أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - اسلام احمد - مارينا والعشوائيات














المزيد.....

مارينا والعشوائيات


اسلام احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3452 - 2011 / 8 / 10 - 09:25
المحور: حقوق الانسان
    


كثيرا ما أحب اصيف في مارينا والساحل الشمالي لما يتمتع به هذا المكان من طبيعة ساحرة تتمثل في جو جميل وبحر رائع وحدائق خضراء وبحيرات صناعية فضلا عن المستوى الراقي والبعد النسبي عن المدن بما يمثله من هدوء واستجمام , ناهيك عن الفتيات الجميلات والنسوان الطعمين , غير أن هذا العام كان مختلفا عما سبقه اذ لأول مرة لا يتواجد في المكان أبناء صفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحي سرور وغيرهم من رموز النظام السابق فبينما كنا في بورتو مارينا كانوا هم في بورتو طرة , في مفارقة مدهشة! , وكم كانت سعادتي حين رأيت احد الشواطئ الخاصة المملوكة لأشرف صفوت الشريف وقد تحولت الى شاطئ عام! , عندئذ شعرت أن مصر صارت للمصريين وأن البلد باتت بلدنا حقا

غير أن المكان لم يخل من بعض الوجوه الحقيرة فقد شاء حظي العثر أن أرى تامر أمين وخيري رمضان جالسين في بورتو مارينا , ولا أعرف لماذا حين رأيتهما انتابتني رغبة عارمة في أن ابصق في وجههما ولكني أمسكت نفسي بصعوبة احتراما للمكان والحضور! , كما شاهدت أيضا فيللا بأسماء أسامة سرايا ومرسي عطا الله , ما أثار دهشتي واستغرابي فتساءلت من أين لكاتب صحفي مهما بلغت كفاءته الصحفية بفيلل يقدر ثمنها بملايين الجنيهات؟! , وان كنت خمنت انه تم تخصيصها لهما بالأمر المباشر, إلا أن اجابة سؤالي لم تطل كثيرا فبعيدا عن التخمين وجدت الإجابة بعد ما رجعت من مارينا عند الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين , فقد اعترف في حواره مع الإعلامي جابر القرموطي بقناة أون تي في , أن وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان كان قد عرض عليه فيلا في مارينا ولكنه رفض حيث اعتبرها نوع من المساومة أو الرشوة السياسية لا يقبلها! , الأمر الذي يلقي الضوء على بعض من فساد العصر السابق وكيف كانت البلد مسروقة ويجري توزيعها كعزبة لصالح حفنة من الناس!

أكثر ما لفت انتباهي في هذا المكان هو ابتعاده تماما عن الأحداث التى تمر بها البلد فبينما البلد مشتعلة والأحداث على أشدها يعيش سكان مارينا في عالم ثاني غير دارين بما يحدث حولهم ولا مبالين بالثورة المصرية ومظاهرات التحرير! , وبعيدا عن مارينا فبعد أسبوعين من عودتي وتحديدا أول أمس طلب مني صديق يعمل بالعمل الخيري أن أرافقه في جولة خيرية بسيارته الى العشوائيات فوافقت مرحبا غير مدرك لما سيعقب قراري هذا من تبعات!

كنت أتصور أن العشوائيات عبارة عن مساكن قديمة عددها قليل يمكن إزالتها بسهولة أو إعادة ترميمها لتكون صالحة للحياة ولكني فوجئت بمنطقة شاسعة أشبه ببلد أخرى , مليئة بالعشش والخيام الملتصقة بجانب بعضها البعض بحيث لا تكاد تجد مسافة تفصل بينها! , المكان مظلم تماما فلا تكاد ترى شيئا الا على ضوء القمر ولمبات الجاز , مياه المجاري تغطي الأرض بالكامل فضلا عن جبال من القمامة منتشرة في كل مكان ما أضفى عليه رائحة كريهة , وعلى ما يبدو فان الكهرباء والصرف الصحي لا يصلان الى هذا المكان! , اقتربنا من المنطقة بحذر فلمحنا مجموعة من النساء متشحات بالسواد , ما أن رأين السيارة الفارهة حتى تكالبوا علينا طالبين المعونة ولكن رفيقي اعتذر لهن بحجة انه أتى لحالات معينة , الأطفال يبدو عليهم الضعف والبؤس وقد فوجئت بهم يقذفون بعضهم بالحجارة بمنتهى الجرأة والعنف ويسبون بعضا بأقذر الألفاظ , ولم أدرى على وجه الدقة هل كانوا يلعبون أم يتشاجرون؟! , المكان ملئ بالحشرات والحيوانات بكافة أنواعها من البقر والغنم , الى القطط والكلاب الضالة والحمير فضلا عن الفئران المنتشرة بكثافة وسط القمامة , والمحزن أن الماشية في هذا المكان يبدو عليها الهزال وتتغذي على الزبالة! , والقاسم المشترك في هذا المكان هو الفقر والبؤس , ولا أبالغ ان قلت أن المكان لا يصلح لمعيشة حيوانية ناهيكم عن ادمية!

الرجال هناك مسلحون بكل أنواع الأسلحة , البيضاء والنارية , وكثيرا ما يحدث مشاجرات عنيفة بين أهالي المنطقة وغيرهم من سكان المناطق الأخرى , رأيت شابا يبدو من مظهره أنه بلطجي أو مجرم ظل ينظر إلينا طويلا ثم اقترب منا وسألنا أي خدمة فأجبته شكرا فانصرف بعد أن ألقى علينا نظرة معينة , سألت رفيقي عما كان يقصده هذا الشاب فأجابني انه تاجر مخدرات وقد جاء ليعرض علينا بضاعته ظانا منه أننا زبائن! فهذا المكان يعد بمثابة بؤرة للجريمة وتجارة المخدرات!, فحمدت الله أن مر الموقف بسلام

وبقدر ما سعدت في تلك الليلة لقيامي بعمل خيري بقدر ما شعرت بالاكتئاب لما رأيته من بؤس , وبعقد مقارنة ذهنية سريعة بين ما شاهدته في مارينا وبين هذا المكان يتبين لنا حجم المفارقة والهوة الشاسعة بينهما! , وهنا وجدت نفسي ألعن مبارك فقد تسبب بسياساته الحمقاء في خلق تفاوت طبقي رهيب في المجتمع اذ رفع أقواما الى أعلى السلم الاجتماعي دون وجه حق بينما هبط بآخرين الى مستنقع الفقر والبؤس فيما انهارت الطبقة الوسطى ,وهو ما يعبر عنه بوضوح المقارنة بين مارينا والعشوائيات!

ولأن تلك العشوائيات تمثل قنابل موقوتة من الممكن أن تنفجر في وجه المجتمع في أي لحظة فأدعو الحكومة الجديدة ممثلة في رئيس الوزراء والمحافظين الجدد إلى وضع ملف العشوائيات في قمة أولوياتها , ولا أخفى عليكم أننى بعد رؤية حجم العشوائيات , وهي بالمناسبة غيض من فيض, بت أشفق كثيرا على الرئيس القادم لمصر فقد خلف مبارك تركة ثقيلة حقا , من فقر وجهل وأمراض وبطالة وخلافه , ستحتاج الى جهد كبير لعلاجها ربما يستغرق عقود! لذا لا اشعر بأدنى تعاطف مع مبارك واعتقد انه يجب أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى في المقام الأول وهي جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام



#اسلام_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة بين ثورة 23 يوليو وثورة 25 يناير
- ثورة الغضب الثانية 8 يوليو
- قراءة في بيان المجلس العسكري
- المخرج لحل أزمة الدستور والانتخابات
- كشف حساب حكومة عصام شرف
- محطات على طريق الثورة
- سياسة مصر الخارجية
- تصحيح مسار الثورة
- أسطورة أسامة بن لادن
- ملف المصالحة الفلسطينية
- إعادة بناء الدولة المصرية
- محاكمة مبارك
- أسس بناء الدولة
- حول العلاقة بين الشرطة والشعب
- حتمية الضغط الشعبي
- يا عزيزي كلنا طائفيون!
- ماذا بعد الاستفتاء؟
- حول التعديلات الدستورية
- السلفيون والثورة
- حادث كنيسة صول واللعبة القذرة


المزيد.....




- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...
- سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر ...
- كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا ...
- -المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على ...
- 5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - اسلام احمد - مارينا والعشوائيات