|
الموبايل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3458 - 2011 / 8 / 16 - 17:07
المحور:
المجتمع المدني
الهاتف الخليوي ، أو الجوال او النّقال ، أو كما نُسميهِ هنا في العراق الموبايل ، إنتشرَ في السنوات الاخيرة بصورةٍ سريعة ومضطردة . وفي الوقت الذي وّفَرَ وسيلة إتصالات داخلية وخارجية مُباشرة وسهلة ، عّوضتْ عن الهواتف الارضية القديمة وغير الكفوءة .. فإنها أضافتْ عبئاً مالياً إضافياً ، على معظم العوائل العراقية . ولأننا عانَينا ، رُبما أكثر من غيرنا ، من الحرمان من كافة البضائع والخدمات البسيطة التي وّفرها التقدم التكنولوجي ، خلال العقود الثلاثة الماضية ، فأننا " نُبالِغ " اليوم كثيراً في إقتناءها .. فعلى سبيل المِثال ، طيلة فترة التسعينيات ، كانَ الناس في كُل دُول الجوار العراقي ، يتمتعون بمشاهدة الستلايت والمحطات الفضائية التلفزيونية ، ومُتابعة أخبار الدُنيا ، في حين كان العراقيون محرومون من ذلك .. ولهذا من الشائع الآن ، ان تجد صريفة طينية بسيطة وعلى سطحها دشاً أو صحناً ! ، بحيث انه من النادر ان لاتمتلك عائلة ما ، ستلايت .. في حين يعاني أطفالها من سوء التغذيةِ مثلاً . وعلى نفس الوتيرة ، فأن الموبايل بعد 2003 ، إنتشرَ إنتشار النار في الهشيم ، ورُبما لا اُبالِغ ، إذا قلت ان أكثر من عشرين مليون عراقي من مجموع ثلاثين مليوناً ، يمتلكون اليوم موبايلات .. فإذا طرحنا الأطفال دون سن السادسة ، وكِبار السن الذين فقدوا السمع والمُشردين والذين لايعرفون القراءة مُطلقاً ولايستطعون إستخدام الموبايل ... الخ ، ندرك ان معظم العراقيين ، يمتلكون هذا الجهاز . وأدناه بعض المُلاحظات العامة حول الموضوع : - الدول الغربية الغنية والمُتقدمة علمياً وتكنولوجياً ، هي التي أرسلت أقماراً صناعية ، الى الفضاء ، ومن خلالها فتحتْ هذه المجالات الرحبة ، لتطور الإتصالات بقفزاتٍ متلاحقة . وتقوم هذه الدول ، بتأجير وبيع بعض خدماتها ، للشركات المُختصة ، والتي تقوم بِدَورِها أما ببيع خدماتها الى الدُول مُباشرة ، او من خلال شركات اُخرى . ومن نافلة القَول ، ان العراق شّكَلَ سوقاً مُمتازة ، لتسويق هذه الخدمة الجديدة منذ 2003 ( وقبل ذلك ببضعة سنوات في اقليم كردستان ) ، حيث انه دولة نفطية تمتلك الكثير من الأموال ، والكثافة السكانية جيدة ، وهنالك مَيلٌ واضح للإستهلاك والإقتناء مِنْ قِبَل عامة الناس . - شركات الهاتف النقال او الموبايل ، العاملة في العراق ، جَنَتْ أرباحاً طائلة في ظل الظروف الاستثنائية التي يَمُر بها البلد ، لاسيما وان بعض السياسيين المتنفذين ، وسط حالة الفوضى وإنعدام الشفافية ، وغياب القانون ، والفساد مُتعّدد الأوجه .. كانوا شُركاء مع هذه الشركات .. وإستولوا على مليارات الدولارات خلال السنوات المنصرمة " على الرغم من قلة كفاءة الخدمة المُقَدَمة وإرتفاع سعرها مُقارنة بالعديد من الدول الاخرى " .. في حين كان من المفروض ان تدخل هذه الأموال ، الى ميزانية الدولة . ومن الغريب ، ان مَلف الفساد المتعلق ، بشركات الموبايل المُختلفة في كُل أرجاء العراق ، والمسؤولين الكِبار المتواطئين والمتورطين .. هذا الملف مُهمَل ومَنْسي !. - التَشّوه الثقافي المُزمن المتغلغل في المجتمع العراقي ، إنسحبَ بشكلٍ ما ، على إقتناء الموبايل أيضاً .. فاليوم هنالك الآلاف من الأطفال دون سن العاشرة ، يتداولون أجهزة الموبايل التي وّفرها لهم اهاليهم ، مُعّرِضين الاطفال للمخاطر الصحية والاجتماعية والبيئية . والأهل تحت ذرائع واهية ، يَقدمون على مثل هذه الخطوة .. من قبيل : ان طفلهم البالغ اربعة سنوات يبكي ، وانه لايهدأ إلا بإعطاءه جهاز موبايل ل [ يلعب ] به !! . أو ان النغمات والاغاني تجعله يهدأ ويسكت ... شخصياً رأيتُ أبوَين من المعارف مُرتاحَين لإكتشافهم ، ان الموبايل أحسن طريقة لتهدئة طفلهم ... بل أعرف اُماً [ تفتخر ] ان ابنتها التي في الخامسة من عمرها ، هي التي ترُد عادةً على الموبايل ، وان الجهاز لايُفارقها أبداً !. لا أدري بالضبط ، تفاصيل إستخدام الشعوب الاخرى للموبايل .. ولكنني مُتاكد اننا نحن العراقيين ، شأن الكثير من الامور الاخرى .. حّرَفنا الموبايل عن إستعمالاته المألوفة : فالكثير مِنا يُبدل الجهاز كُل شهرَين ليُواكب الموديلات الحديثة .. او يقتنيه للتظاهر فقط ، ويسمح لأطفاله الصِغار بإستخدامهِ ، او يستمع للأغاني لساعاتٍ متواصلة ، او يُزعج الآخرين ... او حتى للإتصال بأهالي المخطوفين !!. - ان الموبايل الذي ساهمَ مع الانترنيت ، في إذكاء نار الثورة المُباركة ، في العديد من الدول ، مثل تونس ومصر .. وكاميرات الموبايل التي تفضح يومياً ، المُمارسات القمعية الهمجية ، للسلطات الدكتاتورية ، في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول ... هذا الموبايل الذي هو مثل غيره من خدمات الاتصالات الحديثة .. هو سلاحٌ ذو حّدَين .. فمن المُمكن ان تستخدمه ، في سبيل التقدم وتسهيل الحياة اليومية والتواصل الاجتماعي المُثمر الراقي .. أو ان تستعمله بدون رَوِية ، لإزعاج الآخرين ، والتسبب بالمشاكل والمضار الصحية والاجتماعية .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان -1-
-
الرأسمالية المُتوحشة
-
إهمال الأطفال في العطلة الصيفية
-
ألشَرَف
-
على هامش إجتماع قادة الكُتَل
-
بالروح .. بالدَم نفديك
-
رجعيو البصرة وشيوعيو الموصل !
-
إبتسامات رمضانية
-
إنقلابٌ صامت في تركيا
-
الغُربَة .. وفُقدان الذاكرة
-
جَشع التُجار .. وحماية المُستهلِك
-
زيارات الرؤساء .. مَحَلِياَ
-
ايران والحدود مع العراق
-
سياسة فرنسا وتأثيراتها على العراق
-
ترشيقٌ على الطريقة العراقية
-
بين - الميتِنك - و - الإيتِنك -
-
الصحة النفسية لرؤساءنا
-
حكومتنا وصناعة الإحباط
-
يومٌ إيراني مشؤوم في العراق
-
- عصا - عُمر البشير
المزيد.....
-
-اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام
...
-
-نقل لاجئين سوريين من مساكنهم لإيواء أوكرانيين-.. مسؤول ألما
...
-
ألمانيا: انتقادات حادة لشركات خاصة تدير مراكز إيواء اللاجئين
...
-
آلاف من طالبي اللجوء غادروا ألمانيا طوعا بمقابل دعم مالي
-
إردوغان يعلق على مذكرة اعتقال نتانياهو من الجنائية الدولية
-
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
...
-
4 ملايين عائلة مهددة بالتفكك في الولايات المتحدة بسبب خطط تر
...
-
أول تعليق لإردوغان على مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتانيا
...
-
الرئيس التركي اردوغان يؤكد دعمه لقرار الجنائية الدولية باعتق
...
-
كندا وكولومبيا تتعهدان باعتقال نتنياهو
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|