سلام الاعرجي
الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 18:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعيد الاطاحة بالنظام الدكتاتوري في العراق ببضع سنوات ونيف , حاولت بعض النظم العربية الدكتاتورية الساقطة منها والمنتظر سقوطها , حاولت
ان تجمل وجهها وتخلع عن سلوكها سمة القسرية والفردية والتوريث وابتزاز الشعوب ولو الى حين , فمارسة العديد من الممارسات منها التلويح بتعددية حزبية ودستور دائم مستفتا عليه من الشعب وانتخابات رئاسية , وكان من بين تلك السلوكيات التجميلية , القذف بالمنظمة العربية الى واجهة الاحداث كواحدة من المنظمات الشريكة للحكومات العربية في صنع القرار السياسي بشقيه العربي والدولي , علما ان كافة قراراتها غير ملزمة لكافة الحكومات العربية من صومال المجاعة الى سوريا الفاتك بسم الله والصمود والمقاومة . المهم , من بين الممارسات النوعية الجديدة التي راحت تمارسها جامعة الدكتاتوريات العربية استضافة رؤساء دول شقيقة وصديقة ليدلون بدلوهم ويعبرون عن مواقفهم ازاء الازمات العربية وحراكها الجماهيري وربيع ثوراتها . ومن بين تلك الدول التي صار تواجدها في جميع اللجان العربية تواجدا اجباريا او مقدس - من الدبلوماسية حتى الامنية مرورا بالاقتصادية والاجتماعية ولجان تفعيل العلاقات الزوجية – هي الجارة الشقيقة تركيا , التي راحت تتسلق سلم القبول والرضا الامريكي بثبات وعلى حساب العرب واسرائيل على حد سواء , وكانت خطوتها الاولى بل قفزتها الاولى استثمار العوز والفاقة التي تعانيها مدينة غزة فزجت بقافلتها البحرية تحت عنوان المساعدات وهي تعلم جيدا ان الحماقة الاسرائيلية سوف تتعامل مع المبادرة بوحشية وكان ذلك من اماني تركيا اوردكان والسلوك المرتجى والمتوقع من حكومة اسرائيل . عند ذك كانت تركيا قد اسست لموطىء قدم ثابت في نفس المواطن العربي المغلوب على امره اولا , وكانت دخلت سوق الاستثمار الامريكي برضا حذر من الجانب الامريكي على اقل تقدير . وما ان هبت رياح التغيير في العديد من الدول العربية واطاحت ببعض النظم الدكتاتورية ذات الصلات الوطيدة بالسياسة والمصالح الامريكية حتى ادركت تركيا اردوكان ان امريكا بحاجة الى وسيط يرقى الى مستوى اللاعب المؤثر في الشارع العربي ينسجم مع مزاجه ويتوفر على القدرة المطلوبة في حماية وتنمية ورعاية المصالح الامريكية في المنطقة وبعيدا تماما في سلوكه عن سلوكيات البلطجة التي كانت ولازالت تمارسها حكومات العرب القمعية والحكومة الاسرائيلية على حد سواء . لقد كانت الفرصة مواتية لتركيا اردوكان واول خطواتها احتواء الحراك الجماهيري العربي عبر مؤتمرات داعمة او عبر احتواء لقوى المعارضة العربية في مؤتمرات متلفزة , وما أن حققت نجاحا واضحا وملموسا في تونس ومصر والصومال على الصعيد الجماهيري حتى ادركت ان الرضا والقبول الامريكي صار اكثر واقعية فادارت وجهها لأيران الاسلامية الشيعية النووية بعد مواقف داعمة وساندة ولافته , ودفعت بقواتها البحرية محدودة القدرة الى عرض الابيض المتوسط بحجة تحجيم القدرات البحرية الاسرائيلية المسلحة وهي تدرك تماما حجم الفارق بين القدرتين تعبويا ولوجستيا ! بل وتتمنى ان تقوم اسرائيل بعدوان مسلح على القطع البحرية العسكرية التركية في عرض البحر كما وتتمنى ان تصاب ببعض الخسائر المادية والبشرية لتبرهن للعرب صدق نواياها وعزمها على منازلت اسرائيل من اجل الحق العربي والاسلامي المغتصب وبذلك تكون قد عززت موقعها في الذات العربية والشارع العربي !! ولم تكتفي بذلك بل استقدمت الدرع الراداري للحلف الاطلسي لتوفر دعما عسكريا عظيما للقوات الامريكية في مشاريعها العسكرية المستقبلية في المنطقة . وفي هذه الخطوة اصبحت تركيا اردوكان الذراع الامريكية الطولى في المنطقة العربية ذات الثروات الهائلة والمصالح الامريكية العظيمة . وتاكيدا للتواجد الاردوكاني الطوراني العثماني في المنطقة العربية راح اردوكان يعزف على المزيد من الاوتار التي تطرب النفس العربية المصابة بداء النسيان لها , منها التاريخ والديانة والمصير المشترك وغيرها من الاكاذيب والطروحات المستهلكة , وكان آخر الفعاليات الاردوكانية وقوفه امام مؤتمر وزراء الخارجية العرب كديك ورقي يستعيد امجاد سلاطين عثملن ويمني النفس بدولة طورانية جديدة , لم لا وهو يقابل بكل هذا التودد والترحاب ويسوق اعلاميا , شقيقا قويا منقذا . لم يدهشني اردوكان الطوراني في جميل ادائه وقدراته التمثيلية و اسلوبه الخطابي كثير الدربة والمران ! بل ان ما ادهشني طروحاته وعاصفة التصفيق التي كان يستقبل بها ومن بين تلك الطروحات : اولا : مساندته للمشروع الفلسطيني الرامي الى اعلان فلسطين دولة مستقلة وعضوا في الامم المتحدة !! يا للمهزلة , ومع ذلك دعنا نقول نعم ! يحق لاردوكان الطوراني ان يتناسى ان دولته الاتاتوركية ثاني اول دولة في العالم كانت اعترفت بدولة اسرائيل ! ويحق لآردوكان العثماني ان ينسى او يتناسى موقف حكومته من نكبة حزيران ! وربما من حق اردوكان الانكشاري ان ينسى او يتناسى اتفاقية التعاون المشترك بين دولته واسرائيل تلك المعاهدة التي ابرمتها ( تانسوا شيلر / 1997 ) رئيسة الوزراء التركية الاسبق, اتفاقية تشتغل على الكثير من المحاور : العسكرية والاقتصادية والسياسية ! ومن حقه ان يتناسى ان الدرع التركي ومنظومة الاتصالات السلكية واللاسلكية العسكرية التركية مصانة ومطورة من قبل الجهد العسكري الاسرائيلي بحكم تلك الاتفاقية ! ولكن هل من حق الزعامات العربية المستمعة لاردوكان ان تنسى انها من الدول المعترفة باسرائيل وان العلم الاسرائلي يرفرف في سماواتها وانها كانت قد وقعت على اتفاقية مماثلة في كامب ديفد ؟ ام ان الضحك على العقل العربي صار من اسهل ممارسات الحكام العرب الاشاوس وكان ما حدث وما حصل لسفارة اولاد العم سام في القاهرة لم يحدث ولا حصل ؟ والا لماذا لاتلوح تلك الدول وفي مقدمتها , دولة العراب الاسلامي الجديد اردوكان عثمان بالغاء كافة الاتفاقات مع اسرائيل حتى ترفع يدها عن الشعب الفلسطيني وتعترف بحقه الشرعي في اقامة دولته على ترابه .
ثانيا : يعلن اردوكان ان صرخة الطفل الفلسطيني تجرح ضمير الامة والهتاف الشعبي الداعي للحرية والديمقراطية في بلدان الثورة العربية يتردد صداه في تركيا , للمرة الثانية يسخر اردوكان من العقل العربي !! كيف ؟ لااريد ان اذكر السيد اردوكان بموقف حكوماته المتعاقبة من صراخ اطفال صبرا , وشاتيلا , وقانا , ورفاق محمد الدرة ! لكن , يحق لنا ان نسأله اين اوجاع ضميره الحي وهو يحصد ارواح ألألوف من اطفال كردستان ونسائها وشيوخها بالآلة العسكرية الانكشارية ؟ هل كانت حناجر اطفال كوردستان مبحوحة فلا صراخ بها ؟ ام ان صمما اصابه فاستحال سمعه الى عدم ؟ وربما كان شعب كوردستان شعبا من الدرجة الثالثة في نظر العصملي فلا يستحق التالم لصراخاته واوجاعه وآلامه ؟ واحيانا يبدو لي ان اطفال كوردستان في الشمال والجنوب والذي يستعين على ذبحهم يوميا مذ عشرات السنين بنظام القمع الايراني والنظام الدكتتاتوري الصدامي المنقرض , يبدو لي انهم في مخيلته وعقله المريض ليسو باطفال !! نعم , كل شيء جائز في تركيا مثل جواز الحدث الدرامي الخرافي في مسلسلاتهم الدرامية .
ثالثا : بكل وقاحة يقف اردوكان العثماني امام وزراء الخارجية العرب المحتفلين برياح التغيير , يطالبهم باعتماد الديمقراطية نهجا وسلوكا في ادارة الدولة ومصدرا لانتاج الحكومات , ويزداد زهوا حين يصفقون له وهو يعلم علم اليقين انه يخاطب اعتى الدكتاتوريات على الارض وهم يعلمون بذلك أيضا !! فهم أنظمة شمولية وراثية عرقية طائفية قمعية تتفنن في هدر كرامة المواطن وتتلذذ في استباحة دمه . والانكى من هذا وذك ان السيد اردوكان كان قد نسي ان يوجه نداءه الديمقراطي الى نفسه وحكومته التي تمارس أروع انواع الديمقراطية بحق الشعب الكوردي في شمال وجنوب كوردستان من قتل وتهجير, وتشريد , وابادات جماعية , واجتياح مسلح للقرى الآمنة المسالمة .
رابعا : اليس من العجب العجاب ان يصمت ممثل العراق الديمقراطي جدا في مؤتمر المهزلة العربية ازاء طروحات اردوكان سيما وان حكومته الديمقراطية قد وجهت مذكرات احتجاج الى المنظمة الاممية وهيئاتها تطالبها بوقف العدوان البربري على قرى كوردستان الجنوب في السليمانية ودهوك وهولير وديار بكر بحجة تواجد مناضلي العمال الكوردستاني , اما كان الاجدر بممثل حكومة المالكي ان يصرخ بوجه اردوكان قائلا (( يا ايها الرجل المعلم غيره / هلا لنفسك كان ذا التعليم ... لاتنه عن خلق وتاتي مثله / عار عليك اذا فعلت عظيم )) اما كان حريا به ان يرميه بكلمات الحق هذه بدلا من ان يصفق له , لينال احترام نفسه اولا ثم احترام الشعب الذي تورط باختيارهم ممثلين له في لعبة ألأنتخابات المزيفة ؟ ولكن , لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي .
خامسا : اما آن ألأوان ان تنتج كافة القوى الوطنية الكوردية وعلى مختلف اتجاهاتها وتوجهاتها مؤتمرها القومي , لتلم شتتاتها وتوحد صفوفها وتعزز من شرعيتها و مكانتها الاممية في تمثيل الشعب الكوردي وتذهب بقضيتها الى المحفل الدولي وتخاطبه بلسان واحد موحد .
خلاصة القول : حقا اننا امة تجيد الامتعاض ولاتعرف الاتعاض؟
#سلام_الاعرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟