أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - المثقف والسلطة الغاشمة في العراق!















المزيد.....

المثقف والسلطة الغاشمة في العراق!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3390 - 2011 / 6 / 8 - 21:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


على مدى عقود الدولة العراقية الحديثة واجه المثقفون سؤالاً بسيطاً ولكنه كان وما يزال غاية في التعقيد: كيف يفترض أن تكون علاقة المثقفين بالسلطة؟ وبما أن السلطة في العراق غالباً ما كانت غاشمة, فقد كانت إجابة غالبية المثقفات والمثقفين واضحة وسريعة: مع إرادة ومصالح الشعب وضد اغتصاب السلطة لتلك الإرادة والمصالح. ورأينا هنا كيف التحم المثقفون بالشعب ونضاله على مدى عقود الحكم الملكي بشكل خاص. ولكن تواصل هذا الموقف فيما بعد أيضاً.
ولكن كانت هناك وباستمرار مجموعة من المثقفات والمثقفين, وأن كانوا من الأقلية, الذين اختاروا طريقاً آخر, طريق الوقوف مع السلطة وضد الشعب, والبعض الآخر حاول مسايرة الجانبين. ولم يكن الموقف مع السلطة في غالب الأحيان خال من القسر والقهر, بل كان نتيجة النهج الاستبدادي للسلطة. وكانت هناك قلة قليلة حقاً هي التي اصطفت كلية إلى جانب السلطة فكراً وممارسة. وقد سجل العهد البعثي المقبور حالة فريدة بالنسبة لجمهرة واسعة من العراقيات والعراقيين المثقفين الذين رفضوا الخضوع والخنوع لقسر النظام فكان أمامهم واحداً من ثلاثة خيارات: إما الهجرة إن سنحت الفرصة, وإما السكوت أو استخدام لغة كليلة ودمنة في الكتابة, وإما القبول بالمعارضة المكشوفة ودخول السجن أو حتى القبول بالموت على أيدي جلاوزة النظام. وقد أصبح المهجر القسري والشتات العراقي داراً آمنة عموماً لعدد هائل من المثقفات والمثقفين المبدعين الذين رفعوا مع إخوتهم في الداخل راية نضال الشعب العراقي عالياً وواصلوا المسيرة. في حين اضطر البعض الآخر ممن هم في الداخل, وهو الأقل على مسايرة النظام والبعض الآخر غاص في الدفاع عنه حتى بعد سقوطه. ونماذج من هؤلاء البشر قلة.
وهذا الصراع بين المثقف والسلطة لم ينته حتى الآن, أي حتى بعد سقوط النظام الجائر والشمولي, إذ أن السلطة السياسية ومجمل مكونات النظام السياسي التي حلت مكان النظام السابق والتي ناضل الناس من اجل أن تكون دولة حرة وديمقراطية ويتمتع شعبها بالحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان والأمن والعدالة الاجتماعية, لم تصبح كما كان مقدراً لها قبل سقوط الدكتاتورية البعثية. وقد ساهمت الإدارة الأمريكية وسلطة الاحتلال المباشرة ورئيسها بول بريمر بدفع الأمور من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى وجهة غير إنسانية وغير عقلانية ومنمية للصراعات الطائفية, وجهة تقوم على التمييز بين المواطنات والمواطنين على أساس الدين والطائفة على نحو خاص, وكرست بذلك نظاماً سياسياً يستند إلى قاعدة المحاصصة الطائفية اللعينة بين سكان البلاد. ومن هنا يمكن القول بأن صراعاً جديداً بدأ يفعل في المجتمع العراقي بصورة رسمية وينتقل إلى جماهير هذين المذهبين عبر الأحزاب الإسلامية السياسية القائمة على أسس طائفية شيعية وسنية. ومع هذا الواقع الجديد توزعت جمهرة من المثقفات والمثقفين المتدينين على الطائفتين يدافعان عن وجودها ودورها في السلطة السياسية من منطلق طائفي بحت. وكان هذا الأمر متوقعاً ممن قبل بالطائفية السياسية وعواقبها على المجتمع. ولكن المهم في الأمر أن المثقفات والمثقفين الديمقراطيين, سواء أكانوا في داخل العراق أم خارجه ابتعدوا عن الطائفية والسياسية وعملوا لأن تكون لهم مواقف مستقلة عن الحكم وعن القوى الطائفية السياسية وتحكيم ضمائرهم ورؤيتهم للأحداث في اتخاذ المواقف المناسبة.
إلا إن جور السلطة الجديدة وربما لإغراءاتها, وغوص أحزابها الدينية في مستنقع الطائفية السياسية وما نشأ عن ذلك من قتل على الأهمية من غير تلك القوى الإرهابية التي جاهرت منذ البدء بعدائها للوضع الجديد حتى قبل أن يستقر النظام على حال معينة, أي من غير قوى القاعدة والبعث, قد دفع بالغالبية العظمى من المثقفين الديمقراطيين أن يتخذوا الموقف المناسب الذي يتناغم مع ضميرهم وإحساسهم بالمصيبة التي تدفع قوى المحاصصة الطائفية الشعب العراقي إليها. والكارثة ما تزال محدقة وأكثر من أي وقت مضى.
إلا إن قلة قليلة من المثقفين الديمقراطيين قد اتخذت مواقف الدفاع عن السلطة السياسية القائمة في العراق من منطلق لا يمكن أن يكون إلا طائفياً ويهاجم من ينتقد السلطة السياسية ويدعي الحكمة في دفاعه عن السلطة لإبعاد القوى الديمقراطية عن التطرف الذي ساد سلوكها عبر عقود, كما يحاول أن ينشط الفكر الطائفي من خلال نبش التاريخ, الذي كان طائفياً في مسارات كثيرة, وكأننا يفترض أن نعيش التاريخ في يومنا هذا أيضاً ونساير القوى والأحزاب الإسلامية السياسية ونعطيها فرصة لكي تحكم لصالح طائفتها التي تعرضت للتمييز سابقاً. إن هذا السلوك لا ينم عن عمق النهج الديمقراطي, بل يدلل على هشاشته وعلى تراجعه صوب ما هو مناهض للديمقراطية والقوى الديمقراطية. وهو ما نعيشه اليوم حين يتطوع مثقفون في الدفاع عن مجلس وزراء أو رئيس وزراء اتخذ شتى الإجراءات التعسفية والمناهضة لحرية وحقوق الإنسان ضد المتظاهرين المسالمين ولكنه تساهل مع أبشع القوى الطائفية السياسية التي أذاقت الشعب العراقي مر العذاب والموت على أيدي ميلشياتها المسلحة, ويبتعد حتى عن المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين الجدد الذين لم يكن لهم ذنب سوى المطالبة بحقوق وحريات وخدمات الشعب الكادح.
لقد كتب الأخ الشاعر خلدون جاويد مقالة ثمينة نشرت في موقع الحوار المتمدن عن أوضاع مثل هؤلاء الكتاب الذين تحولوا صوب الدفاع عن سياسية مواقف سلطة تحولت شيئاً فشيئاً إلى سلطة غاشمة, التقط منها هذه المقاطع شعراً أو نثراً معبراً فيها ومن خلالهم عن رأيه في أفكار مثل هؤلاء الكتاب:
"قال الشاعر نزار قباني ـ قولاـ بليغا ذات يوم
"وإذا أصبح المفكـّـرُ بوقا ً ... يستوي الفكر عندها والحذاء ُ".
قال جان جاك روسو : " الإستقامة معيار للعظمة الإنسانية " وهذه الكلمة أعظم من مكتبة ستندال بما حوته من حكمة وجمال".
قال أبو ذر عامر الداغستاني فقيد الفكر التقدمي وخريج أكاديمية السجون العراقية : " على السلوك أن يجاري الفكر في مختلف الظروف والأحوال ! " .(راجع: الحوار المتمدن, كلمة - روسو - أعظم من مكتبة - ستندال - ..., الحوار المتمدن - العدد: 3386 - 2011 / 6 / 4 ).
لم أكن أهتم كثيراً بمثل هذه الكتابات وحاولت تجنبها طويلاً. ولكن الإصرار على ممارسة الإساءة للكتاب الديمقراطيين الآخرين دفاعا عن حكم قائم على الطائفية السياسية والمحاصصة الطائفية حتى في اختيار وزراء اتفقوا من حيث المبدأ أن يكونوا مستقلين وبعيدين عن الانتماء الطائفي هو الذي يثير أكثر من قلق وأكثر من شك من نوايا وأسباب مثل هذه الكتابات.
كم أتمنى أن يعيد هؤلاء الكتاب دراسة مواقفهم الجديدة بدلاً من تقديم الهجوم على من يتبنى موقف الناقد للحكومة بعد كل الذي حصل ويحصل في العراق ورغم التمادي في مصادرة الحريات العامة حتى وصل الأمر برئيس الحكومة إلى اتخاذ قرار باختطاف أربعة من الشباب المتظاهرين لم يطلق سراحهم حتى الآن رغم المطالبة المحلية والعالمية, كما تم اعتقال عشرة أشخاص آخرين من أعضاء ومؤيدي منظمة المجتمع المدني "أين حقي" في بغداد ولم يطلق سراحهم حتى الآن.
5/6/2011



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو موقف الأحزاب الشيوعية والعمالية من ربيع شعوب الدول الع ...
- حول ماضي الشيوعيين العراقيين ومستقبلهم!
- كفى خلطاً للأوراق يا رئيس الوزراء !! كفى إساءة لمنظمات حقوق ...
- هل من تجاوب إيجابي لصرخة الدكتور جاسم محمد الحافظ؟
- قراءة ومناقشة -خارطة طريق اقتصادية- للسيد الدكتور محمد علي ز ...
- قراءة ومناقشة -خارطة طريق اقتصادية- للسيد الدكتور محمد علي ز ...
- قائد قوات عمليات بغداد وكذبة الموسم!!
- حركة شباط - مايس 1941 الانقلابية والفرهود ضد اليهود
- حذاري .. حذاري من سياسة سورية خبيثة!
- استفزاز ميليشيات جيش المهدي وانتهازية رئيس القائمة العراقية
- قراءة ومناقشة -خارطة طريق اقتصادية- للسيد الدكتور محمد علي ز ...
- مرة أخرى مع مصادرة الحكومة لحرية التظاهر في العراق! - أطلقوا ...
- ما هو الموقف من وجود القوات الأمريكية في العراق؟
- هل من بديل لانتخابات عامة مبكرة, وما العمل من أجلها؟
- قراءة ومناقشة -خارطة طريق اقتصادية- للسيد الدكتور محمد علي ز ...
- قراءة ومناقشة -خارطة طريق اقتصادية- للسيد الدكتور محمد علي ز ...
- قراءة ومناقشة -خارطة طريق اقتصادية- للسيد الدكتور محمد علي ز ...
- قراءة ومناقشة -خارطة طريق اقتصادية- للسيد الدكتور محمد علي ز ...
- لتنتصر إرادة شعب سوريا على الاستبداد والقمع والقسوة, لنتضامن ...
- قراءة ومناقشة -خارطة طريق اقتصادية- للسيد الدكتور محمد علي ز ...


المزيد.....




- صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
- -حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن ...
- الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي ...
- كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح ...
- جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ ...
- -تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1 ...
- مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ ...
- مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
- أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - المثقف والسلطة الغاشمة في العراق!