أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثقافةُ الديمقراطيةِ المتكسرة (1)














المزيد.....

ثقافةُ الديمقراطيةِ المتكسرة (1)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3658 - 2012 / 3 / 5 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في زمنيةِ الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين يجري محلياً (وعربياً بشكل ما) تصدع وعي الديمقراطية العربي في السياسة والثقافة ويأتي ذلك بشكل أساسي من تهافت اليسار، فاليسارُ هو الذي يلعب الدور المحوري في تشكيل الأنواع الفكرية والثقافية الوطنية، لأنه يقود التقدم في البلدان النامية.
الانهيارُ الاشتراكي في المركز يكونُ غير واضح، لكن بعض أجندتهِ نجدُها في الصراعاتِ بين أنواع اليسار، فظهور اليسار الطفولي المزايد هو من الجوانب الرئيسية يظهر في بدء انهيار هذه الثقافة.
تُطرحُ في الجدالات السياسية مزايدةٌ على طرق النضال، ويعلو صوت البندقية الزائف، حيث لا نار ولا دخان، وفجأة تنتشرُ صورُ جيفارا وماو وكاسترو، تغدو هذه الصور لدى اليسار الطفولي ضباباً فكرياً لضرب العقلانية، ولتصعيدِ جملٍ نارية، ويجري الاستهزاء بالطرق العقلانية في النمو السياسي، وما يترتبُ عليها من تحليلاتٍ فكرية للواقع، والغوص في تاريخه، واكتشاف البنية الاجتماعية له.
يجري النقاشُ حول طرق النضال بأشكالٍ حماسية غير عقلانية تبطنُ رفضَ طرق التحليل الموضوعية، وهذا ينعكس في هلامية الأشكال الفكرية والأدبية والفنية التي تتجمد عند ذلك الصراع السياسي السطحي.
حين نقرأ القصص والقصائد والمقالات نجدُ هيمنةَ التسطيح، والتوجه للموضات الأدبية الفكرية الغربية معاً، مثل تدفق الأشكال السريالية واللامعقول ويتحول هربرت ماركوز إلى مفكر نموذجي ليسار المغامرة، وتحصل الوجودية والبنوية على مؤيدين مهمين.
كان هربرت ماركوز يركز في المجتمع (الصناعي)، وبهذا الشكل المجرد يتمكنُ من تلافي تحليل قوانين المجتمع الرأسمالي الغربي، وتغدو ثيمة ماركوز وجيفارا وماو هي بحد ذاتها موترةً لليسار(السوفيتي) وابتعاده عن قراءات التحليل الموضوعية الأكثر نفاذاً في تجارب رأسماليات الدول الشرقية التي لعبتْ أدواراً في تأجيج الجمل الثورية ثم في كسرها.
عزف اليسار الطفولي على التطرف يقابلهُ فقرٌ في التحليل والإنتاج الفكري والانتاج الإبداعي عامة، فكان اليسارُ بشقيه يمثلان ضرباً ضد نمو العقلانية وتحولها لتحليلات موضوعية للواقع.
كان ذلك في مصلحة الابقاء على السطحية في الوعي والعفوية والانتقائية، ومن هنا لاءمت المقالةُ القصيرةُ هذا الوعي المسطح، التي تتحول في السر إلى بيانات زاعقة، تفتقد عمق السياسة البعيدة المدى.
كما يحدث الآن لورثةِ هذا اليسار المتعثر في أشراكِ الشموليات أي للمذهبيين السياسيين، الذين يعجزون عن دراسة الإسلام وسيرورته التاريخية، واكتشاف آفاق تطور الأمم الإسلامية فتغدو لديهم المقالة القصيرة الانتقائية الهزيلة الوعي منشوراً زاعقاً في حالة الرافضين وبخوراً حارقاً لدى غير الرافضين، بسبب الرغبة في الحصول على مكاسب سياسية واجتماعية سريعة.
ووجود هذين الصنفين المذهبيين السياسيين من الوعي المتضادين، والمتماثلين في جوهر سطحيتهما، وبروزهما يعبر عن الاستمرارية في تكوينات الوعي السطحي لدى البرجوازية الصغيرة المتعلمة مع تبدل البنية الاجتماعية. فالخطابُ اليساري السطحي يتلوهُ خطابٌ مذهبي سطحي.
في سيطرة المقالة القصيرة والمنشور وغياب الكتاب التحليلي والأنواع الواسعة من الأدب كالرواية والمسرحية والدراسة النقدية، صفة مشتركة، فهؤلاء المنتجون العجولون هم أناسٌ لا يزرعون بعمق ولكن يريدون ثماراً سريعةً باهرة.
رأسُ المالِ الصغير هذا هو عاداتهُ التاريخية، سواءً في الماركسية وهي تأخذُ أشكالاً طفولية تختزلُ تعقيدَ الاقتصادِ والطبقات وتريدُ القضاءَ بلمح البصر على التشكيلة الرأسمالية العالمية، أو في الوعي الديني وهو يأخذُ قسماتٍ طائفيةً ويتبعُ دولاً شمولية ويريد سحق الأنظمة بمفرقعات الأطفال أو بحلبها وتكوين رأسمال طفيلي ويصير شركة إسلامية مقفلة.
رأس المال الكبير لا يشارك في عمليات إنتاج الوعي والثقافة ويبقى في بنوكه وشركاته الكبيرة ليكون رأس المال العابر للحدود، الذي يعيشُ حالاتٍ دينيةً شكلانية خاصة في المجتمعات الاسلامية غير الديمقراطية.
من هنا فإن اليسارَ المغامرَ بصراخهِ المستمر كان يعطل التحليل، واليسار السوفيتي كان يردلا في حدودِ التقليديةِ النظرية المحنطة في المركز.
في الدول العربية الأخرى ذات الثقل السكاني بخلاف دول الخليج يتمكن النتاج الثقافي من النمو الواسع، لكن الفكر النظري التحليلي الكاشف لمسارات التطور هو في حالةِ موت سريرية، والنماذج النادرة متأثرة بمناخ تشويه الأفكار الكبرى التقدمية.
وحين ينهار اليسار فكرياً وسياسياً ينهار الهيكل العظمي للوعي العميق، حيث أخذ هذا اليسار الشرقي على عاتقه أن يكون طليعة للعمال وحفار قبور للرأسمالية معاً، وهما مهمتان مستحيلتان في التاريخ القريب لأن كل مهمة ضد الأخرى.
إنها لغةُ محفوظاتٍ لم تعد قادرة على الفهم والتحليل، وأصبحت مشوشة أكثر فأكثر نظراً لفقدان البوصلة، وصارت التطورات غير مفهومة بالنسبة إليها، وحالات الضياع هذه ستطلقُ لغةً ليبرالية انتقائية مصلحية، أو لغة يساريةً انتهازية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسبانُ كانوا عرباً
- صعودُ وهبوطُ الأفكارِ التحديثية
- تروتسكي والثورة الدائمة (2-2)
- تروتسكي والثورة الدائمة (1-2)
- الثورةُ السوريةُ والمحتوى الشعبي
- بين الوحدةِ والتفتتِ
- تجارةُ دلمون خطوةُ الخروجِ إلى العالم
- اليسارُ والتكويناتُ الاجتماعية الدينية
- شكلان للتناقض في العمل السياسي
- بعضُ مشكلاتِ الخليج الاقتصادية
- حلٌ توافقي
- الثورةُ السوريةُ والحضورُ الإيراني
- مستوياتُ الدينيين والتحولاتُ السياسيةِ
- البحرين جزيرةُ الحريةِ الغامضةِ في العصر القديم
- مشكلاتُ الجيران السياسية
- انطفاءُ المركزياتِ الحادة
- مشكلاتُ النهضةِ الخليجية العربية الإيرانية المشتركة
- الإخوانُ المسلمون ومخاطرُ الشمولية
- من سبب الأزمة في البحرين؟
- روسيا والصين من مساندةِ الثوراتِ إلى إجهاضها (2-2)


المزيد.....




- تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد ...
- قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
- وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا ...
- مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو ...
- الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر ...
- مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
- شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها ...
- -نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام ...
- ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
- الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثقافةُ الديمقراطيةِ المتكسرة (1)