حسين عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3424 - 2011 / 7 / 12 - 21:21
المحور:
الادب والفن
يشق النهر مجراه, يسير إلى نهايته, يسرع خطاه ليضيع في لجة الموج, وبين النهر والبحر انتصب جبل شامخ على سفحه تتكسر الأمواج التي تتولد واحدة اثر واحدة, وعند أقدام الجبل بكى الليل, بينما الناس يترقبون بزوغ الفجر, الليل مخيف, راقد, طويل, معتم, لم يحتفل بعد بعيد ميلاده.
قلوب ترنو تارة إلى السفح, وتارة إلى الموج وبينهما رسم الخيال صورا... ترتسم لحظات الخوف والموت, وترقد الذرات الناعمة قريبة من الشاطئ, ظلال البحر تخيف السفح, فتضيع المسافات, ويقتل الهدوء, ويفترس فرس البحر حيوانات بريئة.
بلغ البحر حد الجنون والتحدي, واسود وجهه, وأخذت موجاته لتتسلق أكثر فأكثر .. تنغرس الأقدام في الوحل, خطوتان إلى الوراء, والبركان يثور في القمة, وتغضب الشمس من أصوات جعلتها تمد ذراعها وتمتد الأجسام على شكل مستطيل, وترتفع فجأة على شكل مثلث ... بحر الخوف يسرق الأطفال, ويجلب الموت, بحر الخوف يرقد وينهض وفي جوفه رمانه, وشجرة عارية من الجمال , وقطع من الخشب فيها مسامير تدمي الأرجل ... واختفت ببارات الموز والبرتقال واختفى كل جمال.
كان البحر كبيرا, أنفاسه ترتفع وتنخفض , وجفونه لا ترى النوم, وفي موجاته الأمامية يرقد تمثال مخيف, وفي الموجات الوسطى يرتعش السمك الصغير, بينما ينفتح فم التمساح ليتحد مع كل الموجات, ولترتفع وتيرة جنونه.
أخذت أسير على الشاطئ, أرقد, أتذكر, انهض, أترجل, اندفع, اتحدي,أسيطر على كل شيء .. سكن البحر وتردد صوت طفل صغير ينادي أبي,أمي,بيتي, جاري,صديقي,رفيقي,أنت مني وأنا منك, الأرض تجمعنا والمحبة للوطن, متى ومتى...سكنت الشواطئ الغربية على بسمات ثلاثة فتيان, صمت الطفل, فرح, غنى, بقى ساهرا ينتظر...وفي الصباح كانت أشعة الشمس تنير وجوه العائدين وهم يحملون طفلا ويعدون بفجر جديد آخر.
#حسين_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟