عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 13:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
أن تكون كاتبا أو مثقفا اليوم في العالم العربي كما بالأمس معناه التناقض في أرقى صوره ، أن تكون مثقفا معناه أن تراودك العديد من الأحلام والطموحات وان تساورك الكثير من القناعات من أجل غد أفضل ، لكن لهذه القناعات محك واحد يسمو هو الثورة وارتياد فضاءات فضاء ميدان التحرير حال فورانها في دمك ، فكيف لهذا الغليان أن يتدفق ؟ ولماذا يخبو بعد فوران وتوهج ؟ السبب هو متاريس السلطة فخاخها ولبوساتها الماكرة . اليوم بات للمثقف العربي بلا تعميم خاصية التفاوض والمساومة وأنصاف الحلول ، لذلك يساوم وقد لا يهادن في البحث عن الحقيقية والجمال " المطلق" انطلاقا من قناعات فكرية ومذهبية ملتبسة وغير واضحة، وفي نفس الوقت ، لا يرتبك حين يكون قدره أن لا يجد لقناعاته حيزا لتصريفها على شكل ممارسات ومسلكيات مهيكلة في إطار يسمح له بالتتبع والرصد المتقدم للوقائع والأشياء إلا بالجرأة أو المسلك الدموي . ولنا النقيض في عينة من المثقفين العرب المصريين والتوانسة في ظل ثورات الشباب في تونس ومصر على وجه الخصوص ، فبعض المثقفين من هؤلاء نجوم كبار لهم شهرة واسعة وجمهور عريض في العالم العربي تشبع بأدائهم الجيد المنتصر لقضايا ومشكلات الانسان العربي، وجسدوا أحلام الخلاص وآمال الحرية بجرأة غير مسبوقة وبقوة نادرة سواء على المسرح أوعلى الشاشة ، وظلت تلميحاتهم وتصريحاتهم لسنوات عبر السينما او التلفزيون نموذجا للنضال والانتصار للحق وتجسيدا لفكرة الإنسان الكوني الذي يكتب ويشخص ويتقمص شخصية الزعماء بسخرية لا نظيرلها ، ويكشف ويعري حقائق الأنظمة الفاسدة والمستبدة بدراماتيكية تشد أنفاس الجمهور ، وحين حان وقت التصريف الفعلي لتلك القناعات وتلك الصور العميقة في ميدان التحرير اندحر وترك المكان للبوعزيزيين ليحتل بجدارة قائمة تشاكيل العار .
استغل ذات المثقف ذات المنصب وذات النجومية في التعتيم على أحداث المظاهرات والاحتجاجات وتشويه سمعة الثوار الشباب والمنظمات الحقوقية الوطنية والتقليل من شأنها على التليفزيون أو في ميدان التحرير . واتضح أن سيكولوجيا التزييف والتنطع لوعي الجماهير وتضليل العقول والتحريض علي المتظاهرين وإلقاء تهم العمالة والخيانة عليهم هي من أبرز سمات ذلك المثقف العربي . هكذا عشنا حتى سمعنا كيف ينعت المثقف شباب الثورة المعارضين لنظام يعرفون قبل غيرهم انه مستبد وظالم وجسدوا في أدوارهم وحشيته وتسلطه بغير قليل صدق بالمخنثين ، ووصفوا المتظاهرين ضد الفساد بالنفاق الفج والرخيص والحياد المزيف والوهمي . ليتضح في النهاية ، انهيار المثقف العربي في ميدان التحرير. من هنا فإن البيانات لا تكفي والأدوار السينمائية والمسرحية لهؤلاء المثقفين حتى في أجمل إشراقاتها لا تكفي للمرور نحو الأفضل ، بل من الواجب الوطني تعرية هؤلاء المثقفين وفضح مواقفهم وردعهم عن مواصلة تزييف الوعي وخيانة الضمير الوطني , فالوقت مناسب جدا لإدانتهم جميعا باعتبارهم شركاء في جريمة ما ، ولا شك أن العار سيلاحقهم حتى قبورهم ، وأن حساب التاريخ لهم سيكون عسيرا . فهل يتعض المثقفون الحاليون ويعون الدرس ؟ التاريخ بيننا ، والذاكرة التي نزن بها الاشياء والوقائع ونخزن بها الانتكاسات والهزات لم نستعرها من فار أجرب .
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟