|
الرحيل إلي حبيبتي... الحرية
فريد يحي
الحوار المتمدن-العدد: 3536 - 2011 / 11 / 4 - 12:38
المحور:
الادب والفن
عندما... لا تجد ملجأ عند البحر،وعندما ترفض أن تكون مجرد تسلية،وعندما تتساوى القيم ،أو بالأحرى تنحدر إلي الصفر،وعندما يتحول الأمل إلي أهات محبوسة لا تجد السبيل إلي الخروج،وعندما لا تستطيع إلا أن تكون فقيرا ، لأنك بكل بساطة لا تملك عملات الزيف ،والكذب،والتبجح،والتي تسمح لك بالتداول،وعندما تنتظر الغروب،كرها بالشروق،وعندما تشعر بأنك من بلد الغربة،تغلل فيك الغباء ،حتى صرت لا تفهم...عندها وجب عليك الرحيل.
حاليا صارت النبتة تنمو،بعد أن تجدرت في عقلي،فقد أصبحت قاب قوسين أو أدنى كي أزج بنفسي في رومانسية الحياة الزراعية .لم أتورط في الزراعة منذ أن أكملت تعليمي العالي في هذا المجال، ولكن يبدو إن الوقت قد حان كي أخصص وقتي لها...ولكن عبر سلوك طريق أخر ...آلا وهو الزراعة العضوية ، سيناريو حتما سيؤدي إلى تعكير صفو الآخرين...المشاركين لي في الحياة ..."زوجتي وأطفالي" لن أبالي لكل اختياره، ولكل حياته، سآخذ المجرفة وسأعمل بين صفوف الجزر، والبنجر لغرض إخراجه إلي الشمس..إلي الحرية،حتى يزهو بألوانه ،و سأكل لحم الخروف الذي نما في هذه المزارع ، بالرغم من أنني ، لا أستسيغ تذوق طعم لحم الخراف ،نتيجة دهونها المتراكمة...حتى صارت تستهويني كثيرا، فكرة أن أكون نباتيا.لكي أبدءا قصة حب مع المزرعة.
سأهرب بعيدا عن حصار الحوائط في مدينة تحيط بها المقاهي، التي حاولت أن تتزين، فصارت قبيحة، والمحلات التجارية المستهجنة، ومحلات الوجبات الجاهزة القذرة...هذه المدينة التي بيت العزم فيه... كل من الزحام والضوضاء، على قتلها، بعد أن قاد الاندفاع سكانها إلي الكراهية، لن أستغرق وقتا طويلا للخروج إلى الريف، وبدء العمل في المزرعة جنبا إلى جنب مع من أراد. أقل ما يقال ...إن العائلة ستروع متى تحولت الفكرة إلي حديثا.لربما في أحسن الأحوال ، عندما يتم الإعلان عن المخططات،تكون النتيجة هي الفراق...مع أني أشك في ذلك، لأنهم سيعتقدون...كما اعتقدوا دائما "أني في نهاية المطاف أمر... بمجرد نزوة.أحيانا لا يوجد شيء جميل كالفرار، فهو قد يكون درسا جيدا للجميع، ينبع من حقولنا... التي بداخلنا.
لا أنكر بأن الشكوك تساورني. فلدي الكثير منها. والتي تخنق ضميري. "ولكن الحقيقة هي أن الاقتران جعلني أتخلى عن جزء كبير من كياني، مصاحبا لحزن عظيم نتيجة الخسارة. فخياري لشيء واحد،يبقى هو خيار لكل شيء على الإطلاق ضد الأخر ، لست متأكدا بأني أتفق تماما مع هذا الطرح ،من خلال العيش مع واحد ،والأمل بأنه شراكة موفقة،متى تحتم علي اتخاذ المزيد من الخطوات نحو التوسع في إنكار الذات ... ولكن من الواضح، صار لزاما علي الآن أن أترك ورائي...الحياة التي عرفتها.
أنا وشريكتي متناقضان في نواح كثيرة، هي تعتبر نفسها مناضلة، بل أكثر نضالية مني، من خلال الانخراط في الواجب العائلي. في الإمكان أن يكون وهما ،عندما تدعي بأنك ذات قدرة تنافسية عالية ، فأحيانا يجب حل الخلافات عن طريق تقسيم واجبات العائلة، بدلا من العمل معا... عموما، ومع ذلك، فإنها تظهر إصرار مذهل، ليس فيه بصيصا للحلم الجاهل الذي يسيطر علي "حسب رأيها"(على الأقل كل منا يملك خبرة في مجال ما...يعتقد انه الأكثر فائدة).
نحن الاثنان قمنا بتبذير مدخراتنا، وألان لكي أعيش حلمي، بإصلاح جرار المزرعة، وزراعة الحقول بكل أنواع الخضار والفواكه، فضلا عن الثروة الحيوانية. لأنها ببساطة لن تكون مزرعة متخصصة، بقدر ما ستكون مزرعة تغذي أكثر من شهية. هدفها هو التطوير ،عبر مد المجتمع بكل المواد الغذائية ،و النباتات و اللحوم والألبان...كما أشرت سابقا، فلكي أعيش حلمي، سأقوم بالاستغناء عن عديد من الأشياء، والتي شكلت لحياتي، في يوم من الأيام ضرورة.
كوني أتعمق في الحب بدون حدود، أو ربما بدقة اكبر أكثر شمولا، فان المزرعة ستكون هي حياتي كلها، و إذا كانت هناك لحظات صدق.. أعتقد إنها يمكن أن تصل لي، فهي... مجرد رمي ذراعاي حتى تتعمق إلي الكوع في السماد الحيواني ،أحمل المجرفة محققا أسلوب حياة متكامل مع كل عنصر في داخلي. منذ اللحظة، وليس متأخرا، سأكبر على حب الزراعة. وساحب الاستيقاظ في الصباح الباكر من أجل يوم عمل آخر ... طويل وصعب، ولكن مع هذا النضال أو ربما بسبب ذلك... فستعمني شاعرية نتيجة العمل الشاق من هذا القبيل...لأنني سأقوم أخيرا بالعمل الذي أحبه أنا، ولا ليس العمل الذي أطلب به رضاء الآخرين.
أنا عند الكثير...مجنون، نظرا لأني أفكر بمثل هذا التفكير، الذي أعتقد بأن أسلوب الحياة فيه قد يكون أ سهل، تصبح قضيتي بمثابة جرس إنذار.وأنا أقوم بزراعة أي شيء ...يشكل سهولة. إنها الحواس التي سريعا ما تنمو في بعض النواحي ،متشابكة مع الظروف المناخية والعناصر التي ستنمي في وقت واحد... الحب. الزراعة هي وسيلة لمحاولة السيطرة على الطبيعة القاسية، هذه السيطرة يمكن أن تصنف، على أنها نوعا من الحرب. حرب ضد الأعشاب الضارة. ضد الطقس. ضد القوارض ...و ضد الزمن.
أستغني عن... كل ما هو سطحي وغير ضروري من أجل البقاء، وبطريقة ما بكل ما هو متصل بالغرور. سأقيم حفل زفافي الجميل، والذي لا يقدر بثمن، مع حبيبتي الحرية، في الحظيرة، التي سأزينها بأزهار عباد الشمس، وسط حضور الضيوف، الذين سيجلسون على أكوام القش...سأستأذن العروس...لاني مضطر للخروج،من أجل حلب الأبقار.
نعم سيحيى الحلم، بمصاحبة التراب والطين والأرض الجميلة، المستقر تحت الأظافر والخطوط الدقيقة للجلد. نعم سيحيى الحلم عبر تلك الروائح وكل ذلك العرق الناتج من العمل المرهق... هذا الحلم سيكون البرهان، على أن الذين يعيشون حياة عضوية يحصلون على أرباح عالية، ليست... مجرد فقط على شكل صورة نقدية، والتي من المؤكد حضورها.بل أيضا على شكل صورة معنوية، بشرط توفر أقصى درجات التفاني والحب الصادق .
عندما يتعلق الأمر بالأناقة والنظافة، لا أملك إلا أن أقول، أنني سأتركها ورائي في المدينة، حتى أجد في القرية قيمة حقيقية. "فطالما كنت دائما منجذب إلى الفراغ ... الآن بدأت أتعلم شيئا عن السلام...الذي طالما بحث عنه... لاكتشف في داخلي تحدي لا نهاية له.
كوني أعشق الوحدة والحرية، هذا لا يمنع بأني عشقت المرأة، وبشدة في مرحلة ما من حياتي، حتى ولم أحظى بالكثير منهم...ربما كنت فارس ...ولكن بدون حصان أبيض، وربما كانت تنقصي دائما وقاحة الرجال ،فأنا كرجل لم أدخن سيجارة ، ولم أشرب من الخمر ...إلا القليل ،لم أصبح منهكا نتيجة تقبيل كثيرا من الفتيات ،أو نتيجة البحث عن المومسات ، لقد كنت شخصا كريما ،كسب قوته من العمل، وليس نتاج صفقات تمت من تحت الطاولة ، شخصا تغلبت طبيعته البشرية، على الجانب الحيواني فيها.
الرحيل سيكون لحظة صدق، مغامرة، حفر في التراب من أجل العثور على حياة الكثيرين منا، إن لم يكن في مزرعة، فليكن على الأقل في حدائقنا، التي ستنمو فيها البراعم على الفروع. فنحن الذين نزرع النبات لنبقيه على اتصال مع الطبيعة، حتى ومتى سلكنا طريقنا الصغير، سنكون سعداء بالمزارع التي تمدنا بالغداء، بدون أن نسبب ضرر للأرض، التي بدورها تمدنا بأسباب الحياة.
#فريد_يحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستتحول التشافيزية الي ظاهرة؟...بعد موت شافيز
-
لعبة الديمقراطية...والتأرجح بين الصعود والسقوط
-
رسالة ...للعزيز محمد بوعزيزي
-
اليسار...طريق الحرية
-
الاحتجاج...طريق الثورة السلمية
-
اليسار الألماني:صراع الأقطاب
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|