أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - حتى الرمق الأخير















المزيد.....

حتى الرمق الأخير


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3477 - 2011 / 9 / 5 - 15:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


المجد للشعوب لأنها تتعلم من خبرات بعضها البعض، والطغاة إلى زوال لأنهم أبدا لايتعلمون.. تعميهم متلازمة الغباء المصاحب للكرسي، فيشهدون سقوط نظرائهم المهين، لكنهم يوقنون من داخلهم أن ماجرى لأمثالهم لن يحدث لهم، فهم الأذكى والأقوى، وقد احتاطوا للأمر جيدا! وهم لا يتعلمون دروس التاريخ، ولا يفهمون أن الشعوب؛ متى ماقامت ترفض الفساد والاستبداد، فلن تتوقف قبل اقتلاعهما.
ومثلما يعمي الغباء أعين الطغاة الأفراد، يمارس نفس التأثير على الدول العظمى، التي لا تريد أن تفهم أن دورة صعودها قاربت على الانتهاء؛ وتحاول باستماتة ـ حتى الرمق الأخير ـ الوقوف في وجه حركة التاريخ أملا في إطالة أمد هيمنتها. وعلى الرغم من أن عددا من كبار المفكرين وعلماء السياسة وأقطاب الرأي الأمريكيين أنفسهم كانوا من أوائل من توقع أفول دور الولايات المتحد كقوة عظمى وحيدة في العالم ـ ومن أبرزهم بول كيندي صاحب كتاب "قيام وسقوط القوى العظمى"، الذي تشرفت بترجمة الجزء الثاني منه؛ وتنبأ فيه بانهيار الاتحاد السوفيتي، وأن الولايات المتحدة سرعان ما تلقى مصيرا مشابها بحلول عام 2020 ـ إلا أن واشنطن مازالت تتشبث بوضع القطب الأوحد الحريص على تشكيل خريطة الأحداث وفق مصالحه منفردة.
ومن يعاود قراءة أحداث الربيع العربي، سيجد أن الولايات المتحدة حاولت جاهدة في أول الأمر الحيلولة دون سقوط الطغاة، حيث تصادف أنهم جميعا ممن يخدمون مصالحها. فلم يعد خافيا حجم الخدمات التي قدمها مخلوعنا للقوة العظمى على حساب سيادة مصر وكرامتها، في مقابل التحضير لسيناريو توريث "المحروس" نجله. ومن المعروف أن بن علي كان أحد الأصدقاء المقربين من واشنطن في المنطقة. كما أن العقيد القذافي أبدى امتثالا جميلا منذ قرر التخلي عن برنامج بلاده النووي ودفع التعويضات الهائلة لأسر ضحايا لوكيري، وتسليم المقرحي وفحيمة لهولندا عام 1999من أجل محاكمتهما أمام محكمة اسكتلندية. ولم يبدر من بشار الأسد أي تصرف يقلق الدولة العظمى أو ربيبتها إسرائيل، فقد واصل سياسة والده منذ احتلال الجولان قبل نحو أربعين عاما، ولم يرفع إصبعا في وجه المحتل، ولم يطلق رصاصة من أجل استعادة الجولان؛ وعندما حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق قصر الرئاسة اكتفى بالقول إن بلاده تحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب!
ومن ثم، حاولت واشنطن مع اندلاع كل ثورة في البلدان الأربعة الدفاع عن الحاكم (تذكروا المؤتمرات الصحفية الأولى لهيلاري كلينتون بعد الخامس والعشرين من يناير عندما كانت تصر على أنها تثق في قدرة مبارك على إدارة الدفة بحكمة، وأنه أفضل من يحقق الاستقرار. ومع تصاعد الأحداث، بدأت تنتقد ـ على استحياء ـ الاستخدام المفرط للقوة وتدين اللجوء للعنف من الجانبين كما لو أن الجماهير التي خرجت تطالب بحقها سلميا صارت متهمة باللجوء للعنف مثلها مثل جهاز القمع السلطوي).. ولم تطالب الولايات المتحدة أيا من هؤلاء الحكام بالرحيل، إلا بعدما تأكدت تماما أن الشعب أصدر حكمه النهائي، ولن يتوقف قبل رحيل الطاغية وتغيير النظام؛ فكان من الحكمة أن تعلن سحب غطاء حمايتها للطاغية، حتى لا تتحمل أمام نظام قادم تهمة ممالأة الطاغية المدحور على حساب الشعب.
غير أن القوة العظمى تعاني نفس غباء الطغاة، فتسعى إلى عرقلة التغيير الحقيقي، بعدما فشلت في الحيلولة دون انتصار الثورات والإطاحة بشخوص أصدقائها. وها هي تحاول بشتى الطرق نفخ الروح في الأنظمة التي سقطت رموزها، وإطالة أمدها وإن كان بشخوص أخرى، تضمن لها استمرار هيمنتها على المنطقة.. ولا شك أن قيام نظام حكم وطني ديمقراطي حقيقي في أي من بلدان المنطقة، لن يصب في صالح الولايات المتحدة، لأن ولاءه سيكون للجماهير التي اختارته، ولن يكون لقوى خارج الحدود تدعم سلطته كما كان يحدث في الماضي. وإدراكا منها لخطورة حدوث التغيير الحقيقي بأيدي نظم وطنية ديمقراطية فعلا، تسعى واشنطن إلى إعادة هيكلة نظم المنطقة بما يحقق مصالحها عبر رموز جديدة مصطنعة، أو بعض أركان النظم القديمة التي لم تسقط بعد. وقد يتمثل مخططها لاحتواء المنطقة في إقرار نظم حكم قائمة على التحالف بين العسكر والقوى الدينية المحافظة (على غرار ماحدث في السودان مثلا)؛ وربما بعض رموز النظام القديم أيضا كما تنبئ أحداث ليبيا. فعلى الرغم من فرحتنا بتخليص ليبيا من طاغية جثم على صدرها فوق أربعة عقود، لم ير في شعبه الذي خرج يواجه الموت في سبيل التحرر من حكمه سوى "جرذانًا"؛ إلا أن هذه الفرحة شابها بعض القلق، بعدما رأينا ثوارًا يرفعون علم الولايات المتحدة وفرنسا على أرض ليبيا الشقيقة. ولا شك أن الفضل في الإطاحة بطاغية ليبيا يرجع إلى آلاف الشهداء الذين دفعوا أرواحهم ثمنا للحرية، ولا يصح نسبة الفضل لغيرهم. ولم يكن تدخل القوات الغربية إلا حفاظا على مصالح شركات البترول، وانتظارا لعقود إعادة الإعمار التي ستنهل من خيرها شركات دول الناتو؛ فضلا عن ضمان عدم وصول نظام حكم معاد للمصالح الغربية.
ولا يجب أن نغفل عن عودة التوترات الطائفية للبروز في معظم دول الربيع العربي. من الانقسام الشيعي السني في البحرين، إلى التوترات بين العلويين والسنة في سوريا، وبين السنة والشيعة في لبنان، وتصاعد نذر التوتر الطائفي في مصر بعدما خمدت خلال الثورة. ولا شك أن هذه التوترات، تصب في صالح المعادين للثورة ومن المتوقع أن يساهموا في إشعالها، لأنها تصرف أنظار قوى الثورة عن أهدافها الحقيقية، وتبدد جهودها في صراعات تفتت الوحدة الوطنية، التي هي الضمان الوحيد لاستكمال مهام الثورة.
وكما نعلم جميعا، فما تحقق حتى الآن يمثل انتصارا ساحقا للشعب في أولى جولات الثورة؛ ولا شك أن أركان النظام القديم التي لم تسقط بعد ستواصل محاولات الالتفاف على الثورة والانقضاض عليها لإجهاضها، وسيعاونها في ذلك قوى خارجية، لم تنجح في عرقلة الإطاحة بأصدقائها؛ ومازالت تحلم بالحيلولة دون حدوث تغيير حقيقي. ولن تدخر جهدا أو مالا أو نفوذا في سبيل تحقيق هذه الغاية.
ولكن دروس التاريخ تؤكد لنا أن كلمة النهاية دائما تكون للشعوب؛ مهما كانت مؤامرات الطامعين من الداخل أو الخارج، ومهما طال الطريق



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعب واحد
- خطاب مفتوح إلى السيد المشير
- ثورة عالمية في الأفق
- وانهمرت دموعي
- رمضان .. وهدى
- عجلة الإنتاج .. وسنينها!
- المشككون.. بين الثوار والجماهير
- كرامة المصريين خط أحمر
- عفوا.. يرجى إعادة شحن الرصيد
- قبل الحساب
- الداخلية.. وثورة صارت ضرورية
- تحركوا قبل فوات الأوان
- ولسة جوا القلب أمل
- الإخوان وتحديات العمل العلني
- فارس الجيش والديمقراطية
- جيشنا .. لاجيش المخلوع
- دع اللطم.. وابدأ البناء
- يوم الشهيد.. بين تحرير التراب وتحرير الكرامة
- احذروا الثورة المضادة
- أصبح لدينا رئيس سابق!


المزيد.....




- صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
- -حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن ...
- الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي ...
- كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح ...
- جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ ...
- -تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1 ...
- مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ ...
- مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
- أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - حتى الرمق الأخير