|
تركيا من الطرف الى المحور -1-
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
الحوار المتمدن-العدد: 3397 - 2011 / 6 / 15 - 11:42
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تركيا من الطرف الى المحور-1-
لاشك ان انقرة اليوم تختلف جذريا مع انقرة الثمانينيات وان المعادلة السياسية في الدولة التركية قد تغيرت بشكل لم تكن لها مثيل في العالمين الغربي والشرقي من حيث السرعة في التغيير ومعدلات النمو الاقتصادية والوصول الى مرحلة الاستقلالية في القرارين المحلي والخارجي في فترة قياسية طالما انبهرت المحللين والمتابعين للشأن التركي. تحاول تركيا استخدام كل الاوراق في سبيل الوصول الى الاهداف الاستراتيجية التي وضعتها النخبة التركية الحالية، النخبة التي ادركت قواعد اللعبة السياسية واستخدمت العقلانية في التعاطي مع التحديات الداخلية والخارجية. النخبة التي ادركت ان النموذج الاتاتوركي لم تعد صالحة لادارة الدولة وادركت ان النموذج الاسلامي القائم على رفض الواقع بصورة مطلقة لا تعد البديل عن تشدد الاتاتوركية. بل عملت على استحداث نموذج جديد عرفت ب" الاردوغانية" او الديمقراطية المحافظة. سوف اركز في هذا المقال على الدور التركي في المنطقة من خلال دراسة سياسة انقرة المحلية وكذلك سياساتها الخارجية للوصول للنتيجة النهائية حول تغير التحول من الطرف الى المحور. علما بان التركيز سوف تكون على انجازات العدالة والتنمية منذ وصولها للسلطة حتى الان. اولا: السياسة العامة (التغيرات المحلية ) ان الانظمة الديمقراطية غالبا ما تعبر عن المشاريع الحزبية التي على اساسها تكون المنافسة السياسية حول الوصول الى دفة الحكم، فالحزب من خلال مشاريعه التنموية وادراكه لحاجة المواطنين ومعرفة نبض الشارع يصل الى السلطة، أي ان المقياس الرئيسي هو قدرة الاحزاب على خدمة المواطنين والتخلص من الازمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد. والنموذج التركي يتميز بالحياة الدستورية والانفتاح السياسي من خلال توفر وسائل التعبير الديمقراطي كالانتخابات وغيرها من وسائل التعبير عن الراي. منذ 1950 تغير النسيج السياسي التركي من الاحادية الحزبية بقيادة حزب الشعب الجمهوري إلى نظام التعددية الحزبية والمنافسة البرلمانية بين الاحزاب التركية، فقد افرزت قانون الاحزاب التي ظهرت في 1950 حالة صحية في انقرة من حيث المنافسة الديمقراطية والتحرر من نمط الحزب القائد. ولكن بالرغم من قانون الاحزاب وظهور توجهات فكرية متعددة عبرت عن آمال وطموحات الشعب التركي إلا ان الازمة الديمقراطية ظلت مرهونا بالتدخل التعسفي للمؤسسة العسكرية لصالح النموذج الاتاتوركي. افرزت تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية نوعا من اللاستقرار في النظام السياسي التركي، وفرضت قيودا على حركة الاحزاب الاسلامية والكردية في البلاد، فالكثير من المشاريع السياسية لم تشهد النور في الميدان العملي بسبب فر ض الاجندة الضيقة التي فرضتها المؤسسة العسكرية والمحكمة الدستورية باعتبارهما حماة العلمانية التركية والمبادى القومية التي بنت عليها الدولة التركية. الاسلاميين الجدد ادركوا حجم التحديات التي يتعرض لها التوجهات الفكرية الاسلامية وكيف ان المؤسسة العسكرية تبذل المستحيل في سبيل اعاقة وصول اي توجه مخالف للمبادى الاتاتوركية الى السلطة،ففي عام 1997 اصدرت رئاسة الاركان العامة وثيقة الامن القومي" وهي وثيقة تقوم بإعدادها رئاسة الاركان كل خمس سنوات وقد اشارت تقرير 1997 إلى ان تنامي مظاهر الحياة الاسلامية وصعود الاسلام السياسي تعد التهديد الابرز للامن القومي التركي، ادت نتائج التقرير المذكور الى الانقلاب المدني ضد حكومة حزب الرفاه الاسلامية وقررت المحكمة الدستورية بغلق الحزب المذكور. افرزت الانقلاب المدني تجليات سلبية واخرى ايجابية على الحركات الاسلامية، حيث فقدت الحركات الاسلامية نفوذها السياسي بعد إنغلاق حزب الرفاه هذا من الناحية السلبية، اما من الناحية الايجابية فقد ادت تلك الانقلاب الى مراجعات فكرية وسياسية للحركات الاسلامية بحيث افرزت نوعين من التيارات في العمل الاسلامي وهما التيار المحافظ التقليدي المتمثل في الاتجاه التقليدي في تطبيق الاسلام، واتجاه حديث تمثلت في الجيل الجديد من طلاب اربكان والمدرسة الارباكانية ومن ابرز انصار التوجه التحديثي في الاتجاه الاسلامي اردوغان وعبدالله غول وهم يمثلون النخبة البارزة في صنع المعجزات السياسية في انقرة وعرض نموذج جديد في العمل السياسي جمعت بين المقومان الدينية والقومية في تركيا، واستخدمت الوسائل الديمقراطية في التوسع والوصول الى الجماهير. سعت العدالة والتنمية إلى تحقيق النجاح السياسي من خلال استخدام آليات سياسية قامت على اساس العقلانية السياسية والمرونة في التعاطي مع الازمات الداخلية.
#زيرفان_سليمان_البرواري (هاشتاغ)
Dr.__Zeravan_Barwari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جمهورية البطش العربية
-
الانتحار السياسي
-
ثورة العولمة
-
سياسة التردد
-
الشارع الكردي ودور الايدولوجيا
-
الزلزال السياسي ونهاية الاصنام
-
طبخة عراقية بأيدي أجنبية
-
صناعة الردع في بغداد!
-
أنقره وازماتها المتجددة
المزيد.....
-
موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
-
تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد
...
-
قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف
...
-
إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال
...
-
بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في
...
-
وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار
...
-
غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
-
فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
-
الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر
...
-
-تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|