|
المطبخ التركي
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 3682 - 2012 / 3 / 29 - 18:35
المحور:
الادب والفن
لماذا لم ينسحب الدكتور عبدو: اسمَعْ، يا أخا الكرد، ثمّ احكمْ. إذا أردتَ أن يكون رئيس الجمهورية العربية السورية كردياً، ومن وزن مام جلال؛ فلا تعتب ولا تغضب ما لو رفضتُ أنا، " مام عبدو "، مجاراة رفاقي في الكتلة الكردية، الذين انسحبوا من مؤتمر اسطمبول، الأخير، احتجاجاً على كذا وكذا. المطبخ التركي هوَ من يتكفل بتحقيق أمنيتكم تلك، بأصنافه الشهية، المتنوّعة. حتى إذا سقط النظام، بفضل تضحيات شبابنا وأطفالنا ونسائنا، يكون وزني قد غدا مؤهلاً لسدّ الفراغ الرئاسي. دَعوني، إذن، أتمتع هنا في اوتيل خمس نجوم.. اتركوني ياه، فهل أنتم من يسدّد عني فاتورة الحساب ؟
الحقيقة يجب أن تقال: بما أنني عضو في المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري، مُمَثلاً عن لا أحد، فليسَ من المعقول أن يطالبني الكرد بترك شمس اسطمبول، الرخيّة، والعودة لبرد السويد اللعين. كما أني اعتدتُ على أجواء الفرفشة والمرح، هنا على شاطيء البوسفور اللازوردي؛ فهل عليّ الإياب لوظيفتي التعسة، المضجرة، كأستاذ ابتدائي لتلاميذ مثل الجن الأحمر بمشاكساتهم وعبثهم ونكدهم ؟
القصة من بدايتها: لا أحد منكم، ولا ريب، يجهل مقامَ الأخ البيانوني. يا سيدي، إنه صديقي من زمان. ولأكن دقيقا، أكثر. فقد صرنا أصحاب، وحبايب، منذ تعارفنا بلندن في أحد مؤتمرات المعارضة قبل عقد من الأعوام. قال لي أن اسمَ حضرتنا يذكّره باسم مجوّد القرآن الكريم، الأشهر؛ الذي كان يُطرب ويُسطل المؤمنين أكثرَ مما تفعله أم كلثوم. ولكي أزيد من حماس لقاء التعارف، فإنني فاجأته بكوني سليل " سادة " مشايخ أباً عن جدّ. فعلاً، استغرب الرّجل. وتساءل، على علمي أنك ماركسي؟؟ فأجبته، على طريقة أم كلثوم نفسها: " ده كان زمان ". ارتاح صاحبنا كثيراً، خصوصاً حينما أخبرته بأني على الرغم من كوني شرّيباً في البارات والاوتيلات، إلا أنّ الخمرة ممنوعة في منزلي بتاتاً. فأنا انسان محافظ.
فراس السوّاح كردياً: أخي، تعال لأقل لك، فهل من المنطقي أن تهدي كتاباً في الفلسفة الملحدة لمراقب عام أخوانجي؟ أم هل من الذوق، أيضاً، تقديم كتاب عن الأسطورة الوثنية لرجل في ذلك المقام المقدّس؟ على كل حال، هذان المؤلفان هما على التوالي رسالتي في الماجستير واطروحتي للدكتوراه. هذه الأخيرة، كتِبَ عنها كثيراً في الصحافة الحزبية، المبشرة قرائها بظهور فراس سواح جديد؛ كردياً هذه المرة. ومع أنني لا أستطيع، إلى الآن، تركيب جملة واحدة مفيدة باللغة الإنكليزية، إلا أن مصادر كتابي ذاك كان أكثرها بتلك اللغة. وبالرغم من مرور ربع قرن على طبع اطروحتي، بيدَ أنها بقيت وحيدة لا أخ لها ولا أخت. وفي آخر المطاف، من هوَ هذا السوّاح؟.. هل رشحه أحد من الأخوانجية لعضوية المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري ؟
خبير بالكباب والكتل: المطبخ التركي، وعرفناه. ولكن، هل تعلم أيها القاريء الكريم أن الكلمة الكردية " كتلك "، أيْ الكبّة، مأخوذة من مثيلتها العربية؛ " الكتلة "؟ والعرب بدورهم، لعلمك أيضاً، أخذوا من اللغة الكردية كلمة " الكبّة " نفسها؛ وهيَ " كَبّك "، أيْ لقمة واحدة، نسبة لحجم الكبّة الصغير. بمعنى أننا تبادلنا مفردتين لهما نفس المعنى. هذه المقدمة اللغوية، ضرورية باعتقادي لمعرفة سبب ولعنا نحن الكرد بالكتل والتكتلات. من جهتي، فقد حطمتُ جميع أرقام " غينيس "، القياسية، في عدد الكتل التي أسهمتُ بتأسيسها من أشلاء اليسار الكردي، ثمّ شقها ثانية ً لكي يُعاد توحيدها ومن ثمّ تكتيلها مجدداً وهكذا دواليك. على ذلك، فلم يكن غريباً أن أقترح اسمَ " الكتلة الكردية " في المجلس الكذا كذا. آه، من الكباب التركي. فلقد جعلني بنفسي على شكل " الكتلة ".
حلمٌ جديرٌ بالتفسير: كنتُ تائهاً في غمرة الضباب والغبار، حينما رأيتني ألجُ صالة كبيرة للغاية. ثمة، أبصرتُ رجالاً يثرثرون بالتركية، الممزوجة ببعض الكردية ـ كما يُمزج عرَق " راكي " بالماء. شعورٌ بالحرَج، دهمني على حين فجأة، وربما لرؤيتي بعضَ المعارف من كرد ما وراء الخط الحديدي. بغتة، صدَحَتْ أصوات نسوية، من الدور العلويّ للصالة، هاتفة بحياة قائدٍ ما.. مممما. المهم، أن ما حصلَ بعدئذٍ كان عجيباً بحق. إذ طغى على تلك الثرثرات، والهتافات، صوتُ هدير طائرةٍ ما.. مممما. ولكن، يا إلهي، إنه قرصٌ من الكبّة، هائلٌ، هوَ من أخذ بالتحليق فوق رؤوسنا، وكان جناحاه عبارة عن قطعتي دولما. وإذ اندفعَ الجمعُ المتواجد، كله، إلى الفرار مذعوراً ملهوجاً، فإنني رحتُ بالمقابل أحاولُ التمسّكَ بجسم الطائرة، طالما أنها أضحتْ أكثرَ قرباً فوقي. ثم استيقظتُ، على الأثر. هناك، قربَ سريري، كان يوجد على الكومدينا صحنٌ من بقايا عشاء الأمس. وإلى تلك الجهة، انجذبَ بصري الأعزل من نظارته الطبية. ثمة، إذن، كان ما يفتأ، باقياً من عشائي؛ كتلة من الكبّة وقطعتان من الدولما. فاستعدّتُ منامَ الليلة، المنقضي تواً. فانطلقت من فمي، عفواً، ضحكة شبيهة بضحكة الدكتور وليد المعلم، البليدة الباردة، عندما أجابَ أحدَ الصحافيين بالقول: " نحن هنا في الجمهورية العربية السورية، وليس في الجمهورية العربية اليمنية ". أجل. أنا هنا في الجمهورية التركية، واسمي " الدكتور عبدو ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُريدو المَسجد
-
ذكريات اللاذقية 2: جبل الأكراد
-
أدونيس؛ مفرد بصيغة الطائفة
-
أنا القائد الكاريزمي
-
دبّوس السلطان
-
ذكريات اللاذقية: شيخ الجبل
-
استفتاء فني، إفتاء سياسي
-
شذرات؛ زمن الشبيحة وزمن شبيه
-
الثقافة العربية وأضرابُها: أوجُه شبَه
-
عشرة أعوام مع الموت
-
كردستان العراق: مافيا الثقافة
-
مأساة الممثل محمد آل رشي
-
لا فتى إلا علي فرزات
-
حكايتي مع حزب الله واغتيال الحريري
-
الجراثيم تتحدّى الطبيب الفاشل
-
ديّوس، ولو علقوا بذيله فانوس
-
عن العلويين والأخوان المسلمين والراعي الكذاب
-
جمعة الحرامي رامي مخلوف
-
السلفيون يحملون صورَ سيادته
-
جواب السيّد الديّوس على رسالة أدونيس
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|