|
كتاب وصف مصر 2011
نسيم عبيد عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3591 - 2011 / 12 / 29 - 08:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فى 27 ديسمبر العام الماضى ‘ كتبت مقال بعنوان كتاب مصر عام 2010 ‘ وكتبت فيه اودع العام ‘قلت عنه أسوأ عام فى تاريخ مصر ‘ ولم أكن أعلم ماتخفيه الأيام لمصر ‘فقد بدأ العام بمذبحة شباب الأقباط فى نجع حمادى ‘ وانتهى بمذبحة شباب الأقباط فى العمرانية ‘ وكان مبارك حاكما لمصر 30 عاما ‘ وفى أول صفحات عام 2011 ‘ فجر مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى كنيسة القديسين فى الأسكندرية ‘ هذه المجزرة التى فجرت كل شئ فى مصر كلها ‘ والتى كشفت فخاخ الحكم وأخرجت الشعب فى كل شوارع مصر ‘ وجمعت شبابها حول الفيس بوك ‘ يجمعون قواهم لثورة فى ميدان التحرير ‘ وإنتهى العام بحرق كتاب وصف مصر ومجلداته فى المجمع العلمى المصرى ‘ بميدان التحرير. جاء نابليون بونابرت الى مصر على رأس حملة عسكرية عام 1798 ‘ وبتخطيط عسكرى ‘ ولكن وللعجب ولسمعة وتاريخ حضارة مصر ‘ قدم ومعة على مراكبه 160 عالما وباحثا فى كل فروع الحياة ‘ ليكتبوا كتاب فى 192 مجلدا يوصفوا فيه حياة هذا البلد ‘ الذى يبهر العالم بحضارته وتاريخه العريق ‘ وفى آخر صفحات العام 2011 ‘ تم حرق معظم مجلدات الكتاب ومعه الآلاف من فروع المعرفة الأخرى ‘ فالذين حاولوا حرق وتدمير كنيسة الله فى مصر ‘ هم الذين يحرقون كل ماله أثر بتاريخ وحضارة مصر أيضا ‘ ومابين حرق الكنيسة فى أول العام وحرق آثار الحضارة فى نهايته ‘ إحداث وثورات وتغيرات وتحولات خطيرة للغاية ‘ قد تغير وجه الحياة فى مصر والمنطقة بأجمعها ‘ حتى أن العالم كله مازال واقفا على أطراف أصابعة ‘ محلقا يريد أن يعرف ماسترسى علية الأمور فى هذا البلد المتميز ‘ إحتوى كتاب عام 2011 ‘ مايمكن أن يملء أكثر من مجلدات وصف مصر الفرنسى ‘ فعام 2011 بدأ بنهاية حكم مبارك وبدأ حكم ورثته القوات المسلحة ‘ تسلموا منه الحكم فى 18 فبراير بطريقة ما غير معروفة لأحد حتى الآن ‘ أزاحوا وريثه إبنه جمال ‘ وورثوا هم الحكم كما تنبأ هو يوما ما أن القوات المسلحة سترث حكمه ‘ وينتهى العام وهم قابعون على قلب وأنفاس المصريين ‘ الرافضين لهذه الوجوة السوداء والحمراء والخضراء. فى 24يناير ذهب مبارك الى أكاديمية الشرطة ‘ وفى حماية رجال حبيب العادلى ‘ ألقى خطابه الذى وصفته فى مقال لى –خطاب فى عرش الشرطة – وقد كتبت عن خطابه هذا ‘ انه خطاب إنتهاء الخدمة ‘ خطاب وداع العرش ‘ خطاب خلو طرف من فترة خدمة فشل فى القيام بواجباتها ‘ كان خطاب كآخر محاولة قبل النطق بالحكم ‘ وكتبت أيضا أن ماورد بالخطاب هو صك إتهام فى وثيقة حكم مصر ‘ وصحيفىة إدعاء موثقة بالأدلة أمام محكمة شعب مصر. وخرج الشعب عن صبره وصمته الطويل ‘ وبعد 30 عاما ‘ وفى ميدان التحرير ‘ التف شعب مصر حول شبابه اليافع الناضج ‘ يزأر طالبا إسقاط النظام ‘ وما هى إلا أيام معدودة حتى رضخ الحاكم الظالم ‘ وخرج ولكنه لم يخرج تماما ‘ فقد أودع مفاتيح الحكم ‘ لزبانيته وقادة مجلسه العسكرى ‘ فقد سلمهم الصندوق ولكنه إحتفظ بالمفتاح ‘ وبعد خروجه من قصر إقامته الى قصر إقامة آخر ‘ رأى شعب مصر ضباط الجيش يعودون بعد 60 عاما يحكمون البلاد كمجلس قيادة مسلحة ‘ وعلى الفور نشروا الحكام العسكريين فى كل ربوع بلاد مصر ‘ والبلد تحكم حتى الآن بحاكم عسكرى فى كل ركن من أرض الوطن ‘ فخرج من الحكم عسكريا واحدا ‘ ليورثها الى كل العسكريين فى مصر . وبدأ الورثة ينفذون مخططاتهم للبقاء فى حكم البلاد الى مالا نهاية ‘ فأخرجوا المتطرفين المسلمين وعلى رأسهم جماعة الأخوان المسلمين والسلفيين من سجون مصر ‘ ليعبثوا فى الأرض فسادا ‘ فبدأوا بحرق الكنائس ‘ وكانت كنيسة أطفيح –صول- أكبر مثل على الكراهية والبغضة ‘ التى نفث فيها هؤلاء السلفيين تعصبهم وحقدهم على كنيسة المسيح ‘ ثم تلاها كنائس كثيرة ‘ مسلسلات خطف البنات وإرغامهم على الأسلمة ‘نشر الرعب فى المجتمع بفرض الحدود ‘ وبدأوها بقطع الأذن ‘ فاق المجتمع ‘ على عصابات ومافيات بلحى وبدون ‘ يحرثون الأرض ويزرعونها بالفتاوى القاتلة ‘ وغطت مصر سحابة من سواد إسلامى يوزع الحقد والكراهية فى كل مكان ضد المسحيين وبحماية من العسكريين ‘ يقتلون ولا حساب ‘ يخطفون ويغتصبون البنات والحقوق ‘ ولا معين ولا منقذ من كل هذه البربرية القانونية ‘ أفاق المجتمع على المجلس العسكرى يقوم بتجميل جماعة الأخوان المسلمين لحكم البلاد ‘ فقام بتعيين مستشاريهم –طارق البشرى وصبحى صالح – ليتم تفصيل تعديلات دستورية ‘ وقانون تفصيل الأحزاب السياسية ‘ ووضح لرجل الشارع ‘ أن الإتفاق قد تم بين الإسلاميين وقادة الحكم ‘ على خطة تحجيم هذا البلد وتغليفة بحكم أسود تحت قوانين القمع الإسلامية ‘ وبقيادة عسكرية تحمى مخططاتهم وتركتهم التى ورثوها من حكم الثلاثين عاما من الفساد والطغيان . وبدأت الأمور والمخفيات تظهر على السطح ‘ فوضح لنا أن ثمن الحرية الهشة هو الأقباط ‘ فبدأوا كما قلت بهدم الكنيسة وحرق الأخرى وقتل وخطف المسيحيات ‘ وفى ظل فتوى لمفتى الديار بتكفير هؤلاء المسيحيين ‘ خرجوا ليحرقوا كنيستين فى إمبابة فى يوم واحد‘ والتى قتل فيها 6 من الأقباط وجرح أكثر من 230 ‘ وإستمر قمعهم وقهرهم فى كل المجالات ‘ وتركوا الحبل على الغارب للإسلاميين يطاردون المسيحيين وقادة الكنيسة ‘ وإجتاحت مصر غمامة وسحابة من التأسلم الظاهر للعيان ‘ وظهر للكل أن تصفية الأقباط من أرض مصر قد وضعت موضع التنفيذ ‘وأن هناك حرب أهلية على الأبواب يكون ضحيتها الأقباط والكنيسة ‘ واستمر المخطط ‘ وفى شارع ماسبيروا أطلقت قادة القوات المسلحة فى مناورة مكشوفة ‘ بقيادة الشرطة العسكرية ورجال الصاعقة والمظلات ‘ قادوا عملية تصفية وتهريس لأجساد الأقباط فقتلوا 29 قبطيا منهم 17 مدهوسيين بالمدرعات ‘ وعلى مرأى من العالم كله ‘ لم يأبهوا لأحد ‘ كفاهم رضاء الإسلاميين فى مصر والسعودية ‘ وبلاد الخليج العربى . ووضح للجميع أن مخطط المجلس العسكرى يسير فى غوايته لحكم البلاد ‘ فقد أطلق العنان لجماعة الإخوان المسلمين وللسلفيين ولكل الجماعات الإسلامية فى مصر ‘ أن تكون أحزابا شكلها الخارجى سياسى وفى حقيقتها أحزاب دينية ‘ ترك لهم العنان فى إنتخابات شغلت البلاد كلها ‘ ليحصدوا كل كراسى مجلس الشعب ‘ وسيخلفه مجلس الشورى ‘ ترك لهم المجلس الإنتخابات لينعموا بها ‘ وعلى الجانب الآخر ‘ مستمرا فى تصفية كل عناصر الثورة الشبابية المصرية ‘ التى تجرأت وزأرت فى يناير الماضى ‘ وفى ظل هذه الإنتخابات قامت القوات المسلحة بإستخدام الغازات والكيماويات لقتل مئات الشباب المصرى فى موقعة محمد محمود ‘ولحقها مذابح وقتل وحرق بمواقع مجلس الوزراء وميدان التحرير ‘ ومع مسيرة الإنتخابات ‘ عين مجلس وزراء لحكم مصر ‘ من عناصر معينة ‘ إختارها بمعرفته متجاهلا الشعب المصرى ومطالبه ‘ وظهر جليا أن الذى يفعل كل ذلك فى شعب مصر لن يترك الحكم لأحد بل هو مستمرا على كرسى الوراثة ‘ كتم إنفاس للشعب لدكتاتورية الحكم . وهذا ما يسطر أواخر صفحات كتاب عام 2011 ‘ لقد حرقوا النسخة الأصلية الفرنسية من كتاب وصف مصر عام 1798 ‘ وعيونهم على حرق كتاب وصف مصر الحديث هذا العام والأعوام القادمة ‘ولإلهنا نسأله أن يحفظ أرض مصر من المتآمرين على ألأرض والشعب المبارك منه ‘ لنبدأ كتاب 2012 بصفحات مضيئة يسطر فيها المصريين مايبعث فينا الأمل والرجاء ‘ فى حياة جديدة آمنة وسالمة على أرض وطننا الغالى.
#نسيم_عبيد_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأما الآن فالقاتلون يبيتون فيها!!
-
من يحارب شعب مصر ؟
-
دستور ياأسيادنا
-
الكلب واللصوص
-
مقال - أميركا تريدها رجعية
-
بداية الشوط الثانى
المزيد.....
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|