|
كلمات أكدية وآرامية أخرى في اللهجة العراقية
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 3437 - 2011 / 7 / 25 - 14:01
المحور:
الادب والفن
علاء اللامي اشتق اسم اللغة الأكدية " لِشَانُم أكديتُم "من اسم الأقوام الأكدية التي استوطنت وسط وجنوبي العراق منذ مطلع الألف الثالث قبل الميلاد. وكان العالِم روبنسون هو أول من استخدم هذه التسمية سنة ( 1852 ) ،كما يسجل الباحث منشد مطلق المنشداوي نقلا عن الباحث عامر سليمان ، للدلالة على اللغة الثنائية التي تضمنتها النصوص ثنائية اللغة المكتشفة في مدينة نينوى وغيرها، ثم تبين خطأ هذه التسمية حين أتضح أن لغة تلك النصوص هي في الواقع لغة الأقوام السومرية. وبعد أن عرف تاريخ الأكديين وتاريخ دولتهم استخدمت التسمية بمعنى ضيق للدلالة على لغة الأقوام الأكدية التي أسست دولتها التي عُرفت بالإمبراطورية الأكدية وخلفت لنا الوفير من النصوص. و سرعان ما اتسع مدلول التسمية، وغدت تستخدم للدلالة على جميع اللهجات المتفرعة عن اللغة الأكدية، والتي انتشرت فيما بعد في بابل وأشور منذ أواسط الألف الثالث قبل الميلاد حتى أواخر الألف الأول قبل الميلاد حين تراجعت ومن ثم تلاشت أمام الانتشار السريع والواسع للغة الآرامية وهو الأمر الذي تكرر فيما بعد مع الآرامية التي تلاشت في حضن اللغة العربية التي حلت محلها بهدوء ودون اهتزازات خلال وبعد عصر الفتوحات العربية الإسلامية. نتناول الآن بالجرد والتأثيل مجموعة من المفردات الحية وذات الجذور الأكدية والآرامية في اللهجة العراقية: كلمة تِبِلْيه وتعني حزاما خاصا يستعمل لصعود النخيل،و في الأكدية تبالو.وهي مفردة رافدانية عريقة ما تزال مستعملة في العراق حتى الآن. وكلمة تبن وفي الأكدية تبنو. وقد ردت في "الروضة الندية شرح الدر البهية" لصديق حسن خان بالمعنى ذاته : تبن ( فلقيت عبد الله بن سلام فقال لي : إنك بأرض فيها الربا فاش ، فإذا كان لك على رجل حق فأهدي إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فلا تأخذنه فإنه ربا) أما تشرين فهو الشهر العاشر وتلفظ في الأكدية تشرينو. و تل وهي في أكدية تلو. وردت في اللسان مع خلاف جزئي في معناها. وتموز أي الشهر السابع من السنة.وهي معروفة ومشهورة في الأكدية ديموزو حبيب إلهة الحب والحرب عشتار أو "عثتر/ الثاء المعجمة " في العربية القديمة . وكلمة تنور وفي الأكدية تنورو. وردت في العربية بذات المعنى تنور: ورأى بعضهم امرأة واقفة على تنور تخبز فيه قد مسخت حجرا، والتنور قد صار حجرا/البداية والنهاية ابن كثير. أما في حرف الجيم فنجد كلمة جاموسة التي تلفظ في الآرامية جموشا، وفي الأكدية كاميش. والمفردة موجودة في العربية بذات المعنى ولكن ابن منظور يعتبرها أعجمية من كلام الفرس، وهذا مثال آخر على سفر المفردات السامية العراقية إلى خارج بلاد الرافدين ثم عودتها إلى العربية كـ"أعجمية" حيث نقرأ ( جاموسة : ومن كلام الفُرْس ما لا يُحْصى مما قد أَعْرَبَتْه العربُ نحو جاموس ودِيباج،فلا أُنْكِر أَن يكون هذا مما أُعْرِب /اللسان.) وهناك كلمة جُبٌّ وتلفظ في الأكدية گبو/ قاف حميرية. بضم الجيم بمعنى بئر / موجودة في العربية حيث نقرأ لمبسوط السرخسي: جُب= انغمس في جب يطلب دلوا لم يفسد الماء . أما جُبْن فتلفظ في الأكدية گبانتو " قاف حميرية " بذات المعنى وهي في العربية بالمعنى ذاته، قال الشافعي: جبن، ولا خير في مد زبد ومد لبن بمدي زبد ولا خير في جبن بلبن لأنه قد يكون من اللبن جبن، إلا أن يختلف اللبن والجبن فلا يكون به بأس. كتاب الأم / البيوع . وجمل و في الأكدية جمالو أو گمالو ، بالقاف الحميرية وفي العربية بذات المعنى نقرأ في اللسان: الجَمَل= الذَّكَر من الإِبل، قيل: إِنما يكون جَمَلاً إذا أَرْبَعَ، وقيل إذا أَجذع .قال: نحن بنو ضَبَّة أَصحابُ الجَمَل ..... الموت أَحلى عندنا من العسل. وجراب وتلفظ في الأكدية گرابو/ بالجيم القاهرية أو القاف الحميرية. جراب، وامنعني منها وعن مالك أنه ذكر عنده ابن القاسم فقال عافاه الله مثله كمثل جراب مملوء مسكا وقيل إن مالكا سئل عنه وعن ابن وهب فقال ابن وهب رجل /سير الأعلام. ومن المفردات التي تبدأ بحرف القاف نجد كلمة قنب وهو ضرب من النبات وتلفظ في الأكدية قنابو / وهي في العربية بالمعنى ذاته .. القنب هو الكتان في مختار القاموس.والقِنَّبُ والقُنَّبُ: ضَرْبٌ من الكَتَّانِ؛ وقولُ أَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ شعرا : فظَلَّ يَذُودُ، مثلَ الوَقْفِ، عِيطاً ..... سَلاهِبَ مِثْلَ أَدْراكِ القِنَـابِ. قيل في تفسيره: يُريدُ القِنَّبَ.وفي مختار القاموس نقرأ له معنى بعيدا عن هذا الأخير: القنب هو بظر المرأة! وفي حرف الكاف نجد كبريت ، جبريت = في الأكدية كبريتو، وفي العربية ورد ذكرها في تفسير ابن كثير (قوله تعإلى : وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ قال : هي حجارة من كبريت ، خلقها الله يوم خلق السماوات والأرض في السماء الدنيا ، يعدها للكافرين ...) وثمة أيضا كلمة كيس وتلفظ في الأكدية كيسو، وفي العربية بالمعنى ذاته، نقرأ في اللسان (والكِيس من الأَوعية: وِعاءُ معروف يكون للدراهم والدنانير والدُّرِّ والياقُوتِ، والجمع كِيَسَة ) وكلمة حلفاء / نبات = في الأكدية حلفتو .. لم أجد لها تأثيلا أو جذرا في مابين يدي من مصادر معجمية عربية. وكلمة حاصة : آرامية وهو حزام عريض مطرز. لم أجدها في مابين يدي من مصادر عربية.
ومن كلمات اللهجة العراقية البادئة بحرف الخاء نجد خابية وتلفظ في الأكدية خابو أما في الآرامية فتلفظ خابيتا ...في العربية بذات المعنى نقرأ في كليلة ودمنة (فبينما السارق يجول إذ وقعت يده على خابية فيها حنطةٌ، فقال السارق: والله ما أحب أن يكون عنائي الليلة باطلاً. ولعلي لا أصل إلى موضع آخر) أي يوضع فيها ما هو صلب. وفي البداية والنهاية نقرأ ما يفيد إنها تستعمل لما هو سائل (ودخل على مريض له سبعة أيام في النزع فأشار بيده إلى مكان فوجدوا فيه خابية من خمر فأراقوها فمات من وقته بسهولة). وكلمة خس = في الأكدية خسو وفي الارامية خسا ...وفي العربية نقرأ في اللسان (الخس : والخَسُّ، بالفتح، بقلة معروفة من أَحرار البقول عريضة الورق حُرَّة لَيِّنة تزيد في الدم). وكلمة خُص = في الكدية خصو وفي العربية بالمعنى ذاته (خص :والخُصُّ: بَيْتٌ من شجر أو قَصَبٍ، وقيل: الخُصّ البيت الذي يُسَقَّفُ عليه بخشبة على هيئة الأَزَجِ، والجمع أَخْصَاصٌ وخِصَاص، وقيل في جمعه خُصُوص، سمي بذلك لأَنه يُرَى ما فيه من خَصاصةٍ أَي فُرْجةٍ. وحانوتُ الخَمّارِ يُسمى خُصّاً؛ ومنه قول امرئ القيس: كأَنَّ التِّجَارَ أَصْعَدُوا بِسَبِيئة ...... من الخُصِّ، حتى أَنزَلوها على يُسْرِ خمش = في الأكدية خماشو، وتعني لطم الوجه وخرمشه، وفي العربية بالمعنى ذاته نقرأ في إغاثة اللهفان (خمش / الخَمْشُ: الخدْشُ في الوجه وقد يستعمل في سائر الجسد، خَمَشَه يَخْمِشُه ويخمُشُه خَمْشاً وخُمُوشاً وخَمَّشه. /اغاثة اللهفان ) خمط = في الأكدية خماطو، وتعني أخذ الشيء بسرعة، وخمطه خمطا، ومثلها نتش، والمفردة موجودة في العربية، ولكن بمعنى بعيد عن معناها الأكدي والعراقي خنياب = في الأكدية خنابو، وتعني النمو بغزارة، والنهر خنياب أي كثير الماء. وما تزال هذه الكلمة تستعمل بالمعنى ذاته في لهجة جنوب العراق.
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إيران في العراق: من التدخل إلى الهيمنة إلى الافتراس
-
الحضور الأكدي والآرامي في اللهجة العراقية المعاصرة
-
إشكالات التصنيف المنهجي والسِيَّري: هادي العلوي نموذجا!
-
تصريحات النجيفي : الانفصال الطائفي وخلفياته
-
النضال الأيديولوجي والعلاقة المباشرة مع الناس
-
العراق ومجازر من الأرشيف .. مجزرة -زفاف التاجي- نموذجا!
-
مرة أخرى عن القديس فالنتاين.. وهل هو مالطي أو روماني أو خراف
...
-
مَن هذا الفالنتاين الذي يعلم سمنون البغدادي الحب؟
-
كمين أميركي اسمه الجنرال-عمر سليمان-
-
خطر التصارع الحزبي على الانتفاضة العراقية ومقترحات لتفاديه /
...
-
خطر الاستقطاب الطائفي والعرقي على الانتفاضة العراقية ومقترحا
...
-
رفض الاجتثاث وتجريم تمجيد الجلادين
-
ثلاثة أخطار تحدق بالانتفاضة العراقية ومقترحات لتفاديها
-
تطبيقات من تجربة المصالحة في جنوب أفريقيا:الضحايا كشهود
-
المعادلة المغاربية الجديدة: القلب التونسي و جناحاه
-
جلادون يعترفون وضحايا ومحققون يضجون بالبكاء
-
من البعث إلى الانبعاث
-
تجربة المصالحة الوطنية في جنوب أفريقيا بعيون عراقية:العفو مق
...
-
أنصفوا قناة -البغدادية- ..فهي صوت وطني لا يدعي الكمال والعصم
...
-
الركابي في -أرضوتوبيا العراق.. من الإبراهيمية إلى ظهور المهد
...
المزيد.....
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|