكتابة الدستور الدائم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل العيد الخامس للثورة، ولكن سارع القوميون بإنقلابهم، لعلمهم بأن الديمقراطية ليست في صالحهم، وكان ما كان. بينما جاء نوري المالكي إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، وهذه نقطة في صالحه. ينكر البعض شرعية وجود المالكي لرئاسة الحكومة قائلاً أن أمريكا جاءت به، وهذا خطأ، لأن حزب المالكي (الدعوة) رفض التدخل الأمريكي في إسقاط حكم البعث، ولكن بعد إسقاطه، صار أمام الأمر الواقع، فمن الوطنية أن تشارك الأحزاب في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، إضافة إلى أن المالكي استلم رئاسة الحكومة عن طريق الانتخابات. والذي ينكر هذه الحقيقة ينكر على العراقيين حقهم في الديمقراطية كأفضل آلية للتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع.

يرى البعض أن مجرد قول الحقيقة هو انحياز للمالكي، وهذا اعتراف منهم على أن سياسة المالكي صحيحة، لذلك يعمدون إلى التلفيق وكيل الاتهامات الباطلة ضده. فقد أثبت الواقع أن المالكي هو رجل المرحلة وأكثر من غيره استيعاباً لشروطها، والأكثر حرصاً من منافسيه على وحدة العراق، بشهادة السيد عدنان عليان، أحد قياديي كتلة "العراقية". فالمالكي صهرته الظروف وتعلم كثيراً خلال السنوات الست الماضية التي ترأس خلالها الحكومة.

أسباب فشل خصوم المالكي في الإطاحة به:
1- إن خصوم المالكي الحاليين هم، البثعيون، والشيوعيون والبارزانيون، إضافة إلى فلول الإرهاب الوهابي. فهؤلاء مازالوا يعيشون بنفس عقلية أيام ثورة 14 تموز، وعقلية الحرب الباردة، بينما الدنيا تغيرت رأساً على عقب، وتتطلب تكتيات واستراتيجيات جديدة.

2- الجيش العراقي اليوم لم يكن حكراً على طائفة معينة كما كان قبل 2003، فعهد الانقلابات العسكرية قد ولى وإلى الأبد. وأفضل عمل حصل بعد 2003 هو حل الجيش القديم الذي حوله صدام إلى جيش مؤدلج بأيديولوجية البعث، إذ لم يكن بالإمكان مطلقاً إقامة نظام ديمقراطي بوجود جيش مسيَّس ومؤدلج ومتشبع بروح الانقلابات العسكرية. ولذلك كان حله صحيحاً، وحتمياً، وبناء جيش جديد غير مؤدلج وغير مسيس، متشرب بثقافة احترام الحكومة المدنية المنتخبة.

3- إن الصراعات بين خصوم المالكي أشد من صراعاتهم مع المالكي، ولذلك لم يفلح هؤلاء في الاتفاق على بديل يحظى بقبول الأغلبية المطلقة في البرلمان.

4- حصل تطور سريع في التنظيمات السياسية خلال السنوات الأربع الماضية، وبالأخص في الجبهة الكردستانية. فعائلة البارزاني لم تعد تحتكر قيادة الشعب الكردي كما كان في عهد الزعيم قاسم حيث كان الملا مصطفى بارزاني يحظى بزعامة روحية وسياسية على الشعب الكوردي، فاليوم هناك حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة السيد جلال طالباني (رئيس الجمهورية)، وحزب التغيير برئاسة السيد أنوشروان مصطفى، إضافة إلى أحزاب دينية تتمتع بشعبية لا يستهان بها بين الكورد، وهؤلاء لم يوافقوا السيد البارزاني في محاولاته الانفصالية وتصريحاته المعادية للمالكي.
كذلك كتلة "العراقية" بقيادة أياد علاوي، أنشق عنها عدد كبير من النواب وشكلوا كتلاً أخرى مثل، العراقية البيضاء والحرة وغيرهما.

5- لقد أخطأ السيد مسعود بارزاني في فهم المناخ السياسي في الغرب وبالأخص في أمريكا. ففي عهد قاسم كانت أمريكا تخاف من الهيمنة الشيوعية على العراق، وكذلك كان شاه إيران والسعودية، أما اليوم فالخطر الشيوعي قد انتهى، وإيران لم تعد عدوة للحكومة العراقية، وحتى تركيا أبدى رئيس وزرائها أردوغان تراجعاً كبيراً عن تصريحاته الشائنة قبل فترة ضد المالكي، واعترف بدور العراق في إلحاق الهزيمة بالإرهاب، وأن العراق يعتبر قوة ضاربة للإرهاب في المنطقة. لذلك فلما راهن بارزاني على موقف الغرب وبالأخص أمريكا في محاولة له لإعلان الدولة الكوردية بمناسبة عيد نوروز 12/3/2012، جاءته رسالة من الرئيس أوباما ونائبه بايدن، ينصحانه بعدم اعلان الانفصال عن الدولة العراقية، وإلا فأمريكا ستنفض يدها من دولة بارزاني. وبارزاني يعرف ما سيكون عليه مصير دولته بدون الدعم الأمريكي.
أما الرئيس الطالباني، فقد كسب خبرة لا تقدر في السياسة، حيث يعرف كيف يحافظ على شعرة معاوية مع الأطراف المتصارعة وفي مختلف الظروف.
كذلك يجدر بنا القول أن المحاولة التي نجح بها التحالف الكردستاني في اسقاط حكومة الجعفري عام 2005، سوف لن تتكرر مع المالكي، ويبدو أن السيد مسعود بارزاني لم يستوعب الدرس بعد، فهو مازال في عقلية الماضي الغابر معتقداً أنه يستطيع اسقاط حكومة بغداد متى ما شاء.

6- أما الشيوعيون وبعض التنظيمات اليسارية، فقد استغفلتهم بعض القوى وجعلت منهم رأس الحربة للصدام مع حكومة المالكي وهم في غنى عن ذلك. فمشكلتهم أنهم اعتمدوا على شعارات اعتقدوا أنها ستكسبهم شعبية واسعة، مثل شخصنة مشاكل العراق بشخص المالكي، وترديد عبارات مثل: حكومة المحاصصة الطائفية، والبطالة، والفساد، ونقص الخدمات، وأزمة الكهرباء...الخ، كل هذه الشعارات فقدت بريقها، وأثبتت فشلها، إذ شعرت الجماهير بحسها الفطري أن هؤلاء يتاجرون بمأساتها، وليست لديها أية حلول بديلة ناجعة للأزمة الراهنة، وإنما غرضهم من ترديد هذه الشعارات وتنظيم التظاهرات هي تصفية حسابات لا غير، لذلك فشلت هذه الجهات فشلاً ذريعاً وخسرت جماهيريتها أكثر، لذلك عندما ننظر إلى عدد المشاركين في التظاهرات الاحتجاجية التي يدعو لها الشيوعيون وأصدقاؤهم نعرف أن هذه الكيانات السياسية قد انتهى دورها في التأثير على السياسة العراقية وعلى الشارع العراقي بشكل مزري.

7- حصل اصطفاف عجيب في تحالف غير معلن بين كتلة "العراقية" والشيوعيين والبارزانيين في كيل الاتهامات ضد المالكي بالدكتاتورية والانفراد بالسلطة وتشبيهه بصدام!! نفس الاتهامات التي كا يلوكها صالح المطلك وأياد علاوي. ففي الوقت الذي نرى فيه صحافة الشيوعيين وحليفتهم صحيفة المدى، ينشرون ليل نهار اتهامات باطلة ضد المالكي بالذات، وتحميله مسؤولية أية عملية اغتيال لصحفي مثلاً إذ يسارع هؤلاء بتدبيج مقالات مثل(ابحثوا عنهم في معطف الحكومة .. القتلة). بينما تغض هذه الصحف الانتهاكات السافرة التي حصلت وتحصل في كردستان، مثل اختطاف واغتيال الصحفي الشاب سردشت عثمان، وسجن المؤرخ الكوردي والاستاذ الجامعي كمال سيد قادر، الذي تجرأ قبل علامين فانتقد ما يجري من انتهاكات في كردستان على أيدي عائلة مسعود بارزاني، فسجن 30 سنة في محاكمة لم تستغرق أكثر من عشر دقائق وفق ما جاء في إعلام الخارج. وفي العام الماضي تجرأت الجماهير في السليمانية فقامت بمظاهرة احتجاجية ضد البطالة وغيرها من الأزمات، فقوبلت بالرصاص من قبل سلطة الإقليم راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى. هذه الانتهاكات وغيرها كثير تحصل في اقليم كردستان، وقد أثارت استنكاراً دولياً واسعاً ولكنها لم تحرك رمشاً لدى الصحافة الشيوعية وكتاب صحيفة المدى. لنتصور ولو للحظة واحدة، لو حصل في بغداد ما حصل في كردستان من انتهاكات فماذا كانت ردود أفعال هؤلاء؟
واليوم أفادت الأنباء عن جريمة مروعة حصلت في سجن في أربيل على أيدي جهاز الاسايش (الامن) مفادها: "كان (زانا حمه صالح) القيادي في حزب طالباني وقائمقام قضاء مركز السليمانية الذي لقي حتفه مساء امس السبت (14/4/2012) في زنزانته بسجن جهاز الاسايش (الامن) في ظروف غامضة".
فهل سيستنكر هؤلاء ما جرى في كردستان من انتهاكات أم يعاملون الأمور بمعيارين، معيار خاص للحكومة المركزية، وغض الطرف عما يجري من انتهاكات في كردستان؟

ومن جانب آخر، يعرف الجميع أن سيدة محسوبة على الشيوعيين، تحدت المالكي بحضوره في مؤتمر دولي عقد في بغداد في العام الماضي، وذهبت إلى بيتها آمنة سالمة دون أن يمسها أحد بسوء، بل ونالت جوائز دولية على تحديها لرئيس وزراء بلدها. والسؤال هو: ماذا كان مصيرها لو قامت هذه السيدة بنفس العمل ضد جلال طالباني أو مسعود بارزاني أو حتى طارق الهاشمي وأياد علاوي وغيرهم من قياديي العراقية؟ الجواب معروف، ومع ذلك يتهمون المالكي بأنه دكتاتور أسوأ من صدام. فأين الحقيقة من كل هذه الاتهامات؟.
ولذلك خسر هؤلاء مصداقيتهم أمام الجماهير، بينما راحت شعبية المالكي في ازدياد، والانتخابات القادمة ستؤكد صحة ما نقول.

خلاصة القول، نعم هناك نقاط تشابه بين السيد نوري المالكي والزعيم عبدالكريم قاسم، وكذلك نقاط اختلاف بينهما. كذلك هناك تشابه بين المرحلتين التي تتمثل في تكالب دول الجوار، ونفس القوى السياسية الداخلية التي ناصبت ثورة تموز وقائدها العداء. أما نقاط الاختلاف بين المرحلتين، فهي في صالح العراق، وأهمها سقوط نظام الشاه، وانتهاء مرحلة الحرب الباردة، فأمريكا (الدولة العظمى)، والدول الغربية الأخرى لم تعد في حالة عداء مع العراق بل تريد له خيراً والمزيد من الاستقرار والتقدم. ونحن متفائلون بمستقبل العراق، فالعراق الذي كان يصفه أعداءه بأنه يحتل المرتبة الثانية بعد الصومال في قائمة الدول الفاشلة، نجح في دحر الإرهاب بحيث استطاع استضافة عقد مؤتمر القمة العربية في بغداد رغم محاولات إفشالها، ونال العراق الثناء والتقدير من الأمين العام للأمم المتحدة، والرئيس الأمريكي وقادة الوحدة الأوربية، والزعماء العرب، بل واختيرت بغداد لتستضيف اللقاء القادم بين ايران ودول (5+1) حول برنامج طهران النووي. وهذا دليل على نجاح قادة العراق المخلصين في إنجاح العملية السياسية ودحر الإرهاب. ولكن، كما قال السيد نوري المالكي، أن بعض السياسيين العراقيين يغيظهم تحقيق أي نجاح في العراق.
ـــــــــــــــــــ
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعوة للتطهير العرقي جريمة ضد الإنسانية
- حول تزييف التواقيع ومداهمة مقر طريق الشعب
- الإيمو، الوجه الآخر للحملة -الوطنية- لتدمير الدولة العراقية( ...
- حول اضطهاد الحزب الشيوعي العراقي من قبل الاستخبارات العراقية ...
- الحملة (الوطنية) لتدمير الدولة العراقية(1-3)
- هل تعيد أمريكا السيناريو الأفغاني في سوريا؟
- لماذا يغيِّر المثقفون قناعتهم؟*
- حول توزيع الموارد النفطية على الشعب؟
- الشباطيون الجدد.. إلى أين؟
- الهاشمي لعب دور حصان طروادة بامتياز
- الصديق رياض العطار في ذمة الخلود
- دكتاتورية الشيعة وتهميش السنة، وهم أَم حقيقة؟
- حول ماكنة الدعاية البعثية الغوبلزية في التضليل
- من المستفيد من الإيقاع بين التحالفين الوطني والكردستاني؟
- هل يجوز الحياد بين الإرهاب وضحاياه؟
- الشباطيون يعودون لانقلاب دموي جديد
- محاولة لفهم العلمانية
- العراق وأمريكا، نحو علاقات متكافئة وقوية
- بشار الأسد في نقطة اللاعودة
- فوز الإسلاميين، نعمة أَمْ نقمة؟


المزيد.....




- تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد ...
- قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
- وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا ...
- مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو ...
- الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر ...
- مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
- شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها ...
- -نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام ...
- ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
- الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - قاسم والمالكي بين زمنين، التشابه والاختلاف