أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - أهذا .. هو الطوفان !!















المزيد.....

أهذا .. هو الطوفان !!


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3440 - 2011 / 7 / 28 - 21:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاستاذ خالد محمد خالد من العلماء ( علماء الأزهر ) كتب في نهاية اربعينيات القرن الماضي عدة كتب تعتبر علامات مضيئة في تاريخ الفكر المصرى .. (( هذا أو الطوفان )) كان واحدا منها .. ويبدو أن ((هذا )) لم تتحقق خلال ستة عقود فأصبحنا في مواجهه ((الطوفان )).
ما كان ينادى به الاستاذ في منتصف القرن العشرين، هو ان غفلة المسلمين بما في ذلك الحكام ، رجال الدين ، والمثقفين تمنعهم من معرفة أن الافكار التي يتداولونها تسلك سلوكا اشبه بحياتهم ، بمعني انها لا تأتي من فراغ فلابد أن يكون لها مصدر إبداع (كالاب و الام ) ، ثم تولد ، تشب عن الطوق ، تنضج ، تتوهج أو تخبو حسب تقبل البيئة التي ولدت بها ، كائن حي يعل و يبل، يشيخ و يفني ، وقد يكون مسار حياته قويما حسن السمعة، و قد يشوبه الاخطاء والخطايا فتصبح سمعته مثل قوانين مبارك التي تزكم الانوف.
الاستاذ خالد كان علي اقتناع تام بأن قانون التطور الذى يسرى علي الافكار .. يحكم ايضا عقائد و ديانات البشر وأن الاسلام ليس استثناءً من ذلك .
إذا ما طبقنا قناعات الاستاذ على ما يحدث حولنا اليوم، فسنجد ان مسلمى القرن الحادى والعشرين لم يصبحوا أفضل من سابقيهم ، بل تدهوروا وأصاب أفكارهم مرض تصلب الشرايين، وهو مرض يعانى منه الطاعنون فى السن فيجعلهم لا يدركون ما يدور حولهم ، ويستدعون الماضى كواقع معاش يتجسد أمامهم .. تصلب الشرايين الذى أصاب السادة مشايخ الأصولية الاسلامية المطلق عليهم ( سلفيون ) جعلهم يتخيلون أن معاداة الحضارة الغربية ( اليهودية المسيحية ) وإحلال مجتمع زمن الرسول صلعم محلها سيكون الحل الناجع لعلاج تخلف المسلمين الحضارى والانسانى الواضح، لذلك فهم يطلقون اللحى ويكمرون الاناث ويرتدون ملابس رعاة الجزيرة وينادون بتطبيق شرع الله ، دون تمييز ان الزمن قد ابتعد بهم بما يزيد عن ألف سنة.
إذا تجاوزنا عن شطحاتهم فى الزى والمظهر ( وقلنا انها حرية شخصية ) فإننا سنواجه بعد ذلك بدعوى لإغلاق المدارس والجامعات لأن صلعم كان أميا ، وسيطارد خطباؤهم فى كل مكان من يقرأ ويكتب لضلالة إنحرافه عن الأمية النبوية وسيتوعدونه بجهنم وبئس المصير، ثم سنواجه بأن كتابة القرآن على ورق ضلالة أخرى ، فالقرآن كان محفوظا فى القلوب وعلى صحاف النخيل ورقع الجلود ، ثم يستمر مسلسل التقهقر الى أن نصل الى أن الخرسانة حرام وعلينا ان نبنى بالأحجار ونسقف بجذوع الأشجار، وأن الأسفلت بدعة او كما قال إمام اليمن للمقاول الصينى الذى رصف الطريق من صنعاء الى الحديدة (( سودت أرض الله يا فاجر))، فإذا ما أضفنا لهذا أن الموسيقى والرسم والنحت كلها بدع من صنع الأباليس، فنحن نتدهور بسرعة غير محكومة نحو مجتمع بدائى ، او كما حذر الأستاذ خالد سنغرق فى طوفان الجهالة.
مشكلة مجتمع الاسلامجية المرجو ليست فى إنعزاله عن العالم أو تجنبه لاستخدام منجزات العلم الحديث ، وإنما فى كونه سيخلق مجموعة من البدائيين الأقرب للوحوش التى لن ترضى بديلا عن تعميم نمط حياتها على كل سكان الأرض، وأكاد ان أسمى بعضا منهم يطل علينا بسحنة مكفهرة ولحية غير مهذبة ونظرات مجنونة وتصريحات غير متزنة، بل أكاد أرى آخرين يتمنطقون بأحزمة ناسفة مستعدون لتفجيرها مع أول إشارة من الأمير أو الولي.
هذه الوحوش التى روعت العالم لألف سنة منذ أن خرجت من الجزيرة العربية بحثا عن لقمة عيش وشربة ماء وصبايا حلوات يفرغون فيهن شهواتهم سجلها الأسود ممتلئ بذكر لتلك العصابات التي اظلمت حضارات عديده، ولن أبدأ من البداية شديدة الحساسية لدى المسلمين المعاصرين، ولكننى أشير الى ما فعلته جحافل التتار والمغول والعثمانيون فى مصر والشام والعراق، وكيف تركوا ندوبا لا تندمل فى الهند والصين وأوروبا، لقد كانت جيوشهم وبالا على البشرية، تدمر أينما حلت منجزات السنين .. المماليك الجدد الذين وقودهم بترول الخليج ودولاراته دمروا أيضا مظاهر التحضر لشعوب بأكملها فى أفغانستان ، الصومال ، باكستان وها هم قادمون فى موجات ترعد وتزبد تضرب شمال إفريقيا ومصر والشام بعد أن أصبحوا أمراضا مستوطنة فى العراق والسودان واليمن.

فى نهاية ثلاثينيات القرن الماضى ظهر الحزب النازى وقائده الفوهرر فى ألمانيا ، وكانت خطبه الرنانة تدعو الى سخرية مثقفى بلده وساستها، وأيضا قادة الأمم المحيطة فلقد كان العالم بعد الحرب العالمية الأولى قد كبل الشعب الألمانى بمعاهدة فرساى وأنهك قواه بلا قيام .
ولكن عندما استولت جيوش الفوهرر على النمسا صمت الجميع ، وعندما هاجم هولندا وبلجيكا تحركوا بكسل ، ولم يستيقظ العالم على الوحش الفاشيستى الذى لا يشبع من سفك وإسالة الدماء الا عندما احتل فرنسا، وبدأ فى إخضاع الشعوب لنزواته وأفكاره الرجعية التى كانت محل التندر عن تميز الجنس الآرى ولائحة تصنيفه لباقى الأجناس المنحطة فى سلم هابط ينتهى بالعرب والزنوج .. قيادة النازى كانت تعنى ما تقول ويسخر منه المثقفون، فلقد طاردت اليهود والسود والملونين وحاربت الشيوعيين والتقدميين والاشتراكيين، وخلقت ميديا عنصرية شوفونية عمت أرجاء المعمورة.. العرب الذين يعتمدون فى ثقافتهم على السمع أكثر من البصر ، سلموا آذانهم لدعاية إذاعات النازى، وتخيلوا أن جوبلز ( دائم الكذب ) سيحررهم من الاحتلال البريطانى الفرنسى ، ولم يغير رأيهم إنهزام دول المحور ، فأعادوا استنساخ النظام النازى فى اتجاهين أحدهما قومى عروبى مضاد للقومية العثمانية التركية، والآخر إسلامى دينى أنتج الاخوان المسلمين وأخرج الوهابية من الكهوف تسعى كالحيوانات الضارية .
فى بداية العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين ، إنفجرت هبات شعبية ضد حكومات المنطقة القومية الفاشيستية التى أصابها الرعب فهربت ، تاركة الشعوب الغاضبة لقمة سائغة للفاشيست من رجال الدين الذين جاءت خطبهم ومناقشاتهم لتصبح الأضحوكة ومثارا لسخرية وانتقاد مثقفى العالم وحكامه، ومع ذلك ورغم أن التاريخ لا يكذب، إلا أن أوروبا وأمريكا لازالت لم تتعلم و ترتكب نفس الأخطاء السابقة عندما استهانت بالفوهرر والخومينى وبن لادن.
الفاشيست الاسلامجية ، سيستولون على الجيوش ـ إن لم يكن قد استولوا عليها بالفعل ـ وعلى اجهزة الأمن والسجون والمعتقلات ، وستتولى ميليشياتهم تصفية كل صوت مخالف ، وستتولى قيادتهم تخدير الجماهير بنزعات شوفونية عن انهم خير أمة، وسيضطهدون المراة والمخالفين دينيا ، والعلمانيين المعارضين وكل من يمتلك رؤية تجعله يغنى خارج السرب، الفاشيست الاسلامجية سيقيمون محاكم تفتيش دينية، وسيوقفون جميع الفنون ، الموسيقى ، الرسم ، النحت ، السينما والمسرح ، وسيجرمون استخدام الانترنت أو تشغيل التليفزيون ، وستتحول المدارس الى كتاتيب تحفيظ القرآن .. إن لم تكن تصدق فانظر يمينك لتجد غزة وخلفك لتجد السودان أو الصومال ، وتعلم من دروس طالبان فى أفغانستان .. وهكذا يبدو أننا سنشهد شتاءً طويلا للبشرية ، فالفاشيست بعد أن يقهروا شعوبهم سيغزون أفريقيا بأموال البترول ، ثم آسيا فأوروبا وأمريكا بجحافل متسللة ، تنتشر وتتوغل .. تلد وتتكاثر وتملأ المدارس والنوادى والمستشفيات ومراكز الخدمة والمعونة بذوي اللحى والجلاليب وذوات الخيمات السوداء.. قد تبتسم لأن هذا الاحتلال فى نظرك بعيد المنال ، ولكنه حلمهم المخبول الذى لا يقل عن خبل الفوهرر، وحلم الفوهرر تحقق على الأقل لفترة زمنية استدعى بعده التضحية بملايين البشر للتخلص منه.
عندما يفيق مستشاروا السيد الرئيس أوباما أو من سيأتى بعده ، سيكون المرض قد عم وانتشر وأصبح التخلص منه يحتاج لما يماثل الحرب العالمية الثالثة ، هكذا كان رأى فلاسفة أمريكا بعد انتهاء الحرب الباردة وتحول الاتحاد السوفييتى الى روسيا ، لقد أشاروا تجاه المسلمين والاسلام وحددوا انه العدو القادم الذى سيدمر كل ما انتجته الحضارة بما فى ذلك رموز كالاهرامات ومعبد الكرنك التى قد تلحق بما حدث لتماثيل بوذا فى أفغانستان لأنها مبانى شيدها الكفار.. موجات الطوفان الأولى تتحرك ونحن لا نزال نرقد فى ميدان التحرير ... استيقظوا أيها النيام .
المسلم المعاصر عليه أن يعيد التفكير فى المسلمات التى نشأ عليها ، فهو لا يتميز عن زميله الغير مسلم لكونه مسلما .. والمسلمون ليسوا خير أمة وجنودهم ليسوا خير جنود الأرض وأسلحتهم ليست الأفضل مهما راكموا منها بمليارات الدولارات.. المسلم قد يصبح من خير أفراد المجتمع الدولى ، لو تعلم وتثقف وهذب سلوكه ، بحيث يصبح متحضرا وإذا كان بمقدوره أن يعمل وينتج ما يمكن مبادلته مع شعوب العالم الأخرى ... المسلم إذا أراد أن ينجو فعليه أن يقرأ ويكتب لا يحفظ ويتلو ،وأن يعيد مناقشة علاقته بالمرأة على أرضية أنهما متساويان ( قد يكونا متنافسان ) لكل منهما حقوق وحريات يجب إحترامها من الآخر، وعليه ألا ينظر للخلف إبتغاء تحصيل الجزية من غير المسلمين أو إعادة الرق والعبودية وأن يتعلم علوم العصر ويتقن لغته ويبذل الجهد لإقرار ديناميكيات الدولة الحديثة التى يصل حاكمها للسلطة عن طريق صناديق اقتراع غير مزورة ، ويتخلى عن فكرة أن الفنون صناعة الأباليس أو أن الملبس والمظهر تدل على ورع وتقوى صاحبها .. المسلم عليه أن يعترف بأن الآخر قد سبقه ، وأن عليه بذل الجهد للحاق به وان وسيلته لذلك هى الحرية واحترام الانسان وحقوقه .. وإلا .. سيتوقف النمو ثم يمرض المجتمع ثم يموت موتا سريريا فيندثر .
هذا هو الطوفان قادم ، وهذا هو طريق النجاة للمسلم المعاصر القادر على مقاومة موجات التخلف الزاحفة من السعودية وإيران ، القادر على التفاعل الايجابى مع المجتمع العالمى فيضع بصمته على مسار تقدم الانسان .
أقول قولى هذا وانا متأكد انه لن يجد آذانا صاغية كما حدث لأستاذى عندما طالب بالديموقراطية فهدده العسكر وأوقفوا تواصله مع الآخرين، هكذا استسمحه فى تعديل عنوان كتابه ليصبح ( هذا هو الطوفان ) بعد ان حل( اليوم )البلاء فى ميدان التحرير.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انقلاباتنا العسكرية داء مستوطن
- سيدتي .. اعتذر نيابة عنهم .
- هل تحل الفلسفة مأزق العنف الدينى !!
- القطن ..البترول ..و نهب الوطن
- 23 يوليو و الفرص الضائعة
- لا أنفى، لا أؤكد، ولكني أشك
- تربية المساخيط حرفه شرقيه
- مصباح علاء الدين و أحلام المهمشين
- التكنولوجيا و العقل البدوى
- العودة الي متوشالح
- الخوف من الحرية
- -تكليف الله - و النكوص الجيني
- حامد حمودى و احواض السمك
- صعوبة أن تكون مسلما
- الجالية المصرية ..في مصر
- أندى العالمين كفوف راح ( اقتصاد التسول )
- طفولة البشرية ام شعوب أطفال
- خير أجناد الأرض والخامس من يونيو
- هل هو دجل.. ام جهل !!
- حكمة امريكية .. دع جروحهم تتقيح


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - أهذا .. هو الطوفان !!