|
الأفغانية الثانية والعثمانية الجديدة
شبلي شمايل
الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 03:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
سيضحك البعض من هذا العنوان رغم أمانته العالية ودقته البالغة في وصف التكالب الإقليمي والدولي على الحركة الثورية في سورية. بتوليفة لغوية أخرى أقول: المؤامرة على الثورة السورية (وليس المؤامرة على النظام الوطني الممانع كما يقول سماسرة بيروت فريق رقم 8 من أنصار المقاومة المذهبية/ تمييزا عن سماسرة بيروت فريق رقم 14 من أنصار الليبرالية الوهابية). مؤامرة لأن السلطات السعودية التي تمثل أعتى وأقذر نظم التخلف والتطرف المذهبي والاجتماعي، تعيش حالة فصام نشاهدها في الكبت الجنسي والاجتماعي والقهر السياسي والضغط الديني الداخلي وكم تبرز للعيان في المجون والشرب بعد ركوب الطائرة لمغادرة البلاد أو عبور الجسر، أو في الخروج لعملية انتحارية في العراق لأن قيادة القاعدة عقدت صفقة مع المباحث العامة تقوم على السماح للمجاهدين بالسفر إذا أوقفوا العمليات داخل المملكة. وما وراء النقاب أعظم. ومثلما وجهت السعودية الأنظار للخارج في حقبة صعود الإسلام السياسي مع سقوط الشاه وإعلان الجمهورية الإسلامية بتحويلها الشباب السعودي إلى الجهاد ضد الشيوعية والكفر في أفغانستان، تقوم اليوم بحرب جديدة بالوكالة عن الأمريكيين ضد إيران والرافضة وحزب الله. وتوظف لذلك قنوات مختصة مثل وصال وصفا وقنوات عامة مثل العربية والإخبارية. المهم أن تغيب كلمة الثورة الديمقراطية ويحل محلها الثورة ضد إيران وحزب الله. درع مجلس التعاون الخليجي العسكري-الإعلامي يحمي آل خليفة في البحرين. لكي يخبرنا بأن ما يحدث في البحرين فتنة طائفية وتدخل إيراني، وتدفع الأموال من السلف الصالح في الخليج للسلف الصالح في بلاد الشام للتخلص من النصيرية وكسر "الهلال الشيعي". يقول عدنان العرعور في مقابلة له على قناة المستقلة: "يعيروني بأخذ المال من السعودية، المال السعودي مال أهل التوحيد المسلمين لذا فهو حلال وليس مثل مال الصفويين والرافضة الحرام". وتقول زوجة القرضاوي الجزائرية لصحفي من بلدها: "عندما أخبرني الشيخ بأنه قبل شيكا بخمسة ملايين دولار من الملك عبد الله، قلت له هذا غير جائز لأنك لا تحتاج له وتستغيب أمير قطر به، فوعدني أن يمزق الشيك، لكنه وضعه في حسابه دون خجل من الله". أما أحد زعماء الصحوة فيقول في تمويلها: "إيران تقدم لكتائب الموت وميليشيات بدر المال والعتاد، وواجب خادم الحرمين نصرة أهل السنة بالمال". هذه عينات منشورة من الحرب المعلنة بين السعودية وإيران برداء ديني مذهبي. الحكومة السعودية تغطي حالة الإخصاء السياسي التي تعيشها بأن تقوم بدور سمسار إقليمي للقوة الأكبر، سمسار خدمات عامة تبدأ بالنفط وصفقات السلاح الخيالية وتنتهي بتوظيف الإسلام والمذهبية. ولا يقل السلوك الإيراني عن نظيره السعودي بشاعة وضررا، معركة مصالح ليس للشعوب العربية والفارسية والكردية فيها أية مصلحة، بل هي من يدفع الفاتورة في استمرار نظم الحكم المستبدة ودعم القوى الظلامية. فهل هناك مكتب خدمات في الكون قادر على خدمة المصالح الأمريكية الإسرائيلية أكثر من هؤلاء المشايخ والملالي الذين يعيثون في الأرض فسادا ويقاومون كل الديمقراطيين من طهران إلى الرياض؟ حصنت دول الخليج نفسها من الثورات بقوانين مناهضة الإرهاب التي بدأت في قطر والبحرين واليوم وصلت إلى السعودية. جميعهم يعتقل دون رقيب ويسحب الجنسية أو يجنّس دون حسيب. في السعودية يبلغ عدد المعتقلين تسعة آلاف ولا يقول فيهم العرعور، رغم أن أغلبهم سلفيين مثله، كلمة واحدة. فأهل القصر أدرى بشؤون رعاياهم، ويكفي أن يغدقوه بالمال ليسكت عمن يندس في سلفيته من الرجال؟؟ يعتمد الإعلام الخليجي على خلق ثقافة سطحية غير ثورية في وصف الحدث السوري. بلد تحكمه الطائفة العلوية والأقليات ويستباح فيه السنة والطاهرات.. بلد لا يخاف الله وتعمل فيه طهران على تشييع السكان. وعندما تسألهم هل منعكم الأسد من الصلاة أو الصوم أو الحجاب يتحدثون عن حوادث الإغتصاب.. فيا أيها الأذكياء لماذا تمضون وقتكم في التكبير وصرخة لا إله إلا الله وهي موجودة على كل محالكم التجارية وكل سياراتكم الخاصة والعامة وكل غرف استقبالكم؟ ما يخيف السلطة هو الحرية ومعروف من دعم القبيسيات وأغمض العين عن السلفيات وترك العبور مفتوحا للجهاديات... السعودية تعود لنفس السلاح الذي استعملته ضد السوفييت في أفغانستان، التحريض والتعبئة والشحن في المشاعر الدينية. وهنا دخلت الحرب المذهبية طرفا في حرب الأفغان الجدد الذين سيهدمون الجدار على رؤوسنا. أين المعارضة العلمانية، لماذا يسكت برهان غليون عن القتل على الهوية في مدينته؟ هل وصلت به الوصولية لدرجة إغماض العين عن اغتيال شباب علويين لأنهم علويين وهرب عائلات مسيحية لأنها مسيحية؟ هل قبل بتسمية جمعة أحفاد خالد وكل العالم يعرف أن مدينة حمص حتى القرن التاسع عشر فيها قطاعات مسيحية كبيرة اضطرت للتهجير القسري في زمن السفربرلك إلى أمريكا اللاتينية وأن المسيحيين من حمص في أمريكا اللاتينية يزيد عددهم عن عدد سكان حمص اليوم؟ جمعة أحفاد خالد وماذا عن أحفاد الغساسنة أليسوا سوريين وأحفاد القيسيين من غير السنة أليسوا سوريين؟ ألا يشعر بالخجل من نفسه وهو يسكت عن الطائفية والمذهبية من أجل رضا الإسلاميين عنه؟ عيب يا أستاذ السوربون! منذ بدأت الانتفاضة السورية، صار الجهاد مطلوبا لسورية. ولكن الرفض الشعبي السوري لكل خطابات الجهاد ضد الرافضة والنصيرية وغيرها من الأحقاد الطائفية جعل هذا الخطاب ممجوجا مكروها. إلا أن نظام القمع والقتل عزز الأحقاد وأيقظ الثارات وحطم وشائج الجيرة والخبز والملح بين أبناء الشعب الواحد. وبين الأقدام يضيع العلمانيون السوريون المدافعون عن الديمقراطية. الإعلام الخليجي يكرههم ولا يقبل منهم إلا من يسلخ جلده مثل حالة غليون، والنظام يلاحقهم ويعتقلهم لأنهم البديل المنطقي والممكن له. سياسة النظام تقوم على أن البديل هو الإسلام السياسي المعادي لإيران المطمئن لأمريكا. أي أنه يضع التقدميين بين سنديانة السلطة ومطرقة المتطرفين الإسلاميين. طبعا تركيا أردغان تجد فيما يحصل فرصة لإضعاف الجار السوري وإعادته لحظيرة العثمانية الجديدة. وبين الاسطبل السعودي والحظيرة التركية يضيع الشباب السوري فيحرق علم الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل وروسيا ويصرخ البعض وأردوغاناه والبعض الآخر واعرعوراه وثالث واجزيراه... في بلد واحد يهتف الغوغاء لقناة العربية المسماة بالعبرية من المحيط إلى الخليج.. ماذا ترك قابضوا المال لنا لنعتز به من أهم ثورة شعبية عرفها تاريخ سورية؟ هل يريدون سرقة الثورة والثروة والبلد ؟ هل سيخطفون دم الشهداء في وضح النهار وصمت الأحرار؟ لن أناشد عملاء واشنطن الذين باعوا بدولارات كل رصيدهم، أتوجه للمناضلين الكبار الذين أمضوا عمرهم في مقارعة الدكتاتورية، أتوجه لعبد العزيز الخير وهيثم مناع وفاتح جاموس وميشيل كيلو وأكرم البني وعارف دليلة وحسين العودات وعبد المجيد منجونة وسمير عيطة وناصر الغزالي وحسن عبد العظيم وفايز ساره وكل الشرفاء: إلى متى الصمت عن مشروع الأفغانية الثانية والعثمانية الجديدة؟ هل تريدون ترك البلاد فريسة لمن لا يختلف عن النظام لا في الاستبداد ولا في الإفساد؟
#شبلي_شمايل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السوريون الأمريكيون: قراءات في السيرة الذاتية
-
من أجل إنقاذ الانتفاضة
-
أيها القتلة.. اتركوا لنا الحق في الحياة
-
سورية في الإعلام ليست سورية في الواقع
-
رأفة بالشهداء يا إعلام الكذب وأدعياء الدور الوهمي
-
انتفاضة الكرامة في درعا : سلمية تقدمية
-
تحقق وكن أعمق يا كريشان
-
الإسلام الأمريكي في المهجر السوري
-
الثورة التونسية والإسلاميون العرب
-
تقليعة العثمانية الجديدة
-
أسلمة الجزيرة (3): الإيديولوجية في خدمة الملعوب!!!
-
أسلمة الجزيرة (2): الإخونجية يسيطرون!!!
-
في الذكرى الأربعين لحركة الجنرال الأسد !!
-
هل تنحسر مهمة العلماء في فتاوى التكفير ؟؟
-
الحرية لمعتقلات الرأي في سورية
-
في بناء الذات
-
أسلمة الجزيرة: صراع سلطة أم استغلال مناصب
-
بكاء وعويل على النقاب
-
عشية انتخاب أوباما: من يعتذر للضحايا !!
-
وفيك الخصم والحكم
المزيد.....
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
-
تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
-
هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه
...
-
حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما
...
-
هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
-
زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|