أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقرا - الأعاقة الحركية وأثرها على صديقى ممدوح














المزيد.....

الأعاقة الحركية وأثرها على صديقى ممدوح


عبدالله صقرا

الحوار المتمدن-العدد: 3477 - 2011 / 9 / 5 - 10:28
المحور: الادب والفن
    


كثير من المعاقين جسديا , يشعرون بأنهم عالة على أسرهم وعلى المجتمع , وهذه الآعاقة تولد لديهم إحساس غير طبيعى لدى الغير , بأنه إنسان غير مرغوب فيه مجتمعيا , ولذا تنعكس هذه الآحاسيس سلبا على صحة الآنسان المعاق وعلى حالته النفسية , كما تولد لديه أحباطات كبيرة وسرعان ما يشعر بأنه إنسان معزول ومهمل من المحيط الذى يعيش فيه , كما أن هذا ينعكس على القيام بواجباته على الوجه الآكمل نحو ما تطلبه أسرته منه ودينه والمجتمع ككل .
إن الآعاقة الجسدية قد تكون فى كثير من الآحيان لها مردود إيجابى على بعض المعاقين جسديا , لآنها ربما تكون حافزا ودافعا قويا لتحقيق الذات , وكثيرا ما نرى بعض المعاقين لهم أنجازات فى كثير من المجالات العلمية والثقافية والرياضية والفنون .. لآن المعاق ربما يأخذ هذه المجالات على محمل الجد , ويجعلها نوع من التحدى مع الذات , كما أنه يثبت للأخرين أن أعاقته لا تكون سببا لعجزه , أو أنها تقلل من قدره أمام الآخرين .
فصديقى ممدوح كان زميلا لى أيام الجامعة , وكان يسكن بجوار سكنى , فكنا نذهب للجامعة سويا , ونعود سويا , وهو كان أنسان حساسا بدرجة كبيرة , حيث كان معاقا , وكانت إعاقته فى أرجله , فكان يتوكأ على عكازين , لأن أرجله كانت ضعيفة للغاية , وبها شلل كلى , فهو لا يقدر على الوقوف والسير عليهما , لكن كان عنده عزيمة وأصرار يفوقا أى أنسان , وكان أقوى شيئ فيه هما يداه , فقال لى ذات مرة أنا عندى أستعداد أن أحمل بيداى جبل ثقيل , وعزيمته جعلته يتأبط عكازيه وهو مشلول من الآسفل , ويحاول أن يسير بهما مسافات طويلة عن أصرار , فعندما كنت أسير معه , كنت أشعر بمعاناته وهو يحاول ألا يلفت الآنظار إليه , والغريب , أنه كان قلبه ينبض بالحب لآحدى الزميلات , وكان يحكى لى معاناته فى الحب , وكيف أنه لا ينام من التفكير بحبيبته , وطبعا الحب كان من طرف واحد , فعندما كنت أسير معه فى طريق , ربما يأخذ منى خمسة دفائق , لكن كنت أخذ هذا الطريق معه حوالى نصف ساعة للمعاناة التى كان يكابدها خلال سيره بالطريق , وكنت أحتمل وأتزرع بالصبر من أجل صديقى وزميل العمر الذى كتب على جبينى , حيث كانت توصية أمه لى تقيدنى بحبل من رقبتى , ومحبتى له كانت تأسرنى , ولم أتملل , ولا أشعره يوما بأنى متضايق .
كان صديقى ممدوح يقول لى هل زميلتنا سلوى سوف ترضى بى وأنا فى هذه الحالة ؟ كنت أقول له أرضى بنصيبك وبما أنت فيه , انت أحسن من غيرك , وكنت أزرع الآمل المبنى على الاوهام فيه حتى لا يفقد الثقة فى البشر , وذات مرة ذهبت لزميلتنا سلوى , وتحاورت معها فى هذا الموضوع , وقلت لها مترجيا أن تتجاوب معه ولو كذبا حتى لا يصدم , ويكفر بالبشر , وبصراحة وافقت سلوى على هذا الاقتراح وكنا نشاهدهما دائما سويا داخل الكلية وخارجها , والشيئ الغريب والملفت للنظر أن سلوى أرتبطت بممدوح عاطفيا لآتها رأت فية رجولة وشهامة لم تراها فى غيره من الآسوياء ... ياه ما أروع أن ترى مثل هذه العلاقة البريئة والنظيفة بين معاق وأنسانه سليمة , كان صديقى ممدوح عنه عزة نفس عالية علو السماء , كان رغم إعاقته بشوشا ضاحكا مبتسما وصاحب نكته , لاحظته مرات عديدة عندما كان يسقط أرضا , وأهم بمساعدته , بأن الغضب والعصبية تملآه ويأخذ يهمهم بالكلمات التى لا أفهمها , وكان يصدر منه السباب والشتائم لى , وكان ينهرنى ويمنعنى من مساعدته على النهوض من الارض حتى ينهض , ولذا قررت ألا أخذ بيده وأساعده حين يسقط أرضا , ولا أحد من الاصدقاء أو الزملاء , حتى لا نعرض أنفسنا لفيض من الشتائم الصاروخية , فكنت أحتمل منه كل أخطائه لى وأسامحه من أجل عشرة السنين والزمالة , ومن أجل إعاقته , كنت لا أدرك معنى سلوكه معى إلا بعد تخرجنا من الجامعة وبدأت أقرأ فى علوم الفلسفة والاجتماع وعلم النفس العام والتربوى , وأدركت أن سلوكه الذى كان يفرضه على أيامها , إنما كان سلوكا طبيعيا للمعاق بدنيا , لآن من الخطأ جدا تجاهه أو تجاه أى معاق أن نقدم له مساعدة ونبالغ فيها , ونشعره بالخوف عليه , لآن هذا السلوك الذى نسلكه مع المعاق حين نساعده سوف يشعره بالحرج الشديد مما يزيد إحساسه بالذنب نحو نفسه ونحو الآخرين . وقد قرأت فى هذا الموضوع أبحاثا كثيرة , وأقول هنا أن كل ما يتطلب منا نحو هذا المعاق هو أن نعامله معاملة إنسانية طبيعية , ونعامله على أنه أنسان طبيعى مثلنا , ولا نحاول أن نفهمه ونشرح له القصور الذى هو بصدده , ,نحاول أن نفهمه أن إعاقته هو أختبار وأبتلاء من الله يجب الصبر عليها , ونحن لا دخل لنا فى أى شيئ يصيبنا , والآعاقة لا تكون سببا فى أن الآنسان يتوقف عن العطاء وعن مسيرته فى الحياة , وهناك إناسا كانت إعاقتهم سببا فى تفوقهم , وأن هذه الاعافة لاتمنعهم من تحقيق ذاتهم , وهم قدموا للأنسانية خدمات جليلة سوف تظل مدى التاريخ مسجلة بأسمهم .



#عبدالله_صقرا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقرا - الأعاقة الحركية وأثرها على صديقى ممدوح