جمال عبد الفتاح
الحوار المتمدن-العدد: 3452 - 2011 / 8 / 10 - 19:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاخوان المسلمون كتنظيم هم تعبير سياسى وفكرى عن جناح من الرأسمالية الكبيرة الطفيلية المسيطرة اجتماعيا , وهم اتجاة سياسى رجعى ذات خطاب دينى . مصالحة مع مجمل مصالح النظام الحاكم سواء فى عهد مبارك او الان بتحالفهم مع المجلس العسكرى وخططة فى اجهاض الثورة لصالح استمرار نفس النظام .
ولقد كان الاخوان فى عصر مبارك مجموعة منافسة للمجموعة المسيطرة على النظام لعشرات السنين . وكانت تسعى لمساحة اوسع من التأثير داخل الطبقة المسيطرة والمجتمع عن طريق التنظيم الحديدى الجيد القائم على السمع والطاعة والفكر الدينى بمالة من رصيد كبير لدى الشعب المصرى مدعوما باموال غير محدودة من السعودية والخليج وبنفوذ السعودية الذى توسع بعد هزيمة يونية 67 ,وخاصة مع ارتماء السادات فى احضان الحلف الامريكى السعودى بعد حرب 73 . ولكن مبارك الديكتاتور ومجموعتة المسيطرة على الحكم لم يكن يبغى لة شريك او منافس فى الحكم , او فى الاستحواز على اغلب الفائض الاقتصادى . ولذلك سمح للاخوان للتوسع فى المشاريع الاقتصادية بالمليارات وداخل البورصة . وتوسع سياسى محسوب فى النقابات المهنية وانتخابات مجلسى الشعب والشورى والشارع السياسى بما يتناسب مع مصالح النظام وما يمر بة من ازمات , وباستخدامهم كفزاعة للامريكان لتمرير مشروع التوريث . وكانت قواعد اللعبة لاتستبعد سجن بعض قيادات وعناصر الاخوان فى الاوقات المختلفة . وهم على الطرف الاخر لا يطرحون الاطاحة بنظام مبارك فى اى وقت من الاوقات . كل مايطمحون الية ان يرضى عنهم , وان يسمح لهم بالمشاركة الاوسع فى العمل السياسى . فقد قبلوا فى بعض الفترات بمشروع التوريث لشراء ود الحكم القائم , وان مواقفهم السياسية الاساسية لم تكن تختلف مع توجهات النظام .فهم مع سياسة خصخصة القطاع العام , وعودة اراضى الاصلاح الزراعى والوقف لكبار ملاك الارص من جديد , ومع قانون الايجارات الزراعية الظالم للفلاحين الفقراء ,ولم يكونوا مع فرض الضريبة التصاعدية والضريبة على الارباح الراسمالية . اى ان انحيازاتهم مع الطبقة الراسمالية الكبيرة التى يدافعون عن مصالحها باستماتة , والفقراء عندهم لهم شنط رمضان والمدارس وفى الانتخابات والاستفتآت والاحسان بشكل عام , ولهم اللة والجنة فى النهاية بما صبروا . اما موقفهم من المواطنة والمساواة والديموقاطية ففية من النفاق الكثير ,فما يقولونة عن المراة والولاية الكبرى وولاية المصرى القبطى وتطبيق الشريعة والمرجعية الاسلامية ومفهوم الامة الاسلامية والهوية العربية الاسلامية وقوانين الاحوال الشخصية , وفزاعة المادة الثانيةمن الدستور . كل ذلك يتراجع عما كان يقول بة نظام مبارك المستبد ,وابعد مايكون عن الديمقراطية والحريات العامة والخاصة .
واذا نظرنا الى موقفهم من امريكا واسرائيل واتفاقية كامب ديفد فلن نجد خلافات كثيرة عن موقف نظام مبارك ,فهم يريدون رضى امريكا عنهم اولا, ومنذ زمن بعيد لانة الطريق لوجودهم فى السلطة فى يوم من الايام . وارى ان هذا الطريق اصبح مفتوحا امامهم بعد ثورة يناير كما تدل العديد من الشواهد . خاصة بعد زوال العقبة الرئيسية نظام مبارك ومشروع التوريث . اما بالنسبة لوجود اسرائيل فالاخوان مع وجود دولتين على ارض فلسطين , اى مع شرعية وجود اسرائيل كما تقول حماس وكل الانظمة العربية التابعة . وبالنسبة لاتفاقية كامب ديفيد فهم مع طرحها للاستفتاء العام . وهنا ليس لى الا سؤآل واحد هل يجوز الاستفتاء على سيادة وطن واستقلالة ؟ خاصة والجميع يعلمون ان سيناء منقوصة السيادة بسبب اتفاقية كامب ديفيد . انها الانتهازية السياسية للالتفاف على حق الشعب المصرى فى الغاء اتفاقية كامب ديفيد . ودعم نضال الشعب الفلسطينى لتحرير كامل ارضة .
كل ماتقدم وغيرة الكثير على المستوى الفكرى والسياسى والمواقف العملية قبل الثورة وابانها وبعدها يؤكد ان الاخوان المسلمون هم قوى رجعية وجزء من نظام مبارك واستمرارة الحالى ولا ينبغى الرهان عليها من قبل قوى الثورة باى حال من الاحوال .فهذا خطأ قاتل وثمنة سيكون فادحا بالنسبة للثورة . بل ان الخوان المسلمون يتلاعبون بقوى الثورة الهشة والاحزاب القديمة والجديدة الستخذية امام قوة الاخوان وتنظيمهم البالغ فيهما .
وقبل القراءة السريعة لمواقف الاخوان اثناء الثورة وما بعدها ينبغى ان نوضح ان قيادة الاخوان وقياداتهم المحلية والجزء الرئيسى المسيطر على مفاصل التنظيم ودعايتة وانشطتة المختلفة هو الذى يحدد توجهاتهم السياسية والفكرية ومواقفهم العملية ويمتلك مصادرالتمويل ويحدد مجالات الصرف . هذا الى جانب العضوية الواسعة من الشباب المنتمين الى البرجوازية الصغيرة المدينية والريفية والمهمشين وكذلك قطاع مهم من البرجوازية المتوسطة . ان مثل هذا التكوين الملئ بالتناقضات الاجتماعية يجعل من السهل انعكاس الصراع الطبقى والسياسى داخلة خاصة فى حالات الصراعات الواسعة والمكشوفة فلا يعصمة من ذلك امتلاك القيادة لمصادر التمويل اونظام السمع والطاعة الحديدى الذى عرضتة ثورة يناير لشمس وهواء الحرية . فظهر تااثيرهما على مواقف شباب الاخوان من قرارات القيادة فى مواقف مختلفة يعلمها الجميع . وفى الانشقاقات المتعددة التى ظهرت بعد الثورة .
كان موقف الاخوان الرسمى عدم المشاركة فى 25 يناير وتركوا لاعضائهم حرية التصرف فى مواقفهم كافراد حتى لايتحملوا وزر المشاركة امام سلطة مبارك واجهزتة الامنية فى حاتة الفشل والا يتعرضوا للقمع الواسع . وفى حالة النجاح يصبحون بمشاركة اعضائهم شركاء فى المغانم .. .انها الانتهازية السياسية باجلى معانيها . وهكذا كانت مواقفهم طوال تاريخهم . ونفس الموقف اتخذوة يوم جمعة الغضب 28 يناير . والانكى من ذلك بيان نزولهم لميدان التحرير يوم 30 يناير . فلم يكن يحتوى على اى اشارة لاسقاط النظام او اسقاط مبارك برغم ان الثوار كانوا قد بدأوا فى اعتصام ميدان التحرير والميادين الاخرى منذ جمعة الغضب واصبح شعارهم اسقاط النظام وتحقيق نظام جديد بقوم على الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .وكل ماجاء فى بيانهم الغاء حالة الطوارئ والمحاكمات العسكرية والاستثنائية , وحل مجلسى الشعب والشورى واجراء انتخابات نزيهة . ودستور جديد . انها نفس الانتهازية يشاركون فى الثورة وعينهم على نظام مبارك حتى لايحسبهم على الثورة . ايهم سينجح فيقفذون الى مركبة حيث النجاة اولا واخيرا . وما ان حققت الثورة اولى نجحاتها بحديث مبارك عن التعديلات الدستورية واقالة العدلى وتشكيل وزارة جديدة وتعيين عمر سليمان نائبا لة حتى اسرع الاخوان للقائة برغم ان الميدان كان يرفع شعار الا تفاوض الا بعد الرحيل . وكذلك ماأن ظهر المجلس العسكرى كبديل لمبارك حتى هرول الاخوان الية والتحالف معة .وان لم يقطعوا شعرة معاوبة مع قوى الثورة حتى الان للاستفادة منها حينما تدفعها الى ذلك الضرورة والمساومات التى يجيدونها . انها الانتهازية والسعى الدئب الى السلطة فى ظل النظام الراسمالى القائم والمعاداة الدائمة للثورة الشعبية مثلهم فى ذلك مثل المجلس العسكرى وامريكا والسعودية الد اعداء الثورة فى بلادنا والبلدان العربية والعالم . ويفضحهم فى ذلك موقفهم من اعتصام 25 فبراير الذى نجح فى اقالة حكومة شفيق والهجوم على مقرات امن الدولة والذى طرح لاول مرة وبشكل واسع ان المجلس العسكرى امتداد لحكم مبارك ورجال الاعمال الفاسدين . فجاء فضة على يد الجيش مستخدما كل اشكال القوة والتعذيب والمحاكمات العسكرية للمئات من المشاركين فية . وتكرر نفس الموقف مع اعتصام 8 ابريل وجريمة قتل قوات من الجيش ثلاثة من الضباط وخمسة من المدنيين واعتقال وتعذيب المئات بامر من المجلس العسكرى فجر 9 فبراير. ونفس السيناربو تكرر مع مظاهرة 15 مايو والتى لم يشارك فيها الاخوان نزولا على رغبات المجلس العسكرى . واخيرا وليس آخرا ادانتهم لجمعة الغضب الثانية 27 مايو واحداث 28 يونية المجيدة , وابتعادهم عن اعتصام 8 /7 ثم نزولهم المشبوة فى جمعة السلفيين والجماعات الاسلامية لاظهار قوتهم وحلفائهم دعما للمجلس العسكرى المرتعشة اياديهم فى حكم البلاد .
واذا كان اعتصام 8/7 اجبر المجلس العسكرى على المحاكمات العلنية لمبارك ورجال حكمة والتسريع بمحاكمة قتلة الشهداء , وتقديم بعض التعويضات لاهالى الشهداء والمصابين , والتعديل الشكلى للحكومة كاسماء وليس السياسات التى يحددها المجلس العسكرى وهى استمرار بالكامل لسياسات حكم مبارك . الا ان انتهازبة الاخوان ابت الا ان تنزل جمعة 29/7 لتزايد بشعلرات القصاص لدم الشهداء والمحاكمات على قوى الثورة الحقيقية والتى فضحتها شعارات اسلامية ـاسلامية , ولتنادى بضرورة الاسراع بانتخابات مجلسى الشعب والشورى ثم دستور المادة الثانية . فهذا هو مربط الفرس لتحالف الاخوان ـ المجلس العسكرى لقطع الطريق على استمرار الثورة الشعبية ـواسمها الحركى ثورة الجياع ـ واجهاضها لصالح استمرار النظام القديم مع تعديلات محدودة فى شكل الحكم وبعض الحريات ان امكن ذلك
فالاخوان المسلمون لايمكن ان يكونوا مع مصادرة ثروات رجال الاعمال الفاسدين والمحتكربن الذين افقروا الشعب ونهبوا ثرواتة ودمروا الاقتصاد وهم بالآلاف ,بل ورهنوة للامريكان والراسمالية العالمية , ولايمكن ان يكون الاخوان مع استرداد القطاع العام واراضى الدولة المسروقة , او مع فرض ضرائب تصاعدية على الدخل تصل ل40% ,وكذلك ضرائب عل الارباح الراسمالية 15% وعلى العقارات التى تتجاوز قيمتها مليون جنية , وموقفهم المعادى للفلاحين الفقراء كما اسلفنا .وغيرذلك الكثير والكثير من القضايا التى تمس مصالح الطبقات الكادحة والمهمشين وهم الغالبية الساحقة من الشعب المصرى . فمصالح الاخوان وتوجهاتهم تتناقض مع اهداف الثورة الاجتماعية التى خرج الشعب المصرى لاسقاط نظام مبارك من اجلها , وان لم يستبعدوا اعلان وقوفهم المزعوم وراء شعار العدالة الاجتماعية زرا للرماد فى العيون ولخداع قطاعات واسعة من الشعب لينضموا اليهم خاصة وانهم المدافعون عن الدين والشريعة والمحتكرون للهوية والحقيقة المطلقة !!
ان موقف الاخوان من قضايا الحريات والديموقراطية الشعبية ملئ بالتناقضات بل والعداء تها . فاصرارهم على المادة الثانية فى الدستور وتطبيق الشريعة وتكفير وتخوين من يطرحها للنقاش معاد لابسط قواعد الديموقراطية وحرية الفكر والاعتقاد والتعبير , ومعاد للمساواة بين البشر ـ ناهيك عن ابناء الوطن الواحد ـ دون تمييز بسبب الدين او الجنس او اللون او القومية , والنظرة الدونية للمرأة والاقباط فى الحقوق والواجبات المتغلغلة فى ثقافتهم وتاريخهم برغم انهم يعلنون عكس ذلك , فالانتهازسمة عميقة لديهم , بان تقول عكس ما تفعل , وهنا يحضرنى موقف ذو دلالة حدث بينى وبين محمد البلتاجى وقيادى آخر من الاخوان فى ميدان التحرير قبل رحيل مبارك بثلاثة ابام حول ان مجئ العسكر باد فى الافق , وان موقفنا ينبغى ان يكون الرفض والاستمرار فى الاعتصام لنحول دون ذلك , فوافقنى الاثنان . ولكن ما ان تخلى مبارك عن سلطاتة للمجلس العسكرى واسرعت قيادة الاخوان لتاييد المجلس حتى جاءت الاوامر للاخوان بالميدان بترك الميدان فورا فصدعوا للامر , واستمر تحالفهم مع الجلس العسكرى حتى الان ليكشف عن لمذا ركبوا الثورة فى اليوم السادس 30 يناير ؟ وكيف يحققون مآربهم فى السلطة منذ استفتاء التعديلات الدستورية وحتى الان
وكيف انهم لم يكونوا مع الثورة الشعبية والتغيير الثورى , فتاريخهم منذ اربعينات القرن الماضى مع التغيير من اعلى ومن داخل النظام القائم بما يسمح ان يكونوا نافذين فى السلطة القائمة , مشاركة او هيمنة . المهم تحقيق مصالحهم وبرنامجهم بافكارهم المعتمدة على توظيف الدين فى السياسة . انهم كانو يدعون نظام مبارك للتغيير التدريجى ليسمح لهم بالمشاركة الواسعة ليدرؤا الثورة القادمة ,لانهم يخشون الثورة كما كان يخشاها نظام مبارك . ولجبروتة الزائف لم يضعها فى حساباتة . ولكن الاخوان بذكائهم العملى وانتهازيتهم المعهودة لعبوها صح فى تلك اللحظة ودخلوا فى الثورة . ولكن مواقفهم المعادية للثورة الشعبية ولمصالح الفقراء ستفضحهم اكثر امام الشعب المصرى وامام قواعدهم من الشباب والفئات الفقيرة المنضوية تحت لوائهم . فالمستقبل القريب والبعيد للثورة الشعبية ذات المضمون الاجتماعى فى مصر والعالم .
L
#جمال_عبد_الفتاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟