|
عقدة الأخ الأكبر
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3414 - 2011 / 7 / 2 - 13:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"في مكنة الرجل الحكيم أن يقول: ها أنذا في حدود ظلي وقامتي وخطواتي، أنى شاء" "عامر الأخضر" بداية أعتذر عن تأخري في تلبية الدعوة للمشاركة، في ملفي موقعي "كميا كردا" و"ولاتي مه"، في الموعد المطلوب، وذلك لظروف العمل، وغيرها، ولقد كان هذا التأخر وراء تغيير رؤوس الأقلام التي كتبتها، قبل الآن، حول الملفين المتقاربين، بعد أن لاحظت أن غيري قد سبقني إلى ذلك. ما سأهمّشه جانباً-في هذه العجالة- هو ما ورد بخصوص تأسيس هيئة ميدانية، قوامها أحزاب الحركة الكردية، والمستقلون، ممّن ثبت أن لهم حضوراً في الحراك الثقافي السياسي، وكذلك منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمثقفين- وإن كان للمنظمات الحقوقية مهمة أخرى- بعد التفاهم بين المنظمات الموجودة- بل النساء، والشباب-على وجه أخص- بحيث يكون عدد هؤلاء مضاعفاً لأعداد الأحزاب، من دون أي تهميش لدور هذه الأحزاب، وأهميتها، صغيرة كانت أم كبيرة، وبغض النظر عن الأطر التي تقدم على أنها مطوّبة، شريطة أن تكون هناك نقاط التقاء خاصة بجميعهم. وإذا كنت قد أشرت إلى دور الشباب- أعلاه-وهنا أعني صناع حراك الشارع الكردي الحقيقيين- فإن هؤلاء ينبغي أن يكونوا نواة أي مرجعية، فعلية، ليتمّ بذلك الجمع كما سمعنا في كلاسيكيات العمل النضالي، بين: حكمة الشيوخ-إن وجدت- وحماس الشباب وهو ما استشففناه لدى أوساط واسعة من شبابنا الميداني. وانطلاقاً من هذه الحقيقة، فإن ما أريد التركيز عليه-هنا- هو كيفية التعامل مع الشبيبة الكردية، وهي تفرض نفسها، بقوة، واستطاعت أن تؤدي الدور المنوط بها، ليكون إيقاع عملها بمستوى الحراك الشعبي، الثوري، الذي يتم، على امتداد خريطة سوريا، وقد استطاع هؤلاء الشباب أن يفوتوا على الأجهزة الأمنية اللعبة المتوقع اللجوء إليها، على ضوء ما قامت به في عامي 2004 و2005 ، حيث أشعلت فتيل الفتنة بين المكونات الموجودة، من خلال التأليب على الكرد، فاستطاع الشباب الكردي التقاط المبادرة، موازياً بين طرفي معادلته الوطنية، في أحسن صورة، لتكون السورية متوائمة مع الكردية، ولئلا يحول أحد طرفي المعادلة، من دون الآخر، الأمر الذي ترجمه بعضهم، في غمرة الحدث بأن يتم نسيان الخصوصية، وهماً منه بأن الإغراق في الذاتية، أو حتى طرح ألفبائها، إنما سيؤدي إلى التأخر عن ركب قطار الثورة، وهو طرف-في الأغلب-كان على عجلة من أمره، أمام أي تحليل دقيق لرؤيته،بل ثمة من قدم نفسه بأوراق سواه، مستعجلاً لحرق المراحل، وإن كان على حساب حرق غيره، لأنه يفكر-في الأصل-بما بعد سقوط النظام، وما الذي سيجنيه، وليس كيفية السقوط، بل وبأكثر من السقوط نفسه، ولعل متابعة سلوك هذا الأنموذج-وهو ذو سوابق- يبين كيفية هرولته المخجلة للتفكير بجني الثمار، هذه الثمار التي يسامحه بها أبطال الشارع الميدانيون، شريطة ألا يسهم في صدع الصف، وهي مسألة لا أريد التوقف عندها، بل الإشارة العابرة إليها، فحسب، لعل أصحابها يعودون للاحتكام إلى الضمير الإنساني، والوطني، والقومي، بعيداً عن أية فلسفة تسويغية صبيانية، وهو ما لم أكن لألجأ للإشارة إليه، إلا لتنبيه هؤلاء الأخوة الذين أتكفل أن يمنحهم أبطال الثورة الكرد، كل ما يتوخونه، شريطة عدم التسلق على الأكتاف، كما عبر عن ذلك، كاتب آخر سواي، لأن الهاجس الرئيس ينبغي أن يكون قراءة هذا الدم البريء الذي يسيل، من جراء حنق ورصاص الاستبداد، الذي لا يفتأ يتصرف بهستيريا الحرص على الكرسي، والاستجابة لغوايته، حتى وإن كان ثمن ذلك بيع سوريا والسوريين جميعاً، والعمل معاً من أجل إسقاطه. نقطة أخرى أريد إثارتها، وهي "عقدة الأخ الأكبر" نفسها، التي يعيش تحت سطوتها بعضهم،فيخلب هذا الأخ لب وروح بعض الأخوة في قيادات الأحزاب، وتجعلهم يطرحون رؤيتهم-بخجل- أمام شركاء الوطن، وهذا برمته ناجم عن الاختلاف في وجهات النظر، والخروج غير موحدين، بالرغم من النداءات المتكررة من قبل بعض المثقفين، والناشطين الغيارى، ومراسلة القيادات الكردية، ولعل موقف المجموعة الكردية في مؤتمر أنطالية كان مشرفاً-على صعيد وحدة رأيهم،بالرغم من بعض الشذوذ الطفيف غير المؤثر الذي ظهر تالياً، بيد أن ما يتم هو إيلاء بعض الشخصيات السورية التي لا تختلف مواقفها من الكرد، وهم الآن في المعارضة، سواء أكانوا في الداخل، أو الخارج- وأكاد أسمي بعض هذه الأسماء- ومنهم المجرب في عدائه، ولا وزن له البتة، وكان منسياً للأمس، وها ظهر فجأة، ومنها من هو خامل-في الأصل- أو هولا يعدو أن يكون أكثر من ظاهرة صوتية فقط- من دون أن يكون له أي رصيد نضالي حقيقي،مستمر، بيد أن هذه الشخصيات تواصل التعامل مع القضية الكردية في سوريا من منظور عدمي، ولهذا ، فإننا نلمس نتائج غير مشجعة، في ما بات يظهر هنا وهناك من مشاركات كردية في الملتقيات السورية، وإلا فما معنى أن يتم اختيار ثلاث شخصيات قيادية، وهي شخصية الرئيس ونائبيه، في لقاء ما، من شخصيات تنتمي لمكون واحد، مع احترامي لتاريخ "بعضها" النضالي أو الفكري، بيد أنها قد لا تستحوذ في أي صندوق انتخابي أصوات أكثر من أفراد أسرتها، كما يتم في المقابل تقديم "بعض" الشخصيات الكردية الأقل كاريزما، و حضوراً، وفعالية، وتاريخاً؟، ولا أعني هنا أسماء محددة البتة. كذلك، فإن الملتقيات السورية، ذات الحضور الحزبي الكردي، يتم فيها تجاهل أدوار المستقلين، غير المؤبّطين من قبل أحد- ممن لهم حضورهم على مستوى الشارع والموقف- وهو ما يسجل على هؤلاء الأخوة، ولا بد من استدراكه، وهذا ما لا يمكن أن يتم من دون ما تمت الإشارة إليه بأقلام بعض الكتاب، في الملف، وهي مسألة مهمة، لا بد من النظر إليها، ولاسيما أن رهانات أكثر أحزاب الحركة الكردية بينت خطلها، كما أنها لم تبادر-من جهتها- إلى حماية ظهر الشباب، من الخطر المحدق بهم، وأدى ذلك إلى-هزّ بعض الأوساط الشبابية- بعيد التهديدات الأمنية بأسماء وأشكال مختلفة، وهو ما تم الرد عليهم، في أكثر من تظاهرة سلمية شبابية، من قبل آخرين، تسجل لهم مواقفهم، وإن كان عددهم قد نزل،آنذاك، لأول مرة عن مستوى الخط البياني. تأسيساً على كل ما سبق، فإن على المحاور الكردي-في اجتماعات المعارضة- أن يبدأ قبل كل شيء، بعقد لقاءاته، ومؤتمراته-الشاملة-التي تشكل نبض الشارع الكردي، ولا تتنكّر لأي مكون له، مهما ضأل، قبل أن يستبق إلى التفكير باحتلال "مقاعده" في هذه اللقاءات التي لا شأن لها، في غيابه، بعد استكمال شرط بنيته الخاصة، وإن كان مطلوباً منه أن يقدم أوراق اعتماده، من خلال وحدة كلمته، لتكون مناطقه، هي عنوان هذه الملتقيات، مستفيداً من تجربة أخوته في الحزبين الكرديين الكبيرين في العراق، وهي النقطة المضيئة التي يمكن التأثر خلالها بهؤلاء الأخوة، مع مراعاة خصوصية الكردي في سوريا. أجل،إن الكردي في سوريا، مطلوب منه، اليوم، أكثر من أي يوم مضى، التخلص من" عقدة الأخ الأكبر" ولاسيما أن أوراق اعتماده التي يقدمها، لا تشوبها أية شائبة، سواء على صعيد التاريخ، أو الجغرافيا، أو على صعيد حضور الذات، وهو ما يجب الانتباه إليه بقوة، خاصة أنه، نفسه، يمثل أربعة ملايين كردي،بين من ينطقون بلغتهم الأم، ومن تعرضوا لنسيانها، نتيجة ظروف خاصة، ولا غرو أن في دمشق-وحدها- ما يقارب مليون نسمة من الكرد، وهذا ما يجب أن يضعه المحاور الكردي نصب عينيه، أينما حلّ، ويسير إلى أية طاولة مفاوضات بإباء وثقة عالية بالنفس.
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أُمثولة عامودا
-
التفاؤل في الأدب
-
دوار الشمس
-
أدب الظلّ
-
بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-2-
-
بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء -1-
-
بين الكلمة والصورة
-
سوريا ليست بخير سيادة الرئيس*
-
ما الذي لدى الأسد ليقوله غداً؟
-
العنف في الأدب والفن
-
الكاتب والصمت
-
خريطة طريق أم خريطة قتل؟
-
سوريا: جرح نازف وضميرمتفرج معطوب
-
الشاعر و-عمى الألوان-
-
الرئيس -خارج التغطية-
-
الإعلام التضليلي الرسمي في أدواته البائسة
-
أمير سلفي جديد وإمارة جديدة
-
صدى الكلمة
-
في انتظار- الدخان الأبيض- الكردي
-
المثقف الكردي: مهمات عاجلة لا بد منها
المزيد.....
-
موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
-
تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد
...
-
قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف
...
-
إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال
...
-
بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في
...
-
وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار
...
-
غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
-
فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
-
الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر
...
-
-تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|