|
المشكلات البيئية الساخنة والمهمات المؤجلة.. الى متى ؟!! ( 5 )
كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)
الحوار المتمدن-العدد: 3415 - 2011 / 7 / 3 - 09:11
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
لمصلحة من السكوت على إهمال التلوث البيئي القاتل والإستهانة بصحة وحياة العراقيين ؟ تبريراً لإهمالهم وتقصيرهم المرفوض تجاه المشكلات البيئية الساخنة وتداعياتها الصحية الكارثية، دأب المسؤولون المتنفذون في الحكومة العراقية منذ سقوط النظام السابق ولحد اليوم التعكز على شماعة الأرث الثقيل الذي ورثته الدولة من النظام المقبور، متجاهلين دورهم في تفاقم تلك المشكلات خلال الأعوام الثمانية المنصرمة، وتعمقها يوماً بعد اَخر، ولاسيما التلوث بأصناف الملوثات وسمومها، وأخطرها الإشعاع الناجم عن أسلحة الحرب ومخلفاتها،الذي يواصل تهديد صحة وحياة اَلاف العراقيين، وقد حصد حياة الآلاف،وكل يوم يضيف المزيد من الضحايا، وفي المقدمة أطفالنا..والملاحظ أنه بدلآ من أن تتعامل الحكومة معها بكل جدية وتسعى لحل المشكلات القائمة والقضاء على الأرث المقيت للنظام المقبور بجهود جماعية مضاعفة، راحت تتعامل وبمنتهى الصلافة وكأن الأرث المذكور يبرر لها التفرج والتلكوء في تنفيذ واجباتها !! وواصلت الحكومة نهجها في إهمال مشكلات الشعب الساخنة، بما فيها الخراب البيئي الواسع وتزايد الأصابات السرطانية والتشوهات الولادية والوفيات،الى جانب تفاقم المشكلات الأقتصادية- الأجتماعية والفقر والعوز، مستغلة إفتقار الشارع العراقي في المرحلة الراهنة للقيادة الوطنية المعارضة الفاعلة القادرة على محاسبتها على تقصيرها وإهمالها، من جهة،وسكوت معظم ممثلي الشعب المنتخبين على تقصير الحكومة، وحتى على جرائم الفساد، بل وأغلبهم متواطئ معها، من جهة أخرى. لقد فشلت الحكومة فشلآ ذريعاً في التخفيف من وطأة المشكلات الساخنة، ناهيكم عن معالجتها.ولليوم، لا توجد لديها خطة علمية مدروسة للمعالجة ولا حتى للتخفيف من وطأة تلك المشاكل. ويتحمل رئيس الوزراء نوري المالكي مسؤولية كبيرة - برأيي- لأنه يستنكف وضع الكارثة الصحية والبيئية القائمة ضمن أولويات حكومته، لا في الدورة السابقة ولا في الدورة الحالية. فهل قرأتم أو سمعتم بأنه تحدث يوماً ما عن المشكلات البيئية وتداعياتها الصحية، وتابعها بنفسه أو وضعها ضمن برنامجه، إن وجد لديه بالأساس برنامج ستراتيجي لحل المشكلات الوطنية الساخنة.وحتى المرضى في مستشفيات بغداد، وليس في المحافظات، لم يتفقدهم سوى مرة واحدة، عندما قام قبل أيام بزيارة مستشفى مدينة الطب ببغداد،حيث شاهد بأم عينيه الى أي مستوى من التدني وصل واقع الخدمات الطبية في ظل الفساد وإنعدام الضمير المستشري في سلطته. نعم، ان نوري المالكي، الذي يقود (العراق الجديد) منذ 6 سنوات يتحمل مسؤولية كبيرة في تفاقم المشكلات البيئية وتداعياتها الخطيرة، بسبب تجاهله لها وعدم إهتمامه بها قدر إهتمامه بكرسي الحكم، والتمسك به حتى بالوسائل غير المشروعة، بإستناده الى الطائفية والمحاصصة وتقاسم المغانم. ويطول الحديث عن نهجه في تشجيع المحسوبية والمنسوبية،والتصرف بممتلكات الدولة ومؤسساتها كما لوكانت ممتلكات لحزبه، والتستر على الفاسدين، وهيمنة العناصر غير الكفوءة والفاشلة وحتى الفاسدة على مقاليد الحكم، فعاثت فساداً وخراباً، وسرقت ونهبت وأهدرت المال العام أمام أعين الجميع، وفوق هذا إعتمد على تقاريرها الكاذبة، التي صورت العراق في ظل سلطته يعيش بحبوحة "الأستقرار"و" التطور" و"الإزدهار"، مصدقاً إياها ، وهو الذي يلازم برجه العاجي ولم ينزل للشارع للإطلاع على أحوال العراقيين، متجاهلاً كذب وتخبط وتناقض معدوها . وحتى عندما إفتضح أمرهم صار همه وحاشيته ليس إزاحة الفاشلين وإحتثاث الفاسدين وتنظيف مؤسسات الدولة من براثنهم،وإنما التغطية على حجم المشكلات الحقيقي، وتبرير التقصير في الواجب بشتى الأساليب، بما فيها الخبيثة والدنيئة، ومنها الأفتراء على الذين تصدوا للمشكلات القائمة ودعوا الى معالجتها،وفضحوا الفاشلين والفاسدين، متهمة إياهم بأنهم " مسيسين"، و "لديهم أهداف خفية"، و "مغرضين" و "يعملون ضمن الحرب الأعلامية ضد العراق"، وغير ذلك من الأكاذيب التافهة، التي أقل ما يقال عنها بأنها غير مسؤولة، وفي كل الأحوال لا تخدم العراق، ولا تساعد ضحايا التلوث البيئي، وإنما غرضها الأساس التغطية على التجاهل والتقصير واللاأبالية والفساد المتفاقم، الذي حدى بمنظمة الشفافية العالمية، في تقريرها السنوي الذي نشر في 26/10/ 2010، ان تعتبر العراق في ظل الدورة الاولى من حكومة نوري المالكي في ذيل قائمة الدول المصنفة من حيث مستوى تفشي الفساد فيها،الى جانب الصومال وأفغانستان. وها هي المظاهرات والأحتجاجات الجماهيرية،التي إنطلقت في شباط الماضي وشملت عموم العراق تتواصل رغم الأساليب القمعية لحكومة المالكي، مطالبة إياه بتوفير الخدمات وإحترام حقوق الأنسان والحريات العامة، ووضع حد للفساد والفاسدين، والكف عن الكذب والوعود المعسولة.والتقييم العام لأغلبية الشعب العراقي بان حكومة المالكي فشات بنسبة 90 % في أداء عملها، ولم تعد حكومة تمثل الشعب العراقي. وفي ضوء ذلك سحبت الغالبية ثقتها بها، معتبرة انها لاتستطيع ان تتماشى ومصلحة الشعب العراقي ( " شبكة النبأ"، 25/6 / 2011). بالعودة الى المشكلات البيئية الساخنة وإهمال الحكومة لها وعدم إتخاذها للإجراءات العملية الآنية والفاعلة المطلوبة، نشير الى ان وزيرة البيئة السابقة نرمين عثمان حسن أقرت بان البيئة في العراق تعاني من مشاكل كثيرة ،متنوعة ومتراكمة لعدم وجود سياسة بيئية واضحة، مؤكدة بان الامور التي تخص البيئة تندرج في الخط الثاني من الاهتمام من قبل الحكومة (" وكالة الصحافة المستقلة"، 3/5/2009).وأعلنت أيضاً:" نحن بحاجة الى تشريع قانون بيئي لايجاد ادارة بيئية قادرة على تحقيق الرقابة الكافية للملوثات البيئية، ومن ثم تقليص التلوث والحد منه، مشددة على ان ذلك يحتاج الى كوادر كافية ومتدربة، اضافة الى ميزانية مناسبة، وتشريع قانوني قوي .كما يحتاج الى الانضمام الى الاتفاقيات الدولية الخاصة بالبيئة"(" طريق الشعب"، 4/ 5/2009.)..لكن الوزيرة تراجعت عن تصريحاتها هذه وإنضمت فيما بعد للحملة ضد المطالبين بتنظيف البيئة العراقية من التلوث الأشعاعي ومن مخلفات الحرب، معرضة نفسها للنقد، حيث جاء في احد المقالات: تكفينا متابعة تصريحات وزيرة البيئة المتأرجحة ما بين الانكار المطلق لوجود أي تلوث اشعاعي في العراق وما يسببه من خراب بشري وبيئي، وما بين فلتان بعض الحقيقة منها، احيانا، لنفهم منهجية التضليل الاعلامي المغلف بلغة هلامية، تصطبغ بالموضوعية، على شاكلة علينا أن نكون حذرين في الوصول الى استنتاجات حول الاسباب ، كما ذكرت في تعليق لها لصحيفة "الغارديان" في كانون الثاني 2010،والتي نشرت تحقيقا عن دراسة علمية عراقية مشتركة (المفارقة هي اشتراك وزارة البيئة فيها) أثبتت ان هناك أكثر من 40 موقعا في انحاء العراق ملوثة بمستويات عالية من الاشعاعات النووية والمواد السامة مع تزايد الاصابات بالسرطان والتشوهات الولادية لدى السكان خلال السنوات الخمس الماضية. وكانت هذه الدراسة قد وجدت أن الخردة المعدنية للمعدات والتجهيزات العسكرية القديمة في وحول بغداد والبصرة تحتوي على نسب عالية من الاشعاع المتأين من بقايا اليورانيوم المنضب الذي استعمل كذخيرة اثناء حرب الخليج في عام 1991والغزو عام 2003.ولعل ما يعلق في الذهن أكثر من غيره، تشديد الوزيرة على: أن أهدافا خفية تقف وراء إثارة وجود علاقة بين التلوث الاشعاعي الناجم عن استخدام هذه الأسلحة وزيادة أمراض السرطان ، مما يدفعنا الى التساؤل عن طبيعة الاهداف الخفية التي تدفعها هي وبقية المسؤولين العراقيين الى نفي العلاقة بين الإشعاع والتشوهات وامراض السرطان أولا، ثم الى التقلب والتنصل مما يبدر منهم بين آونة وأخرى من إعتراف بالحقائق (هيفاء زنكنة،"القدس العربي"، 15/10/2010). مفارقات مخزية من المفارقات المخجلة في ظل حكومة المالكي أن تشتكي وزيرة البيئة بأن وزير البلديات يمنع وزارتها من الوصول الى المواقع الملوثة لغرض معالجتها، بذريعة أن مناطق التلوث من اختصاص وزارة الصحة وليست البيئة (" المدى"، 26/11/2009).. وبذات الوقت، تتهم وزارة الموارد المائية الحكومة بأجبارها على تنفيذ مشروع مائي على أراضي ملوثة بالأشعاع قرب منطقة الخميسية التابعة لقضاء سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار، ولم تجد اي آذان صاغية حتى الان("وكالة انباء الإعلام العراقي" ، 2/10/2009.) وياما قامت وزارة البيئة بـ " مناكدة" وزارة العلوم والتكنولوجيا لأن فرق الأخيرة إستجابت لطلبات بإجراء كشف على مناطق ملوثة ووجدت فيها تلوثاً إشعاعياً كان مركز الوقاية من الأشعاع التابع للأولى قد نفى وجوده..مثال على ذلك: المطعم التركي سابقاً في بناية وزارة الشباب التي ضربت عام 2003.. ولم نستغرب إطلاقاً ان يمر مر الكرام على الحكومة خبر تدفق سلع يابانية ملوثة بالأشعاع الى العراق عن طريق المنافذ البحرية والبرية بواسطة تجار محرمين يقومون بتحويل مسار الشحنات لتسجل بأنها مستوردة من أميركا، وتشحن إلى العراق بالاتفاق مع تجار عراقيين مقيمين في أميركا، حيث أكد مصدر موثوق بأن أكثر من 10 أطنان من المواد والسلع الكهربائية والمنزلية انتشرت في الأسواق العراقية مع بداية شهر حزيران الماضي،وبطل هذه الصفقة تاجر عراقي مقيم في أميركا لديه شركة تخليص كمركي، لها فروع في الإمارات، والأردن، وتركيا، وأميركا، واليابان. وأكد المصدر أن بحوزته وثائق وأوراق توريد للشحنات تلك تؤكد أن مصدرها اليابان وقد جمعت قبل شهرين تقريبا ومرت بالموانئ الأميركية القريبة من اليابان لتخرج نحو العراق بسمات تسجيل وتوريد أميركية. وان أكثر من 600 مركبة أدخلت نهاية شهر اَيار الماضي الى العراق وكلها جاءت من اليابان، وهي الأخرى ملوثة أيضاً، والصفقة كانت مربحة جدا، وستليها صفقات أخرى وهنالك تسهيلات كبيرة من قبل مسؤولين كبار لهم شراكة في العملية تلك ،ومن المتوقع أن يتم إدخال أكثر من 1000 طن من قطع غيار المركبات وكلها ملوثة أيضا، ستدخل العراق بأوراق تسجيل إماراتية بعد أن ترسو في الموانئ الإماراتية، وفي تلك الدولة سيتم تغيير خط سير الشحنة ليثبت أنها جاءت من كوريا أو الصين .كما أدخلت مسبقا كميات من هذه المواد والسلع الملوثة إلى العراق ومن بينها شحنة إطارات فوكشيما حديثة الصنع لكنها ملوثة بالمواد المشعة (متابعة: " المدى"، 6/6/2011).. لليوم لم نسمع أو نقرأ عن تحرك الجهات الرسمية المعنية تجاه هذه الجريمة النكراء ! والمهزلة الجديدة في هذا المضمار أن تنبري وزارة البيئة العراقية الى نفي وجود أي تأثيرات سلبية على البيئة نتيجة بناء مفاعلات نووية كويتية قرب الحدود العراقية، بينما دعت النائبة عالية نصيف الحكومة ومجلس النواب إلى الإسراع في منع الجانب الكويتي من إقامة مفاعل نووي في منطقة قريبة جدا من الحدود العراقية وإنقاذ نصف مليون عراقي من التشرد هربا من التلوث الأشعاعي، محذرة من انه لن يكون بمقدورنا ممارسة أي نشاط زراعي في هذه المنطقة التي سيتم إعلانها منطقة محظورة بسبب تلوثها بالاشعاعات الذرية " ("الأخبارية"، 30/6/2011). ودعا النائب فالح الزيادي الحكومة الى مطالبة مجلس الأمن بإعادة النظر في القرارات الصادرة بشأن الأزمة بين العراق والكويت في حال قيام الجانب الكويتي بتشييد مفاعل نووي قرب الحدود العراقية (" الوكالة الوطنية العراقية للأنباء"،1/7/2011).علماً بان وزارة البيئة أشارت الى ان استخدام هذا النوع من المفاعلات الحديثة لا يزال قيد البحث والتطوير.. فعلى أي أساس جاء تأكيدها بـ"عدم وجود" أضرار لها ؟ وهل " تتكرم " وتفسر لنا طبيع ردود الفعل الدولية عقب زلزال وتسونامي اليابان وما حصل من تلوث إشعاعي خطير نتيجة للدمار الذي أصاب محطة فوكوشيما النووية، ومنها تراجع العديد من الدول الأوربية، وأولها ألمانيا، عن مشاريع نووية،والتوجه الى مصادر الطاقة المتجددة ؟ ولماذا خرجت في الأردن مظاهرات جماهيرية مطالبة بوقف تعدين اليورانيوم و إلغاء المفاعل النووي رافعة شعار:"حماية الأردن من أخطار السرطان النووي" ؟!
المفارقة الأخرى: منذ 8 أعوام ونحن نسمع بالنقص في ميزانية الدولة، وان الاموال المخصصة لمواجهة التحديات الراهنة في البلاد ضئيلة جدا، عندما يتعلق الأمر بحل مشكلات ساخنة وخطيرة تهدد حياة العراقيين، لكن القاصي والداني يشهد إختفاء مليارات الدولارات من ثروة الشعب في حسابات البنتاغون والمختلسين والسراق والفاسدين من المسؤولين المتنفذين، تكريسا للفساد والخراب،بينما ليست هناك ميزانية وحتى لا نية جدية لإزالة اكوام مخلفات الحرب المضروبة بذخائر اليورانيوم المنضب المكومة في المدن، ليستنشق الناس سمومها، مسببة الموت البطيء.. وعلى الرغم من حملات بعض المنظمات العراقية المستقلة والاختصاصيين العالميين والمنظمات الدولية حول تدهور الاوضاع البيئية جراء استخدام المواد الملوثة والسامة المشعة، التي سببت تلويث اكثر من 300 موقع في العراق، لم تقم قوات الاحتلال او البلدان التي ساهمت في الغزو أو الحكومات المتعاقبة باي اجراء للتخفيف من حجم الكارثة (هيفاء زنكنه،"القدس العربي"، 18/10/2009). وفيما يعيش أكثر من 90 في المئة من الشعب العراقي في بيئة غير صحية- بإعتراف القاصي والداني- يعلن المفتش العام لوزارة الصحة بان20 بالمئة من الشعب العراقي يعيش خارج البيئة الصحية ("اَكانيوز"، 12/6/2011). وبينما طالت الأصابات السرطانية نحو 640 ألف عراقياً وعراقية، والعدد يزداد- بحسب رئيسة لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب ("المواطن"، 7/5/2011).و" أدى تردي الخدمات العلاجية الى كثرة الوفيات بسبب هذه الامراض"- بإعتراف وزارة الصحة. إتُهمت الوزارة بأستخدامها لأجهزة مستهلكة ومحرمة دولياً في علاج مرضى السرطان. الوزارة طبعاً نفت ذلك، لكنها إعترفت بإفتقارها لنحو 60 جهاز اشعاع لسد النقص في اجراءات علاج الامراض السرطانية في عموم البلاد، الى جانب شحة الملاكات الطبية المتخصصة بهذا المجال، ومعاناتها من نقص في البنى التحتية المطلوبة لعلاج الامراض السرطانية المتمثلة باجهزة الاشعاع تلك، اذ يوجد حاليا 5 "معجلات خطية" فقط لعلاج تلك الامراض، بينما يصل الاحتياج الحقيقي للوزارة الى 66 جهازا في عموم مناطق البلاد (" الصباح"،5/5/2011).وكان النائب عزيز شريف المياحي قد دعا وزارة الصحة الى انشاء مستشفيات حديثة لمعالجة مرضى السرطان واتلاف الاجهزة القديمة كونها محرمة دولياً. وأضاف: “ان انتظار المريض لعدة شهور حسب اليوم الذي تحدده له المستشفيات الحكومية وتلقيه العلاج عبر الاجهزة المستهلكة التي بات يندر وجودها الا في العراق، قد يتسبب في موته قبل حصوله على العلاج”("وكالة الصحافة المستقلة"، 4/5/2011). ويطول الحديث عن سوء الرعاية الطبية بما فيها شحة الأدوية والمعدات الطبية المطلوبة في المستشفيات الحكومية، وما بسببه ذلك في تأخر الكشف، وتقدم مراحل المرض،وبالتالي موت نحو 15 ألف عراقياً سنوياً. والنقص القاتل في الأدوية والمعدات الطبية العلاجية يعزوه المسؤولون في الصحة الى ضئالة ميزانية وزارة الصحة.ويتجاهلون مافيا الفساد. وبدلآ من أن يتحرك ضمير الحكومة وتهتم بهذا الموضوع الحيوي والآني إنقاذاً لحياة الآلاف من المرضى "تكرمت" وقررت ان تصرف 7 دولارات سنوياً على صحة الفرد العراقي. هذا ما كشف النقاب عنه النائب جواد البزوني- عضو لجنة الصحة والبيئة، موضحاً بان العراق يصرف 7 دولارات فقط (أي ما يعادل 10 الاف دينار عراقي تقريباً) سنوياً على كل فرد من مواطنيه في الجوانب الصحية، بينما تقوم دول العالم بصرف 3 الاف دولار (أي مايعادل اكثر من ثلاثة ملايين دينار عراقي)على الفرد الواحد من مواطنيها سنوياً.ويخصص العراق 4 بالمئة من موازنة الدولة للنهوض بالقطاع الصحي بينما تخصص دول العالم 20 بالمئة من موازنتها للنهوض بمثل هذه الجوانب".ودعا الحكومة الى ايلاء الاهتمام البالغ بالجانب الصحي لما له تأثير مباشر على المواطن ("الاخبارية"،18/6/2011 )..هذا في الوقت الذي تضمنت موازنة عام 2011 تخصيصات للرئاسات الثلاث مبلغاً يفوق مجموع تخصيصات : قطاع الصناعة + قطاع الزراعة + قطاع الاتصالات + قطاع البيئة + قطاع العلوم للسنوات 2006ـ 2011 (موسى فرج،"الجيران"، 22/1/2011).وأول المتصدين لألغاء المنافع الأجتماعية هو رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي طالب في احدى الجلسات العلنية لمجلس الوزراء بعودتها، معللا طلبه بعدم قدرة مجلس الوزراء على اعالة وتعويض ضحايا الانفجارات والجرحى، وعدم امكانية صرف اموال ومساعدات بسرعة بسبب الغاء المنافع. بينما إعتبر النائب جواد البزوني " ان عودة المنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاثة تعني عودة الفساد "، مضيفاً بان "المنافع الاجتماعية التي تبلغ مليارات الدنانير توزع على الرئاسات الثلاث بعنوان مساعدات للجهات التي تحتاج اليها ، لكن الاشخاص الذين اخذوا المنافع الاجتماعية لم يستخدموها للاغراض والمجالات المخصصة لها، بل استخدموها لاغراضهم الشخصية والحزبية "("وكالة انباء شط العرب"،21/6/ 2011). فإذا كان هذا هو موقف رئيس الوزراء، هل تستغرب ان تصل نسبة الفساد الإداري والمالي في وزارة الصحة إلى 50 بالمئة خلال العام الماضي وأن" نسبة كبيرة من موازنات وزارة الصحة كانت تذهب إلى الفساد الاداري والمالي بالاضافة إلى سوء الادارة من قبل بعض المسؤولين الكبار والصغار في الوزارة - بإعتراف المفتش العام في وزارة الصحة"("اَكانيوز"، 12/6/2011)..بالتأكيد ان النسب المذكورة مخفضة كثيراً، إذا ما علمنا بان المفتش العام نفسه متهم من قبل العاملين في الصحة بأنه يقود الفساد، وقد طالب برلمانيون بإقالته على خلفية إساءته لجميع الأطباء العراقيين("السومرية نيوز"، 19/ 6/2011). لكن المالكي متمسكاً به- على ذمة تقارير إعلامية ...
لقد أدى التلوث البيئي الخطير وتدني الرعاية الطبية ان يبقى العراق يحتل ارقاما عالية بالنسبة لوفيات المواليد الجدد، ووفيات الأطفال دون الخامسة، ووفيات الأمهات أثناء الولادة، الى جانب إنتشار الأمراض السرطانية، ومضاعفات امراض القلب، والسكري، والامراض المعدية، والاسهال الصيفي، والربو، والتسمم الغذائي/ الجرثومي، والتسمم الدوائي، وامراض المزاولة الطبية. وهذا موثق بتقارير الهيئات الطبية والصليب الاحمر واليونسكو ولا تستطيع أرقام وزارة الصحة ولا الناطقين بإسمها تفنيد هذه الحقائق(د.عمر الكبيسي). . المؤلم ان يتواصل الموت البطيء، ويستمر وحش السرطان الكاسر نهشه بلحم وعظام العراقيين وإفناء حياتهم، بينما تتواصل وسائل التستر عليه والتضليل لإخفاء أسبابه الحقيقية..والجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الصحة ووزارة البيئة، تعلم جيداً ان هذا الوحش الغول "يتغذى"على الأشعاع والمخلفات الحربية الملوثة، التي أقرت وزيرة البيئة السابفة بان وزارتها حددت منها ما يعود تأريخها الى عامي 1991 و 2003، ولم يتم إتخاذ إجراءات جدية للتخلص منها.وأعترفت بان العراق يفتقر للأشراف الحكومي على النفايات (Baghdad-IRIN, 14 October 2009)وكشفت بان الحكومة لم تطمر اكثر من 10 % من الدبابات والآليات العسكرية الملوثة باليورانيوم المنضب، بينما ثمة 80 % من المواقع الملوثة مرصود، وما زالت هناك مناطق تعذر الوصول اليها، وما زال الحطام المشع، وحوالي 10 ملايين لغم، تلوث البلاد بسبب النقص في الميزانية وهشاشة الوضع الامني، موضحة ان الاموال المخصصة للوزارة ضئيلة جدا ولا تكفي لمواجهة التحديات البيئية في البلاد.من جهتها،أقرت مديرة مركز الوقاية من الأشعاع التابع لوزارة البيئة بوجود أكثر من 200 كيلومتر مربع من الأراضي في البصرة تحتوي على مخلفات الحرب بعضها ملوث باليورانيوم المنضب (وكالات-"طريق الشعب"،26/8/2009). وفيما يعاني المواطن العراقي الامرين من المواد المشعة،التي تسبب امراض السرطان، يرفض البرلمان العراقي - بحسب نائب عراقي- مقترح اقرار لجنة لمتابعة القضية"( غيث عادل- "طريق الشعب" ، 19/5/2011).ولا نستغرب ذلك لأن مجلس النواب والحكومة وجهان لعملة صدئة واحدة.
واَخر مسلسل المفارقات ان الترشيق الحكومي، الذي دعا له رئيس الوزراء نوري المالكي، سيشمل الصحة والبيئة، بدمحهما في وزارة واحدة- يؤكد نواب من حزب المالكي وتقارير صحفية عديدة.. والسؤال الذي يطرح نفسه : إذا تم فعلاً دمج الوزارتين في وزارة واحدة، فما الذي ستنهض به الوزارة الجديدة ؟ وهل ستنجز شيئاً يذكر لمعالجة المشكلات البيئية والصحية الساخنة لم تفلح بإنجازه وزارتان ؟!!
والسؤال الآخر: الى متى سكوت العراقيين على إستهانة الحكام ببيئتهم وبصحتهم وحياتهم ؟!! ----- * منسق الحملة من أجل تنظيف البيئة العراقية من مخلفات الحرب.
#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)
Al-muqdadi_Kadhim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشكلات البيئية الساخنة والمهمات المؤجلة.. الى متى ؟!! ( 4
...
-
المشكلات البيئية الساخنة والمهمات المؤجلة.. الى متى ؟!!( 3)
-
المشكلات البيئية الساخنة والمهمات المؤجلة.. الى متى ؟!! - ال
...
-
المشكلات البيئية الساخنة والمهمات المؤجلة.. الى متى ؟!! - ال
...
-
المؤسسات العراقية تتجاهل ورشة عمل عالمية تهدف لمعالجة النفاي
...
-
لنساهم في إنجاح أول مؤتمر علمي دولي في بغداد حول التلوث الأش
...
-
في ذكرى إستشهاد روزا لوكسمبورغ
-
ساندوا ( الحملة من أجل تنظيف العراق من مخلفات أسلحة الحرب ال
...
-
من أجل تنظيف العراق من ملوثات الحرب وإنقاذ ما تبقى من الضحاي
...
-
الأكاديمية العربية في الدنمارك صرح علمي رصين وتجربة رائدة في
...
-
لمصلحة مَن يتسترون على حجم الأصابات السرطانية في العراق ؟!!(
...
-
لمصلحة مَن يتسترون على حجم الأصابات السرطانية في العراق ؟!!(
...
-
لمصلحة مَن يتسترون على حجم الأصابات السرطانية في العراق ؟!!
...
-
في عيد الصحافة الشيوعية
-
مسؤول رفيع المستوى يتطلع لعراق خال من الإشعاعات..صحوة ضمير م
...
-
المجتمع الدولي مطالب بالضغط لتحريم إستخدام القنابل العنقودية
-
متى ينظف العراق كلياً من المخلفات القاتلة ؟
-
في الذكرى العشرين لمجزرة حلبجة..تذكير لمن يعنيهم الأمر (3-3)
-
في الذكرى العشرين لمجزرة حلبجة..تذكير لمن يعنيهم الأمر ( 2-3
...
-
في الذكرى العشرين لمجزرة حلبجه..تذكير لمن يعنيهم الأمر ( 1-3
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|