طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3627 - 2012 / 2 / 3 - 08:54
المحور:
الادب والفن
تلك اللــــــــــوحة
قصة قصيرة
طلعت رضوان
أخرجه الحراس من الزنزانة لمقابلة مأمورالمعتقل. طلب منه المأمورأنْ يرسمه. ذكره الطلب بسنوات التعذيب شبه اليومى والحبس الانفرادى لأتفه سبب . تأخرّ فى الرد على المأمورالذى كرّرالطلب . تردّد الفنان بين الرفض والامتثال . يمتلك إرادة الرفض ولكنه مال للموافقة والمغامرة .
جلس المأمور فى ساحة المعتقل ، وأمر بجمع المعتقلين كى يشاهدوا زميلهم الفنان وهو يرسمه . وجلس الفنان أمامه يرسم . كان القلم فى يده أشبه بعصا المايسترو . واندهش من وضوح الخطوط العامة للوجه . واكتشف أنه مثل الموسيقارالذى يعزف لحنًا قديمًا محفورًا فى عقله ووجدانه .
كان المعتقلون يتابعون المشهد ، وانقسموا بين مؤيد ورافض لما يفعله زميلهم .
انتهى من وضع لمساته الأخيرة على اللوحة ، وقف يتأمّلها عن بُعد ، شعر بالرضا عن عمله. قدّم اللوحة لمأمور المعتقل . بعد النظرة الأولـــى ، مزّق المأموراللوحة . سبّ الفنان وصرخ فى وجهه (( هوّ دا وشى يا ابن الحرام ؟ )) فى هذه اللحظة توحّد المعتقلون . أصبحوا فريقًا واحدًا . الذين أيّدوا زميلهم الفنان ، والذين اعترضوا على موافقته لرسم وجه المأمور .
صمتُ الصحراء التى يقبع فيها المعتقل ، الصمتُ الذى لم تخدشه إلاّ أصوات الأنين المكتوم ، طوال عدة سنوات ،هذا الصمتُ شقه هذه المرة ، صوتُ مئات المعتقلين ، الذين غنوا نشيدًا عفويًا ، يشيد بحياة الفنان ، وهو يتوجه إلى غرفة التعذيب .
******
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟