أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - تناقض الأضداد في الشخصية العراقية














المزيد.....

تناقض الأضداد في الشخصية العراقية


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 3440 - 2011 / 7 / 28 - 11:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مات سيبويه وبنفسه شيء من (حتى)،ومات علي الوردي وبنفسه أكثر من شيء عن (الشخصية العراقية)،وقضيت ربع قرن أدرّس (علم نفس الشخصية) في جامعات عراقية وعربية،وسأموت وبنفسي أشياء عن هذه الشخصية العجيبة في بلد العجائب والغرائب.. العراق الذي وصفه الجواهري:( أبا الفرسان لا عجب فانّا..نؤدي فدية البلد العجيب).
فمن عجائبها أن الطب النفسي يقرّ بوجود حد لطاقة الناس على التحمل اذا ما تجاوزها أحدهم فأنه ينهار نفسيا أويصبح مجنونا أو ينتحر..فيما تحمّل العراقي ثلاثة عقود من حروب كارثية متصلة(باستثناء سنة واحدة التقط بها أنفاسه،89) وحصار أكل فيه الخبز الأسود ثلاثة عشر عاما تفضي بالأنسان السوي الى ان يجزع من الحياة أو تزهق روحه..غير أن العراقيين كانوا،مع كل هذه المصائب،يحمدون الله ويشكرونه،بل أنهم وصلوا الى الحال الذي يذهبون في الصباح الى مجلس فاتحة يعزّون صديقا تطايرت أشلاء أخيه بانفجار، ويذهبون بمساء اليوم ذاته الى حفلة عرس صديق آخر يغنون ويرقصون.
ومع أن الموت صار يمشي مع العراقي كظلّه،فانه ما عاد أحد مكترثا به،فهذا يذهب لعمله معللا النفس بسيكولوجية (كل واحد يموت بساعته)،وذاك الى المقهى يشرب النرجيله(ويلعن أبو الدنيا)،وذاك الى الجامع حاملا مسبحته ومرددا(الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه)..والكل متعلق بالحياة بطريقته في تعاملهم مع الأفراح والفواجع التي صارت تأتيهم على رأس الساعة!
وتناقض الأضداد كان أعمق في علاقة العراقيين بالسلطة..فنحن هتفنا للحاكم بفداء أرواحنا له،وحين نغادر ساحات الاعلان نلعنه وندعو الله في صلواتنا أن يخلصّنا منه.وصفة غريبة نضيفها لعجائب الشخصية العراقية..أننا حين نتحاور مع بعضنا لا نعطي الفرصة للآخر للتعبير عن رأيه،وحين يعلّي صوته نعلّي أكثر،ونقاطع..الا الحاكم،فاننا نصمت أمامه وكأننا أصبنا بالخرس.ونحن حين نكون مع بعضنا نتباهى بأنفسنا حتى ليبدو أحدنا وكأنه مركز الكون،فيما " يفش" ورمنا وننزوي بآخر الكون في حضرة السلطان ونجعله الكون كله وليس مركزه فقط.
ولقد تحريت أسباب تناقض الأضداد الذي تكاد الشخصية العراقية تنفرد بحدتّه وتأصله فوجدت أن العراق قبل الآف السنين كان سهلا استهوى الغزاة،وأن الصراع فيما بينهم أفضى الى نتيجة حتمية هي أن البقاء يكون لأقوى المحاربين وأشدّهم بأسا،وأن من طبيعة الأقوى أن يشيع بين الناس ثقافة الخوف والرعب،فيمجدّونه في حضوره ويلعونه في سرّهم.وكان الغالب في تاريخ العراق أن الحكّام كانوا يقطفون رؤوس الخصوم ويعلقونها في مداخل الجسور والساحات..وحين يدور الزمن ويأتي حكّام جدد فأنهم يفعلون الشيء ذاته..وهكذا الى يومنا هذا.وحين يواجه الناس حكّاما لهم سلطة (أنا أحيي وأنا أميت)على مدى قرون،تشيع بينهم ثقافة ألأضداد لتصبح سلوكا عاما..فصرنا نتعامل حتى مع أرق العواطف الأنسانية وأجملها بنقيضها الضد.فلا شيء أجمل وأرق من (الحب)..فبه نفرح ونتعلق بالحياة ونحب الناس والطبيعة،لكنك تجد العكس في أغانينا..أحزان ،مآتم،خيانه،دموع..والحان مدوزنه على ايقاع (اللطميات) الحسينية!
وحين تختلي بفكرك لتتأمل تخرج بنتيجة أن السبب الرئيس لتناقض الأضداد في الشخصية العراقية هو انه ناجم عن ثقافة خوف تراكم عبر مئات السنين.والمفارقة أن التحرر من الخوف يفضي،وفق المنطق،الى فض اشكالية تناقض الأضداد.لكن ما حصل أنه ظلّ ثابتا في الشخصية العراقية مع تغيير في الأتجاه مصحوب بفوضى.فمع أن العراقي صار الآن يلعن الحاكم علنا دون خوف الا أنه صار يفرّغ فيه ما كان مكبوتا.والأوجع أن العراقيين صاروا أضدادا فيما بينهم، يلعنون بعضهم بعضا في السرّ والعلن..وتلك مصيبة ستظل قائمة ما دامت سلطة الحكم أضدادا..يشيع كل ضد فيها ثقافة الضد.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسطنبول تتكلم..تركي!
- الابداع..عالميا وعربيا (تقرير عن مؤتمر اسطنبول)
- ثقافة نفسية (38):الشعر الشعبي..مازوشيا ممتعة!
- ثقافة نفسية(37):العادة السّرية
- ثقافة نفسية (36): الرجل هو الأضعف!
- ثقافة نفسية(35): الضمير ..حين ينعدم
- ثقافة نفسية(34):حذار..حين تتعامل مع هؤلاء
- السلطة والمثقف..هل سيلتقي الجبلان؟
- الفساد..حين لم يعد خزيا في العراق!
- ثقافة نفسية(33): العراقيون والاحتراق النفسي
- ثقافة نفسية (33): الحب ليس نوعا واحدا!
- ثقافة نفسية(32): القيلولة..اختراع عراقي!
- ثقافة نفسية(31):نظرية..في الفساد بالعراق
- ثقافة نفسية (30): الموت اختيارا..وفخري الدباغ
- ثقافة نفسية(29):الألوان والمزاج
- المثقف العراقي..وتضخّم الأنا
- ثقافة نفسية(28): الضحك يطيل العمر
- ثقافة نفسية(26): لماذا نحذّر من اليأس؟
- سيكولوجيا العلاقات العاطفية في الجامعات العراقية(دراسة ميدان ...
- ثقافة نفسية(24):تدمير الذات


المزيد.....




- العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب ...
- ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا ...
- الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ ...
- صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م ...
- كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح ...
- باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا ...
- شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
- أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو ...
- زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
- مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - تناقض الأضداد في الشخصية العراقية