|
الحركة العمالية المتصاعدة..ومتطلبات النصر
هشام فؤاد
الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 19:01
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
"بالروح بالدم رزق عيالنا أهم" ..عاد هذا الشعار ليكون هو الشعار الأبرز وسط الحركة الاجتماعية المتصاعدة هذه الأيام ..الاحتجاجات تتصاعد رغم سيف قانون حظر الإضرابات والاعتصامات، وتمتد إلى كافة المحافظات وتشارك فيها كافة القطاعات العمالية الصناعية والخدمية والادارية، وتقدر أعداد المشاركين فيها بعشرات الآلآف وذلك بفعل عدد من العوامل من أبرزها :
- التأثير الكبير لعودة الجماهير إلى مقدمة المسرح السياسي متحدية المجلس العسكري، وقدرتها على انتزاع مكتسبات وتغيير الحكومة والمحافظين، وذلك عبر اعتصام 8يوليو الطويل في ميدان التحرير الذي كان واضحا فيه الشعارات الاجتماعية، ومشاركة قطاعات من العاملين بأجر، فضلا عن التواجد المنظم للنقابات المستقلة، أو عبر اعتصام أعداد واسعة أمام السفارة الإسرائيلية ونجاحهم في إنزال العلم الإسرائيلي، في مشهد فريد من نوعه، وسط تأييد شعبي غير مسبوق، وهي تحركات سياسية أثرت بلا شك على دفع النضال الاقتصادي خطوات للأمام.
- عدم تنفيذ الحكومة لوعودها بتثبيت المؤقتين وتحسين مرتبات العاملين، ووضع حد أدنى للأجور، مما فجر غضب ملايين العاملين الذين يعملون في ظروف عمل أقل ما يمكن وصفها بسوق النخاسة، وبأجور لا تكفي لسد الرمق، ويتطلعون الى تحسن أوضاعهم الاقتصادية بعد الثورة التي شاركوا فيها .
- مطالبة فئات عديدة من العاملين المؤقتين بالحكومة وكذلك العاملين بقطاع الأعمال بل والخاص بحافز الإثابة الذي قررته الحكومة للعاملين بها فقط، ويبلغ 200% كوسيلة لمواجهة الارتفاع الرهيب في الأسعار، خاصة مع المصاريف الهائلة التي تحتاجها الأسر المصرية لمواجهة احتياجات شهر رمضان فالعيد ثم مستلزمات دخول المدارس .
- الأزمة الاقتصادية العالمية التي جعلت عدد من رجال الأعمال خاصة في المدن الجديدة عن عزمها على إغلاق شركاتهم، وتسريح آلاف العمال .
- تمسك المجلس العسكري وحكومته بسياسات السوق الحرة، بما تعنىيه من تقليل النفقات على الخدمات كالتعليم والعلاج، وتشريد العاملين.
- تلكؤ الحكومة في إصدار قانون الحريات النقابية الذي ينظم الانتخابات العمالية المقبلة، وفي ذات الوقت يتصاعد الميل للتنظيم وسط الطبقة العاملة، ويكفي ان الحركة العمالية شكلت ما يقرب من 100 نقابة مستقلة، ومازالت عجلة التنظيم دائرة على قدم وساق.
كما إن المتابع للتحركات العمالية الأخيرة يجد العديد من الظواهر التي تؤكد تطور حركة العمال في مصر ورقى التنظيم عن فترات سابقة، فعلى سبيل المثال بات التنسيق بين الشركات المختلفة في الصناعة الواحدة لافتا للنظر، انظر على سبيل المثال تحركات عمال البترول على سبيل المثال أو تحركات المعلمين من محافظات مختلفة الخ .
كما يلاحَظ دخول قطاعات رئيسية إلى خط الاحتجاجات كالسكة الحديد بما لها من وزن وتأثير مهم، وبات واضحا إمكانية التنسيق في المستقبل القريب بين قطاع النقل ككل (نقل عام – سكة حديد- مترو- طيران ) على مطلب عام واحد، كما إن مستوى النضال الطبقى وصل لدرجة غير مسبوقة، انظر مثلا انتفاضة عمال المنطقة الاستثمارية في الإسماعيلية للمطالبة بحد أدنى للأجور، أو قيام العاملين بمستشفى الزاوية الحمراء بسحب الثقة من المدير وانتخاب مدير جديد لإدارة المستشفى.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إن قطاعات من الحركة العمالية تبنت مطالب هجومية مثل مطلب استرداد الشركات المنهوبة والتى تحظي بتأييد شعبي واسع ، دفع الحكومة للإعلان على لسان نائب رئيس الوزراء بأنه لا خصخصة بعد اليوم!!.
وفي هذا السياق ليس خافياً إن حل مجلس إدارة الاتحاد العام و تأسيس الاتحاد المصري المستقل من الممكن أن يشكلا معا فرصة ذهبية إذا تم استغلالها جيدا ،خاصة في ضوء التغيير المحتمل لقانون النقابات العمالية ، مما يتيح رغم العراقيل المتوقعة صعود مجموعة من القيادات العمالية المكافحة لصدارة المشهد النقابي بما يطرحه ذلك من إمكانية الوصول لأول مرة إلى تنظيمين نقابيين يعبران بدرجة معقولة عن أوجاع الطبقة العاملة وليس عن أحلام الطبقة الحاكمة.
وهي إمكانية إذا تحققت ستجعل هناك إمكانية اكبر لتنظيم تحركات الطبقة العاملة الاحتجاجية حول مطالب موحدة، وذلك على الرغم إن 90% من الاحتجاجات الراهنة تتم خارج كل من التنظيم الرسمي والمستقل على السواء.
وآخيرا وليس آخرا، اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية والعمالية ..بما تتيحه الانتخابات من فرص كبري أمام الحركة العمالية لطرح اوجاعها والدفاع عن سياسات منحازة لكافة الكادحين ومعادية لسلطة رجال الاعمال .
كل هذا العوامل تدفعنا للتوقع إن الحركة العمالية ستتصاعد احتجاجاتها خلال الفترة المقبلة .ويبقى على اليسار وفي القلب منه الاشتراكيين العمل على عدة مستويات:
أولا: العمل وسط الاحتجاجات لدعمها وتنظيمها بشكل قاعدي، وممارسة كافة أشكال التحريض وسط الحركة العمالية .
ثانيا: الاشتباك مع الانتخابات العمالية المقبلة بقوة سواء على مستوى الاتحاد العام أو الاتحاد المستقل ببرنامج اجتماعي ديمقراطي ، وبعناصر عمالية مقاتلة .
ثالثا : دعم بروز قيادات عمالية شابة ذات وعي طبقي وسياسي، وإعداد مجموعة من القيادات العمالية للدخول في الانتخابات التشريعية المقبلة .
رابعا: دعم الحركة العمالية في هذه اللحظة الثورية لإنشاء حزبها السياسي الطبقي- حزب العمال- كحزب يضم قيادات الحركة العمالية لكي يكون طرفا في المعادلة السياسية الراهنة التي تشهد استقطابات لصالح الرأسماليين سواء كانوا إسلاميين أو علمانيين خاصة بعد الاستقطاب الأخير الذي أعلن عنه مؤخرا وما شاهدناه من تحالف بين أحزاب رجال الأعمال وبين أحزاب يسارية فيما أعلن عنه تحت أسم الكتلة المصرية بما يحمله من خطر شديد على برنامج هذه الأحزاب الانتخابي ومدى تعبيرها عن مصالح الطبقة العاملة في ظل تحالفها مع كبار المليارديرات من أمثال ساويرس .
خامسا: تعميق التعاون بين القوى اليسارية فيما يخص التحرك وسط الحركة الاجتماعية كضرورة نضالية لا يجوز التلكؤ فيها، ولعل الانتخابات العمالية المقبلة يجب أن تكون معبرة بصدق عن هذا التوجه .
سادساً: العمل الدؤوب من اجل تشكيل جبهة القوى الثورية التي تضم النقابات المستقلة العمالية والفلاحية والاحزاب المنحازة للكادحين لكي تستكمل مهام الثورة ولتشكيل قيادة شعبية للحركة السياسية تحت شعار نريد تغيير سياسات البلاد.
ويبقى.. إن الطبقة العاملة ناضلت منذ عام 2006 وما زالت تناضل حتى اليوم ..ومهدت في نضالها الأرض لثورة يناير وحسمت الثورة لصالح الثوار في الأيام الثلاثة الأخيرة.. وتواصل حاليا النضال ضد المجلس العسكري من اجل تطهير المؤسسات وتغيير السياسات الاجتماعية لكي تنتزع الهدف الثالث للثورة وهو تحقيق العدالة الاجتماعية.
وبطبيعة الحال، لن تنتظر الحركة العمالية أحداً من القوى السياسية فهي تسير في مسارها بفعل عوامل موضوعية وذاتيه، وعلى القوى التي تدعى تمثيل الطبقة العاملة أن تكون على مستوى المسئولية بوضع الحركة الاجتماعية في صدارة اهتماماتها قولا وفعلا، وإذا تحقق ذلك، يمكن أن نتوقع بثقة إن تشهد مصر إضرابا عاما خلال شهور قليلة يعيد رسم الخريطة السياسية والاجتماعية في مصر، ويومها سيكون السؤال الأبرز أين الحزب الاشتراكي الثوري المغروس وسط الجماهير الذي يستطيع قيادة الحركة الاجتماعية للنصر وانتزاع سلطة العمال.
#هشام_فؤاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تظاهرات واعتصامات عمالية في 8 محافظات وطلاب الإسكندرية يحتلو
...
-
مظاهرات لمواجهة مساعي اجهاض الثورة
-
السويس – سيدي بوزيد طريق الحرية
-
الافراج عن مناضلي التغيير..وغدا يوم الغضب الكبير
المزيد.....
-
طريقة التقديم على منحة البطالة في الجزائر 2024 والشروط المطل
...
-
2nd Day of Works of the 4th World Working Youth Congress
-
Introductory Speech of the WFTU General Secretary in the 4th
...
-
الكلمة التمهيدية للأمين العام لاتحاد النقابات العالمي في الم
...
-
رابط مباشر .. الاستعلام عن رواتب الموظفين في القطاعين المدني
...
-
وفد برلماني سيتفقد المنشآت النووية لمراقبة تنفيذ قانون العمل
...
-
الحكومة الجزائرية تعلن عن تعديل ساعات العمل في الجزائر 2024
...
-
المالية العراقية تعلن عن موعد صرف رواتب المتقاعدين في العراق
...
-
“الجمل” يتابع تطوير شعبة الفندقة بالجامعة العمالية لتعزيز ال
...
-
وزارة المالية.. استعلام رواتب المتقاعدين وحقيقة الزيادة في ا
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|