أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - قال لي














المزيد.....

قال لي


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3601 - 2012 / 1 / 8 - 19:08
المحور: الادب والفن
    


يأتيني على فَرَسٍ من رُخامْ، رافعاً نهراً في الهواء، يقولُ حِكْمَتَهُ ويبقى في مكانِهِ، يجرِّدُ المعنى من المعنى، ويقلبُ الرُّوحَ إلى ماءٍ جارٍ، يحتوي امرأةً حزينةً في جُبَّتِهِ، ويقلِّدُ ناراً تتسَحَّبُ بينَ الجَمْرِ كقِطٍّ خائفٍ، يُعطيني واجباً لا طاقةَ لي على احتمالِهِ، يُراقِبُني ويُخبِرُ شيوخَهُ بخطواتي حرفاً حرفاً، وأنا مثلُ شجرةٍ خوَّفتْها الرِّيحُ، وسكَنَتْها عصافيرٌ غريبةٌ بألوانٍ شفافةٍ وأصواتٍ كإيقاعِ حربِ مَطَرٍ مع زجاجِ نافِذةْ.

قالَ لي: أوقِفْ قلبَكَ عن النبضِ، وادخل في نورِ الوثبةِ المطمئنّةِ، لا تخَفْ حينَ يغزوكَ نملُ الأسئلة، كلما زادت الأسئلة، زادَ إيمانُكَ بجهلِكْ، والجهلُ هنا كالعرفانِ تماماً، أبيضُ يصلحُ للكتابةِ، ويحرِّكُ يديهِ بمنطقٍ لا يعيهِ سواهُ.

قالَ لي: تجاوز نفسَكَ، تتجاوزكَ نفسُكَ، وتُخرِسُ شهوةَ الْمُلْكِ في دمِكْ، يصيرُ أعداؤكَ هواءً، وانتظارُكَ صُوَرَاً في العتمةِ، ويصيرُ زفيرُكَ عبادةً، وجلوسُكَ على الرّملِ اتّصالاً بروحِ الأرضِ، إرفعْ يديكَ تصبحُ مسكناً لأرواحِ الفراشِ وتحمي الغزالةَ من غولِ الخوفِ وتَرقدُ بين يديكَ الأُسْدُ مثلَ حماماتٍ بيضاء.

قال لي: حينَ يجفُّ ضرعُ السماءِ، أُهْجُرِ الكلماتِ وانتبِهْ كي لا تكونَ صيداً لليأسِ، لا تلعَنْ شيئاً فاللاعنُ ملعونٌ حيثُ لا يدري، أجلس في شكلِ زهرةٍ تنتظرُ الماءَ، واخْمِشْ بعينِ قلبكَ ما تراه في ظُلْمةِ الإغماضةِ، وأخرِجْ رؤاكَ على مَهلِ، فما تعجَّلَتْ رؤيا بالخُروجِ إلا فقَدَتْ لونَها، لا تسمَع، بل أنصِتْ، وحينَ تُصَبُّ الفكرةُ من إبريقَ السماءِ إلى قدَحِ قلبِكَ، لا تفرَحْ كولَدٍ مَدَحَهُ أبوه، بل أنصِتْ أكثرْ.

قالَ لي: كُنْ غبيّاً حينَ يتذاكى الآخرون، وكنْ سوسنةً حينَ يمتلئُ الفضاءُ بالعوسَجِ، كُنْ مُعلَّقةً حينَ يملأُ الهذرُ المكانَ، وكُنْ وراءَ المكانِ في كلِّ حين، لا تكنْ في المكانِ كي لا تأخذَ صفةً بشريّةً، كل من كانَ في مكانٍ سيكونُ يوماً في لا مكانْ، وكلُّ من ملأ الزمانَ بحضرتِهِ، سيُنكِرُهُ الزمانُ في الزمانْ، كُنْ خارجَ المكانِ وخارجَ الزمانِ لتأخذَ المديحَ من جِلدِكَ وساعديك، لا تكُنْ أنتَ، بل ما تريدُ أن تكونْ.

قالَ لي: وإن صادَفتَ امرأةً تربّي جمالَها وتنتظِرْ، فلا تحدثْ نفسَكَ بأنَّكَ هوَ، فالذي ننتظره لا يجيءُ أبداً، فإن جاءَ فإننا لا ننتظرْهُ بعدُ، فلا تكنْ من يُنتَظَرْ، ولا تكُنْ من يجيءْ، الانتظارُ رغبةٌ في شيء، والمجيءُ انقضاءُ الرغبةِ في الشيء، فلا تكن انتظاراً ولا تكن انقضاءَ رغبةٍ، أنقذْ روحَكَ من خِفَّتِها، تعلوْ، وليس كلُّ ما ثقُلَ يهبِطُ فهذا قولٌ دنيويٌّ كالجوعِ والمرضْ.

قالَ لي: لا تتبعني، لأني لا أذهبُ ولا أجيءُ ولا أبقى في مكاني.


الثامن من كانون ثاني 2012



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطعةُ حلوى في آخرِ الحكايةِ
- خائفة من الحرب
- رَغَد في الغابة المجنونة قصة للأطفال
- تحتَ نافذةٍ مُغلقةْ
- إذا كان الشعب الفلسطيني مُختَرَعَاً... فمن أنا؟
- ليس هذه المرة قصة قصيرة
- قالت البنت الحزينة قصة قصيرة
- الثورات العربية، ماذا بعد رحيل الأنظمة؟
- حين يكونُ الفنُّ محرِّضاً فاعلاً
- رأيت ولم أكن هناك
- غزة، المكان الغلطْ في الزمان الغلط
- قُرُنْفُلةٌ بيضاءْ قصة قصيرة
- ما الحبُّ؟
- كلامُ الغريبْ... كلامٌ للغريب
- إنتَظِرِيْنا قصة قصيرة
- سمَّيتُها بلادي ونمتُ
- فِتْنَةُ الرّاوِي الّذي عاشَ أكْثَرَ ممّا يجِبْ
- كبلادٍ مهزومةٍ وجميلةْ
- الحسن والحسين، أخطاء تاريخية بالجملة
- في حضرة الغياب، إنتاج هزيل وغير مدروس


المزيد.....




- وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
- تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20 ...
- بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال ...
- إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
- فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
- قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا ...
- مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق 
- نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني ...
- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط
- رواية -الليالي البيضاء- للكاتب ضياء سعد


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - قال لي