أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حميد حران السعيدي - حكايات من زمن البسبس ميو ... 10














المزيد.....

حكايات من زمن البسبس ميو ... 10


حميد حران السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3611 - 2012 / 1 / 18 - 20:01
المحور: كتابات ساخرة
    


كلمة (رويسيه) كما درج في العرف العراقي تعني شقيقين ولدا للعائلة بالتعاقب، وبما ان العائلة العراقية تُكثر من الأبناء لأسباب يطول شرحها، فدائما ً ما يكون فارق العمر بين المولود ومن يليه بحدود السنة الواحدة أو أكثر قليلا ً، وفي بعض الأحيان اقل من السنة الكاملة، ولربما كان هذا الفاصل الزمني القصير بين الولادتين كان سبب بعدم إتاحة الوقت الكافي لكل مولود للتشبع بحنان الوالدين ـ وخاصة الأم ـ فيأتي التالي بعده ويصبح محط اهتمام الوالدين تطبيقا ً لما يتناقل عن لقمان الحكيم حين سألوه عن أحب أبنائه لنفسه فقال [غائبهم حتى يحضر، ومريضهم حتى يشفى وصغيرهم حتى يكبر]، فوفقا ً لهذه الحكمة يكون اصغر الأبناء قد حل محل من جاء قبله في الرعاية والاعتزاز مما يدفع الأكبر ـ تحت الشعور بالغيرة ـ للإكثار من المشاكل وحتى المعارك بين الاثنين يعتمد فيها السابق على قوته البدنية التي ستكون حتما ً أوفر مما لدى من يليه ويعتمد الأصغر على
دفاع الوالدين حيث سينحازان له حتما ً وقد تصل معارك ( الرويسيه ) وخلافاتهم لإشعال حياة سكان الدار جميعا ً، وعلى ضوء ما هو موجود فعلا ً من تزاحم غير اعتيادي في بيوتنا التي تقطنها الأجداد والأحفاد أو تتعدد فيها العوائل ضمن دار لا تتجاوز مساحتها 100 م2 فأن (عركات الرويسيه) سُتصدع رؤوس الجميع.
أم سلمان لا تعنيها السياسة كثيرا ً بقدر ما تعنيها جودة [ القيمر والجبن] اللذان تبيعهما على بيوت اعتادت ان تطرق أبوابها صباح كل يوم، في ذلك اليوم كانت محرجة بسبب اضطرارها ـ تحت ضغط الظروف ـ لمطالبة ( المعاميل ) برفع السعر لان السعر القديم أصبح ( ما يصَّرف )، وحين أعترض أحد زبائنها على هذا الأجراء محتجا ً بأن ( القيمر) لم يعد كما كان، فقد كثر فيه الحليب ونقصت كمية المادة الصلبة ( الكثيرة الدسم ) و فوق هذا أنتي تريدين رفع السعر، أجابت :(أدري يمه¬¬ أدري،هذا لا صوجي ولا صوج الجاموسات،صوج العلف يمه) ،وحين سألها ما علاقة العلف بما هو حاصل..؟
قالت : ان العلف أصبح رديء النوعية وغالي الثمن وعندما احتج هذا ( البطران ) داعياً إياها أن تشتري أعلاف جيدة لكي لا يصبح الحليب أقل جودة وأقل كمية ولا يظل (القيمر ) على ما هو عليه من سوء الحال ورداءة المآل، ضحكت باستهزاء وقالت : عركات الرويسيه ضيعت حتى العلف ( الزين ) ،سألها زبونها ( اللحوح ) من هم الرويسيه وما هي علاقتهم بالعلف ؟ قالت : يبدو انك قد استيقظت من النوم قبل قليل لذلك لم تعرف ما اقصد، لكني سأحدثك بما قاسيته كأم من الرويسيه، فلقد كان ولداي سلمان وحسان يفتعلان المشاكل بسبب وبدون سبب، وبين ما اختلفا عليه عدة مرات هو الرغيف الأول الذي يخرج من التنور، كل منهما يريده له، فهما لا يهتمان بما كنت أعانيه من مواجهة حرارة التنور ـ وخاصة في ظهر الصيف اللاهب ـ بقدر ما كانا يهتمان بالحصول على الرغيف الأول، لكني ـ وانا الأم ـ أفكر دائما ً بطريقة لإرضائهما وتجعلني أركز على إعمالي ألبيتيه الكثيرة التي تبدأ من الصباح الباكر ولا تنتهي حتى موعد النوم، ومن بين
( البروتوكولات ) التي عقدتها أم سلمان بين ولديها أنها اتفقت معهما على ان يكون الرغيف الأول من نصيب حسان في المرة الاولى ومن نصيب سلمان في المرة الثانية غير ان هذا الحل لم يكن موفقا ً، فقد كان كل منهما يدعي ان الآخر هو الذي حصل على الرغيف الأول في المرة السابقة وان رغيف هذه المرة سيكون له، ويحتكمان للام في تأكيد ذلك أو نفيه ، لكنها تحت ضغط المشاغل اليومية كانت تنسى من هو المستحق، لذا قررت ان تعقد (بروتوكول ثاني) مفاده ان تقسم الرغيف الأول بينهما مناصفة ً، ولكن ذلك لم يكن حلا ً ناجحا ً كذلك، فقد كانا يختلفان مرة أخرى بحجه ان هذا حصل على النصف (المكسب) بينما كانت حصته هو النصف (غير المكسب) واستمرت الخلافات بدون حل.
عندها سأل الزبون ( وتالي شلون ) هل ظلا مختلفان دائما ً..؟ أجابت : بالنسبة لسلمان كان هناك حل وأما حسان فمشاكله استمرت، والحل الذي حصل إني ولدت ابنتي (زنوبه)، فأصبحت هي رويسيه حسان، وبدأت المشاكل بينهما، وسلمان
أصبح يخرج إلى الشارع ليلعب مع أقرانه، وضلت المشاكل مستمرة بين حسان وأخته وكانت بدايتها من منهما يقاسمني الفراش، ثم كبرت زنوبه وعادت مشكلة الرغيف الأول بينهما كما كانت بين الولدين، وهنا تساءل الزبون : (يعني ماكو حل) ؟ أجابت : لا يوجد حل ما دام القضية حصتي وحصتك، لكن أبا سلمان (أطال الله عمره) قد وجد حلا ً، فقد قرر أن يشتري الخبز من المخبز القريب وأصبح الخبز كله يدخل إلى البيت مرة واحدة وليس هناك رغيف أول، خفف ذلك من إعمالي المنزلية ومنذ ذلك اليوم لم أواجه حرارة التنور وأصبح لدي وقت لإتمام إعمال أخرى إضافية تزداد كلما كبرت العائلة، سألها الزبون : إذا كانت محاصصتكم قد انتهت بقرار (أبو سلمان) وهو قرار لا تعوزه الحكمة فمن الذي سينهي لعبة المحاصصة الكبرى في العراق..؟ وهل هناك بارقة أمل ؟ فالرغيف الأول ما زال القضية الكبرى التي تشغل الجميع، والنصف (المكسب) ما زال موضع الاهتمام، وليس بين الخصوم سلمان كبر وذهب للعب مع اقرانه، وليس بين أهل الحل والعقد من يمتلك الحكمة ( كأبي سلمان ) يبحث عن البديل الأنسب فهل يعني ذلك ان أعمارنا ستنتهي والخصومات لا تنتهي ؟
أجابت باندهاش : (يمه وين وديتني أنه أحجي على علف الجاموس وطلايب أولادي ليش أتورطني أبهالوحل ألما يخلص) ،
سحبت أوانيها وحملتها فوق رأسها والتفتت نحو زبونها ناصحة إياه (يمه شوف اغاني بالتلفزيون ولا تديره على الإخبار تره تصير بيك جلطه)، وذهبت لتطرق بابا ً آخر من أبواب الزبائن وقد قررت في سرها ان لا تتحدث ثانية بهذا الموضوع المزعج.



#حميد_حران_السعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من زمن البسبس ميو...9
- حكايات من زمن البسبس ميو......6
- في ليله عيد الميلاد
- الليبرالية و الربيع العربي
- محنة هوية ..... أم أزمة ثقة
- حكايات من زمن البسبس ميو ........ 8
- لست بحاجة لشهادتك
- حكايات من زمن البسس ميو.....7
- حكايات من زمن البسبس ميو-5-
- حكايات من زمن البسبس ميو (4)
- حكايات من زمن البسبس ميو 3
- حكايات من زمن البسبس ميو -2-
- حكايات من زمن البسبس ميو (1)
- انهيار الاصنام
- مارشال اسلامي
- ارحمونا يرحمكم الله
- دور المثقف في مواجهة الاخطاء
- ولكم في تساقط الدكتاتوريات عبر
- ما الذي قاله الهلالي في حديث الكف
- امال على ابواب الاستحقاق الانتخابي


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حميد حران السعيدي - حكايات من زمن البسبس ميو ... 10