|
ليس كل من أثار العجاج عنترا
هدير هادي
الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 18:42
المحور:
الصحافة والاعلام
جرت العادة في شهر رمضان من كل عام ان يتألق بعض نجوم الفن في مسلسلات درامية وبرامج هيأت لهذا الشهر الفضيل ،ولا تقتصر المواد المقدمة على الدراما بل راحت البرامج الحوارية السياسية تنافس بشدة بعض المسلسلات ذات المواضيع الاجترارية خصوصا ان الاعلام الان يعتمد تقديم البرامج السياسية باسلوب ساخر وتناول المواضيع التي تشهدها الساحة بأطار منوع وخفيف الظل يناسب الجوع والعطش فيقبل الصائم على مشاهدتها ويستمرأها كونها لاتعكر المزاج ولاتعسر الهضم. ولأن السياسة اصبحت تجري من المواطن مجرى الدم في العروق راح يتنفس سياسة ويتابع ويلاحق اخبار السياسة لأن مصيره ورزقه ومستقبله ارتبط بها وبصناعها ولاعبيها. وقد برزت في هذا الشهر على الفضائيات المصرية برامج حوارية مميزة جسدت واقع الثورة وانجازاتها وابطالها وابعادها من خلال تضييف شخصيات فنية او سياسية او اكاديمية كبرنامج الدكتورة لميس الحديدي (نصف الحقيقة)، اما الفضائيات السورية فقد داومت على عرض المسلسلات السورية متجاهلة مايحدث في الشارع من مسيرات شعبية مناوئة للنظام وكأن الامن مستتب وحياة المواطن مثالية وممهدة بأستثناء بعض الفضائيات المستقلة التي قدمت برامج سياسية تمجد الثورة وترفع شأوها وتعد الشعب المنتفض بأن الريح ستجري بما لايشتهي الاسد. أما الدراما العراقية فكانت كمثيلاتها من المسلسلات التي انتجتها وقدمتها بعض الفضائيات في سنين تلت تعتاش على القتل والتهجير والفتنة وكأن اصحاب هذه الفضائيات ذي الدعم المشبوه لايريدون ان ينسى العراقي ماناله من أخيه بل راحوا يرسخون لهذا في الذاكرة وينكأون الجرح بين الحين والآخر وكأن دوام وبقاء هذه القنوات وكثرة متابعيها مرهون بتقديم هذا النوع من الازمات. ولكل ماسلف امسى المواطن العراقي يبحث عن برامج حوارية ترفيهية او سياسية خصوصا ان السياسة والأمن والكهرباء ملفات لم ولن تغلق فراح يقلب في هذه الملفات عله يجد نقطة غيث تبل ريقه في هذا الصيف اللاهب. واذا استعرضنا مجمل البرامج التي تعرض على فضائياتنا سواء التي تبث من داخل العراق او خارجه نجد ان ابرزها البرنامج الساخر (العتاك) من على شاشة الشرقية الذي ينقد واقع الدولة السياسي وفساد مؤسساتها من خلال شخصيات كارتونية قريبة الشبه من قادة السياسة في العراق فأجتذب البرنامج العراقيين كبارا صغارا وإن حمل في مضامينه وإيماءاته تجريحا سافرا ولا أدري كيف تفهم بعض المؤسسات الاعلامية الاعلام الحر فتعطي لنفسها الحق في اعتماد اسلوب التجريح والتشبيه الساخر لزعماء يقودون العملية السياسية والتجربة الديمقراطية بذريعة حرية التعبير، ونعرج على برنامج سحور سياسي الذي تبثه قناة البغدادية لمقدمه عماد العبادي فقد تحفظ بعض السياسيين على عرض هذا البرنامج وقيل ان شخصية سياسية فاعلة ارادت منع عرضه اذ ان عرضه يجلب وجع الرأس للحكومة والحكومة (مو ناقصة وجع راس) وقد عدَّ بعض السياسيين هذا البرنامج اطلاق نار على صدر الحكومة والضيوف احيانا كما اشر بعض الاعلاميين على مقدم البرنامج ان طريقته في التحاور تبدو كأنها استجواب ناهيك عن ان الاسئلة تطرح بدون استرسال وعلى طريقة عرف مايلي، ولعل من اظرف الاسئلة التي وجهها للشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد خلال استضافته انت متهم (اي الشاعر) بارتباطك بصدام ونظامه ولم ينفي الشاعر العظيم هذه التهمة بل اكد اعجابه بصدام وقال عنه انه رجل وقائد عظيم، والظريف في الامر اننا لا ندري من المتهم الحقيقي في هذه الحلقة بتهمة توجت البعض في الزمن الغابر واصبحت الآن سبة يخافون منها وينفونها. ومن البرامج الحوارية الخفيفة الظل برنامج منتصف الليل التي تبثه قناة الرشيد لمقدمه المتألق احمد ملا طلال الذي أثبت انه نجم رمضان لهذا العام، وغني عن البيان ان قناة العراقية التي كان يعمل المقدم احمد لصالحها وقدم من خلال شاشتها برامج عديدة يشار لها بالبنان قدمته على طبق من ذهب الى مصيدة قناة الرشيد فوظفت صفات الكياسة والنضج المهني والكاريزما التي يتحلى بها لخدمة نهجها رغم محاولاته ان يبدو موضوعيا ومحايدا في طريقة طرح الاسئلة ومضامينها لتبدو شكوكه في نوايا الضيوف وادائهم الوظيفي بحلة اسئلة مهذبة وظريفة، وقد نال اسلوبه استحسان وقبول المشاهدين والضيوف ايضا وقد اشاد الجميع من ذوي الاختصاص ومن النخبة المثقفة بطريقة التقديم ومما رجح كفته المهنية انه كان سلسا ودودا ناضجا ومثقفا يعرف متى يبتسم ومتى يتجهم وكيف يحاجج ضيوفه ومتى يتهمهم ويحاكمهم بلا تجريح اوأيذاء للكرامة كما أشر لصالحه بعض الحركات المؤدلجة فكانت كل ايماءة واختلاجة بمقدار وميعاد وقد كان بحق ضيفا خفيف الظل في رمضان، والحرفة هنا تكمن في استمالة المشاهد سواء كان مهتما بالمادة المقدمة ام لا كما ساهم برنامجه احيانا في ازالة اللبس وبيان سبب التهم الموجهة لبعض الضيوف من السياسيين. واذا كنا هنا في محاولة اشادة او اشارة اوتقييم نحاول ان يكون منصفا لبعض البرامج الحوارية نتسائل لماذا لم تشهد سوح الاعلام برغم مناخ الحرية الممنوح للاعلامي الا ثلة قليلة من مقدمي البرامج الذين يقرأون المشهد السياسي ويؤثرون في المتلقي؟ ومالذي مكن البعض من دخول الساحة قويا مؤثرا ولم يمكن البعض الآخر؟ فما نشهده اليوم هواة تسبق رسالتهم الاعلامية رغبتهم في الظهور يقدمون برامج حوارية من خلال استضافة شخصيات مثقفة سياسية او اكاديمية وامطارهم بوابل من الاسئلة الهجومية من منطلق خالف تعرف لينتهي البرنامج (بعركة) بين الضيوف وتوعد بعضهم بعضهم الآخر برد الاعتبار في محافل اخرى، واذا كانت اغلب البرامج تعتمد هذا السياق في التقديم يسأل ذوو الاختصاص من الاعلاميين هل يكون دور المقدم هو التأجيج وإذكاء الصدور؟ اين بصمته ودوره في المحاججة الموضوعية واعتماد المعلومة الصادقة وتهدئة الخطاب والحوار؟ اين دور المؤسسات الاعلامية في تهيئة دورات تأهيلية وبرامج تطويرية لتحسين أداء مقدمي البرامج؟ ولعلنا لاننسى ان بعض هذه الخيبة التي تشهدها سوح الاعلام سببها ارباب المؤسسات الاعلامية الذين يفتحون ابوابهم لكل من هب ودب، خصوصا اذا كان يخدم سياساتهم التي لا تخفى حتى على المواطن البسيط فما ان يشاع بين الناس أسم مؤسس وممول القناة وخلفيته السياسية وانتمائه المذهبي حتى نفقه هدف البرامج المقدمة التي تصب في مصلحة القائم بالاتصال ،فارفقوا بالمشاهد ياأصحاب القنوات في هذا الشهر الفضيل وفي غيره من الشهور ولا تجعلوا قنواتكم كالشجرة المبهرة ظاهرها يبهر الناظر وجذورها رخوة فإن عصفت بها عاصفة هلكت ، وسلامتكم.
#هدير_هادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضحك ولعب وجد وحب
-
لبعض الحمير حظوظ !
-
البعض يفضلها بدينة
-
دعوة للفرح
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|