أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسنين السراج - التجرد والتجديد...فضل الله وحسن المالكي نموذجين















المزيد.....



التجرد والتجديد...فضل الله وحسن المالكي نموذجين


حسنين السراج

الحوار المتمدن-العدد: 3688 - 2012 / 4 / 4 - 17:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- السنة والشيعة
- المستبصرين والمهتدين
- التجرد والتجديد ... فضل الله والمالكي نموذجين
- فضل الله وقبول الاخر
- حسن المالكي وقبول الاخر
- الفقيه الانسان
- ماذا لو كانا يمثلان أغلبية ؟


السنة والشيعة

السنة والشيعة قصة قديمة بدأت في يوما ما منذ زمن طويل ولا زالت مستمرة . لكنها قصة مملة ومضجرة و الحديث عنها وعن تفاصيلها يثير الاعصاب ويوتر الاجواء في كثير من الاحيان وذلك لعمق المشاعر المذهبية وتاصلها وانحياز الفرد لمذهبه الذي يشكل جزء اصيل من شخصيته . المشكلة في الاساس تكمن بوجود تاريخين متوازيين وكل مذهب ينهل من تاريخ يختلف عن الاخر . نعم هناك مشتركات ولا يمكن نكران ذلك لكن هذه المشتركات ليست هي مصدر المشكلة . المشكلة تكمن في الاختلافات حتى لو كان نسبتها 10% . الكتاب المشترك الوحيد الذي يعتمد عليه السنة والشيعة معا هو القران لكنهم يختلفون في تفسير وتأويل الكثير من اياته ولا يوجد كتاب اخرغير القران مشترك للفريقين . فكل مذهب له رجاله وله كتبه . المشتركات موجودة سواء كانت في قراءة التاريخ أو في الفقه او في العقائد لكن كل مذهب له كتبه التي يعتمد عليها ويثق برجالها .

حين يستدل مذهب على المذهب الاخر بادلة تثبت ادعائه من كتب المذهب المخالف فلن تجد دائما من يقول لك ( أهاااا أفحمتني لم أكن أدري ان ما تدعيه موجود في كتبي ) فالموضوع ليس بهذه البساطة الموضوع أكثر حساسية وأكثر قوة واصالة في كيان الانسان من أن ياتي شخص يقول لاحدهم (ما نقوله عن الشخصية الفلانية من مثالب موجود في مصادركم ) .

لو جاء سني الى شيعي وقال له أن ما نقوله عن الموضوع الفلاني وتنكروه موجود في بحار الانوار . ولو جاء شيعي الى سني وقال له أن ما نقوله عن الموضوع الفلاني وتنكروه موجود في صحيح البخاري . لو ذهب وتفحص ووجد ان أدعاء الاخر صحيح فسيبحث عن مخرج من هذا المأزق وأذا لم يجد مخرج فسيقول بكل بساطة :
( هل من المعقول أن يمر أكثر من ألف عام على وجود هذا الحديث في الكتب ولم ينتبه له رجال الدين على مر العصور ؟؟؟ بكل تأكيد مرعليهم ولم يجدوا فيه مثلبة أو منقصة على المذهب وبكل تأكيد له تفسير مختلف عن الظاهر. وهل يعقل أني أفهم أكثرمن الاف الشيوخ الذين مرعليهم هذا الحديث وسكتوا عنه؟؟؟ قطعا لا . بكل تاكيد هناك مخرج وألا لكان رجال الدين توقفوا عنده واعادوا النظر في اعتناقهم للمذهب . فهم طلاب حقيقة وصادقين مع أنفسهم وليس من المعقول ان يشاهدوا مثلبة على المذهب ويسكتوا عنها )

قلة قليلة هم من يعيدون النظر بشكل مجرد وصادق بما يعتقدون به دون الاتكاء على أستنتاجات وتأويلات رجال الدين . المشكلة تكمن في ان المذهب جزء اساسي من الهوية الذاتية للانسان ويحاول دائما الانتصار له بشتى السبل ومن الصعوبة بمكان التجرد من العاطفة المذهبية والبحث بتجرد وصدق مع الذات.
المعظلة الكبرى هي في القراءة المختلفة للاحداث التاريخية . فكل مذهب له قراءة مختلفة عن المذهب الاخر ومثال على ذلك لنأخذ شخصية محورية وهي شخصية الخليفة عمر أبن الخطاب فهو في التاريخ السني من رجال الله ومن اصحاب النبي المخلصين والخليفة الثاني المعروف بالعدل والمعروف بالبساطة والتواضع . لكن في التاريخ الشيعي الصورة مختلفة تماما فهناك عمر اخر فهو مغتصب الخلافة وقائد المؤامرة . المشكلة عويصة فليس ذنب السني أنه وجد في تاريخه أن عمر الخليفة العادل وليس ذنب الشيعي أنه وجد في تاريخه ان عمر هو الخليفة الذي أغتصب الخلافة .

كلا منهما وصف له تاريخه عمر مختلف تماما عن الاخر لذلك التصادم مؤكد وحتمي لو كان النقاش يدور حول شخصية الخليفة عمر أبن الخطاب . قد يعتقد الشيعي أن السني يعلم علم اليقين أن عمر هجم على دار الامام علي وكسر ضلع السيدة الزهراء لكنه يحبه وغير مكترث لما فعله وقد يعتقد السني أن الشيعي يعلم علم اليقين أن عمر هو خليفة الله ورسوله ويعلم أنه مخلص للدين لكنه يكرهه لشخصه . المشكلة معقدة فحتى لو جاء الشيعي بدليل من كتب السنة يثبت فيه مثلبة على عمر وبالدليل القاطع فسيجد ان هناك مليون تأويل وتفسير يجعلها تبدو منقبة ولو جاء السني بدليل من كتب الشيعة يثبت منقبة لعمر فسيجد هناك مليون تاويل وتفسير يجعلها تبدو مثلبة . هناك خطوط عريضة رسمتها أمهات الكتب لدى الفريقين لهكذا شخصيات ولا يمكن أن تنسف هذه الصورة مجموعة من الروايات أو الاحاديث المناقضة لهذه الصورة .
لا نتحدث هنا عن الحقيقة أين هي ومع من . نتحدث هنا عن التعايش السلمي وفهم الاخر وتفهمه . الطرفان يمثلان وجه من وجوه الحقيقة . فالشيعي جاء لهذه الحياة ليجد نفسه شيعيا والسني جاء لهذه الحياة ليجد نفسه سنيا . ولو أخذنا طفل مولود حديثا في مدينة كربلاء وأعطيناه لعائلة سنية تعيش في سامراء لاصبح سنيا ولو أخذنا طفل من مدينة سامراء وأعطيناه لعائلة تعيش في كربلاء لأصبح شيعيا . قلة قليلة هم من يبحثون بتجرد ويختارون طريق اخر غير الطريق الذي وجدوا مجتمعهم يسير عليه .


المستبصرين والمهتدين

الحوارات العقائدية التي تجري في القنوات الفضائية او في الانترنت بين السنة والشيعة هي في الواقع تجري بين السلفيين الذين يتحدثون باسم السنة وبين الشيعة . وقلما تجد مناظرة بين سنة وشيعة . معظم المناظرات تجري بين سلفي وشيعي . وتمكن السلفيين بدهاء من اكتساح الساحة وكسب جمهور السنة وتعريف أنفسهم على أساس أنهم سنة . ويتجنبون دائما الحديث عن المواضيع التي تبين مدى أختلافهم عن السنة خصوصا في موضوع (ماهية الله ) . ويركزون في نقاشاتهم على مواضيع تدغدغ جمهور السنة مثل ( الدفاع عن امهات المؤمنين – الدفاع عن الصحابة – الدفاع عن النبي ... وغيرها ) ومن خلال ذلك نجحوا في ايهام السنة على انهم سنة مثلهم بل هم ممثلي السنة الحقيقية .

من يتحول من المذهب الشيعي الى المذهب السني يسمى في اصطلاحات التبشيريين السلفيين (المهتدي) ومن يتحول من المذهب السني الى المذهب الشيعي يسمى في أصطلاحات التبشيريين الشيعة ( المستبصر) وهو في الواقع يتحول في كل شيء تقريبا كمن خرج من بناية ودخل الى أخرى فهو يلتزم بجميع العقائد التي يتبناها المذهب الاخر ويؤمن بها وفي كثير من الاحيان يلتزم حتى في الجو العام وهذا الاخير يختلف في عالم الأنترنت عنه في الواقع فمجتمع الشيعة مثلا في الحياة الواقعية هناك فيه من ينتقد أيران وينتقد شخصيات دينية شيعية عراقية أو ايرانية وهناك فيه من ينتقد حزب الله أوغير ذلك من المؤسسات والدينية والسياسية الشيعية . لكن في عالم الأنترنت وتحديدا في مواقع وغرف الحوار العقائدي الامر مختلف فكل ما هو شيعي مثالي ولا يوجد من يمسه فهناك جو أنحياز كامل لكل ما هو شيعي . وفي الجانب الاخر أيضا في الغرف العقائدية السلفية التي تتحدث باسم السنة نجد أن كل ما هو سني مقدس ومثالي وليس هناك من ينتقده . قد يكون التحول من مذهب الى اخر أمر يحتاج الى تجرد وقوة لكن الامر لن يختلف كثيرا فحين سينتقل الشخص من مذهبه الى المذهب الاخر سينحاز مرة أخرى الى نفسه من خلال أنتصاره لمذهبه الجديد والدفاع عنه .

التجرد والتجديد ... فضل الله وحسن المالكي نموذجين

ما يثير الاهتمام أكثر من ظاهرة المستبصرين والهتدين هي تلك الشخصيات التي تعيد قراءة التاريخ وتعيد قراءة الاحداث ليس بهدف البحث عن المذهب الصحيح والألتزام به وترك المذهب الاول بالكامل بل بهدف البحث المجرد للوصول الى حقائق وتنقية الشوائب الموجودة في الموروث ومحاولة تصحيح المسار والأكثر أثارة للاهتمام هو أكتشافهم حقائق مختلفة عن الشائع مع بقائهم في دائرة المذهب الذي وجدوا أنفسهم عليه اي انهم مجددين في نفس المذهب يمارسون النقد الذاتي بكل تجرد .
وافضل شخصية شيعية يمكن الحديث عنها في هذا المجال هو المرجع اللبناني الراحل محمد حسين فضل الله وأفضل شخصية سنية يمكن الحديث عنها في هذا المجال هو الباحث السعودي الشيخ حسن فرحان المالكي . والمفارقة أن كليهما تعرضا لهجمة شرسة من ابناء نفس المذهب الذي ينتميان اليه . فليس من السهل أن ياتي باحث سلفي حنبلي ويقول ثبت لي أن معاوية زعيم الفئة الباغية ومن الطبيعي أن يتعرض لهجمة شرسة من رجال الدين والمجتمع الذي اعتاد على أن معاوية كاتب الوحي وخال المؤمنين . وليس من السهل أن يأتي فقيه ومرجع شيعي ويقول بعدم ثبوت الولاية التكوينية والمقصود بالولاية التكوينية هي ان أن الله قد فوض تدبير شؤون الكون أو قسم منه للنبي محمد وآله . وهذا المعتقد يعتبر من المسلمات في التراث الشيعي وحين ياتي فقيه ليقول بعدم ثباتها وانها لا يتناسب مع الدور الحقيقي للنبي والأئمة وهو هداية الناس للخير فبكل تأكيد سيتعرض لهجمة شرسة من رجال الدين والمجتمع على حدا سواء وهذا ما حدث مع السيد محمد حسين فضل الله .
يقول السيد محمد حسين فضل الله ردا على سؤال وجه له حول الولاية التكوينية :

يراد بمصطلح الولاية التكوينية، ما مفاده: أن الله تعالى قد فوض تدبير شؤون الكون أو قسم منها للنبي محمد "ص" وآله "ع". وقد ذهب فريق من العلماء إلى القول بها والإعتقاد بصحتها، فيما ذهب فريق آخر إلى القول ببطلانها، والأقوى عندنا هو القول ببطلانها، وذلك لأن الولاية المذكورة إن كانت تعني أن الله تعالى لا يتدخل في إدارة تلك الشؤون فأوكل أمرها لغيره من الخلق المتميز، كالملائكة والأنبياء والأوصياء، فهم يستقلون في تدبيرها، فذلك هو (التفويض) الذي إتفق علماء الشيعة على رفضه في إطار ردهم على من قال بذلك من فرقة المعتزلة، وحينئذ فإن كل ما يقال في إثبات بطلان التفويض هو مما يمكن قوله لإثبات الولاية التكوينية. وأما إذا كان مرادهم بالولاية التكوينية معنى آخر غير التفويض، وهو أنه تعالى قد شرّفهم فأوكل إليهم إدارة تلك الشؤون، رغم كونه تعالى هو المدبر الحقيقي والمهيمن الأوحد، فإننا نقول حيث أن دورهم صلوات الله تعالى عليهم أجمعين، هو هداية الناس وقيادتهم نحو الخير فإن ما عدا ذلك من شؤون هذا الوجود لا يتناسب مع دورهم المذكور . (1)

أما بخصوص رأي حسن فرحان المالكي بمعاوية فيقول في هذا المجال :
وكذلك معاوية كان من اهل البغي بالنص المتواتر والبغي هو الظلم وقد جاءت الدلائل الكثيرة والقرائن العديدة على رضاه بهذا البغي واصراره عليه وأتيانه بلوازمه وهذا مما بسطه أهل الأخبار وله دلائل من الاحاديث النبوية الصحيحة التي فيها ذم للملك العضوض والعضوض هو الظالم وفيها تخصيص لمعاوية على الارجح بأنه أول من يغير سنة النبي أضافة الى رضاه بقتل عمار وقاتله وسالبه في النار . (2)

المفارقة المثيرة للاهتمام في هذين الباحثين هي أن المالكي خرج عن المألوف السني وأثبت حادثة الهجوم على دار الامام علي وفاطمة الزهراء في عهد الخليفة ابو بكر الصديق وفضل الله خرج عن المالوف الشيعي و توقف عند الكثير من التفصيلات المتأصلة في التراث الشيعي في هذه الحادثة مثل احراق الدار وضرب الزهراء ولطم خدها وكسر ضلعها واسقاط جنينها مع انه يثبت الهجوم على الدار والتهديد باحراقه .

يقول السيد محمد حسين فضل الله في رده على سؤال وجه له حول ملابسات قضية الزهراء:
لقد ذكرنا في بعض كلماتنا وفي صدد الكلام على ظلامات الزهراء (ع) من حيث المبدأ والذي تعرضت له بعد وفاة أبيها (ع)وقلنا في سياق الحديث: "وهذه الظلامات رواها السنة والشيعة، ولا نجازف إذا قلنا إن الروايات التي تتحدث عن مظلوميتها متضافرة ومستفيضة، بل تكاد تكون متواترة. ومع ذلك ذكرنا في موضع آخر، أن هناك بعض الحوادث التي تعرضت لها مما لم تتأكد لنا بشكل قاطع وجازم، كما في مسألة حرق الدار فعلاً، وكسر الضلع وإسقاط الجنين ولطم خدها وضربها.. ونحو ذلك مما نقل إلينا من خلال روايات يمكن طرح بعض علامات الاستفهام حولها إما من ناحية السند وإما من ناحية المتن. والمراد من حاصل كلامنا، أن الروايات التي تحدثت عن ظلاماتها كثيرة، وقد تكون متواترة من حيث مجموعها لا من حيث كل مفردة من مفردات الحوادث الفردية.. ومع ذلك لو نظرنا الى كل مسألة، فقد يكون هناك روايات معتبرة فنأخذ بها وقد يكون الأمر بالعكس . (3)

ويقول الشيخ حسن فرحان المالكي في معرض حديثه عن الخلافة وتحديدا بعد وفاة الخليفة أبو بكر الصديق :
حزب علي كان أقل عند بيعة عمر منه عند بيعة أبي بكر الصديق نظراً لتفرقهم الأول عن علي بسبب مداهمة بيت فاطمة في أول عهد أبي بكر وإكراه بعض الصحابة الذين كانوا مع علي على بيعة أبي بكر فكانت لهذه الخصومة والمداهمة (وهي ثابتة بأسانيد صحيحة) ذكرى مؤلمة لا يحبون تكرارها ... كنت أظن أن المداهمة مكذوبة لا تصح حتى وجدت لها أسانيد قوية منها ما أخرجه أبن أبي شيبة في المصنف بسند صحيح عن أسلم مولى عمر وفير ذلك . لكن ليس كما يبالغ غلاة الشيعة ليس كما ينفي غلاة الحنابلة . (4)


فضل الله و قبول الاخر

أما بخصوص اللغة التي يتعامل بها كلا الرجلين مع الاخر فكلاهما أختارا لغة هادئة بعيدة عن المفردات التي تنفر الاخر وتجرح مشاعره ومثال على ذلك حين وجه سؤال للسيد فضل الله عن كتابة أحدهم لمقال يحمل عنوان جارح ومؤلم لمشاعر السنة و يتهجم فيه على السيدة عائشة بمفردات غير مقبولة أخلاقيا أجاب :
إننا نستنكر ونشجب ونرفض هذا الاسلوب الشائن في الحديث عن السيدة عائشة أم المؤمنين زوج النبي محمد (ص) الذي يمثل الإساءة الى بيت النبي (ص) واكتفي بالرد على ذلك بما جاء في قصيدة لأحد العلماء القدامى وهو السيد محمد باقر حجة الإسلام فيا حميرا سبك محرم لأجل عين ألف عين تكرم هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذا الكلام يؤدي الى الفتنة بين المسلمين والى إثارة الحساسيات المذهبية التي تؤدي الى اسقاط الوحدة التي هي الأساس لقوتهم وعزتهم .(5) .
أما عن رايه في موضوع لعن الصحابة فيقول :

لا يجوز لعن المسلم وإن خالفنا في التفكير او المذهب كما ان لعن الصحابة باسمائهم غير جائز ولا بأس بلعن الظالمين بشكل عام .(6)
وعن المشاحنات الطائفية وطريقة التعاطي معها يقول السيد محمد حسين فضل الله :

لن يأتي يوم يخلو فيه مجتمعنا من الخلافات المذهبية، كما وان العصبية ستبقى في نفوس الأفراد بدرجات متفاوتة، المهم ان يسعى المصلحون ليجعلوا التضامن على الهم الإسلامي مطلباً للأمة بغض النظر عن انتماءاتها المذهبية، وهو أمر يحصل عند كل خطب عظيم بطريقة عفوية ناتجة من البحث والتعلق بأسباب القوة أينما كانت لمواجهة المصيبة، غير أن علينا ان نعمل لنجعل المودة والتعاون على قضايانا واجباً في ظل خلافاتنا المذهبية، كي لا يستقر في النفوس أن الوحدة الاسلامية تتعارض مع إجتهادات المذاهب وتنوع آرائها، وأن هدف الوحدة هو إزالة هذه الفوارق وإلغاء المذاهب… الخلاف إنما يكون رحمة إذا كان خاضعاً للأساليب العلمية والتي يحرص عندها الجميع الوصول الى الحقيقة من خلال الحوار والتلاقي، وأما إذا كان الخلاف يؤدي الى التنابذ والتناحر وتكفير بعضنا بعضاً، فهو وبال على الجميع كما هو المشاهد في هذه العصور .( 7)




حسن المالكي وقبول الاخر

في مجال (قبول الاخر وتفهمه) كتب الشيخ حسن فرحان المالكي مقال يحمل عنوان (التفريق بين الشيعة والسنة ) أجد من المناسب نقله كاملا ويقول فيه :

نظرا للضخ المذهبي في التفريق بين السنة والشيعة وحثهم على العنف حتى في المجتمع الواحد، فمن واجبي أن أدعوا الفريقين لفهم بعضهما. وبما أنني سنّي حرّ شاء من شاء وأبى من أبى، فمن واجبي ألا أصب الزيت على النار، وإنما أسهم في تفهيم أهل مذهبي: من هم الشيعة؟ ويجب فصل الموضوع السياسي عن الفكري حتى يبقى الحد الأدنى من الوحدة الوطنية في كل بلد، فسنّة إيران إيرانيون، وشيعة الخليج خليجيون. ولابد أن نتفق أولا عل...ى أن الجميع يريد الجنة والنجاة من النار، وأن كل مذهب إنما تمسك في الجملة بأدلة يراها الطريق للهدى. وأن المهم ليس التحلي بالأسماء والألقاب، وإنما ما وقر في القلب من الإيمان وصدقه العمل والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، الكل مسلم. وحتى لو كان بعض المسلمين منافقين باطنا، فالنبي عليه السلام لم يحرم المنافقين من حقوق المسلمين كلها، ولنا الظاهر والله يتولى السرائر. وأن ذمّ بعض الصحابة أو تكفيرهم ليس فيه حد شرعي، وإن كان ظلما عظيما، فالحدود الشرعية مقتصرة على جنائيات محدودة جدا من قتل وغيره. ولأن الحقد على الشيعة، وهم أقلية في بلادنا ولحقهم بعض الظلم، فلابد من فهمهم ونشر ثقافة صحيحة عن أصل التشيع. وقد يقول البعض: لكن تكفير الشيعة لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعا ألا يكفي لتكفيرهم وتبديعهم وبغضهم والبراءة منهم؟ نقول:

أولا: ليس كل الشيعة يكفرون وإنما هم طوائف فمنهم من يقول بالردة الصغرى غيرالمخرجة من الملة والتعميم على الشيعة خطأ.
وثانيا: أننا لن نفهم الشيعة أبدا حتى نعرف أكبر أدلتهم في خلافة علي وإمامته ووصية النبي له فإن صحت فلهم جواب وإن بطلت لهم آخر.ولا يجوز الحكم على فرقة حتى... يتم فهم أدلتهم فهما منصفا حتى يكون حكمك عليهم مما تدين الله به، فحديث الغدير هو دليلهم الأكبر. ولهم أدلة أخرى إلا أن أبلغ أدلتهم على الوصية لعلي هو حديث الغدير ولا أخفيكم أنني قد بحثته زمانا وقلبت النظر في طرقه ومتونه. والحديث للأمانة من أصح الأحاديث بل جزم الذهبي والالباني وغيرهم بتواتره، فاختلاف السنة والشيعة ليس في صحته وإنما في دلالته فما هو؟
يقول الحديث – وأصله في صحيح مسلم- أن النبي ص بعد عودته من حجة الوداع إلى المدينة وقف بالناس عند غدير يسمى (خم) قرب الجحفة، فأمر النبي بإرجاع من سبق وانتظار من تخلف وكنس الدوحات فوق كثيب هناك وبناء منبر وصعد المنبر وخطب في الصحابة قائلا: "أيها الناس أوشك أن أُدعى فأجيب (يعني قرب موته) ٢- وإني قد تركت فيكم الثقلين لن تضلوا ما تمسكتم بهما أبدا ٣- أكبرهما كتاب الله؛ حبل ممدود من السماء إلى الأرض فأوصى بكتاب الله وحث عليه ٤- وأصغرهما عترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي (ثلاثا) ٥- أيها الناس ألست ألى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى يارسول الله ٥- فرفع يد علي وقال: ألا من كنت مولاه فهذا مولاه؛ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه!".
هذا هو القدر المتيقن من تلك الخطبة الطويلة وبقيت ألفاظ وزيادات صححها بعض أهل السنة وبقيت زيادات عند الشيعة لم أذكرها والمتفق عليه كاف. فهنا قالت الشيعة بأسرها من أبي ذر والمقداد إلى كمال الحيدري (هذه وصية واضحة صريحة) فالنبي أخبر أنه سيغادر الدنيا، ونقل ولايته لعلي. وأن بعض الصحابة كعمر بن الخطاب فهم هذا المعنى فقام إلى علي قائلا: (هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة) وصححها الالباني.

وبحمد الله لي رد على السلفية في الصحابة، وعلى الإمامية في العصمة، وعلى الزيدية في السلطة، وعلى الوهابية في التكفير، ولا أشعر أني أدين لمذهب. فأنت مهما صنفك الناس فليس مهما أهم شئ تصنيف الله لك هل يصنفك في من يخضع وينذل لأوامره ومن يصنفه في المتكبرين! تصنيف الله هو الفيصل. وهنا ستظفر بالفرحة الكبرى يوم تلقاه وتقول: يارب خالفت فيك الجميع حبا لك ولرسولك! وأكلت المذاهب عرضي فأذهب عني الحزن ولا تخزني! بهذا تحقق معنى العبودية وسيعرف المتمذهبون – الذين يتعصبون فقط- أن انتقاءهم من أوامر الله ورسوله ما يحلو لهم، ورفضهم ما يكرهون، ليس عبادة.

إن الفرق بين الشرك والتوحيد خيط رفيع لا بد من التنبه له ولا تغتر – أخي- بمذهب أو تيار أو رأي عام واطمئن، فستجد عند كل مذهب ما يخرجك منه! عذرا استطردت لأن البرهان وحده لا يكفي لابد من الذكرى لينتفع المؤمنون فأصحاب موسى لم تنقصهم البراهين من شق البحر ونحوه ثم عبدوا العجل! إذاً فالهداية لابد لها من جهاز استقبال وهو هذا القلب فإذا تعطل جهاز الاستقبال فلا فائدة في قوة الإرسال! هذه معاني دقيقة يهملها المتكبرون.

إذاً فالظاهر حتى الآن، أن حديث الغدير نص صريح، وسيأتي الاعتذار عن الصحابة فلا يشغلنا الاعتذار عنهم عن الإيمان بالنص، فالنص أولى. وليس نص الغدير وحده، وإنما اشتهر لأنه كان في هذا الجمع العظيم وبهذه اللغة الصارمة وفي آخر حياة النبي ولأنها خطبة مودع حقاً. وله شواهد منها حديث الصحيحين: (علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) أسألكم بالله لو كان هذا الحديث في أبي بكر ماذا سنقول؟؟ ومنها حديث بريدة (علي وليكم بعدي) صححه الألباني في الجزء الخامس من الصحيحة! لو كان هذا الحديث في أبي بكر ماذا سنقول؟ إذاً فافهموا الشيعة. نعم ورد في أبي بكر أحاديث مضادة لكن ليست في هذه القوة ولا الدلالة. وسيأتي الكلام عليها عندما نطالب الشيعة بفهم أهل السنة.
ويأتي الآن مزيدا من فهم غلاة الشيعة الذين يكفرون أبا بكر وعمر، فقد تكلف ابن تيمية في فهم النواصب والخوارج الذين كفروا علياً أو لعنوه. فالشيعة إذاً لا يكفرون كل الصحابة، وهذا افتراء سلفي عليهم وإنما يكفرون أو يضللون بعضهم، ولكن هذا البعض كبار جدا وخاصة عند أهل السنة.

والغريب أن السلفية –صقور السنّة- يتعاملون بازدواجية مع من يلعن علياً، ومن يلعن أبا بكر وعمر، وهذه الازدواجية موجودة عند الشيعة فهل من عذر؟ هذا سنفتحه لاحقاً، المهم هنا أن الشيعة قالوا بأن هناك حجج عقلية في وصية النبي غير الحجج النصية الشرعية التي سقناها ومن أهمها أن النبي لن يترك أمته هملاً، فإن من حكمة أي حاكم أو حتى شيخ قبيلة أن يبين لشعبه أو قبيلته الوصية والوالي بعده، لا سيما مع احتمال الخصوم...ة، وقد وقعت! والسلفية يباركون وصية أبي بكر لعمر ووصية عمر للستة بل وصية معاوية ليزيد! ويرون هذا من سداد الرأي! فما بالهم يستنكرون وصية النبي؟ إذاً فالذي يستنكر الوصية يجب أن يستنكرها على الجميع، إما أن يقر وصية معاوية لفاسق، ويستكثر على النبي الوصية لمن يحبه الله ورسوله فهذا هوى! ثم هؤلاء الخائفون من الحكم الوراثي نقول لهم ألا تخافون إلا من وراثة إل محمد؟ فمال بال وراثة بني أمية وبني العباس والمماليك والعثمانيين؟ فهذا أيضا من دلائل العصبية، والمخلص لنظريته إذا تجرأ ومررها من فوق رأس النبي عليه الصلاة والسلام فيجب أن يمررها من فوق رأس أبي بكر وعمر ومعاوية! وإلا فلا.(8)

اقصى درجات تفهم الاخر وألتماس العذر له هو ما وجدناه في كلمات هذا المقال للشيخ حسن المالكي . وهي صورة قلما نراها لدى الباحثين والكتاب والمهتمين لدى المذهبين ولا اعتقد أن هكذا أشخاص بهذه الدرجة من التجرد والتفهم يتكررون كثيرا. وحتى حين يظهرون فهم لا يمثلون أغلبية . لأنهم بكل بساطة ليسوا فقهاء سلطان .


الفقيه الانسان

أفضل تسمية يمكن أن تنطبق على السيد محمد حسين فضل الله هي المرجع الانسان . فأكثر ما يميزه عن غيره من مراجع الشيعة هو أنه قدم نفسه للجمهور كأنسان وليس كمرجع ديني . فهو خارج عن المألوف بين علماء الشيعة . فليس امر طبيعي أن يكون المرجع خطيبا ويكثر الظهور في التلفاز وفي مختلف وسائل الأعلام فهذا امر شاذ عن القاعدة ولم يفعله قبله الا قلة قليلة جدا . محمد حسين فضل الله أنسان لا يعرف لغة التعقيد وغالبا ما يكون كلامه مباشر وواضح وبسيط وغير مثقل بالمفردات التي تعقد الطرح وتحير السامع .فقيه لم يخاطب الناس وهو في برج عاجي بل نزل أليهم وتعامل معهم بشكل مباشر أما بخصوص ارائه فله الكثير من الاراء الشجاعة والجريئة ومثال على ذلك أورد مجموعة من تلك الاراء الفقهية والعقائدية :

- سؤال : هل التطبير حلال أم حرام أم جائز مع ذكر السبب ؟
- جواب : التطبير محرم لما يسببه من الضرر الذي يحرم إرتكابه شرعاً بحق النفس أو الغير ولما يستلزمه من الهتك والتوهين للمذهب.(9)
- سؤال : هل أئمتنا (ع) كليو الوجود، كليوا العلم، ماذا نقول إذا كان البعض يؤمن بذلك؟
- جواب : ليسوا كذلك بل هم بشر مخلوقون يموتون )إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (الزمر:30) ويبعثون، ولكنهم وصلوا الى أعلى مراتب الفضل والقرب من الله تعالى وهم حجج الله على خلقه آتاهم الله العلم والحكمة وقد ورد عن الامام علي (ع): (علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم فتح لي من كل باب ألف باب) . (10)
- سؤال : في عقائدنا أنّ الامامَ علي عليه السلام هو افضل من الانبياء والرسل السابقين... فما هو راي السيد في هذا الكلام
- جواب : لا داعي للخوض في ذلك ولم نكلف به ، ولا مستند واضح لإثباته.(11)
- سؤال : يدعى العديد من الشيعة أن المعصومين(ع)يحضرون جميع مجالس عاشوراء فهل هذا صحيح؟
- جواب : ليس ذلك صحيحاً.(12)








ماذا لو كانا يمثلان أغلبية ؟


ان حديثنا عن السيد محمد حسين فضل الله وعن الشيخ حسن فرحان المالكي هو حديث عن التجرد والتجديد فالسيد محمد حسين فضل الله شيعي ووافاه الاجل وهو شيعي أثني عشري والشيخ حسن فرحان المالكي سني حنبلي ولا زال كذلك لكن بسبب ارائهما الخارجة عن مألوف هجم عليهما رجال الدين ثم شريحة لا يستهان بها من المجتمع . الحقيقة أن ما يجعل الخط المتوازي بين الشيعة والسنة يصبح متصل حين يكون الحديث عن اي من هذين الرجلين هو انهما عادا الى النقطة التي كان فيها الخطين المتوازيين في بداية أنطلاقهما وهي نقطة الانطلاق واللحظة التي نزل فيها الوحي وما تلاها من لحظات متراكمة وحاولا جهد أمكانهما بذل الجهد الاقصى لتحري الحقيقة والخلاصة انهما تمكنا من التوصل الى حقيقة متشابهة الى اقصى الدرجات فيها تفهم للاخر والتماس العذر له طالما ان هناك مجال لحسن النية وفي نفس الوقت أشارا الى النقاط المعتمة والقاسية بعين النقد المجرد . تخيل لو كان منهج وفكر هذين الرجلين هو السائد والرائج في المجتمعين السني والشيعي كيف سيكون تعاطي المجتمع مع الاخر ؟ ما أتوقعه هو شيوع ثقافة التسامح وتقبل الاخر وتفهمه مهما كان حتى لو كان بوذيا أو هندوسيا . فمن كان منهجه التسامح وتفهم الاخر لن يكون الا كذلك حتى مع المنتمين لأديان أخرى أو حتى الملحدين الذين لا يؤمنون بوجود الله . فهكذا منهج لا يواجه الفكر الا بالفكر ولا يواجه الكلمة ألا بكلمة مثلها .


يقول السيد محمد حسين فضل الله :

مشكلتي أنني كنت ولا أزال مع الأمة الواحدة، {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء/92)، لذلك، فإني مسلمٌ، لست سنّياً بالمعنى العصبي، ولست شيعيّاً بالمعنى العصبي، أنا مسلم في خط أهل البيت (عليهم السلام) الذي يمثل الخط الإسلامي الأصيل البعيد عن الخرافيين والمتخلفين الذي يحاولون إقحام الخرافة والغلوّ في منهج أهل البيت(ع)، ومنهج أهل البيت بريء من ذلك... التعصب المذموم هو أن يرى الإنسان سيئات من يحب حسنات وخطأه صواباً ونحو ذلك، وأما الالتزام المبني على متابعة الحق من خلال أهله بعد التأكد من ذلك فلا يكون مذموماً. إن المطلوب هو أن نكون ملتزمين بما نؤمن به من دون أن ننكر على الآخر التزامه بما يخالفنا، ليكون الحل بيننا وبينه بالحوار، لا أن نكون متعصبين، أي منغلقين على أنفسنا.(13)

ويقول الشيخ حسن فرحان المالكي :

ليس هناك أي خطأ أو تناقض أن يقوم مسلم بنقد اخطاء المسلمين لأن الأسلام غير المسلمين ومن ذلك ان يقوم سني بنقد أخطاء أهل السنة لأن السنة غير أهل السنة ومن ذلك أن يقوم حنبلي – النشاة والتعليم والالتزام الواعي غير المتعصب – بنقد أخطاء الحنابلة لأن الحنابلة غير أحمد أبن حنبل مع أن احمد أبن حنبل نفسه بشر يخطأ ويصيب وهو الذي حث اتباعه على ترك التقليد .(14)

الواقع يختلف عن التمنيات فالشيخ حسن فرحان المالكي متهم من شريحة من المجتمع (رجال دين وعوام ) بأنه شيعي مرة وأنه زيدي مرة وأنه نصيري وووو ألخ من التهم ومع ان الرجل بين اكثر من مرة على أنه سني لكن هذه الشريحة تصر على تحديد هوية الاخر بنفسها . فعلا امر عجيب!أذا كان الرجل يعرف نفسه على انه سني ما هو الداعي على الاصرار على أنه رافضي مرة وزيدي مرة وألخ من الانتماءات التي لا يجدها الرجل تهمة اصلا كونه يحترم الاختلاف لكنه في نفس الوقت لا ينتمي اليها ؟؟؟ أقصى درجات رفض الاخر هي أن تجعل اسماء المذاهب الاخرى مسبة تجاه أبناء نفس مذهبك حين يختلفون عنك بشيء لا يروق لك .

أما السيد محمد حسين فضل الله فقبل وفاته كان متهما من قبل شريحة من المجتمع ( رجال دين وعوام) بأنه يحابي أهل السنة مرة وأنه بتري(يوالي أهل البيت ولا يتبرأ من اعدائهم ) مرة اخرى . أتهمه بعض رجال الدين بانه ظال مظل . وحتى بعد وفاته وجدت من يذمه بل الاكثر من ذلك أن الشيخ ياسر الحبيب وهو رجل دين شيعي معروف بارائه المتطرفة والمتعصبة والمنفرة حتى للشيعة أنفسهم يقول بمناسبة وفاة فضل الله :

نتقدم إلى مولانا صاحب العصر والزمان (عليه السلام) بالتهاني والتبريكات لهلاك هذا البتري المبتدع الذي طالما آذى قلب الصديقة الزهراء صلوات الله عليها. ونسأل الله تعالى أن يكون هلاكه بداية لمرحلة تنقية الأجواء الإسلامية من السموم التي بثها فيها. والمأمول من المؤمنين الدعاء بأن يضاعف الله تعالى عذابه ويحشره مع أبي بكر وعمر وعائشة.(15)

أذا كانت هذه هي طريقة التعاطي مع الاخر المختلف في نفس المذهب فما بالك في الاخر الذي ينتمي لمذهب مختلف ؟ أنه أمر محبط فعلا لكن ما يقلل الاحباط هو ان ياسر الحبيب غير مقبول لدى معظم الشيعة من رجال دين وعامة .

يبدو أن الوصول الى مرحلة متقدمة في تفهم الاخر وقبوله ومواجهة الكلمة بكلمة مثلها بكل هدوء وتروي امر يحتاج الى مدة زمنية غير قليلة والى أكثر من فضل الله في الساحة الشيعية وأكثر من حسن فرحان المالكي في الساحة السنية والى نفس طويل وقدرة على الاستمرار أمام المحبطات وما اكثرها . وكل ما سبق يحتاج الى تطور اجتماعي في جميع المجالات وهذا الاخير يحتاج الى وقت طويل نسبيا . لا نريد أن نكون متشائمين ولا نريد بنفس الوقت ان نكون مفرطين في التفائل . الزمن امامنا وهو كفيل في الاجابه على ما يدورفي مخيلتنا من تمنيات وتوقعات وليس لدينا الا الأمل والرجاء في أن تشيع في يوما ما ثقافة قبول الاخر وتفهمه ومواجهته بالفكر .





المصادر :
1- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
2- مع الشيخ عبد الله السعد في الصحبة والصحابة – الشيخ حسن فرحان المالكي – صفحة 160
3- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
4- قراءة في كتب العقيدة المذهب الحنبلي نموذجا – الشيخ حسن فرحان المالكي - صفحة 46 – ملاحظة : الجزء الثاني من الكلام والذي يبدأ ب (- كنت اظن أن المداهمة غير صحيحة ... ألخ- في هوامش نفس الصفحة )
5- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
6- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
7- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
8- زوايا الكتاب والمفكرين – منتديات صح – كل ما يخص الشيخ والباحث التاريخي حسن فرحان المالكي – مقال بعنوان ( التفريق بين الشيعة والسنة) – حسن فرحان المالكي
9- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
10- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
11- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
12- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
13- موقع بينات – الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله – الاستفتاءات
14- قراءة في كتب العقائد المذهب الحنبلي نموذجا – الشيخ حسن فرحان المالكي – صفحة 14
15- موقع قطرة – الموقع الرسمي للشيخ ياسر الحبيب – الاجابات - مواقف



#حسنين_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيفارا يرتجز في الطف
- روحاني أحاول الفهم ولا أبحث عن الثواب
- من تاريخ التعذيب بأسم المقدس ... القسم الاخير
- سنبقى نجلدكم بثقافة قبول الاخر
- التعذيب بأسم المقدس في العراق
- من تاريخ التعذيب بأسم المقدس 4
- الجنس الثالث أطهر من حراس الفضيلة
- كيف تمكن السلفيين من ابتلاع السنة ؟
- أتاتورك والخميني الأخوين غير الشقيقين
- جيم جونز وجند السماء
- عبادة الوطن وتحقير المواطن
- جندي ياباني:اذكيائكم يقودهم غبي
- أوباما وهتلر وعبور الزمن
- ناشطين في حقوق السماء يطالبون بذبح الكشغري
- مطعم الظلام في الصين للتعاطف مع المكفوفين
- دجاج الكفيل نموذجا
- 70 عام بين القصيمي والكشغري ولا زالوا حمقى
- القبض على ثلاث أنتحاريين قرب عرش الأله
- الأرض التي تمجدونها أدوسها بحذائي
- كم أكره صوت الكناري


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسنين السراج - التجرد والتجديد...فضل الله وحسن المالكي نموذجين