وضع الحركات اليسارية في ما بعد ثورات الربيع العربي
أمير خليل علي
2011 / 12 / 5 - 19:09
1ــ هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العماليةوالاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذهِ الثورات؟ و إلى أي مدى؟
ج 1 –
لست على إطلاعكاف بمجريات الأمور أو بما حدث في الساحة السياسية. ذلك أن اهتماماتي تنحصر في فهمالتوجهات الفكرية والأيديولوجية، ولا أهتم كثيرا بالتحركات أو بالحركيات السياسية.
لذا فما أملكهمن معلومات واهتمامات لا يخولني الحق في الإدلاء بأي تقييم لمشاركة"القوى" اليسارية في التحركات السياسية.
2- هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكلخاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوىالديمقراطية واليسارية؟
ج 2 –
أظن من الصحيح أنه "كان للاستبداد والقمع دوره السلبي المؤثر في إضعافحركة القوى الديمقراطية واليسارية". لكن هذا كان ساريا أيضا على كافة الحركاتفي " في الدول العربية". وليس قاصرا بشكل خاص على " القوىالديمقراطية واليسارية". بل ذاقه الجميع. ولذا فلا أظن أن دور "الاستبداد والقمع" كان حاسما في "إضعاف حركة القوى الديمقراطيةواليسارية". فهو كان أحد العناصر التي ساهمت في هذا "الإضعاف" لاشك. لكنه لم يكن "الدور الحاسم". بدليل أن كافة الحركات تعرضت له وذاقته،ورغم ذلك استمر بعضها، واستقوى، بينما زاد ضعف اليسار.
3- هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينةللقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها و ابتكار سبل أنجعلنضالها على مختلف الأصعدة؟
ج 3-
من المحتمل أن"بعض" القوى اليسارية والديمقراطية تعلمت بعض الدروس الجديدة والثمينةمن هذه الانتفاضات والثورات. وربما كان الدرس الجديد الأساسي هو أن الشعوب العربيةأصبحت – كغيرها من الشعوب المتقدمة - تطالب بالحق في الاختيار والكرامة والحريةوالمشاركة. وهو درس لا أظنه سهل الاستيعاب لجميع التيارات الموجودة في البلدانالعربية. وذلك بخاصة للأحزاب "اليسارية" التي تعتمد على فكرة الحزب الذييقود الثورة على النمط اللينيني والكاستروي (من كاسترو)، حيث الجماهير بالنسبةلهذه الأحزاب اليسارية، ما هي إلا مجموعات من الرعاع الذين يتوجب على قادة الحزب (أوعصابات الثورة) توجيههم وقيادتهم وتحريضهم، لا أكثر. بحيث لا يزيد دور الجماهير عنالعمل كمجرد "وقود" للثورة، وليس كهدف وغاية للثورة.
4ــ كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العمليةالسياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذهِ المشاركة ؟
ج 4 –
ملاحظة:
من الغريب أنأغلب الأسئلة حرصت على الجمع بين ما أسمته " القوى اليساريةوالديمقراطية" معا، وكأن اليسار والديمقراطية صنوان متفقان ومتحالفان. وهذالا أظنه دقيقا.
ثم عندماوصلنا إلى السؤال الرابع (هنا) تكلم السؤال فقط عن "الأحزاب اليسارية"وحدها. وهذا أكثر دقة مما في الأسئلة السابقة التي جمعت بين القوى اليساريةوالديمقراطية معا.
والإجابة عنهذا السؤال ليست سهلة.
لأن المشهدالراهن لحقبة الربيع العربي، لم يستقر غباره بعد، بحيث أنه من الصعب جدا الزعمبوضوح الرؤية بصدد ما يحدث.
فمن الغريب أنتحدث "ثورات" ثم تعقبها "إنتخابات".
ذلك أنالمعروف تاريخيا هو أن القوى التي "تصنع" الثورة هي التي تتسلم زمامالحكم.
لكن يبدو أنالثورات العربية الراهنة مختلفة عن الخبرات التاريخية السابقة في الثورة. حيث أنهادعت إلى "إنتخابات" عقب الثورات. وهو ما يفتح احتمالات غير معهودة ويصعبالتنبؤ. كما يصعب فهم النمط أو المسار المستقبلي لما يسميه السؤال بـ "العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمةالاستبدادية".
فليس منالواضح بعد ما يلي:
- حجم ونسبة الدور الذي مارسته القوى الأجنبية في إسقاط هذه الأنظمةالاستبدادية
- حجم ونسبة الدور الذي مارسته القوى الوطنية في إسقاط هذه الأنظمةالاستبدادية
- التوازنات الجديدة التي سينجم عنها سقوط الأنظمة الاستبدادية
5- القوى اليسارية في معظم الدولالعربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطيةواسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلدعربي, مع الإبقاء على تعددية المنابر, يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسيةوحركتها وتأثيرها الجماهيري؟
ج 5 –
هذا سؤال جيد.
فما يجمع بين "القوى اليسارية في معظم الدول العربية" هو أكثر مما يفرقها. بل ربماكانت المشتركات بين "القوى اليسارية فيمعظم الدول العربية" هي أكبر من المشتركات بين هذه القوى"اليسارية" وبين الحركات التي تعمل إلى جوارها داخل كل بلد عربي. ذلك أن"الفكرة اليسارية" هي بطبيعتها متجاوزة للنطاق الوطني – وفق تنويعات.
لذا فربما كانت فكرة السؤال حول"تشكيل جبهة يسارية ديمقراطيةواسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلدعربي, مع الإبقاء على تعددية المنابر, يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسيةوحركتها وتأثيرها الجماهيري" .. هي فكرة جيدة.
6ــ هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائيةتقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بينالجماهير وأفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية؟
ج 6 –
أغلب المؤشراتتنفي امكانية قبول الأحزاب اليسارية قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابيةوتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب.
فأغلب هذهالأحزاب ما زالت تعمل وفق المنظومة الثقافية البطرياركية، حيث الأب الأكبر سناوالأشد قوة وفحولة هو المسيطر وصاحب الكلمة الفصل.
7- قوي اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأةومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيدالمجتمع؟
ج 7 –
مسألة حقوق المرأة لا تعتمد كثيرا على ما يحدث"داخل" الأحزاب اليسارية. بل على ما يحدث داخل "المجتمع"العربي ككل. فتقلص مساهمات ومشاركات وحقوق المرأة لن يجد حله الجذري في "داخل"الأحزاب اليسارية، بل فقط في معالجة المسألة من زاوية المجتمع العربي ككل.
وأحد أشكالهذا الحل يتمحور بالطبع حول إبراز المرأة نفسها – من خلال ترشيحها المخلص لاالانتهازي للمناصب القيادية – ودفع المجتمع لتأمل الدور الجديد للمرأة وإعادةالتفكير في دور المرأة.
لكن هذه -الترشيح المخلص للمرأة - مسألة بعيدة عن تصورات أغلب الأحزاب العربية بشكل عام.
لذا فلا يوجدسبيل آخر حاليا سوى التوعية الثقافية بمسائل المساواة وحقوق المرأة على المستوىالنظري أولا وربما حصرا.
8ــ هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية فيالمجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامةوحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر ؟
ج 8 -
على المستوى النظري، يمكن أن "للأحزاباليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلامالسياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر" من خلال التوعيةوالتنوير وكشف مشكلات خطاب تيارات الإسلامالسياسي،في هذه المسائل.
لكن على المستوى العملي والفعلي،فهذه مسألة صعبة وربما تتطلب زمن طويل حتى توتي ثمارها.
9-ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والانترنتوبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدةلقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟
ج 9 –
صحيح.
هذا سؤال يحمل إجابته.
لكن إحدى مشكلات الأحزاب اليسارية تكمن في "ماضويتها"، وسقوطهافي التفسير الحرفي لبعض النصوص، مع انفصال كبير عن الواقع الراهن.
10- بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيفتقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟
ج 10 –
لا أعرف بالضبط الأسس الفعلية والعلمية والإستراتيجية – غير الخطابية وغيرالنظرية – التي قام عليها موقع "الحوار المتمدن". وبالتالي لا أستطيع أنأصدر تقييما موضوعيا يقارن بين المأمول والمستهدف من الأهداف الاستراتيجية وبين المتحققوالمنجز من هذه الأهداف.
لكن من حجم المعلومات القليل الذي أعرفه عن الموقع، أظن أن تقييمي لماأعرفه هو أن الموقع "جيد" .. فيما يخص سياق سرعة نشر الكتابات والأفكاروالتدوال بشأنها.