|
هل وفيت بوعدك يا سيد حسين الشهرستاني؟
محمد علي زيني
الحوار المتمدن-العدد: 3431 - 2011 / 7 / 19 - 23:47
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الغاز العراقي: طاقة نظيفة ومادة أولية رخيصة بعد الأنكماش الرهيب الذي تعرض له الأقتصاد العراقي نتيجة للسياسات اللامسؤولة التي اتبعها صدام حسين منذ صيف 1979 ولغاية سقوط نظامه في نيسان 2003، ثم التخبط بعد ذلك – ولغاية الوقت الحاضر - في إدارة البلاد دون هدف معقول نتيجة لقلة دراية المسؤولين، وانهيار الخدمات الأساسية ومن بينها توفير الطاقة الكهربائية، وعدم التمكن من أعادة بناء - أو حتى تأهيل - البنية التحتية المدمَّرة، وانتشار الفوضى واكتساح الفساد بشتى أنواعه لجميع مفاصل الدولة، أصبح العراق دولة ريعية بامتياز وانتهت الحكومة العراقية بكونها تعتاش على ما يجود به القطاع النفطي من عوائد مالية، غير مأمونة وغير مستقرة، من أجل الصرف على ما تحتاجه ميزانيتها السنوية.
إن هذا الوضع السيئ والمتخلف يعرّض، بلا شك، أمن العراق الاقتصادي إلى الخطر، وهذا بدوره يعرض أمنه السياسي إلى الخطر أيضاً. إن المطلوب من الحكومة العراقية هو أن تعي جدية هذا الخطر وأن ترتفع بأدائها إلى المستوى اللازم لدرئ أي خطر قد يطال حياة الشعب أو سلامة البلاد. إن الخطوات الواجب اتخاذها، كما بينّاها وكررناها في العديد من المقالات والندوات، تتضمن إعادة بناء القطاعات الاقتصادية الأنتاجية اللاإستخراجية، كالزراعة والصناعة والخدمات – ومن ضمن القطاع الأخير السياحة - لتصبح تلك القطاعات قاطرة لقاعدة اقتصادية عريضة، متنوعة، متطورة، مربحة، ذات نمو مستدام، ومصدر ضريبي باعتباره دخل حكومي مأمون ومستمر ومتصاعد، تستند إليه الحكومة في تمويل ميزانيتها السنوية. ويلازم ذلك التقدم تراجع تدريجي في دور قطاع استخراج النفط الخام في تمويل الميزانية وفي تكوين الناتج المحلي الإجمالي.
إن أحد القطاعات الاقتصادية المهمة الواجب أعادة بنائها وتنميتها هو قطاع الصناعات التحويلية (Manufacturing Industry). إن هذا القطاع مهم جداً لتشغيل القوة العاملة من جهة ومصدر دخل ضريبي للحكومة من جهة أخرى. على أن النجاح في بناء هذا القطاع يحتاج إلى توفير البنية التحتية اللازمة واستثمارات القطاع الخاص التي تشترط قيام الحكومة بتوفير البيئة الأستثمارية المؤاتية، ومنها البيئة القانونية، وكذلك قيامها بدور رقابي فعال. وسينجح القطاع الصناعي عند توفر المواد الأولية المحلية الرخيصة. إن من أفضل المواد الأولية المتوفرة بغزارة داخل العراق – ولربما أفضلها – هو الغاز الطبيعي، إذ يمكنه القيام بدورين أساسيين: أولهما كمصدر رخيص ونظيف لتوليد الطاقة الكهربائية، وثانيهما كمادة أولية (لقيم) في الصناعات البتروكيمياوية.
أن دور الغاز الطبيعي في توليد الطاقة الكهربائية سيكون مهماً جداً لكونه رخيص الثمن ونظيف في آن واحد. وبذلك فأنه سيوفر طاقة كهربائية ذات ميزة صداقية للبيئة من جهة، ورخيصة من جهة أخرى في مجالات الصناعات المحلية الصغيرة والمتوسطة الحجم، وهي تعتمد اعتماداً كبيراً على الطاقة الكهربائية في عملياتها الإنتاجية. أما دور الغاز كمادة أولية في الصناعات البتروكيمياوية فهو بالنسبة لوضع العراق الحالي مهم جداً أيضاً. ذلك أن استغلال الغاز العراقي الرخيص بطبيعته بهذه الصيغة سيساعد على أنشاء فرع كبير من الصناعات التحويلية واطئة الكلفة وقادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، ناهيك عن أسواق العراق المحلية. لذلك ونظراً لأهمية الغاز الطبيعي في الاقتصاد العراقي نرى من الواجب استغلاله داخل العراق استغلالاً عقلانياً وعدم التفريط به بتصديره إلى الخارج وهو يولد للاقتصاد العراقي قيمة مضافة أضعاف ما يولدها من التصدير. على أنه يمكن تصدير الغاز في حالة كونه من الغاز المصاحب فقط – وليس من الغاز الحر أو غاز القبعة - شريطة أن يكون الغاز المصدر حقاً فائضاًً عن حاجة الطلب المحلي، كما لا تتوفر هناك إمكانية لخزنه بغية استعماله في وقت لاحق.
تبديل الأستغلال الوطني للغاز بالشراكة الأجنبية أضاف غزو العراق في 2003 أضراراً جديدة الى المنشآت النفطية قُُدرت بأكثر من مليار دولار. وقامت شركة كي بي آر (KBR) الأمريكية بأعمال الترميم في وسط وجنوب العراق، من ضمنها ترميم منشآت الغاز المتضررة في منطقة البصرة. إلا أن أعمال تلك الشركة أُنهيت في سنة 2008 في وقت لم يبق من أعمال ترميم منشآت الغاز إلا النزر اليسير كما أشار لذلك تقرير للمفتش العام الأمريكي صدر في نهاية تلك السنة. وبدلاً من إكمال العمل في المشروع وتشغيله بواسطة القوى العراقية، كما كانت تجري الأمور قبل الغزو، قامت وزارة النفط بتوقيع اتفاق مبادئ مع شركة النفط العالمية شل ((Shell صودق عليه من قبل مجلس الوزراء في أيلول 2008. وبعد مفاوضات دامت قرابة الثلاث سنوات، كان يحرق خلالها – ولا يزال - نحو 700 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز، قامت وزارة النفط مؤخراً، في 12 تموز 2011، بتوقيع العقد النهائي مع الشركة. وعلى رغم أن تفاصيل وافية لم تنشر حول هذا العقد، إلا أنه تضمن – على العموم – تكوين شركة مشتركة (شركة غاز البصرة) مملوكة بنسبة 51٪ من قبل شركة غاز الجنوب العراقية، وبنسبة 44٪ من قبل شركة شل (الأنكلو - هولندية)، والباقي (5%) من قبل شركة متسوبوشي (اليابانية).
وخلال طول هذه المدة كان بعض من يهمه الأمر يروّج بأن الأتفاقية مع شركة شل مفيدة للعراق لكونها ستستغل بطرق تجارية الغاز العراقي الذي يهدر حرقاً بالوقت الحاضر، معطياً بذلك انطباعاً الى الناس بأن الغاز يحرق لكونه فائضاً عن الحاجة ولا يعرف العراقيون كيفية استغلاله بطرق سليمة دون شراكة مع شل. وهذه بالطبع مغالطة مرفوضة، ذلك أن شركات النفط – ومن بينها شركة شل - هي التي كانت تقوم بحرق ثروات العراق الغازية، إذ كان همها الوحيد منصبّاً على أستخراج النفط الخام وتصديره فقط، وذلك لتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من الأرباح. بل على العكس من ذلك فإن العراق هو الذي بدأ باستغلال جزء من غازه الذي كان يهدر حرقاً من قبل تلك الشركات، وذلك منذ ستينات القرن الماضي. ثم توسع العراق بعد ذلك في عمليات استغلال الغاز ببناء مشروع غاز الشمال ومشروع غاز الجنوب الذي بدأ تشغيله في تموز 1990. وجدير بالذكر هنا أن مشاريع استغلال الغاز العراقي التي كان يتم بناؤها بواسطة شركات مقاولة أجنبية، كانت تُسلم بعد الأنتهاء من بنائها الى الجهات العراقية من أجل إدارتها وتشغيلها وصيانتها، بعد تدريب من يراد تدريبهم وإعدادهم لتلك الأغراض، وكان كاتب هذه السطور واحداً منهم.
وفي 2008، أي بعد مرور نحو نصف قرن من الزمن على العراق وهو يراكم الخبرات في إدارة واستغلال موارده الطبيعية من الغاز، كان بأمكان وزارة النفط أو شركة غاز الجنوب، بعد أن غادرت شركة كي بي آر العمل قبل أتمامه في سنة 2008، الأستعانة بسهولة ويسر – وكالمعتاد – بشركة أجنبية متخصصة لأكمال عملية الترميم إن كان عصياً على شركة غاز الجنوب القيام لوحدها بذلك. ولكنها، أو بالأحرى ولكن وزارة النفط، لم تفعل ذلك، إذ فضلت الأستمرار بحرق الغاز لثلاث سنوات إضافية حتى تتعاقد مع شركتي شل ومتسوبيشي، كما فصّلنا أعلاه. لقد حدث كل ذلك التفريط بموارد العراق النفيسة والناضبة لأسباب لا نعرف كنهها ولا زالت تثير لدينا الحيرة والقلق!!
إتفاقية الغاز مع شل لقد عارض كاتب هذه السطور بشدة، منذ البداية وبدافع الحرص على المصالح الوطنية المحضة، أتفاقية الغاز المذكورة أعلاه. وكانت أسباب المعارضة عدة، إلا أنه ركّز على أهمها وأخطرها على الأقتصاد العراقي، ألا وهي مشكلة تسعير الغاز. فبعد اطّلاعه على نسخة من أتفاق المبادئ بين شركة شل وشركة غاز الجنوب أرسلتها له لجنة النفط والغاز بمجلس النواب العراقي بتأريخ 23 تشرين الأول 2008 طالبة منه بيان رأيه بالأتفاق المذكور، تبين له إن الهدف من هذه الشركة هو شراء الغاز العراقي الخام المنتج في محافظة البصرة من شركة غاز الجنوب بالأسعار العالمية، ومعالجة ذلك الغاز، ثم أعادة بيع المنتجات الى المستهلك العراقي بالأسعار العالمية أيضاً، وتصدير الفائض عن الحاجة. ولقد أجاب الكاتب بأسهاب لا مجال لذكره هنا وقدم توصياته بهذا الشأن، ونقتطع هنا لفائدة القارئ الكريم جزءاً من التوصيات التي وردت بذلك الجواب: 1- إن شراء الغاز العراقي بالأسعار العالمية ثم معالجته وإعادة بيعه الى المستهلكين المحليين بالأسعار العالمية هو بمثابة تصدير الغاز العراقي الخام بالأسعار العالمية ثم أعادة استيراد نفس الغاز - بعد معالجته (Processing) - بالأسعار العالمية أيضاً، وهو مطب يجب الحذر، كل الحذر، منه. أن هذا العمل من شأنه أن يقضي على تنافسية المنتجات العراقية المستعملة للغاز كمصدر للطاقة أو كلقيم للتصنيع. ذلك أن الغاز العراقي هو رخيص بطبيعته ولابد من استغلال ميزة السعر الرخيص لأنتاج طاقة كهربائية ومنتجات صناعية رخيصة تتمكن من منافسة مثيلاتها بالأسواق العالمية، وهذا ما تفعله السعودية وأيران. أن تسعير الغاز بالطريقة التى يفرضها اتفاق المبادئ الذي وقعته وزارة النفط مع شركة شل سيؤدي الى تدمير أهم الصناعات العراقية الواعدة، إذ سيقضي على تنافسيتها أو أفضليتها النسبية المتأتية من رخص الغاز العراقي كمادة أولية أو كمصدر للطاقة الكهربائية أو كليهما معاً. 2- أن هذه الأتفاقية تبين أن جزءاً كبيراً من الغاز العراقي سيتم تصديره من أجل الأستغلال خارج العراق. وهنا يجب التوكيد بعدم تصدير الغاز العراقي على الأطلاق طالما توفرت هناك فرصة لاستغلاله محلياً في الصناعات العراقية إضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية، وهذا ما تفعله السعودية رغم أن احتياطياتها المعلنة من الغاز تعادل مرتين ونصف ما لدى العراق. إن تصدير الغاز يجلب عوائد مالية فقط، تقوم الحكومة عادة بتبذيرها هنا وهناك – هذا أذا لم يُسرق جزءٌ كبيرٌ منها كما أضحت المودة هذه الأيام – في حين أن تصنيع الغاز ليس فقط يجلب للعراق عائداً مالياً أكبر مما يجلبه التصدير، وإنما لاستثماره محلياً عائد اجتماعي أيضاً يتولد من تصنيع الغاز، ويتمثل هذا العائد في خلق فرص عمل للمواطنين ونقل التكنولوجيا إلى داخل البلد ونشر المهارة بين الطبقة العاملة. أضف إلى ذلك أن عملية تصنيع الغاز تخلق معها تشابكات أمامية (Forward Linkages) تتمثل بتصنيع جزء من المنتجات المتولدة من صناعات الغاز، وكذلك تخلق تشابكات خلفية (Backward Linkages) تنشأ بموجبها صناعات محلية لتلبية بعض احتياجات صناعات الغاز، وبذلك تنتشر الصناعات المتنوعة في البلد وينشط الاقتصاد. وهذه هي الأصول في قيام الصناعات في مختلف البلدان. أما فيما يخص توليد الطاقة الكهربائية فأن الغاز أفضل من النفط بيئياً لاحتوائه على نسبة كاربون أقل من النفط، كما أن الطاقة الكهربائية المنتجة ستكون أرخص نظراً لكفاءة الغاز العالية عند استعمال الطوربينات الغازية ذات الدورة المدمجة أو المغلقة(Combined Cycle Gas Turbines) كما هو شائع الآن في الدول المتقدمة. 3- نظراً لأن الدول المستهلكة للغاز قريبة من العراق ويمكن نقل الغاز إليها بواسطة الأنابيب على اليابسة، ونظراً لأن العراق لا يلاقي صعوبات جيوسياسية عند نقل الغاز بواسطة الأنابيب، نرى في هذه الحالة عدم اللجوء إلى تسييل الغاز ونقله بناقلات خاصة كما تريد أن تفعل شركة شل، لأن في ذلك كلفة أكبر الى العراق من جهة ولكنه سيحقق أرباحاً أكثر الى شركة شل من جهة أخرى. على أنه يمكن اللجوء إلى تصدير الغاز العراقي المسال في حالة توفر كميات كبيرة من الغاز الفائض في المستقبل، ولكن بعد المفاضلة (من الناحية الفنية والأقتصادية) بين تصديره أقليمياً بواسطة الأنابيب بحالة غازية وبين تصديره بناقلات خاصة بحالة سائلة كما تتطلبها الأسواق البعيدة جداً عن العراق كاليابان والصين والولايات المتحدة الأمريكية. وعندما نتكلم هنا عن تصدير الغاز نقصد به دوماً الغاز المصاحب للنفط عند استخراجه، شريطة أن يكون ذلك الغاز فائضاً عن الحاجة ولا مجال لخزنه داخل العراق. ولا نقصد هنا الغاز الحر كما هو الأمر في حقل عكّاز (محافظة الأنبار) أو غاز القبعة (في حقل كركوك) . 4- بناءً على تحليلنا لآثار الاتفاقية بين وزارة النفط وشركة شل لاستغلال الغاز الطبيعي المنتج من جنوب العراق والآثار السلبية على الأقتصاد العراقي المترتبة على مثل هذا الاتفاق، نرى وجوب العمل على إزالة أي آثار سلبية قد تنتج من هذا العقد، أو – وهذا هو الأفضل - إلغاء العقد حتى يتمكن العراق من استغلال موارده الغازية بحرية والحصول على كامل الفوائد المترتبة من ذلك، كما كان يفعل من قبل. وعد من الوزير في صبيحة اليوم الثاني لمؤتمر عُقد ببغداد بتأريخ 27 شباط – 1 آذار 2009، من أجل مراجعة شاملة للسياسة النفطية في العراق، أقامه الدكتور برهم صالح، رئيس اللجنة الأقتصادية نائب رئيس الوزراء (آنذاك)، ودعى إليه نخبة من خبراء النفط والأقتصاد – كان كاتب هذه السطور أحد المدعوين - تكلم المدير العام لشركة غاز الجنوب عن الاتفاقية مع شل، مشيراً إلى أن أسعار الغاز الذي سيجهز إلى المستهلكين داخل العراق ستكون مدعومة وإن مستوى ذلك الدعم ستقرره الحكومة العراقية، وذلك من أجل توفير مصدر للطاقة رخيص أو مواد أولية رخيصة للأسواق المحلية داخل العراق. وعند التعقيب على الكلمات التي أُلقيت ذلك الصباح قام كاتب السطور معلقاً على كلمة مدير عام شركة غاز الجنوب وقال ما فحواه "إن العراق قد دخل الآن في أزمة مالية خطيرة نتيجة الانخفاض الكبير بأسعار النفط. وإذا أردنا أن ننقذ العراق على المدى الطويل يتوجب علينا جميعاً العمل على تطوير الاقتصاد العراقي وتنويع قاعدته من أجل تقليل الأتكال على العوائد النفطية. أن أحد الطرق المهمة للوصول لذلك الهدف هو بناء صناعة عراقية ناجحة وكفوءة وقادرة على المنافسة في الداخل والخارج. إن ما قيل بشأن دعم أسعار الغاز المجهز محلياً لا يخدم القطاع الصناعي ولا يخدم قطاع توليد الكهرباء، لأن منظمة التجارة العالمية (WTO) سوف لن تقبل بمثل هذا الدعم، وذلك توخياً منها لفرض المنافسة العادلة في الأسواق. لذلك، ونتيجة لهذا الدعم ستتعرض الصناعة العراقية إلى عقوبات مالية، هي في غنى عنها، لإزالة آثار الدعم. كذلك الأمر مع صندوق النقد الدولي (IMF)، إذ إنه يعارض الدعم لكونه يعرقل تطور الصناعات المحلية كما يؤدي إلى تشويه الأسعار وإفقادها دورها في تخصيص موارد البلد بكفاءة". وفي مساء ذلك اليوم خلال حفلة عشاء، التقى الدكتور حسين الشهرستاني (وزير النفط آنذاك) كاتب السطور فسأله: دكتور أنت ماذا تريد من مسألة أسعار الغاز؟ فأجابه الكاتب بأنه يعارض الطريقة المعقدة والمقلوبة والمؤذية التي تتضمن بيع الغاز العراقي الخام الى الشركة المشتركة بالأسعار العالمية ثم قيام الحكومة العراقية بشراء الغاز بعد معالجته من الشركة المشتركة بالأسعار العالمية أيضاً، ثم القيام بتخفيض سعر الغاز المجهز للأسواق العراقية بواسطة دعمه حكومياً، إذ سيتولد عن ذلك الدعم الحكومي للأسعار أذىً كبيراً للصناعات العراقية. إن الأولى عمله هو شراء الغاز المعالج من الشركة المشتركة بسعر كلفة الإنتاج زائداً كلفة المعالجة (Processing Cost) والذي سيتضمن حتماً قدراً معقولاً من الربح، ثم بيعه الى الأسواق العراقية بسعره المنخفض أساساً، دون اللجوء الى الدعم الحكومي، وذلك تفادياً للعقوبات المالية التي ستفرضها منظمة التجارة العالمية على المنتجات مدعومة الأسعار، وبذلك ستحافظ المنتجات العراقية على تنافسيتها بالأسواق العالمية. فأجاب الوزير "إن هذا بالضبط ما سنقوم به وأن الخلاف بيننا وبينك هو مجرد اختلاف بتسمية الأشياء." وقد تمنى كاتب السطور حينذاك أن يكون السيد الوزير قد تكلم بحسن نية وأنه كان يعني ما يقول. والآن، وبعد أن قضى الدكتور الشهرستاني قرابة الثلاث سنوات سابحاً ضد تيار الأغلبية من الخبراء، خصوصاً في موضوع استغلال الغاز الطبيعي العراقي، نريد أن نسأل: هل وفى السيد وزير النفط آنذاك، ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حالياً، بوعده الذي قطعه لكاتب هذه السطور؟ وكيف نعرف ذلك والشفافية التي يُفترض توفرها لدى حكومة تدعي الديمقراطية لا وجود لها على الأطلاق؟ هل سيكون نصيبنا من الحكومة العراقية الآن هو الأستمرار بسياسة الأذن الصمّاء، أي أنها ستتجاهلنا، تماماً كما أصبحت عليه عادة الحكومة حين تواجه الشعب في هذه السنوات العجاف - وهي التجاهل - عملاً بتلك السياسة الغريبة؟ في بداية الأسبوع الماضي – تحديداً في 12 تموز 2011 – وفي مؤتمر سنوي تقيمه بلندن شركة سي دبليو سي حول شؤون الصناعة النفطية في العراق، تكلم هانس نيجكامب، نائب رئيس شركة "شل العراق"، وأكد أن إتفاقية الغاز موضوعة البحث قد تم توقيعها. وعندما جاء دور النقاش مع المتكلم سأله أحد الحاضرين ما يلي: عملاً بمبدأ الشفافية، هل لك أن تخبرنا عن ميكانزم تسعير الغاز؟ أو على الأقل هل لك أن تخبرنا عمّا ستتقاضاه الشركة المشتركة – شركة غاز البصرة – لقاء ماتقوم به من أعمال؟ فما كان من السيد نيجكامب إلا أن أجاب: أنا متأسف ولكنني لايمكنني الأجابة على أسئلتك هذه. أنني لست في مقام يسمح لي بالكشف عن الشروط التجارية لهذه الأتفاقية – إن هذه الأمور سرية! والآن، في خضم هذه العتمة الدامسة، يريد الشعب العراقي أن يعرف كيف تصرفت حكومة السيد المالكي، وكيف تصرف نائبه لشؤون الطاقة بجزء حيوي بالغ الأهمية من ثروته الطبيعية، وعلى أي أساس؟ فهل سيقوم السيد المالكي ونائبه بالكشف عن خبايا العقد وتنوير الشعب؟ إن شعب العراق ينتظر!
تعارض مع القوانين العراقية إن ما سبق من كلامنا لحد الآن يخص الجهتين الفنية والأقتصادية، أما من الجهة القانونية، فإن مذكرةً صادرة من مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية، الدكتور فاضل محمد جواد، قد ظهرت الى العلن مؤخراً. فبموجب مطالعته القانونية المؤرخة في 28/10/2010، والمبينة صورة منها في نهاية هذه المقالة، يبدو أن المستشار القانوني قد رفض عقود أنشاء شركة نفط البصرة جملة وتفصيلاً لتعارضها مع العديد من مواد قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997. وقد بين الدكتور المستشار – أضافة الى تعارض تلك العقود مع القوانين العراقية - إن مجالات الاستثمار الوطني والأجنبي في القطاع النفطي محددة حصراً في الوقت الحاضر في مجال تصفية النفط الخام وفي مجال استيراد وبيع المشتقات النفطية، وإن الغاز العراقي ليس مجالاً للأستثمار الوطني، ناهيك عن الأستثمار الأجنبي.
إن الشعب العراقي، ونتيجة لشدة التعتيم على هذه الأتفاقية، لم يعرف، ولربما كان سيبقى لا يعرف، بوجود هذا التعارض الكبير مع القوانين العراقية الذي يستثيره عقد الشراكة مع شل، لولا أن صحيفة الدستور العراقية قامت بنشر المطالعة بتفاصيلها، وهي مشكورة على ذلك. ورغم كل ذلك التعارض الجدي، لم تسمع النُخب العراقية، ولا حتى كلمة واحدة، عن صعوبات قانونية تواجه أتفاقية الغاز وهي، لأهميتها الكبيرة، بقيت الشغل الشاغل للعديد من الخبراء العراقيين منذ الأعلان عن توقيع أتفاقية المبادئ مع شل في أيلول 2008. نريد أن نعرف كيف تمت تسوية الصعوبات القانونية، أو كيف تم التغلب عليها، دون تعديل قانون أو إلغاء قانون أو صدور قانون جديد، وهذا ما لم يفعله مجلس النواب كما هو معروف. نرجو أن توضحوا هذا الأمر للشعب العراقي، يا سادة، بدلاً من تركه في حيرة واستغراب. هل أن هذه المطالعة القانونية الشاملة، والبالغة الأهمية – إذ هي تخص الأقتصاد العراقي بالصميم - جوبهت بالنهاية بسياسة "لَيّ الأذرع" التي قد تُمارس مع موظفين لا حول لهم ولا قوة تجاه السلطان؟ أم جوبهت بتجاهل تام كما جوبهت قبلاً بنفس السياسة نداءاتنا وكتاباتنا المتكررة التي مانفكَّت تطالب المسؤولين بضرورة الألتفات بأشد الحرص والشفافية الى المصلحة الوطنية الصرفة في التعامل مع ثروات الشعب الطبيعية، وهي تعلو على جميع المصالح الأخرى؟
ونحن، إذ نرفق لعناية الشعب العراقي هذه المطالعة القانونية القيّمة، نعلن تأييدنا الكامل لها، ونطالب السادة المسؤولين في الحكومة العراقية ومنهم حضرات النواب في مجلس النواب، وخصوصا أعضاء لجنة النفط والغاز وأعضاء اللجنة القانونية، بالعمل على إعادة النظر في اتفاقية الغاز مع شركتي شل ومتسوبيشي وما نتج عنها من تأسيس شركة غاز البصرة، ليس فقط لكونها تعمل بالضد من المصالح الوطنية، ولكن لكونها أيضاً مخالفة لقوانين العراق المرعية. كما نتمنى على مجلس النواب العراقي العتيد أن يمنح الخبراء المختصين فرصة لمناقشة هذه العقود، لبيان خطلها وضررها، من النواحي الفنية والأقتصادية والقانونية، كل ذلك توخياً للأستغلال الأمثل لثروات العراق الطبيعية والحفاظ على مصالح الشعب العراقي ومستقبل أجياله اللاحقة.
خاتمة: الشعب العراقي لن يستكين أن شركة شل، أو أي شركة أخرى تحتل موقعاً مثل شل، قد أفلحت كما يبدو – ولربما الى حين – في انتزاع عقد للمشاركة في استغلال الغاز العراقي، ولكنها، بنفس الوقت، فشلت أخلاقياً فشلاً ذريعاً. ذلك أن شل تعرف تماماً أنها لم تحصل على ذلك العقد بجدارة الشركة التي ستستعمل تكنولوجيا متطورة خاصة بها من أجل استخراج غاز كامن في تراكيب جيولوجية معقدة وتحت عمق الماء كما الأمر، مثلاً، في دولة الأمارات. ولكن شل جاءت الى الحكومة العراقية في ظل ضروف غير طبيعية، ولربما مستغلة سطوة إحدى القوى الكبرى التي شاركت بغزو العراق. فهي – في حال بقيت هذه الأتفاقية على قيد الحياة - ستشارك العراق "تجاريا" في غاز لم تتعب به، لمجرد إثراء مالكي أسهمها، وهم قطط سمان مقارنة بشعب العراق المنهوك القوى والفقير. من المعروف إن أية إتفاقية بين طرفين سيكتب لها النجاح عندما تكون متوازنة من حيث الحقوق والواجبات. ولكن يبدو أن شل لم تتعلم من تجربتها مع روسيا في استغلال غاز جزيرة سخالين، حين استغلت الفوضى في زمن الرئيس الأسبق يلتسن، وخرجت باتفاقية مشاركة بالأنتاج تميل كثيراً لصالحها، ثم أُجبرت في نهاية 2006، في زمن الرئيس بوتين (رئيس الوزراء حالياً)، ببيع الحصة الأكبر (51%) لصالح شركة الغاز الروسية غازبروم (Gazprom). والآن يبدو أن شل تعيد الكرّة مع العراق مستغلة فوضى البلاد وقوة الأجنبي الذي يسندها وتهاون المسؤول العراقي الذي يعطيها. وإذا كانت شل قد ساهمت في سخالين بحق من حيث استغلال تكنولوجيا تسييل الغاز المتطورة الخاصة بها، فإنها لم ولن تساهم بأي تكنولوجيا جديدة تذكر في حالة العراق، لأن هذا المشروع بسيط فنياً وتسويقياً والعراق لا يحتاج لأدارته شركة شل أو أي من أخواتها. لقد جاءت شل الى العراق لمجرد مشاركته بقطف الثمار وهي قفزت الى مكانها الذي يشغل همومنا الآن "بقدرة قادر"! أخيراً، نحن متأكدون أن الحق سيرجع الى نصابه، فالظلم لن يدوم.
18/7/2011
المطالعة القانونية الدستور العراقية تنشر وثائق تمثل خروقات قانونية لوزارة النفط الكاتب : القاهرة - واع 1 - 10:10:32 2011-06-12 . نشرت صحيفة ((الدستور)) العراقية ملاحظات مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية بشأن عقود تأسيس شركة مختلطة محدودة مع شركة شيل الهولندية وشركة ميتسوبيشي اليابانية (شركة غاز البصرة)..وتشير الملاحظات الى وجود خروقات قانونية صريحة ومع ذلك لم يتم الأخذ بها فمثّلت تجاوزاً يضاف الى سلسلة التجاوزات التي نفّذت على حساب الشعب العراقي... الدستور بسم الله الرحمن الرحيم جمهورية العراق مكتب رئيس الوزراء العدد/ م ر ن/7871/6 التاريخ/ 2010/11/28 (عاجل جداً) الى وزارة النفط/ مكتب الوزير م/ تأسيس شركة غاز البصرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لاحقاً بكتابنا ذي العدد(24341) في 2010/9/23. نرافق ربطاً صورة ملاحظات السيد مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية بالمذكرة بالعدد(م.ق/285/25) في 2010/10/28 بشأن عقود تأسيس شركة مختلطة محدودة مع شركة شيل الهولندية وشركة متسوبيشي اليابانية (شركة غاز البصرة). لأخذ الاجراءات المناسبة واعلامنا.. مع التقدير المرافقات/ - صورة مذكرة السيد المستشار القانوني لرئيس الوزراء. د. طارق نجم عبد الله مدير مكتب رئيس الوزراء 2010/11/27 صورة عنه الى/ - مكتب السيد مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية/ مذكرتكم آنفاً/ للعلم... مع التقدير - لجنة المتابعة. - اضبارة الكتب الصادرة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بسم الله الرحمن الرحيم جمهورية العراق مكتب رئيس الوزراء مذكرة داخلية العدد/م.ق/285/25 التاريخ/2010/10/28 عاجل جداً سري وشخصي الى السيد مدير مكتب دولة رئيس الوزراء المحترم من/ مكتب مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية م/ تأسيس شركة غاز البصرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحاقاً بمذكرتنا المرقمة 253 في 2010/9/27 واشارة الى كتابكم المرقم 6644 في 2010/9/30 الموجه الى وزارة النفط. نظراً لعدم حضور من يمثل وزارة النفط لغرض مناقشة مسودات عقود تأسيس شركة مختلطة محدودة مع شركة شيل الهولندية وشركة متسوبيشي اليابانية(شركة غاز البصرة) ، ولمستعجلية الموضوع، نبين ادناه ملاحظاتنا بشأنه وبشكل مختصر لأن العقود كبيرة ومتشعبة وتحتاج لوقت غير متوفر لدينا لغرض دراستها بامعان وبيان الرأي بشأن كل مادة أو فقرة فيها:- أولاً- لا يوجد سند قانوني يسمح للأشخاص الاعتباريين (الشركات) والاشخاص الطبيعيين أجانباً كانوا أم عراقيين بالقيام باستثمارات في مجال استخراج وانتاج الغاز في العراق، أو تأسيس شركات تعمل في هذا المجال. 1- إن وزارة النفط تسعى الى تأسيس شركة مختلطة محدودة باسم (شركة غاز البصرة) بين شركة غاز الجنوب وشركة شيل غاز العراق وشركة دايمون غاز العراق بموجب قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997بهدف تطوير واستغلال واستثمار حقول الغاز في جنوب العراق (مجنون والزبير والرميلة وغرب القرنة). 2- ان قانون الشركات المذكور يسمح للقطاع الاشتراكي (القطاع العام) بالمساهمة مع القطاع الخاص لتأسيس شركات مختلطة مساهمة أو محدودة، ولكن القانون المذكور وكافة القوانين النافذة لغاية أيلول/2003 لم تكن تسمح للأجانب (شركات أم أشخاص طبيعيين) أن تكون لهم حصص أو أسهم في شركات عراقية، وبالتالي فان الدولة العراقية قد لجأت الى تشريع قوانين أو الى ابرام اتفاقيات دولية لغرض تأسيس شركات مشتركة مع دول أو شركات أجنبية. 3- في أيلول/2003 صدر أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم 39 لسنة 2003 والذي تم بموجبه السماح للأجانب بتأسيس كيانات تجارية لهم في العراق أو بالمشاركة مع مستثمرين عراقيين لتأسيس تلك الكيانات والاستثمار في العراق في القطاعات الاقتصادية، ولكن الامر المذكور استثنى من هذا الحكم قطاع الموارد الطبيعية أو أي من المرافق التي تتم فيها المعالجة الأولية للمواد الخام التي تستخرج من الموارد الطبيعية (القسم1/6). 4- تم التأكيد على مبدأ عدم السماح للعراقيين والأجانب في الاستثمار في مجالي استخراج وانتاج النفط والغاز استناداً الى المادة 29 من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 (المعدل)، التي تقضي باستثناء (الاستثمار في مجالي استخراج وانتاج النفط والغاز) من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 (المعدل) النافذ. 5- ان مجالات الاستثمار الوطني والأجنبي في القطاع النفطي محددة حالياً حصراً في مجال تصفية النفط الخام وفي مجال استيراد وبيع المشتقات النفطية. 6- ان العقود المزمع توقيعها مع الشركات اعلاه هي في الواقع عقود مشاركة في الاستخراج والانتاج والتصدير، وهو ما لا يسمح به القانون، وان أية مصطلحات أو تعابير قد تستخدم في العقود المزمع توقيعها معها توحي بأن تلك العقود هي ليست عقود استثمار او استغلال او إنتاج او استخراج للغاز، لا قيمة لها من الناحية القانونية، تطبيقاً للقاعدة القانونية (بأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني وليس للألفاظ والمباني.). ثانياً: ان مسودات العقود المزمع توقيعها تقضي بنقل أصول شركة غاز الجنوب الى (شركة غاز البصرة) المزمع تاسيسها مع كل من شركة شيل غاز العراق وشركة دايمون غاز العراق، مما يعني خصخصة لشركة غاز الجنوب. 1- ان المستند القانوةني رقم(9) المرفق بمسودة عقد تطوير غاز الجنوب والخاص بعقد نقل أصول شركة غاز الجنوب الى (شركة غاز البصرة) المزمع تأسيسها يشير الى نقل كامل موجودات وأصول شركة غاز الجنوب مع قطع الغيار الى الشركة المذكورة. 2- ان نقل اصول شركة غاز الجنوب الى الشركة المزمع تأسيسها يتعارض مع القانون حيث ان نقل الموجودات يعني خصخصة شركة غاز الجنوب من دون وجود تشريع يسمح بخصخصة الشركة، كما أن العملية ستؤدي الى افراغ شركة غاز الجنوب من كيانها وابقاءها مجرد هيكل على الورق من دون أصول أو موجودات بما يتعارض وعقد تأسيس الشركة. 3- ان نقل الاصول سيكون الى شركة يساهم فيها أجانب وتعمل في مجال استخراج وانتاج الغاز مما يجعل عملية الخصخصة اكثر تعقيداً. 4- لم تحدد في العقد قيمة الموجودات والأصول المقرر نقلها الى (شركة غاز البصرة)، كما يظهر بأن هناك أصول تحت الانشاء ينبغي بموجب العقد تحويلها الى الشركة المزمع تأسيسها. 5- ان رأسمال شركة غاز البصرة حسب مسودة العقد هو (20) مليون دولار، في حين ان موجودات وأصول شركة غاز الجنوب التي ستنقل الى الشركة المذكورة تقدر بمليارات الدولارات. 6- ان نقل اصول شركة غاز الجنوب الى شركة غاز البصرة التي يساهم فيها شركتي شيل ودايمون، تتضمن آلاف الدونمات من الأراضي، ولا يوجد سند من القانون يسمح بنقل تلك الأاصول الى الشركة حتى ولا وضعها تحت تصرفها أو تخصيصها لها. 7- ان اكثر من 20 منشأة وموقع ومحطة ستم نقلها الى شركة غاز البصرة حسب ما هو محدد في المستند رقم3 الملحق بعقد تطوير غاز الجنوب. ثالثاً: تعارض آليات التعاقد والعمل المتفق عليها بين المساهمين وبين ما هو مقرر في قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997. ان قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 يفرض آليات في تأسيس الشركات المختلطة المحدودة ولا يسمح بالاتفاق على خلافها، في حين يلاحظ من مسودة عقد المساهمين، وعقد تطوير غاز الجنوب والعقود الاخرى المزمع توقيعها بين الأطراف ذو العلاقة بان احكامها تختلف جوهرياً عن أحكام القانون، وبالتالي فان صيغة الشركة المختلطة المحدودة لا يمكن أن تحقق الاهداف التي يسعى الى تحقيقها المساهمون ومن تلك الاحكام على سبيل المثال، صيغة عقد تأسيس الشركة، والوثائق والشروط الواجب توافرها لغرض تقديمها الى مسجل الشركات، وأسلوب ادارة الشركة، وكيفية تحديد رأسمال الشركة، وتقييم الحصة العينية في رأسمال الشركة، وانقضاء الشركة وتصفيتها، وكيفية التصرف بأسهم الشركة ونقل ملكيتها، وتدقيق الحسابات وغير ذلك من المسائل التي لا يسمح القانون بالاتفاق على خلافها. رابعاً: اختيار المساهمين في شركة غاز البصرة لا توجد في الأاوليات ما يوضح كيفية اختيار شركة شيل دون غيرها من الشركات العالمية المتخصصة للتعاقد معها والمساهمة معها في تأسيس شركة مختلطة مع شركة غاز الجنوب، حيث لم تجر منافسة بشأن المشروع بين الشركات العالمية وأسباب اختيار شركة ميتسوبيشي لاحقاً من قبل شركة غاز الجنوب وشركة شيل ودعوتها سوية للمساهمة في الشركة دون غيرها من الشركات المتخصصة في قطاع الغاز، وما علاقة شركة شيل الهولندية في دعوة شركة أجنبية أخرى للدخول في مشاركة مع شركة غاز الجنوب في الوقت الذي لا يوجد للشركة المذكورة أية صفة رسمية او أية علاقة تعاقدية أصولية لحد الآن مع وزارة النفط. خامساً: فترة العقود وفترة بقاء الشركة ان فترة نفاذ العقود هي 25 سن، في حين ان قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 لا يحدد فترة زمنية لبقاء الشركة ولكن القانون يوضح احكام انقضاء الشركة، وبالتالي ما لم تتحقق تلك الأحكام، لا يمكن انهاء الشركة، مما سيخلق تعارض واشكالية قانونية في معالجة التناقض ما بين العقد والقانون. سادساً: تحويل الاموال ان عقد تأسيس الشركة يسمح باستيراد وتصدير وتبادل العملات القابلة للتحويل بحرية تامة خلافاً للقانون، ومثل هكذا نص في عقد التأسيس لن يبقل من مسجل الشركات. سابعاً: عقد تأسيس الشركة يتضمن عقد التأسيس انشطة كثيرة تمارسها الشركة لا يمكن أن تمارسه حتى الشركة الحكومية في حين ان الشركة المزمع تاسيسها هي شركة خاضعة لقانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 الذي ينظم احكام الشركات الخاصة وليس العامة. ثامناً: موظفو شركة غاز الجنوب تقضي العقود المزمع توقيعها باعارة موظفي شركة غاز الجنوب الى شركة غاز البصرة المطلوب تأسيسها من دون أي سند من القانون، حيث لا يوجد أي اساس قانوني يسمح باعارة خدمات الموظفين الى شركة من القطاع المختلط ولفترة غير محددة وحصولهم على رواتب وامتيازات تتحمل كلفها في النهاية الدولة. تاسعاً: آليات عمل المشروع ان العقود المزمع توقيعها بين المساهمين وبين وزارة النفط والشركات المساهمة وبين شركة غاز الجنوب والشركات المساهمة ومع شركة غاز البصرة المزمع تأسيسها، واللجان المتفق علي تشكيلها لادارة المشروع جنباً الى جنب مع ادارة شركة غاز الجنوب وفقاً لقانون الشركات، ومكاتب الحسابات المستقلة واللجان الاستشارية واللجان العليا لادارة المشروع وشركة غاز البصرة والمستشارين الفنيين والتقنيين والخبراء المقرر تعيينهم، والمعادلات السعرية واحتساب الكميات وغيرها من الاحكام التي وردت في الوثائق اعلاه نجدها معقدة وشائكة وستؤدي حتماً الى الكثير من المشاكل والمنازعات القانونية والمالية والفنية والادارية. عاشراً- الاحتياجات من الغاز وسعر بيع المنتج 1- لم توضح العقود آلية تأمين حاجة الاهالي والمحطات الغازية لتوليد الطاقة الكهربائية والمعامل التي تستخدم الغاز كمادة أولية في صناعاتها، من الغاز المنتج. 2- ان اسعار بيع الغاز المنتج سيكون بأسعار عالمية وهذا ما يؤدي الى زيادة اسعار الغاز على الأهالي والقطاعات الاخرى التي تحتاجه. 4- لا توجد آلية لمعالجة لمن تكون الاولوية في تصدير الخاص في حالة السير في عملية التراخيص في حقول المنصورية وعكاز والسيبة، خاصة وان شيل قد اشترطت كمية معينة من الغاز المعد للتصدير ان يكون من حصتها. احد عشر-نفاذ العقود 1- يظهر من العقود بان شركة شيل قد بدأت العمل فعلياً في تطوير حقول الغاز، في حين ان وزارة النفط لم تحصل بعد على موافقة مجلس الوزراء على تأسيس شركة غاز البصرة او على مساهمة شركتي شيل وميتسوبيشي فيها بشكل رسمي، او على توقيع عقود تطوير واستخراج حقول الغاز معها. 2- يظهر من مقدمة مسودة عقد تطوير غاز الجنوب بان اتفاق المبادئ المبرم مع شيل قد تم تمديده في 2/28 و2010/3/3 في حين لايوجد مفهوم تمديد لعقود ليست نافذة اصلاً. اثنا عشر-حلول الشركات 1- يظهر من مسودات العقود بان شركات مستحدثة لغرض تنفيذ العقود وتأسيس (شركة غاز البصرة) قد حلت محل الشركات الاصلية وهي شركة شيل الهولندية وشركة ميتسوبيشي اليابانية وهي شركة دايمون غاز العراق محل شركة ميتسوبيشي، وشركة شيل غاز العراق محل شركة شيل الهولندية. 2- لا يوجد ما يوضح ما هي امكانيات الشركات المستحدثة الفنية ومقدار رأسمالها ومكان تسجيلها ومركزها القانوني. ثلاثة عشر- التغيير في القانون لا يجوز قبول مبدأ(التغيير في القانون والاستقرار الاقتصادي) في عقود بيع الغاز والوارد في المادة 11-3 من عقد تطوير غاز الجنوب والمستند القانوني (13) المرفق بعقد تطوير غاز الجنوب. اربع عشر- مشاركة شركة غاز البصرة في عقد المساهمين ان مسألة قبول شركة غاز البصرة بعد تأسيسها طرفاً في عقد المساهمين المزمع توقيعه بين المساهمين في الشركة ذاتها(شركة غاز الجنوب وشركة شيل غاز العراق وشركة دايمون غاز العراق) امر لا يمكن تصوره من الناحية القانونية والتعاقدية. خامس عشر- الاحتكار ان شركة غاز البصرة ستكون شركة محتكرة، لانها ستكون الشركة الوحيدة لتكرير الغاز الطبيعي المنتج في حقول البصرة النفطية، وليس من صلاحية وزارة النفط ابرام اي عقد مع شركة اخرى غير شيل لتطوير واستثمار الغاز من حقول البصرة. سادس عشر- عقد التأسيس ان مسودة عقد تأسيس شركة غاز البصرة الوارد في المستند القانوني رقم (10) المرفق بعقد تطوير غاز الجنوب يتعارض مع القانون لان اهداف الشركة المثبتة في العقد هو العمل في قطاع الاستخراج والاستثمار والتنقيب والانتاج في مجال الغاز وهو مالا يسمح به القانون العراقي النافذ. سابع عشر- القانون الواجب التطبيق على عقود بيع الغاز ان عقود بيع والشراء للغاز الطبيعي المسال تخضع بموجب المستند القانوني (14) (الفقرة6) الى القانون الانكليزي في حين ان الشركة المزمع تاسيسها هي شركة عراقية والبيع يتم في العراق علماً بأنه ورد في مكان اخر من المستند بتطبيق القانون العراقي في عقود الغاز البترولي المسال والغاز البترولي المكثف. ثامن عشر-الضرائب والرسوم 1- ان القانون يفرض الرسوم والضرائب على الشركات العراقية وفقا للقانون النافذ حين تحقق الرسم او الضريبة، عليه لا يجوز اعتماد قيمة الرسوم والضرائب النافذة حالياً على انشطة الشركة. 2- المستند رقم(8) يشير الى اعفاء الاصول المستخدمة لغرض الانتاج الكمركية اضافة الى اعفاءات واحكام لا يجوز اعتمادها، وينبغي اخضاع احكام الرسوم والضرائب الى القوانين النافذة حين استحقاقها. 3- ان عقد تطوير غاز الجنوب يقضي في المادة 11-6 بتحمل وزارة النفط دفع رسم الطابع خلافاً للقانون. تاسع عشر- الوزارة ان وزارة النفط هي طرف في العقود المزمع توقيعها، في حين ان الطرف المعني في هذه العقود هي شركة غاز الجنوب، عليه لماذ اقحام الوزارة اي الحكومة العراقية في العقود مما يرتب مسؤوليات قانونية على الحكومة في حالة حصول اية مشاكل في التنفيذ. عشرون- النشر في الجريدة الرسمية ان التزام وزارة النفط في المادة 2-2 من عقد التطوير بنشر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على العقد في الجريدة الرسمية امر غير وارد لمخالفه لقانون النشر. احد وعشرون -التزامات شركة المشاريع النفطية ان العقود المزمع توقيعها تفرض التزامات على شركة المشاريع النفطية وهي ليست طرفاً في تلك العقود مما يخالف مبدأ عدم سريان اثر العقود على طرف الثالث. اثنان وعشرون- حقوق شركة شيل وشركة دايمون ان الحقوق الممنوحة الى الشركتين اعلاه بموجب عقد تطوير غاز الجنوب(المادة 3) واسعة جداً كما ان التزامات وزارة النفط تجاه الشركة واسعة ايضاً ولا يمكن تحقيقها. ثلاثة وعشرون- التحكيم 1- ان عقد تطوير غاز الجنوب يخضع الى التحكيم الدولي بموجب قواعد غرفة التجارة الدولية في باريس. ا2- ن مكان التحكيم في جنيف. 3- ان المادة 15-6 تقضي بتنازل الجانب العراقي عن اي حق للاعراض او الطعن بقرارات التحكيم وهو قرار غريب ومخالف للقانون العراقي. اربعة وعشرون-عدد نسخ العقد المادة 17-9 من العقد تشير الى انه ابرم بنسخ عديدة وتعتبر كل واحدة منها نسخة اصلية، وهذا ما يتعارض مع العرف والتطبيق في العقود حيث لا يجوز ان يكون لكل طرف في العقد اكثر من نسخة واحدة. خمسة وعشرون- التمويل تقضي المادة 6 من عقد المساهمين بتشكيل لجنة للتمويل الخارجي لتمويل الخارجي لتمويل المساهمين، هذا يعني ان الشركات المساهمة غير قادرة على تمويل انشطتها من غير الحصول على التمويل الخارجي وطبعا بضمان الاصول المنقولة اليها والعقود المبرمة معها. راجين التفضل بالاطلاع واعلام وزارة النفط بملاحظاتنا اعلاه مع التقدير د. فاضل محمد جواد مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية 2010/10/28
#محمد_علي_زيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خارطة طريق اقتصادية (الحلقة السابعة، وهي الأخيرة) (1)
-
خارطة طريق اقتصادية (الحلقة السادسة) (1)
-
خارطة طريق اقتصادية (الحلقة الخامسة) (1)
-
خارطة طريق اقتصادية (الحلقة الرابعة) (1)
-
خارطة طريق اقتصادية (الحلقة الثالثة) (1)
-
خارطة طريق اقتصادية (الحلقة الثانية)
-
خارطة طريق إقتصادية (الحلقة الأولى)(1)
-
الفساد في العراق (الحلقة السادسة، وهي الأخيرة)(1)
-
الفساد في العراق (الحلقة الخامسة)(1)
-
الفساد في العراق (الحلقة الرابعة)(1)
-
الفساد في العراق (الحلقة الثالثة)(1)
-
الفساد في العراق (الحلقة الثانية)(1)
-
الفساد في العراق (الحلقة الأولى)*
-
صفقة الغاز مع شل مُدمّرة للصناعات العراقيية
-
نعم جولتي التراخيص النفطية هي تبديد لثروة الشعب العراقي، بل
...
-
الغاز الطبيعي العراقي: هدرٌ أم استغلال لمصلحة الوطن ؟
-
وزارة النفط وغاز العراق ومحنة الشعب العراقي
-
الاقتصاد العراقي: الماضي والحاضر وخيارات المستقبل
-
دولة القانون تبدد 75 مليار دولار من أموال الشعب العراقي وتعر
...
المزيد.....
-
شولتس: استثمارات الشركات الألمانية في أوكرانيا ستفيد الاقتصا
...
-
الخارجية الروسية: بايدن يفرض عقوبات على روسيا متجاهلا تدهور
...
-
“تحـديث 100 درهم ” سعر الدرهم الاماراتي في البنوك مقابل الجن
...
-
كم تبلغ ثروة بشار الأسد وما قصة العقارات المملوكة لعائلته خا
...
-
بلومبرغ: إيلون ماسك أول شخص تتجاوز ثروته 400 مليار دولار
-
ارتفاع جديد.. سعر جرام الذهب عيار 21 في السوق المصرية اليوم
...
-
مخزونات الخام الأميركية تنخفض بأسبوع ونواتج التقطير ترتفع
-
-العربية للطيران- تستأنف رحلاتها بين الشارقة وبيروت
-
النفط يصعد بعد عقوبات إضافية تستهدف إمدادات روسيا
-
أميركا ترسل 20 مليار دولار لأوكرانيا بضمان أصول روسية
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|