|
هل حقاً أن القرآن لا يأمر بضرب النسوان ؟
سائس ابراهيم
باحث في الأديان
(Saiss Brahim)
الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 00:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في العام 1919 عيّن لينين الكاتب الشهير حاكماً إدارياً لأوكرانيا، وبعد فترة أرسل غوركي رسالة تاريخية إلى لينين رئيس الدولة ورئيس الحزب يخبره فيها أنه لا يمكن نشر الأفكار الإشتراكية في مجتمع مستلب بالدين، ورأى غوركي أن من أول واجبات الحزب الشيوعي يجب أن يكون مقاومة الأفكار الدينية بكل أشكالها.
وفى وطننا المسمى عربي يعد الدين و الخرافة والشعوذة وتقديس الأولياء والصالحين مكونات رئيسية للإيديولوجيا السائدة ومن خلاله تهيمن الطبقات المستغِلة و تتحصن تجاه كل نقد مسبغة بذلك على ذاتها شرعية دينية لا يرقى إليها الشك.
فى مواجهة ذلك يغدو من المُلِح بالنسبة للماركسيين اللينينيين اتباع نموذج مكسيم غوركي وكشف حقيقة ذلك الخداع الإيديولوجي والقداسة والهالة الروحية لفضح المرامي والأهداف التي تختفي وراءه.
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء 34
يبدأ السيد نبيل هلال مقاله "هل القرآن يأمر بضرب النسوان ؟" بِـ : " فبتتبع معاني كلمة (ضرب) في المصحف وفي صحيح لغة العرب , نرى أنها تعني في غالبها المفارقة والمباعدة والانفصال والتجاهل، خلافا للمعنى المتداول الآن لكلمة (ضرب )، فمثلا الضرب على الوجه يستخدم له لفظ (لطم) ,والضرب على القفا(صفع) والضرب بقبضة اليد (وكز)، والضرب بالقدم (ركل). وفي المعاجم : ضرب الدهر بين القوم أي فرّق وباعد، وضرب عليه الحصار أي عزله عن محيطه. وضرب عنقه أي فصلها عن جسده. فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل. والعرب تعرف أن زيادة (الألف) على بعض الأفعال تؤدي إلى تضاد المعني : نحو (ترِب) إذا افتقر و(أترب ) إذا استغنى، ومثل ذلك (أضرب) في المكان أي أقام ولم يبرح (عكس المباعدة والسياحة في الأرض).
مغالطات وتدليس إذ أن المعاجم العربية وشراح الأحاديث ورواته وممارسات الرجال منذ قرون تظهر عكس ذلك :
ضرب : الضرب معروف، والضَّرْبُ مصدر ضَرَبْتُه؛ وضَرَبَه يَضْرِبُه ضَرْباً وضَرَّبَه، وضَرَبَ الوَتِدَ يَضْرِبُه ضَرْباً: دَقَّه حتى رَسَب في الأَرض. (لسان العرب) ضرب : الضاد والراء والباء أصلٌ واحدٌ، ثم يُستعار ويحمل عليه، من ذلك ضَرَبت ضرباً، إِذا أوقعت بغيرك ضربا. (مقاييس اللغة)
لطم : اللَّطْمُ: ضَرْبُك الخدَّ وصَفْحةَ الجسد ببَسْط اليد. (لسان العرب) اللَّطْمُ: ضَرْبُ الخَدِّ وصَفْحَةِ الجَسَدِ بالكَفِّ مَفْتوحةً. (القاموس المحيط)
صفع : صَفَعَه يَصْفَعُه صَفْعاً إِذا ضرب بِجُمْعِ كَفِّه قفاه، وقيل: هو أَن يَبْسُطَ الرجل كفه فيضرب بها قفا الإِنسان أَو بدنه. (لسان العرب) صفع : صَفَعَهُ : ضرَبَ قَفاهُ بِجُمْعِ كَفِّه. (مقاييس اللغة)
وكز : وَكَزَهُ وَكْزاً: دفعه وضربه مثل نَكَزَه.وكز والوَكْزُ الطعن، ووَكَزَه أَيضاً : طعنه بجُمْعِ كفه. "وفي التنزيل العزيز: فَوَكَزَه موسى فَقَضَى عليه". (لسان العرب) وكز : يقال وكَزَه : طعَنَه، ووكَزه ضَربه بجُمْع كفِّه. ووَكَزَه : دَفَعه. (مقاييس اللغة)
ركل : الرَّكل: ضَرْبُك الفرسَ برِجْلِك ليَعْدُوَ، والرَّكْل الضرب برجلْ واحدة، رَكَلَهُ يَرْكُله رَكْلاً، وقيل هو الركض بالرِّجل، وتَرَاكَلَ القومُ. (لسان العرب) ركل : الرَكْلُ: الضربُ بالرجلِ الواحدة. (الصحاح في اللغة)
نشز : النِّشْزُ والنَّشَزُ: المَتْنُ المرتفعُ من الأَرض، ونَشَزَت المرأَةُ وهي ناشِزٌ: ارتفعت على زوجها واستعصت عليه وأَبغضته وخرجت عن طاعته. (لسان العرب) نشز: ونَشَزَتِ المرأة تَنْشُزُ وتَنْشِزُ نُشوزاً، إذا استعصت على بَعْلها وأبغضته. (الصحاح في اللغة)
ترب : وتَرِبَ تَرَباً ومَتْرَبةً: خَسِرَ وافْتَقَرَ فلَزِقَ بالتُّراب، وأَتْرَبَ استَغْنَى وكَثُر مالُه، فصار كالتُّراب، هذا الأَعْرَفُ. وقيل: أَتْرَبَ قَلَّ مالُه. قال اللحياني قال بعضهم : التَّرِبُ الـمُحتاجُ ، وكلُّه من التُّراب. (لسان العرب) تَرِبَ : كَفرحَ: كَثُرَ تُرَابُه، وخَسِرَ، وافْتَقَرَ، وأتْرَبَ: قَلَّ مالهُ، وكَثُرَ. (ضدُّان). (القاموس المحيط)
وعن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا ضرب أحدكم ، فليتق الوجه) رواه مسلم
وعن سبب نزول الآية يذكر ابن كثير سبب نزول الجزء الأول من الآية كالتالي: قال مقاتل والسدّي والضحاك وقال الحسن البصري : جاءت امرأة إلى النبي تشكو أن زوجها لطمها فقال رسول الله : "القصاص" فأنزل الله عز وجل : "الرجال قوامون على النساء" فرجعت - المرأة الشاكية - بغير قصاص. وحديث آخر عن علي بن أبي طالب، قال : أتى رسول الله رجل من الأنصار بامرأة فقالت : يا رسول الله إن زوجي فلان بن فلان الأنصاري ضربني فأثر في وجهي فقال رسول الله : "ليس له ذلك" فأنزل الله تعالى "الرجال قوامون على النساء". رسول الله : " أردت أمراً وأراد الله غيره" فأردف وهكذا نلاحظ أن تفاسير السيد هلال هلال نابعة من خياله وليس من المعاجم، وأمثاله ممن يخلطون بين العلم والسياسة لا يعنون كثيرا بعملية التاريخ، أنهم يعتمدون عادة من الروايات ما يخدم أهدافهم الآنية فإذا لم يجدوا تلك الروايات التي تخدمهم فلا بأس بتزويرها.
في كل بلدان العالم المتحضر، هناك قاعدة فقهية في القانون مفادها "أن المتهم برئ حتى تثبث إدانته"، لكن محمد وقرآنه لا يعترف بهذا، فامرأة تُهجَر في المضاجع وتُضرَب لمجرد الشك في تصرفاتها حيال الزوج "خشية النشوز" قبل وقوع الفعل "واللاتي تخشون نشوزهن".
قبل وقوع النشوز، يملك الرجل حق تفسير أحوال الزوجة وحركاتها وسكناتها على هواه، وانطباعاته تبيح له أن يمارس ما أمره به محمد وقرآنه بمعاقبة الزوجة المسكينة على شيء لم تقم بفعله بعد.
على العكس حينما "تخاف" الزوجة نشوز الزوج " "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ " النساء، آية 128. ينقلب محمد وقرآنه حَمَلاً وَدِيعاً ويُشَرّع الصلح كأحسن وسيلة لعودة الوئام بين الزوجين.
منطق بدوي رجولي متخلف وظالم. لا يهم محمد وقرآنه وضعية الزوجة الناشزة –حتى في حال حصوله-، أهي مريضة أو غاضبة، أزوجها عِنّين أو بارد زنجياً أو سريع القذف أو سيء المعاشرة، غليظ الطبع، جلِفاً، أو أنه بلغ من العمر عتياً واشترى بماله وجاهه طفلة في عمر الزهور (كما يحدث منذ قرون إلى الآن في اليمن والسعودية والسودان وأفغانستان و... و... و...). المرأة لا حق لها مطلقاً في الإحتجاج ورفض نزوات الرجل/الزوج ولو كانت منهكة حزينة منهارة. إن قرآن محمد لا يقبل منها "النشاز" أبداً ويستبق وقوع الحدث بشرعنة العقاب.
إن الزواج عند محمد ليس تلك العلاقة الإنسانية الحميمة الرائعة التي نفهم الآن، إنها علاقة قائمة على استمتاع الرجل/الزوج بجسد المرأة، أليس هو القائل في قرآنه، في قصة ولده زيد بن حارثة وزوجته زينب بنت هند "فلمّا قضى منها زيدٌ وطراً زوّجناكها"، والمعنى : لمّا شبع منها زيد نكاحاً، أعطيناها لآخر تَشَهّاها كالحيوان واختطفها من زوجها الذي لم يكن سوى ابنه.
تفاسير وتدليسات أخرى تضاف إلى تفسير السيد هلال هلال : - البعض يقول إن ضرب النساء يجب أن يكون بسواك أو غصن الرصاص على يدها. - البعض الآخر يقول إن ضرب النساء يعني الإضراب وهو التوقف عن فعل شيء، أي نتوقف عن التعامل معهن.
#سائس_ابراهيم (هاشتاغ)
Saiss_Brahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رد طلعت خيري على كامل النجار : شتائم وجهل وكذب قبيح..
-
الربيع -العربي- يستحيل خريفاً .. الدين واليسار والصراع الطبق
...
-
الجيلاني الهمامي ومداخلته : ملاحظات، ملاحظات
-
السيرة الذاتية لسياف عربي... لنزار قباني
-
أيمكن وصول لهيب الثورة إلى الجزائر والمغرب ؟
-
قذافيات
-
كل ثورة وإحنا دايماً فرحانين
-
محمد، أبو لهب وشتائم الله
المزيد.....
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|