أمل جمعة
(Amal Juma)
الحوار المتمدن-العدد: 3443 - 2011 / 7 / 31 - 11:59
المحور:
الادب والفن
امرأة تتأبط سور بيتٍ مُتهالك تحدقُ بفزع بالشارع، كأنها تسمع ُالضجيج لأول مرة ،منكوشة الشعر ،متورمة الجفون ،شعرها أسود حالك رغم الخمسين عاماً التي تشي بها ملامحها.
رجل جامد الملامح بذقنٍ مرتبة وشارب خفيف يستند على عمودٍ قصير وسط الشارع، يتصفح باهتمام جريدة الأيام،يقلب الصفحات بسرعة وفوضى ،العمود بلا شك ينْغرسُ بظهره ،بلا شك.
زجاجة بيرة تقف بثباتٍ على سور منتظم ،منزوعة الغطاء ولامعة،تحمل ثلثي سائلها ،لا بد أن تاركها طويل القامة ،لا رائحة شعير تفوح منها ،وأيضا لا رائحة أخرى تحسم الموقف .
أكياس نايلون،ساكنة، ومتكومة بلا حراك بينما تلعب طائرة ورقية بذيلها شبه المقطوع مُتدليةً من شجرة ،وطويل جداً جداً خيطها ،لا طفلة في الجوار ولا ريّح تعبر.
قطّةٌ حزينة أمام سلّة نفايات فاخرة ،باللونيّن الأحمر والأسود ،محكمة الإغلاق، مثبتة بزهو أمام بيت أنيق.
كلبةٌ بيضاء بضرع يجرجر على الأرض منهكة ووحيدة،تقترب مني بلهفة،أتذكرها فلقد احتمت بحديقتي وجراءها الثمانية :أين صغارك يا وضحة؟ تطأطئ حزينة وتفرك الأرض بقدميها،أحزن مرتين ،لقد ساعدت حميدو (الطفل المغوار) بنقل صغارها ،وهز رأسه عدة مرات وهو يؤكد لي أن بيتاً جميلاً بانتظارها وكمشة رفاق لرعايتها،والكثير من اللحم.
عامل النظافة الأصم بزيّه البرتقالي يبدو أكثر بدانةً وسكوناً،لا يحرك شفتيه ليقول لي اسمه كالعادة (عبد العزيز) .
عاشقٌ غريب الأطوار يتخاصم مع فتاته أمام درج شاهق،يلقي بهاتفه النقال في الهواء ويركض لإلتقاطه قبل ان يسقط أرضاً،الغريب أن الحركة تضحك الصبية وتعود إليه ،لا ضير المهم أن قصة حب لا تتعثر هنا.
غبار كثيف على جدارية المرأة –جدارية الحياة الواقفة منذ عام ونصف في منتصف شارع الإرسال،لا منتظرين أسفلها ولا مستظلين ،باردة رغم حرارة الجو وحصانها متعب،وأطفالها _كما هم_ لم يتعلموا المشي بعد.
في حقيبتي قراراً عُمره ألف يوم بضرورة الإستقالة، وفيها أيضاً قائمة بالتزامات مالية مرهقة،في قلبي ملل وفي يدي عرقاً خفيفاً من شدة الحرّ.وفي رأسي حكايات كثيرة تتزاحم أيها يكون أولاً فوق منصة الإعدام .
#أمل_جمعة (هاشتاغ)
Amal_Juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟